رسالة الى شعب كردستان الصابر المحتسب
الأثنين 01 فبراير / شباط 2016
عادل مراد
عضو المكتب السياسي للإتحاد الوطني الكردستاني
لا أعرف كيف أبدأ حديثي ومن أين أبدأ وهل بقي للكلام من معنى ، في ظل المآسي والويلات والمعاناة اليومية التي يشهدها المواطنون في إقليم كردستان ، بعد أن فقدت الأحزاب والحكومة ومؤسساتها الحق في التبجح بإسم الشعب وإدعاء تمثيله .
شعب أبي صامد ذاق الأمرين وقدم تضحيات جسام وتحمل عناء ومشاق الثورة التي قدناها بإسم الحرية والديمقراطية وتحقيق العدالة الإجتماعية والمساواة وإنهاء الحكم الدكتاتوري والظلم وضمان سيادة القانون لأفراد الشعب ،، شعارات وأهداف عظيمة حملناها معنا وآمنا بها وشاطرنا بها الإيمان شعب كردستان ، الذي قدم في سبيل تحقيقها آلاف الشهداء ودمرت قراه وهُجِّر الى المنافي ودُفِن أبنائه اأحياءً في قبور جماعيه .
لم نكن نعلم حين ذاك بأننا سنتحول في عيون الشعب الى تجار حرب إنتهازيون يبنون قصوراً وفلل في كردستان وأوربا وأمريكا ، يرتفعون بالأبراج وناطحات السحاب بالسحت الحرام وغسيل الأموال ، على حساب المعدومين الصابرين على المحن من أبناء شعبنا ، الذي يُذبح ويُهجر ويغرق في بحر إيجة ويموت في الثلاجات المبردة التائهة ، تُنتهك حقوقه وتُسلب إرداته يومياً تحت ذرائع وحجج ومسميات متنوعة عفى عليها الزمن ، دون أن يرف لنا جفن ، ندوس على أحلامه ، نحطم آماله يومياً ، معتقدين بأن ذلك من طبائع الأمور .
أين نحن من أبناء شعبنا الذي يسطر يومياً أروع ملاحم البطولة ونكران الذات ، ويتصدى أبنائه البيشمركة الى داعش وتهديداته الإرهابية ببطون خاوية وجيوب خالية ، تاركين ورائهم عوائلهم وأطفالهم في أوضاع إقتصادية صعبة ، في إنتظار حكومة مرفهة متخمة بعيدة عن نبض الشارع ، فيما تتعرض شريحة أُخرى من أبناء شعبنا الى مسلسل للقتل اليومي تتلاطم أجسادهم الطاهرة أمواج البحر في رحلتهم للهرب مما عانوه من أخطاء سلطاتهم المتتاليه ، فيما تقف حكومتهم عاجزة عن إستراداد جثامين الضحايا والتحقيق في مصير المفقودين وهم بالمئات ... ملايين الأوربيين يذرفون الدموع عند مشاهدتهم الجثث الملقاة على ضفاف شواطئ اليونان وحكومتنا غير مبالية !!!!
حكومتنا الفتية بسياساتها الرشيدة !! أطبقت آذانها عن أنين المواطنين ، وتُريد بكل تبجح من الموظفين والعاملين الذين لم يستلموا رواتبهم منذ خمسة أشهر خلت مزيداً من الصبر والتحمل ، كل ذلك يحدث وسط صمت وحالة لا مُبالات من بعض الأحزاب والقوى السياسية الساكتة على التجاوز المستمر على شرعية البرلمان والدستور وسيادة القانون ، سلطة فقدت شرعية تمثيل الشعب الذي ملَّ وعودها المعسولة التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع، حكومة لا همَّ لها سوى تسلطها على رقاب الشعب وإغتيال آماله وتطلعه الى غد مشرق .
جاهرنا وأعلنا في مناسبات عدة ومنذ أكثر من أربع سنوات ، وحذرنا من المخططات والمؤامرات ذات الأبعاد الطائفية التي تحاك في المنطقة ، بهدف سحب الكرد الى أتون صراع طائفي مرير ، كما حذرنا مراراً من سياسة حكومة الإقليم الإقتصادية وإنعدام الشفافية والتلاعب بملف النفط و وارداته و توظيفها لتحقيق مكاسب حزبية وشخصية ،
إلاّ إننا واجهنا سيلاً من الإنتقادات والتهم الباطلة من أُناس نعرف خلفياتهم ومشاربهم من حارقي البخور للسلاطين ، عوضاً عن سعي المعنيين لدراسة مقترحاتنا السياسية والإقتصادية وتدارك الأزمات التي تهز الإقليم ومنع تبعاتها السلبية على كاهل المواطنين .
يوم قلنا بأن حفر الخنادق بين أجزاء كردستان يتنافى مع شعارات دعم الثورة في شمالي وغربي كردستان ، وهو محاولة يائسة لمصادرة قرار إخوتنا الثائرين في شمالي وغربي كردستان لتقرير مصيرهم ، قالوا بأن رسم سياسة الإقليم الخارجية وستراتيجيته خط أحمر و حكر على حزب محدد ، يوظفه لمحابات تركيا ومعادات إخوتنا في أجزاء كردستان الأخرى .
أدركنا منذ الوهلة الاولى بأن الإملاءات الخارجية إضافةً الى الصراعات الشخصيه وهوس التفرد ، السبب الحقيقي وراء بروز المشاكل والخلافات مع الحكومة الاتحادية ، وليس كما كان يروج بأن الهدف منها تحقيق الإستقلال الإقتصادي والإكتفاء الذاتي لإقليم كردستان ، ووقع ما كنا نخشاه وحذرنا منه ، وتحولت ثروات الإقليم الى نقمة على شعبه ونعمة لحكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ، الذي يتعامل مع الإقليم كبقرة حلوب ، عبر إتفاقات طويلة الأمد ، وقعت تحت الطاولة دون علم الشركاء ودون العودة الى برلمان أو حكومة الإقليم ، لإعادة تأسيس ولاية الموصل وضمان هيمنة إنقرة على ثروات الإقليم .
اليوم وقد دقت ساعة الحقيقة وحان وقت الحساب ، شعب كردستان الذي طفح به الكيل ووصل السيل الزبى ، لم يعد مستعداً بعد الآن لدفع ضريبة السياسات الخاطئة لأشخاص ومؤسسات حزبيه ، وحكومة محاصصه تسرق قوته وتنسف أمال اجياله تحت يافطة الإستفتاء والإستقلال ، الذي يتبدد يوماً بعد آخر على أيادي هذه الفئة الحاكمة المتسلطة التي حولت حلم شعب كردستان بكيان مستقل ، الى مزاد للمتاجرة بدماء الشهداء وجثامين الأطفال في بحر إيجة ، وتضحيات شعبنا الصابر المحتسب .
ختاماً نُحذِّر السلطات والجهات المعنيه في حكومة الإقليم من رسم برامجها وخططها لإصلاح الواقع الإقتصادي ، على حساب قوت الشعب وجيوب موظفيه ، ونعتقد بأن الإصلاح يبدأ من أعلى الهرم الى أسفله وليس العكس ، كما نُطالب الأحزاب المحتكرة لملف تصدير النفط و إستحصال وارداته ، بالإسراع في إعادة أمواله المخزنة في بنوك الدول الأُوربية ، لإنقاذ من يمكن انقاذه من الواقع الإقتصادي المزري في الإقليم قبل فوات الأوان . والغضب قادم لا محال .....
931 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع