بثينة خليفة قاسم
منبر الدين خلق لكي يكون أداة لخدمة الدين وتحقيق مصالح الناس، وليس أداة لبث الفرقة والتناحر بين أبناء البيت الواحد، أو أداة من أدوات الاختراق الخارجي لدول أو جماعات خارج الحدود، فهذا أمر يسيئ للدين ورجال الدين.
ولو بحثنا الأمر بشكل علمي، لوجدنا أن منابر الدين كان لها دور كبير في الخراب الذي حل بالأمة العربية وأوصلها للحالة التي وصلت إليها الآن، فرجال الدين عندما يلبسون السياسة ثوب الدين، خصوصا في الدول التي تتعدد دياناتها ومذاهبها وأعراقها، فإنهم حتما يوصلون بلادهم إلى الاحتراب الداخلي.
ولقد كتبنا مرارا في هذا الموضوع المهم، والحمد لله جاء اليوم الذي قامت فيه الدولة البحرينية بتصحيح أوضاع خاطئة دامت سنوات طويلة وأحدثت عاهات وأحدثت تشويشا وطائفية، ولا نبالغ أن منابر البحرين وشيوخ الدين في البحرين كان لهم الدور الأكبر في تسخين الأوضاع في البلاد. وأنا أقول شيوخ الدين دون طائفية ودون انحياز كما فعل غيري.
القرار الذي اتخذته الحكومة البحرينية ووافق عليه البرلمان البحريني بغرفتيه بمنع خطيب المنبر الديني من ممارسة السياسة يشمل الجميع وليس ضد طائفة، ولا يحق لنا أن نسيس الأمر في مقالاتنا التي نكتبها، فالإرهاب الذي أرهق الدول العربية وسفك دماء الأبرياء تسأل عنه كل الجماعات المتطرفة سنية كانت أو شيعية، ويسأل عنه رجال الدين الذين برروا قتل رجال الجيش والشرطة هنا وهناك، والأمثلة كثيرة ومعروفة، وليس هناك استثناء لأحد، فالطرفان مارسا أقصى درجات التطرف والتحريض والقتل.
رجل الدين الذي يمارس السياسة لن يستطيع أن يفصل بين عاطفته وميله لتحقيق مصلحة جماعته أو حزبه وبين ما يمليه صحيح الدين، وبالتالي فهو يربط بين دخول الجنة وبين نجاح جماعته في مواجهة الجماعات الأخرى التي ترى هي الأخرى أن الجنة مصير من يقفون إلى جوارها دون غيرها، وتكون النتيجة التمزق.
ولذلك فهذا القرار من أهم ما أنتجه البرلمان البحريني من أجل الحفاظ على الدولة البحرينية وأمنها، ولا يمكن لأحد التشكيك فيه سوى من على رؤوسهم بطحة، فالقرار بعيد كل البعد عن الطائفية، بل هو من أهم أدوات القضاء على الطائفية وتوحيد الصفوف.
والعبارة التي قالها وزير الأوقاف والشؤون الدينية وهي “قيام البعض بمحاربة الدين باسم الدين” هي عبارة مهمة وواصفة بدقة لما يجري لدينا ولدى غيرنا من الدول العربية والإسلامية من تخريب باسم الدين، وبما أن التخريب ليس من الدين، فهذه العبارة ستبقى عبارة مرجعية مهمة على طريق القضاء على الارهاب وشروره.
البحرين دولة مدنية تتسع لكل الأديان وكل المذاهب، ولكل دين وكل مذهب ممارسة طقوسه الدينية بكل حرية، ولكن لا يحق لأحد أن يكون امتدادا لأية جهة أو جماعة أو مرشد أعلى أو مرشد عام موجود خارج حدود البحرين، ومن يريد أن يخرج عن هذه القاعدة الأصيلة، فالبحرين ليست أرضا له.
1087 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع