د. عمر الكبيسي
يتسائل الكثير من الكتاب والمحللين السياسيين العراقيين المعارضين للإحتلال والعملية السياسة وحتى من ضمن قيادات العملية السياسية (اياد علاوي وصالح المطلك والتيار الصدري)عن طبيعة السلطة القائمة،
ويشيرون الى أن ما يحدث في العراق اليوم لم يعد يحسب ضمن مفاهيم الدوله ويربطون بين هذا الاستنتاج وبين واقع حال العراق المنكوب حين يؤكدون ان السلطة لم تعد قادرة على حماية المواطن العراقي ولا الدفاع عن حدوده ولا الحفاظ على استقلاله ولا ثروته ولا امواله في ظل فساد مال واداري واسع ومكشوف وتشعب اوجه العنف والإرهاب بعناوين معلنة ومشهرة وقضاء فاسد ومخترق ودستور ملغم ومخترق مع وجود احزاب وكتل سياسية متهمة جميعا بالضلوع بهذه الانشطة بل عليها أدلة ثابته بهذا الضلوع وهذا ما يتحدث به رئيس لجنة النزاهة في البرلمان طلال الزوبعي ورئيس اللجنة الامنية حاكم الزاملي ونواب آخرين مثل مشعان الجبوري وعزت الشابندر والقاضي وائل عبد اللطيف والمؤرخ حسن العلوي ومثال الألوسي وغيرهم كثر بل وحتى رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي الذي تحدث عن الخزينه الخاويه التي تسلمها من سابقه نوري المالكي ! .
وعندما كتبت عن حالة اللادولة كوصف للسلطة القائمة في احد مقالاتي انبرى لي احد الدبلوماسيين العراقيين بالقول :" انني اتحفظ على وصفك هذا وكأن العراق دولة هشة وليس دولة عريقة استطاع حكامه الفاسدين ان يحولوه الى صفة اللادولة التي تتحدث عنها والأمر ليس بهذه السهوله" . كما كثر الحديث هذه الايام بعد دخول المتظاهرين الى قاعة مجلس النواب حول هيبة الدوله ! متناسين دخول المتظاهرين الروس الى مجلس الدوما بدعوة من يلسن في حينها لشرعنة الاطاحة بغورباشوف في حينها ودخل المتظاهرون البرلمان وحصل التغيير وازيح غورباجوف ولجنة الخبراء . وكأن امر النزاعات والمعارك في قاعات النواب امر مستغرب ! كان آخرها ما رأيناه اليوم في قاعة مجلس دولة جنوب أفريقيا ، لإعتقادهم ان الشعب في العراق منهك ومتشظي ويحسب انه آخر من سيكون بيده الحل لإحداث التغيير!. وحينما يتكلمون عن هيبة الدوله لا يتحدثون عن التفجيرات الإرهابية والأمن المنفلت والفساد المستشري ، بل عن لوحات اسماء ومنضده او (قنفه) متضرره !.
انشغلت مع ذاتي للبحث عن تعبير سياسي يصف بشكل واقعي ومطروق حال السلطة الحاكمة في العراق فوجدت ضمن إرثنا الوصفي السياسي لهذه السلطة العديد من الألقاب منها (سراق ، حراميه، فاسدون،كذابون، طائفيون ، منتفعون ، عملاء ،منافقون ، اولاد حرام ، زباله ، عصابه ،علي بابا ، الخ ) ، و وجدت انها صفات تطلق لوصف شخصي قد ينطبق على شخص دون الآخر وهي نعوت وليست وصفا سياسيا متعارف عليه يعبرعن معاييرالسلطة او الدوله .
أنا لم أجد وصفا يليق بالسلطة الحاكمة اليوم في العراق بمجمل سلوكياتها الواقعية على الأرض وبالمعايير المعرفه والموثقة لغويا وسياسيا أفضل من ( سلطة المافيا والتي ترقى الى دولة المافيا ) كما جاء في تعاريف الموسوعات اللغوية والمعرفية واشتراطاتها المتمثله بما يلي :
1.العصابه المنظمة .
2.استخدام الترهيب والعنف والإرهاب .
3.العبث بالنشاط الاقتصادي والإتجار الغير مشروع .
4.ممارسة انشطة ثانوية ومجتمعيه كالتزوير والقروض والرشى والاتجار بالمخدرات والنساء والاطفال والإرتهان ودفوع التسويه .
5. يرتبط اعضائها بمواثيق وتعهدات وتسمى ميثاق الشرف والصمت ألخ.
6. عندما يشارك بهذا السلوك حكوميين او الجيش او الامن او الشرطه او القضاء او مصارف حكوميه بمواصفات الجماعات الاجراميه المنظمة المرتبطه بشكل قوي بالسلطة وتشكل (نشاط اجرامي منظم تسمى عندئذ ، دولة المافيا ) . وقد تكون كلمة المافيا مشتقة من اصول لغويه عربيه من .) أي معافى وفق دوائر المعرفه .mu'aafa(
واقع الحال ان هذه الشروط المثبتة لتعريف دولة المافيا تتوفر جميعا في مواصفات السلطة الحاكمه بالعراق اليوم بضمنها وثيقة الشرف سيئة الصيت المعلن منها والصامت .
الأمر الذي يترتب على هذه التسمية كصفة معبرة عن طبيعة السلطة في العراق بعد احتلاله ، هو البحث عن الوسائل التي تتبعها الدول والشعوب لتفتيت المافيات المتحكمه والتي شكلت مافيات كبيره في دول عديده كبرى وصغرى لا موجب لذكرها على مدى التاريخ السياسي الحديث ؟ ماهو الدور الوطني والإقليمي والدولي لمواجهة مافيا اصبح الارهاب والعنف ديدنها ومصدر بقائها وهو إرهاب مستورد ومصدر وعابر للحدود والجوار بل والقارات ، وهو أمر لا يحسب انه سهل المرام ، إذ لا ينكر ان هذه المافيات بشتى مسمياتها وعنوانيها مازالت قوى ذات نفوذ ومتحكم في مصير الشعوب في دول كبرى بل ومتعايش مع انظمة قوية طالما انه يخدم بقائها ومصالحها .
ان استخدام تعبير دولة المافيا العراقية الحاليه الدقيق والمعَّرف، لوصف سلطة العراق الحالية هو تعبير يخدم التعريف بطبيعة هذه السلطة اعلاميا وحقوقيا وسياسيا ودوليا أكثر من غيره من الأوصاف والنعوت الأخرى ولسنا في واقع متجنون بذلك بل نحن في صلب الحقيقة والواقع .
في 19 مايس 2016.
1053 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع