بثينة خليفة قاسم
إيران تسعى بكل السبل لكي تجعل من فريضة الحج مشكلة سياسية، وتسعى إلى تصدير هذه المشكلة إلى العالم كله. الأدلة على ذلك كثيرة عبر تاريخ إيران، فلا يمر موسم من مواسم الحج، إلا وتكون هناك مشكلة متصلة بالحجاج الإيرانيين على وجه الخصوص.
آخر ما تفتق عنه العقل الايراني ضمن محاولاته الدؤوبة لإفساد هذه الفريضة المقدسة رفض الايرانيين التوقيع على المحاضر مع الجانب السعودي التي تنظم مسألة قدوم الحجاج الإيرانيين إلى الأراضي المقدسة لأداء الفريضة شأن بقية حجاج العالم، وهو ما يعني أن إيران تريد خلق مشكلة جديدة أو تريد أن ينتج عن هذه المشكلة عدم قدوم الحجاج الإيرانيين هذا العام لأداء الفريضة، سعيا بطبيعة الحال إلى إشعال المشاعر الطائفية وتأجيج المنطقة وإعطاء رسائل للعالم أن الحج به مشكلات وأنه لابد من عمل إدارة دولية لموسم الحج.
هذا بالضبط ما تريده إيران، وهذا بالضبط ما يثبته تاريخها الطويل في الممارسات السياسية والإرهابية في موسم الحج، لأن الحج بالنسبة لإيران لا يدخل في إطار العبادة أو تطبيق الركن الخامس من أركان الإسلام، ولكنه وسيلة للتدخل والإعلان عن الذات وتصفية الحسابات مع العالم بشكل عام، ومع المملكة العربية السعودية بشكل خاص.
لا فرق بين ما تفعله إيران في موسم الحج وما تفعله في ملف الفتنة الطائفية بشكل عام، فموسم الحج هو من أدوات الصراع والحرب التي تمارسها ضد السعودية، على اعتبار أن السعودية الدولة الرمز والدولة الأهم والأكبر في العالم الاسلامي، وهذا الشيء من وجهة نظر الايرانيين لا يجب أن يدوم إلى الأبد، لأنها تعتبر نفسها أكثر جدارة بهذا الشرف.
وإذا أضفنا إلى الحقد التاريخي الايراني على السعودية المستجدات الاقليمية الحالية، وما قامت به الدول الكبرى من إطلاق ليد إيران في المنطقة، يمكننا تقديم تفسير أكثر وضوحا للسلوك الإيراني تجاه السعودية في مسألة الحج وما تقوم به من مناوشات سنوية لكي تصل إلى اهدافها التي لا تتصل بالدين وطقوسه من قريب أو بعيد ولكنها تتصل بسياسة إيران التوسعية في المنطقة.
وستظل إيران تخترع الأزمات المتعلقة بالحج لكي تثبت للعالم أن المملكة العربية السعودية غير قادرة وحدها على الاشراف على فريضة الحج، ولكن لن يتحقق لها ما تريد، ولن ينتج عن مساعيها سوى توتير الأجواء وشحن الفتنة الطائفية في المنطقة، لأن أحدا لن يقبل أي وضع آخر غير الوضع الحالي الذي تتشرف المملكة العربية السعودية به، ولن يقبل أحد بتجاوز التاريخ والجغرافيا، مهما كان الثمن، ولن تقبل الدول الاسلامية بالعبث الإيراني بالمقدسات وسعيها لتسييس فريضة الحج مهما كان الثمن.
مجرد التفاوض مع إيران أو القبول بأية تعديلات إجرائية تتعلق بالحجاج الإيرانيين أو غيرهم يعد أمرا مرفوضا لأنه سيكون نوعا من التنازل الذي يضر ولا ينفع.
أما إذا قررت إيران أو تسببت في عدم ذهاب حجاجها إلى السعودية لأداء الفريضة، فهي التي تتحمل مسؤولية ذلك أمام الله وليس أي أحد غيرها.
1055 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع