أحمد الملا
المتتبع للأحداث الساخنة في العراق وصولاً إلى الإعتصام داخل مجلس البرلمان، يلاحظ مفارقات عجيبة، ألا وهي ما أن قامت المظاهرات والإحتجاجات الجماهيرية منذ شهور ضد السياسيين المطالبة بتنحيتهم من مناصبهم ومحاسبتهم عما إقترفوا من فساد وإختلاسات وجرائم بحق الشعب العراقي طيلة فترة وجودهم في الحكم، نراهم اليوم وبقدرة الإحتلالين الأمريكي والإيراني يتصدرون حملة الإصلاح – الزائفة - التي أرعبتهم سابقاً, هل هي صحوة ضمير حقاً !! أم أنها محاولة لركوب الموجة وخلط الأوراق على الناس من أجل تمرير مشروع معين يخص بعض الجهات والكتل والأحزاب ومن يقف خلفها من دول وأجندات خارجية .
فإن كانوا بالفعل أصحاب ضمائر فلماذا هذا السكوت طيلة الفترة الزمنية المنصرمة " 13 " سنة من الفساد المالي والإداري الذي أوصل العراق في مهاوي الضياع الأمني والتوهان السياسي ومستنقع الفقر, وهذا وحده كفيل بنفي ما يسمى بصحوة الضمير, بل إن ما يحصل الآن هو عبارة عن مسرحية سمجة يراد من التغرير بالشعب والإلتفاف على مطالب المتظاهرين العراقيين الشرفاء وركوب موجتها من أجل تمرير مشروع خارجي, ولعل من أبرز من يحاول ركوب هذه الموجة هو الإمعة والسفاح المالكي الولد المطيع لإيران.
وهذا ما أصبح واضحاً من خلال تحركه الأخير, حيث بدأ بإطلاق التصريحات والتعليقات المؤيدة لما يحصل في قبة البرلمان ومحاولته للحصول على توافقات مع بعض الكتل البرلمانية من أجل الإطاحة بالعبادي, لكي يكون منصب رئيس الوزراء مهيئاً له, وبالفعل نجح هذا الثعلب الماكر – المالكي – بتحقيق نجاح نسبي في هذه الخطوات, حيث استطاع أن يجعل الكتلة الصدرية البرلمانية أن تجتمع مع كتلة " القانون " تحت قبة البرلمان للمطالبة بإقالة العبادي, بعدما كانت الكتلة الصدرية قبل عدة أيام تطالب من خلال الإعتصامات بمحاسبة المالكي وإئتلافه !! كما استطاع المالكي أن يحقق لقاء مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في لبنان و حسب توجيهات إيران وبأمر مباشر من قاسم سليماني الذي أرسل المالكي إلى لبنان بطائرة إيرانية خاصة من أجل لقاء الصدر وبواسطة حسن نصر الله من أجل تقريب وجهات النظر ونسيان الماضي ورسم خارطة طريق سياسية جديدة في العراق تخدم المشروع الإيراني في العراق.
وبالفعل استطاع هذا التحرك بإسقاط أول الشخصيات التي كانت لا تدين بالولاء المطلق لإيران ولها ميول إلى الغرب وبالخصوص أمريكا, حيث استطاع النواب الصدريون ومعهم نواب القانون وبدعم من بعض النواب والكتل ممن يرى في هذا الحراك فائدة له من إقالة رئيس مجلس النواب " سليم الجبوري " وهذا التحرك سيكون له تحرك مشابه من أجل الإطاحة بحيدر العبادي وإفراغ منصب رئاسة الوزراء للمالكي وهذا لن يتم إلا بالتوافق بين القانون والصدريين, وهذا التوافق بدأت ملامحه واضحة كما بينا من خلال اللقاء في بيروت والتوافق بين النواب في البرلمان, كما رافق هذا الأمر دعوات سياسية لكنها غير مسموعة إلى الآن بتحويل نظام الحكم إلى رئاسي وهذا المشروع هو عبارة عن خطة بديلة في حال لم يفلح الأمر في التوافق البرلماني, وهذا ما يدعو له إئتلاف دولة القانون والكتل الموالية له ولإيران على وجه التحديد.
وفي حال لم تفلح الأمور ولم تسر الخطة وفق المرسوم لها, فإن إعلان حكومة طوارئ سيكون هو الخيار الأخير, وهذا ما سعى له المالكي في عام 2014 م حيث فتح أبواب العراق لتنظيم داعش الإرهابي ليترك العراق في حالة من الفراغ الأمني والسياسي ويعلن حكومة طوارئ برئاسته وبذلك يضمن الولاية الثالثة, لكن لم يتسنى له الأمر, ولهذا بدأ وبتوجيه إيراني من إستغلال الأزمات السياسية محاولاً استلام زمام الأمور مرة أخرى, وهنا نُذكر ونُحذر جميع العراقيين من محاولات هذا الثعلب الإيراني من العودة إلى الحكم, والذي سبق وحذر من هذه المحاولة المرجع العراقي الصرخي في إحدى محاضراته العقائدية بتاريخ5 -10 -2014م حيث قال ...
{{... الآن من الواجب علي َّ أن احذر من هذا النكرة, احذر من هذا الثعلب الماكر, احذر من هذا العقرب, فالحذر الحذر منه, احذروا من هذا الإمعة من هذا النشال احذروا من هذا الفاسد احذروا من هذا الذليل حتى لا أقول الدكتاتور لا يستحق لأنه جبان لأنه ليس برجل لأنه حتى ليس من أشباه الرجال, حتى لو قلنا انه خنثى نظلم الخنثى , انه جبان انه ذليل يختبئ وراء الآخرين ويحتمي بالآخرين, لا خلاق له ... فاحذروا منه ... الحذر الحذر منه...}}.
فالإعتصامات التي نظمها البرلمانيون العراقيون في داخل قبة البرلمان لم تكن من أجل مصلحة العراق وشعبه وإنما هي جاءت خدمة للمشروع الإيراني, ومن أجل إعادة الحكم في العراق إلى أحضان إيران بشكل مضمون 100 % دون الركون إلى منافسي إيران في العراق وبالتحديد أميركا, فهذه الإعتصامات التي نظمها البرلمانيون وما يطرحونه من دعوة إصلاح هي من أجل التغرير والتخدير والإلتفاف على الشعب كما يقول المرجع العراقي الصرخي في استفتاء " اعتصام وإصلاح….تغرير وتخدير وتبادل أدوار " ...
{{... أدنى التفاتة من أبسط إنسان تجعله يتيقّن أنه لا يوجد أمل في أيِّ إصلاح لأن كل المتخالفين المتنافسين المتصارعين قد اتّفقوا على نفس التهديد والتصعيد وهو سحب الثقة من رئيس الحكومة وحكومته!!! وهذا التهديد ونتيجته الهزلية يعني وبكل وضوح الرجوع إلى المربّع الأوّل في تشكيل حكومة جديدة حسب الدستور الفاشل وتوافقات الكتل السياسية نفسها والدول المحرّكة لها.
ـ وعليه ينكشف أن الإصلاح ليس بإصلاح بل لعبة للضغط والكسب أو للتغرير والتخدير وتبادل الأدوار قد أذنت به أميركا وإيران !!...}}.
فهذا المسلسل التافه الذي يعرض على قاعة البرلمان هو من إخراج إيران وبتعاون أمريكا التي تعلب دور المخرج, فخلاص العراق لا يمكن إلا بتطبيق مشروع خلاص الذي طرحه المرجع العراقي الصرخي والذي دعا فيه إلى تدويل قضية العراق وأن يكون تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة وبالتعاون مع الدول العربية, وتوجيه قرار شديد اللهجة لمطالبة إيران ومليشياتها بالخروج من العراق, وكذلك حل الحكومة والبرلمان الحاليين وتشكيل حكومة خلاص مؤقتة تدير شؤون البلاد ويكون أعضاء هذه الحكومة من العراقيين الشرفاء غير المرتبطين بأجندة أو دول خارجية, وإلا فإن العراق سيعود إلى المربع الأول, بل أنه سيترحم على المربع الأول ويذهب من سيء إلى أسوأ.
1022 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع