عبدالقادر القيسي
كنت قد كتبت المقال اثناء سفرتي الأخيرة، وعند انتهاءها قررت تنقيح مقالي ونشره، وأقول:
لاتزال قضية نائب رئيس الجمهورية السابق الهاشمي المتهم بالعديد من قضايا الارهاب من اهم القضايا القانونية التي كانت ستثبت قدرة واستقلالية الدور القضائي خصوصا مع وجود كم هائل من التحديات الداخلية والخارجية التي كانت تسعى الى تغير مسار هذا الملف والتشكيك بنزاهة القضاء العراقي بدوافع طائفية او لغرض تحقيق منافع ومكاسب سياسية وشخصية، ولا ريب إن اهتزاز صورة رجال القضاء يعني اهتزاز ميزان العدالة في نظر المتقاضين.
أصدر الإنتربول من مقره في ليون بفرنسا في مايو عام 2012 مذكرة توقيف دولية بحق السيد الهاشمي وفي 14 /كانون2/ 2014 ألغت منظمة (الإنتربول) المذكرة الحمراء التي كانت قد عممتها على الدول الأعضاء بحق الهاشمي وفي(16/5/2016) رفعت الانتربول اسم (طارق الهاشمي) من قائمتها الحمراء للمطلوبين بالاعتقال لعدم قناعتها بالمبررات والادلة التي قدمتها السلطات العراقية لصدور امر القبض والحكم عليه وعممت القرار.
ان الواقع القضائي الذي عايشته في محاكم التحقيق والمحكمة الجنائية المركزية بالذات كرئيس غرفة المحامين لحوالي سبع سنوات في هذه المحكمة التي تولت التحقيقات في قضية السيد الهاشمي، يشير الى أن هذه المحكمة في أحيان كثيرة لا تتمعن بالتحقيق وتتوافر على التدقيق بسبب كثرة الدعاوى؛ وهناك قضايا فيها سيطرة واضحة للأجهزة الامنية على مجريات التحقيقات، مما نتج عن ذلك انتهاكات معروفة وموثقة بتقارير لمنظمات دولية مختصة، واصبح بعض من عناصر هذه الاجهزة الأمنية ترهق المحاكم بالعاطل من الاتهام وتزعج القضاء بالباطل من الادعاء، وتدع سيف الاتهام مشهراً مسلطا لفترة على رقاب الأبرياء وتشويه سمعتهم بين المجتمع، وهذا الاضطراب في تقدير المسائل والاختلاط في تحديد الأمور طال بعض القضاة أنفسهم.
هناك عدة ملاحظات على قضية الهاشمي (رويت لي من المحامين ومعتقلين تم الافراج عنهم) والتي أدت بتقدير الكثيرين الى ان يتخذ الانتربول الدولي قراره برفع الإشارة الحمراء عن السيد الهاشمي، وبعيدا عن أي إشارة لقضيتي التي اتهمت بها ظلما وعدوانا في نفس القضية، حتى نضمن ولو قدر بسيط من الحيادية، وفيما يأتي ادناه ملخص لأبرزها:
الف- ان القضاء العراقي عندما أدرك حجم وأهمية القضية، بدأ سريعا في تشكيل هيئات قضائية بطريقة ملفتة للنظر وابتدأت من ثلاثية الى خماسية ثم سباعية ثم تساعية، للتحقيق في هذه القضية التي شغلت الرأي العام المحلي والدولي، لكن تشكيل هذه الهيئات لم يسمح للمحامين في القضية بزيارة المتهمين وقراءة أوراق الدعاوى في مرحلة التحقيق واستمر ذلك في بعض الدعاوى حتى في محكمة الجنايات، فالمشكلة لم تكن بزيادة عدد القضاة وإنما ببقاء المتهمين تحت سطوة وإرهاب بعض عناصر الجهة المودعين لها، والتي قامت بالتحقيق بداية وعرضت الاعترافات على الشاشات الفضائية ونتج عن ذلك بعدها عرضهم على الهيئة القضائية لتصديق اعترافاتهم، والهيئة رغم سؤالها للمتهم بانه هل انه تعرض للتعذيب، لكنه كان روتينيا؛ لان بعض المتهمين مهددين أساسا أن هم رجعوا عن اعترافاتهم سينالون شتى أنواع التعذيب، لاسيما ان اللجان الطبية وحسب ما رواها متهمين مفرج عنهم في القضية كانت تأتي الى مقر التحقيقات معهم وتكتب تقاريرها بانه ليس هناك اثار تعذيب رغم انها واضحة ولا تحتاج الى بحث وتقصي، فكانت النتيجة ان كثير من التصريحات المسؤولة وتقارير الأمم المتحدة والعفو الدولية وأخيرا الانتربول أيضا شكك بهذه الإجراءات؛ واشاروا الى عدم سلامة ونزاهة بعض الإجراءات وشفافية التحقيقات والمحاكمات ودقة القرارات والاحكام، وبالمجمل تولدت لدى الغالبية بوجود ضغوط سياسية هائلة( وتم تأكيد الضغوطات السياسية من السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى مؤخرا) وكان أبرز هذه الضغوطات، هناك بيانات لكتل سياسية حاكمة، ترفض مثلا نقل الدعوى، ويأتي بعدها قرار القضاء بأيام منسجما مع ما تلته تلك الكتلة من بيان، كل ذلك أدى الى ضعف في هذه التحقيقات وختمها بختم سياسي.
باء- كانت هناك بيانات من الناطق باسم مجلس القضاء الأعلى عن أرقام عدد القضايا في قضية السيد الهاشمي، وتصاعدها من 50 قضية في 17/12/2011 إلى 100 قضية بعد شهر، ثم إلى 150 قضية وبعدها إلى 200 قضية، وفي يوم المحاكمة 9/9/2012 صرح الناطق القضائي بأن عدد القضايا وصل إلى 300 قضية وهذا التصاعد أو التصعيد الخمسيني يثير التساؤل ويعزز الشكوك في مصداقية الموضوع بأكمله، وكما قال أحد البرلمانيين (يبدو انه وسيلة لتصفية الآلاف من القضايا المركونة في دواليب القضاء والمقيدة ضد مجهول).
والمختصين يعلمون؛ ان هذا الكم من الجرائم يحتاج الى إجراءات تحقيقية معقدة وكثيرة ابرزها، تدوين إفادات المتهمين والاستماع للشهود والمدعين بالحق الشخصي وكشوف الدلالات ومحاضر التشخيص والكشف على محل الحادث وصحة أصول الاخبار، ومتطلبات تحقيقية أخرى يجب أن تستكمل قبل التصريح بهذه الحوادث، والسؤال الذي يرد هنا؛ كيف لهيئة تحقيقية قضائية أن تستكمل كافة الإجراءات المطلوبة في هذه الكم من الجرائم الإرهابية خلال اربعة اشهر تقريبا في وقتها، وهذا يجعل فرص صحة ما ذهبت إليه منظمة (هيومن رايتس ووج) والأمم المتحدة والانتربول الدولي بأن بعض المحاكمات التي تجرى في العراق تعتمد على اعترافات منتزعة بالإكراه سانحة لتصديقها.
جيم- ان القاعدة الدستورية (المتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكمة عادلة) هي قاعدة نصت عليها كافة المواثيق الدولية والاتفاقيات والقوانين الانسانية ذات العلاقة وهي بالتالي ملزمة وواجبة الاتباع، لكن عرض المتهمين في قضية الهاشمي على القنوات الفضائية نسف هذه القاعدة وادى الى هدر ضمانات المتهمين والتشهير بهم والنيل من سمعتهم قبل ان يتم ادانتهم من قبل القضاء العراقي، ورغم ان مجلس القضاء الاعلى قد اكد في تصريحين صحفيين اخرهم في 31/1/2012 انه لم يعطي الموافقة على عرض اي اعترافات، لكن استمرارية عرض اعترافات متهمين يعد جريمة جنائية يعاقب عليها القانون، ولم يتخذ الادعاء العام دوره في تحريك الشكوى بحق من يقوم بعرضهم، سيما ان ذلك يعد هدر لاستقلالية القضاء العراقي، حيث حولت السلطة التنفيذية العدالة الى وسائل استعراض واعترافات مرعبة متلفزة، فيها اساءة وتشويه سمعة للأخرين وتعدي واستغلال غير مشروع للسلطة القضائية، كما ان عرض الاعترافات يؤثر في سير التحقيقات التي تجريها السلطة القضائية ويجعلها واقعة تحت تأثير رأي الشارع وقد تصدر احكاما متأثرة بذلك، وهذا منظور من المنظمات الدولية والأمم المتحدة والانتربول الدولي.
دال- إن التحقيقات التي قامت بها محكمة التحقيق المركزية في الكرخ من خلال الهيئات القضائية، عليها عدة مؤشرات جعلت من التحقيق مرهون أحيانا بإرادة السلطة التنفيذية والتي بدأت بعرض الاعترافات دون أمر قضائي، وبالتالي نتج عن هذه التحقيقات اعترافات قد تكون قسرية وبحضور محامين منتدبين في غالبيتها لإعطاء مشروعية لهذه الاعترافات، ولم تعطى للمتهمين الفرصة التي تمكنهم من الدفاع واختيار محاميهم، وهذا الأمر مخالف لنص المادة ( 123) الأصولية، حيث قام بعض القائمين بالتحقيق بوضع المتهمين والمتهمات بأجواء من الرهبة والخوف والذعر لإجباره على قبول المحامي المنتدب(وقد اكد تقرير اللجنة البرلمانية المرسلة الى المعتقلين ذلك)، وبعدها يقومون بعرض المتهمين على الهيئة القضائية المختصة وبطريقة التهديد بالعودة لصفحات من التعذيب المبتكر(حسب ما راوه كثير من المعتقلين المفرج عنهم) وبهذه العملية هناك إسقاط واضح لحقوق المتهمين وتعسف كبير عليهم بقبول المحامي المنتدب(وهم معروفين ولهم حضوة).
هاء- إن الأجواء التي كانت سائدة في المحكمة الجنائية المركزية في الكرخ في وقتها غير صحية لإتمام تحقيقات شفافة وعادلة، وبنفس الوقت غير ملائمة لترسيخ ممارسة حقيقية لعمل المحامين؛ لتجسيد حق الدفاع المقدس؛ بسبب أجواء الشحن والتوتر والخوف التي وصلت إلى حد التهديدات والمظاهرات على أبواب المحكمة في منتصف شهر كانون الثاني من سنة 2012، والتهديدات ظلت مستمرة وبصور متعددة بسبب توكل المحامين عن المتهمين، وخير ما يؤكد ما ذكرناه هو تصريح رئيس السلطة التشريعية المنشور في جريدة الشرق الاوسط ليوم 18/2/2012 والذي اكد فيه تدخل السلطة التنفيذية في قضية الهاشمي والتأثير الحاصل على القضاء في بغداد من خلال شحن الشارع العراقي ضد المتهمين والمطالبة بإعدامهم والصعوبات التي تجابه عمل المحامين وغيرها، وان عرض الاعترافات احد الأسباب التي أدت إلى ارتفاع حجم الضغوط على المحامين وخلق أجواء مفعمة بالتربص ومحاولة النيل من المحامين المتوكلين في القضية.
واو-كانت هناك شبه الية برفض كافة طلبات المحامين رغم ان أكثر الطلبات كانت تتعلق بقضايا جوهرية منها مثلا مخاطبة المنافذ الحدودية لمعرفة أوقات خروج ودخول متهمين، وقدم المحامين عدة تدخلات تمييزية وكلها تم رفضها وبسرعة يحسد عليها القضاء فقسم منها يتم اصدار القرار خلال 48 ساعة مما يثير التساؤل والاستغراب؛ لان الوقت الطبيعي في تدخلات تمييزية مماثلة أكثر من ذلك بكثير.
زاء- ان مبدأ السرية في اجراء التحقيقات، استثناء عن الاصل وهي العلانية، والاستثناء لا يجوز التوسع فيه استنادا للدستور بنص المادة 19 منه، وقد تم انتهاك هذا المبدأ بقضية الهاشمي بجعل التحقيق سري وتم عزل المتهمين عن محاميهم لأشهر وحرموا من حضور استجوابات موكليهم في حين السرية كانت مرفوعة عن المحامي المنتدب لغايات معروفة، وهذا مخالف لنص المادة(123) من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وهذا خرق أخر لضمانات المتهمين الدستورية والقانونية، ولم يستطيع المحامين قراءة أي دعوى الا دعوتين في مرحلة التحقيق وفي مرحلة الجنايات لم يسمح لهم بقراءة الدعاوى الا في يوم المحاكمة، وبعض الدعاوى تم اخفاءها عمداً، ولم يعط لها تسلسل كما تقتضي الأصول، ولم تسجل في سجل اليومية للدعاوى، وقانون المحاماة النافذ بالمادة (27) قد أجاز قراءة الأوراق حتى قبل التوكل عن المتهم، وقد قدم المحامين طلبا لرئيس محكمة التحقيق المركزية وشرحوا فيه معاناتهم، وبالتالي نتج عن تلك الخروقات رؤية تجسدت لدى المجتمع الدولي وكثير من الحقوقيين، ومنهم رئيس اتحاد الحقوقيين؛ الذي عتب على القضاء في وقتها عندما اتخذ الانتربول الدولي قراره في (14/ كانون ثاني/2014) بتصريح عرضته قناة الشرقية، بإن هذه التحقيقات في كثير من صفحاتها غير شفافة ويعتقد الكثيرين بانها وقعت في بعضا منها تحت الضغط والإكراه المادي والمعنوي، وقد اكد تقرير اللجنة البرلمانية المرسلة الى المعتقلين في وقتها برئاسة النائب والقاضي لطيف من التحالف الكردستاني بتعرض المتهمين للتعذيب0
حاء-التعذيب لانتزاع اعترافات، محظور بالدستور العراقي بموجب المادة (37) منه، وقانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي بالمادة 127 منه ايضا، وقد شاهدنا اسقاط لهذا المبدأ في قضية السيد الهاشمي، حيث تم انتزاع قسم من الاعترافات بالإكراه وعرضها على الشاشات الفضائية، ويعد ذلك جريمة بحق الاجراءات القانونية المعمول بها، والتعذيب مهماً كانت صورته، عدواناً على الشرعية والحقيقة والعدالة.
طاء-هناك سابقة قضائية، أقدم القضاء العراقي على السير بها في قضية الهاشمي وهي محاكمة المتهم الهارب قبل متهمين موقوفين في نفس الجرائم قد تبراهم محكمة الموضوع، والسير بإجراءات دعوى تم الطعن فيها امام محكمة التمييز، اليس هذا مخالفة صريحة لنص المادة 253 الاصولية؟
حيث احيلت عدة دعاوى الى محكمة الموضوع ومنها الدعوى المرقمة 372/ج1/2012، وبعد عدة جلسات استمرت من 3/5/2012 الى 9/9/2012 يوم اصدار حكم الاعدام الأول بحق الهاشمي، واعقبها اربعة احكام اعدام في الدعاوى المرقمة ((1430/ج/2012-1675/ج/2012 -1680/ج/2012 – 1638/ج/2012)) وبعدها احكام اخرى، وهذا يدلل على وجود حماسة فائقة لدى البعض في تحقيق الاتهام لا تجسيد مرامي العدالة، وهذا ما توصل اليه الانتربول الدولي وغيرها من منظمات دولية.
ياء- كانت أجواء المحاكمات ملبدة بغيوم عديدة أبرزها إفادات الشهود بحق الهاشمي، كانت اشبه بمعزوفة مطلوب من كل الشهود ترديدها بطريقة منسوب التلقين فيها عالي جدا، واجواء الرهبة التي يعيشها الشهود واضحة في قسمات وتعابير اوجههم، والكل يردد عبارة( الهاشمي طلب مني كذا وقدم لي كذا وانه غير مكره على اقواله...) وبطريقة لا تحتاج من أي قاضي ولو حديث الخبرة ان يكتشف ان الامر يسير في غير مجاريه الطبيعية، واكد المحامين واخرين ان احد اسباب تنحي رؤساء الهيئة الجنائية السابقين هو تلك الافادات وتناقضاتها واجواء الرهبة التي يعيشها المتهمين بصفة شهود.
كاف- كانت هناك سرعة فائقة من مجلس القضاء الاعلى في ترتيب ملف استرداد بحق السيد الهاشمي في 11 نيسان/ 2012، ومخاطبة الانتربول الدولي لإصدار مذكرة حمراء فاح منها البعد السياسي، بالرغم من انه لازال بريئا وفق الدستور والقانون، والتمني ان تكون هذه الحماسة والعزم منصرفة ايضا، في ترتيب ملفات الاسترداد بحق ارهابين ارتكبوا جرائم خطيرة، وصدرت بحقهم احكام قضائية، ومنهم من صدق مرسوم الاعدام بحقه وهربوا، ولم يتم اصدار أي مذكرة من الانتربول بحقهم، وتأويهم دولة مجاورة ومعهم مئات المجرمين الارهابين، وخير مثال على التعامل المزدوج، قضية وزير التجارة الذي صدرت بحقه احكام غيابية بالسجن لسبع سنوات، ولم يتم اصدار أي مذكرة من الانتربول او حتى تنظيم ملف استرداد بحقه في وقتها.
لام-قدم المحامون طلبات إلى الهيئة القضائية المختصة لأجل مواجهة المتهمين المودعين في زنزانات قريبة على محل التحقيق، لكن القائمين بالتحقيق وبعلم الهيئة القضائية لم تسمح لهم بذلك، مع العلم إن المتهم قد يدان وقد تبرا ساحته، فلا ينبغي حرمانه من حقوقه منها أعلام أهله وتامين لقائه بمحاميه للوقوف على حقيقة أمر توقيفه والسعي لتدبير أمور المتهم القانونية ورعايتها وخلاف ذلك يفهم منه، هناك توجه لدى القائمين بالتحقيق على إدانة المتهمين، وكان هناك تسويف في توقيع وكالات المحامين عن المتهمين.
ميم-ان القانون اوجب ان تودع النساء في سجن نسائي خاص، حسب القوانين ذات العلاقة، وفي قضية الهاشمي تم انتهاك هذه القواعد من خلال توقيف موظفتين يعملان في المكتب بحجزهن في غير الاماكن المخصصة لتوقيف النساء، وتعرضهن للإكراه.
نون-يجب أن يكون القضاء حامي الحريات وأن يتنبه لم يقوم به القائمين بالتحقيق الذين ينصب هدف بعضهم لإطفاء كل تقدير سليم للقاضي وطمس منه أي فهم صائب للوقائع والأدلة، لكن القضاء كان احيانا في غفوة في بعض مجريات قضية الهاشمي ومتساهلا ازاء ما قامت به الأجهزة الامنية التحقيقية، من إعداد لركام من الأكاذيب والضلالات القصد منها الباس المتهمين ثوب الاتهام عنوة وإرهاق العدالة.
سين-للمساكن حرمة بموجب دستور عام 2005 استنادا لنص المادة 17/ثانيا منه، والمادة 82 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي المرقم 23 لسنة 1971وتعديلاته، وتم انتهاك هذا المبدأ الدستوري بحق عدة متهمين بقضية الهاشمي بدوافع سياسية وطائفية ومورست ممارسات تعسفية في ذلك لا مجال لذكرها.
عين- في الإحكام الجنائية لابد أن يمتلئ يقين المحكمة وان يتشبع وجدانها بالإدانة منه، وواقع القرائن المبسوطة، والأدلة المطروحة في قضية الهاشمي، داخلها شك وخالجها الريب ولو بأدنى نسبة، مما حدى بتنحي رؤساء هيئتين جنائيتين عن النظر فيها وحسب ما رواه المحامين.
ولا بد من الإشارة، كان هناك عدة محامين في القضية فيهم النزيه والمهني وفيهم السيء الذي كان يبغي من وراء توكله الشهرة والظهور ومنهم من كان يظهر وطنية زائفة ومنهم من كان طائفيا ومنهم من كان ينسب لنفسه اوصاف غير حقيقية ومنهم من ادعى بانه محام دولي وهو لا يفقه شيء بالقانون.
ان قرار الانتربول بحق الهاشمي فتح الباب على مصراعيه للعديد من القضايا الاخرى التي قد يكون ذهب ضحيتها أبرياء، فعندما يهربون الوزراء مع الاموال المنهوبة والمسروقة من اموال الدولة والشعب، وحسب تقرير لجنة النزاهة البرلمانية، تسع وزراء، ولم يقدم اسماءهم في وقتها الى (الانتربول)، لجلبهم مقيدين بالأصفاد، ماذا يعني هذا التماهل وغض الطرف عنهم، هل يدخل هذا في احراز مكانة وسمعة ومنزلة في المحافل الدولية ام العكس؟ إذا كان القضاء العراقي يصدر في دقائق معدودة بالبراءة بحق النائب (مشعان الجبوري) وحسب ما أعلنه النائب(بهاء الاعرجي) رغم اصدار عليه احكام تتعلق بالإرهاب والاختلاس والسرقة من اموال الدولة، وبعدها اعترف علنا بانه والسياسيين استلموا رشاوي واعترافه المتلفز أكثر مصداقية وقوة من الاعترافات القسرية، لكن القضاء لم يتخذ اجراءا بحقه؟ فماذا يعني ذلك وماذا تعني تبرئته من الاحكام الغيابية، هل هو عدم اكتراث بأحكام القضاء العراقي، ونزع ثوب المصداقية عنه؟ وعندما يتم اقصاء نواب بتهم بسيطة ويتم تسوية اتهامات بالإرهاب بحق نواب أصبح منهم رئيس برلمان (أكثر من تسع تهم إرهابية) بيومين (وحسب ما صرح به علنا)، ماذا يعني؟ وهل تبقى للقضاء بهذه الطريقة مصداقية حين يلعب الفساد المالي والرشوة دورها الحاسم في بعض احكامه؟ وغيرها الكثير الكثير وليس ببعيد ما صرح به النائب هيثم الجبوري والمحامي بديع عارف وما اطلعنا عليه من خلال تواجدنا في رئاسة غرفة محامي المحكمة الجنائية المركزية؛ فهل يتوقع القضاء العراقي احترام كافة قراراته واحكامه من دول العالم؟
أنى تناولت أمور قدر تعلق الامر بموضوع مقالي واني من الذين لا يحبذون التحدث عن سلبيات المؤسسة القضائية علنا، واكتفيت بجزء بسيط؛ لأننا لا نريد ان يكون القضاء العراقي الشامخ الذي لوث بعض صفحاته بعض القضاة الفاسدين الحزبيين الطائفيين غير المهنيين، معبرا لنفاذ بعض الفاسدين والمتاجرين والقتلة والسفاحين والإرهابيين.
فلو انحرفت البلاد كلها شرقها وغربها وعمها الفساد فان كل ذلك أمره يهون ويمكن معالجته ان سلم جسد القضاء من العطب وحافظ على طهارته ولم تشوه ثوبه الابيض تلك النماذج شديدة القتامة والسواد.
قضاتنا غالبيتهم شرفاء وقضاءنا شامخا ويجب ان نعيد لوصية الفقيه السنهوري رونقها واتساقها وصدقيتها عندما كان يقول (إذا اردت قاضيا فخذ عراقيا).
فاجتهدوا يا قضاتنا الاجلاء في عملكم، ودققوا في احكامكم، ولا تتربصوا بالأبرياء، ولا تتعاملوا مع الناس بأي استحقاقات لكم او لغيركم عليهم، بل تعاملوا بما يستحقه هذا الوطن عليكم.
أمانكم في عدلكم ونزاهتكم، لقد صدق من قال (بان العدل فوق القانون) وذلك لأن المسلم الصحيح يشعر بأنه مراقب من ضميره ذلك الرقيب الذي وضعه الله داخل النفس البشرية ويرشدها إلي الحق دائماً ويلومها عند الشر، لن تحميكم القوات العسكرية ولا القوات الامنية ولا الشرطة القضائية وانما تحميكم، عين الرضا والاحترام من المواطن العراقي البسيط هي أهم من حالة الخوف من سلطانكم.
1075 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع