الكلدان نظرة تاريخية

                                             

                              د. نزار ملاخا

من المعروف تاريخياً أن الكلدان قبل تكوينهم إمبراطوريتهم التاريخية العظيمة، كانوا قد سكنوا مناطق وسط وجنوب العراق حيث أنتشروا في الرقعة الجغرافية من سامراء شمالا ومن ثم بغداد والجنوب العراقي واليمن والسعودية والبحرين وشواطئ الخليج الكلدي(العربي)

وكانوا على شكل بيوتات سكنت هذه البيوت قبيلة كلدو المعروفة تاريخياً، وبعد أن سيطر الكلدان وأنمحت الدولة الآشورية من الوجود أنتشروا في كل أرجاء العراق وتركيا وإيران وسوريا ولبنان وفلسطين والآردن ومصر، على شكل تجمعات سكانية أو محاربين أستقروا مع عوائلهم في تلك الأصقاع التي خضعت للإمبراطورية الكلدانية، وشملت مناطق سكناهم كل بلاد ما بين النهرين، وهكذا نرى بأن الكلدان شعب واحد أنحدر من قبيلة واحدة بعكس الآشوريين الذين هم بالحقيقة شعوب تابعين لمنطقة أو موقع جغرافي، فلم يكن آشور اب لقبيلة كبيرة، بل كان إلهاً ومن ثم منطقة وقد أتخذت المجاميع السكانية التي سكنت تلك المنطقة أسمها من أسم المنطقة أو الصنم الذي كانوا يعبدونه هناك، وحال تسمية آشور كحال تسمية عراق، فلا توجد قومية أسمها عراقية، بل يوجد شعب عراقي متكون من أثنيات محتلفة، قبائل متعددة، وقوميات مختلفة سكنت منطقة أسمها العراق وبالتالي أصبحت تلك القوميات تحت مسمى جغرافي واحد هو العراق، وبالنسبة للسريان فالسريانية هي ثقافة وتسمية تعود غلى سوريا أو سوريوستسمى بها الكلدان نسبة غلى المبشرين الآوائل الذين قدموا من سوريا، إذن أحسن تسمية توافقية تلم شمل المسيحيين العراقيين فقط هي التسمية الكلدانية، فهي تسمية شاملة جامعة.
لقد أستمر الحال قبل الميلاد بأن تسمت كل الأقاليم بالأسم الكلداني حيث لم تكن هناك قوة وشعب غير القوة الكلدانية والشعب الكلداني، وعندما ضعفت قوة الأمبراطورية الكلدانية وقويت شوكة المحتل الفارسي هجموا على الكلدان واسقطوا إمبراطوريتهم العظيمة في 539 قبل الميلاد، والحكم الكلداني يعتبر آخر حكم وطني حكم العراق بسبب كون الكلدان عراقيين أصلاء، وأشهرهم الملك الكلداني العظيم نبوخذ نصر. نعمت سقطت الإمبراطورية الكلدانية، ولكن لم ينتهي الشعب الكلداني أو يذوب في مجتمعات أخرى بل أنتهى كإمبراطورية وسلطة فقط، وقد عاش الكلدان تحت سطوة وسلطة الفرس، حيث الفرس الإخمينيين من 539 ق.م إلى331 ق.م، وبعدها حكم البلاد السلجوقيون المقدونيون من سنة 331ق.م إلى سنة 126ق.م الفرس الفرثيين أو الإرشاقيين الذين أستلموا الحكم من سنة 126 ق.م إلى 227 ميلادية وهذه الفترة التاريخية مهمة جداً في تحديد السلالة التاريخية الكلدانية، وتحديد التواصل التاريخي للكلدان ما قبل المسيح مع كلدان ما بعد المسيح، وهنا نتساءل إن كان المجنمع الكلداني الذي خضع إلى حكم كل هذه الدول أستمر يعيش ويتعايش مع الوضع السياسي لهذه الحكومات فلماذا يندثر اثناء حكم الفرثيين ؟ أم أن الدول المحتلة للعراق أنهت وجود الكلدان مباشرة بعد سقوط دولتهم في عام 539 قبل الميلاد ؟ لقد كانت جميع الممالك كلدانية وكل الشعب كلداني أو في أكثريته كلدان فكيف يذوب كل هذا العدد الهائل من الكلدان، ولنفرض جدلاً بأن الشعب الكلداني ذاب وأختفى، فالسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو إذا لم يكن هناك شعب كلداني فأي شعب تورثه ؟ وأي شعب كان يخضع لحكم كل هذه الدول التي أحتلت العراق وبابل وبلاد الكلدانيين ؟ هذه فرضية مستحيلة، لقد استمر الكلدان بالتعايش مع تلك الحكومات وأستمروا بمقارعة الظلم بدليل أن عدة ملوك وأمراء كلدان تسموا بأسماء ملوكهم مثل نبوخذنصر وغيره وقاموا بمحاولات إستعادة السلطة ولكنهم فشلوا، أما الشعب فقد آمن بالقضتاء والقدر وأنتهت سلطة قادته وبقي هو يتكيف مع الحالة الجديدة والمحتل الجديد، إلى أن جاء حكم الفرس الساسانيين الذين حكموا البلاد من 227 ميلادية وغلى سنة 637 ميلادية، حينذاك أتاهم الفتح الإسلامي، لكنهم لم يتغيروا ولم ينقرضوا، بل بقوا كلدان بدليل أنهم أنتشروا من تلك الآرض إلى أماكن مختلفة ومن آمن بالدين الجديد ذابت هويته القومية ضمن نطاق الهوية الدينية، فأهملوا أسمهم القومي الكلداني وتسموا مسلمين، ولهذه الحالة تبريرات متعددة أما خوفاً من القتل، أو تخلصاً من آثار هؤلاء الكلدانيين الذين رفضوا الإنتساب للدين الجديد، أو لكي يتساووا في الحقوق والواجبات مع أتباع الدين الجديد أو الفاتحين الجدد، نخلص إلى نتيجة مفادها أن الكلدان الحاليين هم إمتداد للكلدان القدماء ومن نفس سلالتهم .
15/8/2016

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

921 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع