مصطفى العمري
تؤكد كل الأعراف و النواميس البشرية على ميزة الجمال الطبيعي , وخاصة المأخوذ من غوطة الوادي او فسيح الحقول . وتحث كل الشرائع و القوانين العقلية على ان الذي يتجول في حديقة زهور عليه ان يكون منضبطاً و مدركاً كيفية التعامل مع هذا الجمال , على ان لا يقطع وردة و لا يسحق فسيلة ولا يعبث بالأرض .
المرأة مخلوق بشري جميل أجمل من سنادين الورد و أرق من عصفور يناغي في صباح ندي روح أخرى تشابهه في الشعور و الانجذاب . المرأة أساس اول في ديمومة الحياة و بقاء التواصل الإنساني و سير حركة المخلوقات . المرأة تعني الوجود و القيمة , تعني الام و الأخت و الزوجة ....
بصراحة :
ربما تتفاوت مناسيب قيمة المرأة في المجتمعات فترتفع فوق منسوب الرجل او تكون مساوية له او اقل منه , لكن المرأة في مجتمعاتنا العربية دائماً هي الأقل شأناً و الأضعف عوداً و الأدنى كرامة و شخصية للأسف الشديد .
لم يستوطن الجهل و الظلم و القسوة ضد المرأة , كما استوطن بلادنا العربية و الشرق أوسطية . ولم يجلد مجتمع نصفه الاخر بسوط المذلة و القهر كما هو حاصل عندنا , مجتمع ذكوري ورث البطش منذ زمن الوئد فسار عليه الى يومنا هذا .
كانت المرأة تتأمل ان يأتي التشريع الديني السماوي فيخلصها من هذا العناء , فتنطلق لتمارس حركتها و مواهبها العقلية و الإنسانية دون قيود او حدود . لكن التشريع الذي أملت به المرأة خيراً لم ينفك عن قيود بيئته ولم يتحرك ليحرك نفسه و مجتمعه . فيأتي الفقيه لكي يمارس نفس الوظائف التي مارسها سلفه قبل اكثر من الف سنة . بينما كان الواجب ان يتحرك الفقيه ليفك قيد المرأة التي كبلت به دون جناية .
أمثلة على تلك القيود الشرعية :
1-شهادة إمرأتين تعادل شهادة رجل واحد
2-الارث للرجل الواحد يعادل امرأتين
3- اذا قتل رجل إمرأة فلا يعاقب بالقتل الا بعد ان يدفع اهل المرأة نصف الدية الى القاتل ( يدفع اهل المرأة أموال للقاتل ثمناً على قتل ابنتهم !)
4- التكليف الشرعي للمرأة ( الصلاة و الصوم و الحج ...) هو في عمر ثمان سنوات و تسعة شهور ميلادي , بينما الرجل في عمر خمسة عشر .
هذه التشريعات أتت موائمة مع البيئة العربية المتصلبة و المعتادة على قهر حقوق المرأة و الايغال في انتهاك مخلوق سماوي قدره ان ينزل للأرض .
سأعترف بصراحة الى الجنس الانثوي اني لم أحب مخلوق بشري على وجه الأرض كما أحببت أمي ولم اتنفس هواءً ملكوتياً كعطر ثيابها , فهل هي نصفي ام كلّي الابدي ؟
و يجب ان أكمل اعترافي باني لم اجد مخلوقاً يشاطرني الحياة من مرح و ترح و ضيق و رخاء , الا زوجتي ولم أعشق امرأة كما عشقتها , فهي احد أهم العوامل التي دفعتني لكي أكون كما انا اليوم , منذ اكثر من خمسة عشر سنة ولازلنا نعيش شهر عسلنا .
ليس عيباً ان نعترف بل العيب كل العيب ان نصر على الخطأ و نجمد عليه .
مصطفى العمري
844 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع