في ذكرى والدي كتبت من اللزوميات .. مِنْ أيــــــــنَ أبدأُ

                                        

                       ضياء تريكو صكر

         

في ذكرى والدي كتبت من اللزوميات
                     
مِنْ أيـــنَ أبدأُ   
 
مِنْ أيــــــــنَ أبدأُ والآيـــــــاتُ ألوانُ       ومِكْنَـزُ الدُرِّ للأشــــــــــعارِ مــيزانُ
تلكَ الحـروفُ على الأوتارِ تعــزفُها        فعَـلَّ نفـســـي بذي الأنغـــــــامِ آذانُ
مِنْ أيــــــــنَ أبدأُ والإفصـاحُ مُرتَجَلٌ       أبا الضـراغـِمِ والأبيــــــــاتُ تبيــانُ
جــلُّ البلاغــــــةِ تبييــــنٌ وأحــــجيةٌ      أولى البيانَ لهـا في الســـفْرِ عــدنانُ
مِنْ أيــــــنَ أبدأُ والأوصــــافُ راقيةٌ      مِعراجُكَ المَجـــدُ والإطـراءُ خـذْلانُ
ذاكَ البديـــعُ بهذا النّظْـمِ مَدْرســــَـــةٌ     والشـاخصاتُ رُبىً إن شــاعَ بنيــانُ
أمّــا القوافي فمــا اسْـــتَعْصَتْ بأبلقِها    وذاكَ سـَـــــبقٌ وإعجـــازٌ لمَنْ دانوا
والشــاهداتُ علىً مِنْ أيــنَ أبدؤهــــا    لا يســــتجِـنُّ العُـلا دهـــــرٌ وأجنانُ
يا صائغاً حرزَها، ضجّتْ طلاسِـمُها       ما كانَ ينكرُهـا، إنسٌ ولا جـــانُ
ويا سُــــهيلاً غداةَ العَـشــــوِ تشــرقهُ   والاســمُ، تدري، أبي، للنورِ إيــوان
كيفَ الفطــامُ وأنتَ العــــذبُ منهلُهُ؟    وكيفَ وِردي أنا والذوقُ ظمـــــآنُ؟
تُنئي  حــروفاً وقد ناءتْ بقُمرتِهــــا   كأنّهـا في عُروشِ الشـِّـــعرِ تيجـــانُ
غبـراؤكَ الغـرُّ قــد أثرت بصهوتِهـا      وصــهلُهــا نخــوةٌ بالبِشــرِ إيذانُ
ســـلسـالُ كفِّكَ للإســـ ـقاءِ حجتُهُ   يضفي القريضَ بهاءً وهو شـــرهانُ
والأبجـديةُ ما اســــتثنيت أحـــرفَهـــا  أليسَ في ذلكَ الإبـداعِ بـرهــــــــانُ؟
تزاحــمت حِكَـمٌ مِن خلفِ فلســــــفةٍ   يَنْهـَــلُّ مِنْ بُعْـدِها نــــورٌ وإيمـــــانُ
بهـــا القـــريضُ ببنيــــانٍ تنضـــــدُهُ   لولا اســــــــتقامتهُ ما تيَّمَ البــــانُ
إنْ كنتَ تســـــــــــألني فالنّثرُ مُنفلتُ  زبّادُهُ السّـــــفْنُ والقُــزّامُ سـَـــــــفّانُ
مِنْ كلِّ مُســــــتعجمٍ يأتي لنا عَــثلٌ    عجّانُ مُسْـــتَعرِبٌ باللّكْنِ عَجّـــــــانُ
مُـسـْــتهْجَنٌ سـَـمجٌ واللغـوُ حــشوتُهُ  أمّـــا الحـــداثةُ في الآدابِ بهتـــــانُ
كانوا إنِ اخــتلفوا فالفصحُ يجمعُهــم  حتى إذا اجتمعـوا فالعجْــمُ فُـرْقــــانُ
فلم تعـدْ ظِــئرُ ضّـادِ العـربِ منجبةً    فآزفٌ فصـحُها والعجــــمُ بُطنــــــانُ
أيُّ الحــــداثةِ والإعجـــــــامُ حُـــلتُهُ   مِنْ فــرطِهِ نســـجَ الجـلبابَ عُثمـــانُ
وأيُّ نشـْـــــزٍ وذاكَ الرّدْحُ يرفعـُـــهُ    أُسْــداً فمــا انقلبوا والأصــلُ ظَـربانُ
يا قبحَ أنْ كابرت في الحمقِ شرذمةٌ   وبئسَ أن فـاخـرت في القبحِ مجّـــانُ
دعْ عَــنكَ نُثّارَ مَنْ ضَـلّتْ بصيرتُهم    في الحومِ لا يســتوي صقرٌ وغِـرْبانُ
واربأْ بغـــيثِكَ عن غَــثٍّ يصــاحبهم    فللقريضِ كمـــا للمُــــلكِ ســـــلطانُ
ما قلتُ "ذكرى"وعندَ الذِّكـْرِ تحضرني   نِعْـــمَ الصـلاةُ بهــا ذكــراكَ غفــرانُ
الشّـوقُ لا الحُـزنُ بي جرحٌ يلازمني      أنا الكليــــــمُ بذاكَ الجــــــــرحِ ملآنُ
مـا كـانَ ثكــلاً قريضي أنتَ تعـرفُني      لكنَّ حـرفي بغـيرِ الشـِّــــعْـرِ ثكــلانُ
فدتكَ نفســي، أمــا للشـــوقِ مِنْ أجـلٍ    وجـذوةُ الصمتِ في الألحــادِ عـدوانُ
بيني وبينكَ في الآمـــــــالِ عــارضةٌ     وقيــــدُنا كفَـــــنٌ والقبــــرُ سَـــــجّـانُ
إنْ حــانَ يومي، أبي، فالعهـدُ أحفظـُـهُ  وخيرُ ما يُجتبى في البِّــــرِ رُضــوانُ
أفِيءْ بشِـــعرِكَ في الأســفارِ مبتســماً  ما كانَ  للمجـدِ في العـلياءِ أســــــوانُ
يا بنَ العــراقِ أبَيتَ المــوتَ منتفضـاً   تُفيءُ ظلِّكَ في التاريــــخِ بغــــــــدانُ
يا دارَ أهـلي وأنتَ القـــــدوُ قبلتُهــــــا  لولاكَ أنتَ فمـــــا للدارِ عـنــــــوانُ
                                          
معـاني الكلمـات
 العَجَّانُ:الأولى بمعنى الأحمقُ والثانية من مهنتُهُ العَجْن ، مِهْنةُ مَنْ يقوم بخلط الدَّقيق بالماء وتحريكه بيده أو بآلة

البُعْدُ:اتِّساع المَدَى
الذِّكْرُ:الصَّلاةُ لله والدعاءُ إِليه

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1080 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع