خالد القشطيني
صدر تقرير شلكوت بشأن غزو العراق ودور رئيس الحكومة البريطانية، آنئذ، توني بلير، في الموضوع. يتجاوز التقرير المليوني كلمة. ومن لا يصدق فليعدها.
يتطرق التقرير لشتى الجوانب من الموضوع. وباستطاعة القارئ الكريم ألا يتعب نفسه بكل ذلك، ويعتمد على كل الخلاصات والتعليقات التي تقدم عرضا كافيا لما تقوله لجنة شلكوت.
بيد أنني شعرت بنقص مهم في السرد. دراسة أي موضوع سياسي يتعلق بالشرق الأوسط من دون ذكر إسرائيل يبقى موضوعا ناقصا. تقرير عن غزو العراق عام 2003 من دون ذكر إسرائيل، أشبه بمحاولة تمثيل مسرحية هملت من دون ذكر أمير الدنمارك، أو قل تقديم الجواهري من دون ذكر «أتعلم أم أنت لا تعلم؟».
لم يكن هناك من يهدد أمن إسرائيل في أوائل هذا القرن غير العراق وصدام حسين. والعراق يمثل شوكة تنخس باستمرار في ضمير هذا الكيان. فكانت بابل وآشور القوتين اللتين دمرتا دولة يهودا، وأخذتا شعبها أسيرا ذليلا إلى بابل. وكلما تحرك العراق ضد تل أبيب، راح ساستها ينددون بذكر بابل وبوختنصر. كان من استراتيجية إسرائيل نسف هذا الكيان الخطر. أولا بالإطاحة بصدام حسين، وثانيا بنقل دفة الحكم بعيدا عن أيدي السنة، الذين حكموا البلاد منذ صدر الإسلام وعرفوا باهتمامهم بفلسطين في العصر الحديث منذ الثلاثينات.
كثيرا ما تساءل القوم، من انتفع وكسب أي شيء من غزو العراق 2003؟ كان العراق طبعا أول الخاسرين. وأميركا وإنجلترا نادمتان على دورهما في هذا الغزو، إذن من استفاد من العملية؟ إسرائيل ولا أحد غيرها.
ونتيجة لهذا الغزو تم إسقاط صدام حسين وتدمير القوة العسكرية العراقية، ونقل الحكم من أيد إلى أيد أخرى أقل إزعاجا لإسرائيل. تم كل ذلك بفضل تأثير اللوبي في واشنطن على البيت الأبيض والبنتاغون كما نعلم. بالطبع لا تل أبيب ولا اللوبي الصهيوني في واشنطن يعترف بذلك. بيد أن المصادر الاستخباراتية الإسرائيلية اعترفت بأنها كانت تعلم بعدم امتلاك العراق لأي أسلحة دمار شامل. أما كان من واجبها أن تخبر حليفتها بواقع الأمر، وبينها وبين البنتاغون ذلك التعاون الاستخباراتي المتين؟ وكان كل الهوس المتعلق بالغزو يدور حول هذا الأمر الواحد: وهو أن لدى صدام حسين أسلحة دمار شامل. لِمَ لَمْ تُعلم حلفاءها بحقيقة الأمر؟
فيما كانت بعثات الأمم المتحدة تشغل نفسها في تفتيش العراق شبرا شبرا، بما في ذلك قصور صدام حسين بحثا عن أسلحة الدمار الشامل، كان المسؤولون في تل أبيب يضحكون ملء شدوقهم، أو كما يقول العراقيون، يضحكون بعبهم على هذا العبث الذي شغل حلفاؤهم أنفسهم فيه من دون طائل.
الكل لم يرد أي ذكر لهذا الضحك الإسرائيلي على الذقون في هذا التقرير، تقرير لجنة شلكوت. هملت من دون هملت وديوان الجواهري من دون أتعلم أم أنت لا تعلم.
1127 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع