نوري جاسم المياحي
رحم الله كل اموات العراق منذ بدأ الخليقة وحتى يومنا هذا ورحم كل من حجز تذاكره لرحلة الموت في المستقبل القريب من امثالي وهذه الرحمة لا تميز بين عراقي وفرنسية فالكل سواء بالرحمة سواء كان اسمه اشور بأنيبال او لينين او برناردشو او حمد ابن بهية فعندي الكل مشمول بالرحمة الإلهية (لان الرحمة مو مال أبو أحد) ..كما يقول العراقيون ..
ومن وجهة نظري الشخصية .. أنا ما خسران شيء مادامت الرحمة ببلاش اذا ترحمت على المرحومين ما دام المرحوم ودع الدنيا وغادرنا الى دار الاخرة بحسناته وسيئاته فذنبه على جنبه وهو من يتحمل نتائج اعماله واصبح لا نفع ولا دفع ...
والسؤال المطروح ...انحن انبياء ؟؟ ومن منا لم يخطأ ؟؟ فكلنا خطاؤون .. ولم يذكر لنا التاريخ قصة ظهور انسان بشري على وجه البسيطة وكان سالما مسلحا من الأخطاء البشرية. وهنا الفت الأنظار الى ان عملية الفرز بين الخوش أدمى وابن الحلال وبين الفاسد والطايح حظه فهذه من اختصاص الله سبحانه وتعالى ليست من اختصاصي واعوذ بنفسي ان اتدخل في صلاحيات وواجبات الخالق عز وجل ...
ما دفعني ان اكتب هذه المقدمة الطويلة العريضة هو انني اردت الترحم على كل من سيرد ذكره في هذه المقالة ومنهم المرحوم العقيد فاضل عباس المهداوي وهو ابن خالة المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم مفجر ثورة 14 تموز1958
المرحوم العقيد فاضل المهداوي...لقد عين هذا الرجل رئيسا لمحكمة الشعب التي كلفت لمحاكمة رموز العهد الملكي المباد ( كما كان يحلوا للشيوعيين تسميته ) وكان هذا الرجل يمتلك قابليات متميزة فهو شاعر واديب ومثقف ثقافة عامة وكان جهوري الصوت وبحكم منصبه كان سليط اللسان يجلد كل من يريد جلده بأقبح السباب والشتائم والصفات والاوصاف ولاسيما المتهمين المحصورين في قفص اتهام محكمته او الساسة المناوئين لافكاره حيث كان ديمقراطي من ديمقراطي ذاك الزمان ...اما من نال القسط الأكبر المسبة فهو المرحوم نوري السعيد واولام العهد المباد والمرحوم جمال عبد الناصر فانهال عليه بأقذع الشتائم هو ونظامه ولم تأخذه في الشتيمة لومة لائم ...وكان رحمه الله لا يتعب ولا يمل وكانه بالع مسجل ومسجل عليه كل الموسوعة الشتائمية بدءأ من عهد الفرعون توت عن خان مون وحتى يوم إعدامه هو شخصيا صبيحة يوم 14 رمضان 1963... في مبنى الإذاعة العراقية في الصالحية ...
من اشهر كلماته التي كان يرددها يوميا في قاعة المحكمة قوله المشهور (العراقي يقره الممحي) أي ان باستطاعة العراقي قراءة الكتابة حتى لو كانت ممسوحة وللتوضيح اكثر ...قراءة ما خفي على الاخرين ومن البديهي هنا يقصد بالسياسة ..والى درجة أصبحت هذه العبارة مفخرة ومثار اعجاب عند عوام العراقيين وأصبحت مثل يتردد على لسان كل عراقي وهو يتباهى انه يفهم بالسياسة خفاياها ...
واليوم وبعد أكثر من نصف قرن على اعدام المرحوم فاضل المهداوي ...اسأل نفسي هل فعلا العراقي يقره الممحي ؟؟؟ ثبت لي شخصيا ان العراقي لا يقره الممحي ولاهم يحزنون وحتى لا يقره المطبوع بالبنط العريض وثبت ذلك من خلال الاحداث التي مر بها شعبنا العراقي والتمثيليات التي تمثل يوميا على المسرح السياسي ...وليس اليوم وانما من اكثر من نصف قرن مضى ..
كلنا يعلم ان العراق يحكمه منذ 13 سنة عشرة اشخاص وهم معروفين ولا حاجة لذكر أسماءهم ..وكلهم يأكلون من نفس الماعون ولا يوجد بينهم واحد افضل من واحد وبعهدهم دمر العراق وقتل وشرد الشعب وسلمت ثلاث محافظات للتكفيريين تسليم يد وبدون قتال واعدم عشرات الالاف من الشباب ...
ومنذ استلامهم الحكم والفساد والنهب واللقط والخمط وبكل وسائل الشفط يسرقون لقمة عيش الفقير ...والغريب العجيب ان هؤلاء العشرة اللا مبشرة مجمعة وبصوت واحد ويطالبون بالإصلاح وكأنهم لا يعلمون ان كل القرارات والحل والربط بيدهم لا بيد غيرهم ..ووهم يدوزنون على نفس النوتة الموسيقية ومن وراءهم تردد جوقتهم ويردد حبال المضيف والمرد شورية اتباعهم ..ولاسيما في الآونة الأخيرة وفي ساحات الجوامع والمراقد المقدسة ومن فوق المنابر كان المنابر وجدت للحملة الانتخابية ..والكل تطالب بالإصلاح والمواطن يتفرج وهو صابر يتحسر ويتألم وماكو بيده حيلة والانتخابات على الأبواب ...
كل الروس والصدور والالسن تطالب بإلغاء المحاصصة الطائفية من على شاشات التلفزة في العلن ...وفي السر متمسكين بالمحاصصة بسنونهم وعيونهم ...والطريقة الجديدة في الضحك على ذقون العراقيين ..استجواب الوزير عن فساد وزارته ..ويجيب الوزير ..ولا يقنع النواب بالجواب ..ويصوتوا بالثقة على الوزير ..ولا ينال الثقة ..ويقال الوزير ...وعليه ملفات فساد ..وعنده ملفات فساد ضد من فضحوه ..وتبدأ عملية التهديد بفتح الملفات ولم يفتح ملف فساد حقيقي واحد والمواطن ينتظر محاكمة الفاسد او معاقبته ..وتبدأ جولة الاتهامات المتبادلة بينهم ...وبعد أسبوع اندثرت الشغلة لانهم بدأوا بمسرحية جديدة ..ويخرج علينا الزعيم بسلسلة من المطالبات بالمظاهرات والاعتصامات وحتى وصلت للأضراب عن الطعام في البيوت ..والمواطن يتفرج وينتظر الفرج .. فلا مفوضية انتخابات بدلت ولا محاصصة تغيرت ولا قانون انتخابات عدل ...وثبت بالوجه الشرعي انها كلها كلاوات بكلاوات ..
والذي يثير اعصابي وينرفزني مقولة المرحوم فاضل المهداوي مال العراقي يقره الممحي اللي بلانا بها بلوة قبل 50 سنة...وثبت انها أكبر كذبة ديمقراطية والعراقي لا يقره الممحي ولا بطيخ ...خدران ونايم بسابع نومة وجا يحلم بالمرحوم حضيري أبو عزيز وهو يغني اغنية يا بياع الورد خلصني من الحرامية .. تره هاي هي ..روحنا طلعت ..وانته تعرف البقية ..خلصنا من الحرامية ..يا بياع الورد ..
اللهم احفظ العراق وأهله أينما حلوا او ارتحلوا
1108 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع