كنيسة المشرق، إن لم تكن سريانية، فتسميتها بالميدية أو الكردستانية أصح من الآشورية

                                                    

                                   موفق نيسكو

في 27 /9/ 2015م، تم في أربيل تنصيب البطريرك كوركيس الثالث صليوا المُنتخب في 18/9/2015 بطريركاً جديداً لكنيسة المشرق السريانية التي سُمَّيت في 17 تشرين الأول سنة 1976م بالآشورية، وقام الإعلام بتغطية المراسيم، ووصف بعض الإعلام الكردي بأن كثيراً من بطاركة الكنيسة كانوا أكراداً، فاستهجن بعض مثقفي كنيسة المشرق ذلك، وكأن الإعلام الكردي قد أرتكب خطأ جسيماً.

والحقيقة إن الكنيسة هي سريانية لغةً وطقوساً وتاريخاً وثقافةً، ولكن إذا يُراد تبديل اسمها، فتسميتها بالميدية أو الكردستانية أصح من الآشورية، والإعلام الكردي لم يكن مخطئاً لأن الكنيسة ارتباطها كان وثيقاً عبر التاريخ بالميديين والأكراد وليس بآشور، كما سنرى.
كنيسة المشرق السريانية، كرسيها ساليق أو قطسيفون عاصمة الدولة الفارسية قديماً، اعتنقت المذهب النسطوري وانفصلت عن أنطاكية سنة 497م تحت ضغط الفرس، وعُرفت في التاريخ بأسماء عديدة إلى جانب السريانية منها الفارسية، النسطورية، ساليق، قطسيفون، وبابل، وغيرها، ودخلت الكنيسة  أقوام عديدة منذ البداية، أكراد، فرس، عرب، وغيرهم، وكانت هناك أبرشيات في القرون السبعة الأولى عربية مثل بيث عربايا (بلاد أو مسكن أو منطقة العرب)، مركبثو دطيايي أي كرسي العرب (طائيين بالسرياني تعني العرب)، بيث كرماي (الجرامقة)، بيث ارماي (الآراميين)، بيث ماداي (الماديين)، بيث قردو (الأكراد)، بيث داسن (الداسنيين)، بيث قطراي (قطر)، بيث رمان، بيث زبدى، وأبرشيات فارسية وعيلامية وأرمنية وغيرها، (باستثناء بيت أثوريا أي بلاد أو منطقة الآثوريين)، وسنقتصر في بحثنا على ارتباط الكنيسة بالميدين والأكراد وقبائل داسن الكردية، حيث أنه ارتباط تاريخي وثيق، ويخص بحثنا.
نتيجة اكتشافات الآثار الآشورية في شمال العراق منتصف القرن التاسع ووصول نحو 25 ألف قطعة أثرية آشورية إلى انكلترا ، حدثت ضجة إعلامية واسعة هناك، وتم افتتاح قسم الآشوريات في المتحف البريطاني لأول مرة، ناهيك عن شهرة الاسم الآشوري في العهد القديم من الكتاب المقدس عشر، فقام رئيس أساقفة كانتربيري كامبل تايت سنة 1876م بإرسال بعثة تبشيرية إلى السريان الشرقيين النساطرة في المنطقة الشمالية من العراق وتركيا وإيران سَمَّاها بعثة رئيس أساقفة كانتريري إلى الآشوريين، فتلقَّف السريان النساطرة الاسم الآشوري وأعجبوا به وخاصة السياسيين ضناً منهم أنهم أحفاد الآشوريين القدماء وبه يستطيعون تكوين كيان قومي سياسي جغرافي، وبدأ الاسم الآشوري يتداول بينهم، وحدثت مشاكل سياسية، نُفي على أثرها البطريرك ايشاي داود إلى أمريكا.
انشق عن كنيسة المشرق سنة 1968م فرع سَمَّى نفسه الكنيسة الشرقية القديمة وبطريركه الحالي أدي الثاني كوركيس.
اغتيل البطريرك أيشاي في منفاه سنة 1975م لأنه تزوج سنة 1973م، وهو آخر بطريرك في كنيسة المشرق من عائلة أبونا، وهي عائلة من أصل يهودي من سبط نفتالي كانت قد تبوأت البطريركية منذ القرن الرابع عشر، ثم جعلتها وراثية محصورة بها.
 انتهى النظام الوراثي في الكنيسة بوصول البطريرك دنحا الرابع من خارج عائلة أبونا في 17 تشرين الأول 1976م، بدون مجمع وانتخاب واضح، وتم ذلك في اجتماع صغير لعدة أساقفة عُقد في لندن، وكانت للبطريرك دنحا تطلعات سياسية وقومية، فأطلق اسم الكنيسة الآشورية على كنيسته، وبدأ يستعمل بكثرة اسم الآشوريين على رعيته المسيحية بدل سورييا، سورايا أي السريان المستعمل منذ 2000 سنة في كنيستهُ، علماً أن كلمة الآشوريين تأتي بمعنى الأعداء (عمود322) في أهم قاموس سرياني في العالم لمؤلفه الحسن بن بهلول (قرن 10)، وهو من أبناء كنيسة المشرق ذاتها، وكلمة آشور صيغة عبرية وليست سريانية أو عربية، والصحيح الأثورية (راجع مقالنا كلمة آشور صيغة عبرية، لا عربية، ولا سريانية)، علماً أن فرع كنيسة المشرق فقط سَمَّى نفسه آشورية، أمَّا الكنيسة الشرقية القديمة فترفض التسمية الآشورية، وشرطها للوحدة مع كنيسة المشرق هو حذف التسمية الآشورية، توفي البطريرك دنحا في آذار  2015م، وتم انتخاب البطريرك كوركيس صليوا في 18/9/ 2015م، وبمجمع واضح، ولكن بدون دستور، إذ ليس للكنيسة دستور إلى اليوم.
إن لم تكن كنيسة المشرق سريانية، فهي ميدية وكردستانية وليست آشورية
من الثابت وفق كل المؤرخين أن الدولة الميدية كانت قائمة في ضل الدولة الآشورية القديمة التي كانت قد أخضعت كل الكيانات لها بالقوة العسكرية، ثم سقطت الدولة الآشورية سنة 612 ق.م. على يد الكلدان والماديين، بعدها لم يبقى في بلاد آشور القديمة كيان قائم سوى الدولة الميدية، وهذه الأمور ثابتة في التاريخ المدني، كما قلنا، وسنأخذ ما يعزز ذلك من الكتاب المقدس بعهديه، وتاريخ الكنيسة.
وجود الدولة الميدية ضمن الإمبراطورية الآشورية في العهد القديم قبل سقوط الدولة الآشورية سنة612 ق.م.
(سفر الملوك الثاني يغطي الفترة من 920–600 ق.م. تقريباً): ملوك 6:17 في السنة التاسعة لهوشع اخذ ملك آشور السامرة وسبى إسرائيل إلى آشور وأسكنهم في حلح وخابور نهر جوزان وفي مدن مادي.
2 مل 18: 11 وسبى ملك آشور إسرائيل إلى آشور ووضعهم في حلح وخابور نهر جوزان وفي مدن مادي.
سفر اشعيا يغطي الفترة 740–700 ق‌م. تقريباً،‏ ويرد ذكر الآشوريين في إصحاحات كثيرة  منه، وكذلك يرد ذكر الماديين.
اشعيا 13: 17 هاأنذا أهيج عليهم الماديين الذين لا يعتدون بالفضة ولا يسرون بالذهب.
اش 21: 2 قد أعلنت لي رؤيا قاسية الناهب ناهباً والمخرب مخرباً، اصعدي يا عيلام، حاصري يا مادي، قد أبطلت كل أنينها.
ملاحظة: سفر يونان المُوجَّه بشكل خاص إلى أهل نينوى لم ترد فيه كلمة آشور مرة واحدة.
وجود الدولة الميدية فقط (بدون الآشورية) في العهد القديم في الأسفار التي كتبت بعد سنة 612 ق.م.
عزرا 6: 2 فوجد في احمثا في القصر الذي في بلاد مادي درج مكتوب فيه هكذا تذكار.
استير: 1: 3 في السنة الثالثة من ملكه عمل وليمة لجميع رؤسائه وعبيده جيش فارس ومادي وأمامه شرفاء البلدان ورؤساؤها.
اس 1: 14 وكان المقربون إليه كرشنا وشيثار وادماثا وترشيش ومرس ومرسنا ومموكان سبعة رؤساء فارس ومادي.
 اس 1: 18 وفي هذا اليوم تقول رئيسات فارس ومادي اللواتي سمعن خبر الملكة لجميع رؤساء الملك.ومثل ذلك احتقار وغضب.
اس 1: 19 فإذا حسن عند الملك فليخرج أمر ملكي من عنده وليكتب في سنن فارس ومادي فلا يتغير ..الخ.
اس 10: 2 وأذاعة عظمة مردخاي الذي عظمه الملك اما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك مادي وفارس.
ارميا:  25: 25 وكل ملوك زمري وكل ملوك عيلام وكل ملوك مادي.
ار 51: 11 سنوا السهام أعدوا الأتراس، قد أيقظ الرب روح ملوك مادي لأن قصده على بابل أن يهلكها، لأنه نقمة الرب نقمة هيكله.
ار 51: 28 قدسوا عليها الشعوب ملوك مادي ولاتها وكل حكامها وكل ارض سلطانها.
دانيال: 5: 28 فرس قسمت مملكتك وأعطيت لمادي وفارس.
دا 5: 31 فاخذ المملكة داريوس المادي وهو ابن اثنتين وستين سنة.
دا 6: 8 فثبت الآن النهي أيها الملك وامض الكتابة لكي لا تتغير كشريعة مادي وفارس التي لا تنسخ.
دا 6: 12 فأجاب الملك وقال الأمر صحيح كشريعة مادي وفارس التي لا تنسخ.
دا 6: 15 فاجتمع أولئك الرجال إلى الملك وقالوا اعلم أيها الملك أن شريعة مادي وفارس هي أن كل نهي أوامر يضعه الملك لا يتغير.
دا 8: 20 أما الكبش الذي رايته ذا القرنين فهو ملوك مادي وفارس.
دا 9: 1 في السنة الأولى لداريوس بن احشويروش من نسل الماديين الذي ملك على مملكة الكلدانيين.
دا 11: 1 وأنا في السنة الأولى لداريوس المادي وقفت لأشدده وأقويه.
العهد الجديد لم يذكر الآشوريين إطلاقاً، بل الميديين فقط
عندما جاء السيد المسيح لم يكن ذكر للآشوريين بل بقي الاسم المادي، حيث ذكر العهد الجديد الناس الموجودين الذين آمنوا بالمسيح في يوم حلول الروح القدس وحدد أنهم من بلاد بين النهرين، فذكر الماديين والعيلاميون والفرثيون، ولم يرد ذكر آشور والآشوريين في العهد الجديد إطلاقاً، علماً أن الآشوريين مذكورين عشرات المرات في العهد القديم وقد شنوا غارات متصلة في بلاد فلسطين وصارت لهم علاقات واسعة مع اليهود، بل أن العهد الجديد ذكر العرب وأقوام أقل شاناً وشهرةً من آشور والآشوريين كالكريتيين وفريجية وبمفلية وكبدوكية وبنتس والقيروان، إلى جانب مصر  وليبيا والرومان.
8  فكيف نسمع نحن كل واحد منا لغته التي ولد فيها؟ 9 فرتيون وماديون وعيلاميون، والساكنون ما بين النهرين واليهودية وكبدوكية وبنتس واسيا،10 وفريجية وبمفيلية ومصر ونواحي ليبية التي نحو القيروان، والرومانيون المستوطنون يهود ودخلاء، 11 كريتيون وعرب نسمعهم يتكلمون بألسنتنا بعظائم الله فرتيون وماديون وعيلاميون، والساكنون ما بين النهرين، واليهودية وكبدوكية وبنتس واسيا. (أعمال الرسل: 2).
إن كتابات آباء الكنيسة السريانية الشرقية تبين ارتباطها بالميدين والأكراد وليس بالآشوريين، فذكروا أقوماً كثيرة في القرون السبعة الأولى للمسيحية باستثناء الآشوريين، ومن بين تلك الأسماء، ميديا والأكراد (قردو أو قرطو) وتعني بالسريانية الأكراد، إلى جانب منطقة داسن وهي قبائل كردية (إلى الآن تُطلق كلمة دسنايا على الأيزيديين الأكراد بالسرياني من السريان بطوائفهم).
1: قال ترتليانوس في القرن الثاني الميلادي في الكتاب الذي ألَّفه ضد اليهود: أليس بالمسيح آمن كل الأمم الفرثيون والميديون والعيلاميون  والذين يسكنون بين النهرين (أدي شير، تاريخ كلدو وأثور ج2 ص5).
2: قال برديصان في القرن الثاني: في سوريا والرها كان الناس يُختتنون، ولكن عندما آمن ابجر أمر أن كل من يقطع رجولته تقطع يده، ومنذ ذلك الحين إلى الآن لا يوجد في الرها من يقطع رجولتهُ، ماذا نقول في جيلنا المسيحي الجديد، في يوم الأحد نجتمع، الإخوة في بلاد الجيلانيين لا يتزوجون بالذكور، والفرثيين لا يتزوجون بامرأتين، والذين في  مادي لا يتهربون من موتاهم،  والذين في فارس لا يتزوجون ببناتهم، والذين في الرها لا يقتلون نسائهم ..الخ (شرائع البلدان ص67). علماً أنه يذكر الماديين كثيرا وأقوم أخرى كالهنود والفرس والعرب وغيرهم دون ذكر الآشوريين.
3: في مجمع اسحق سنة 410م: قُسمت مناطق الأبرشيات إلى بيث عربايا أي منطقة العرب، وقردو أي الأكراد، وكانت مطرانيه حدياب فيها أسماء كردية وفارسية وسريانية تدل على الأكراد، فكان دانيال أسقف أربيل، وآحادبويه أسقف بيث داسن، وأسقفية بيث مهقرد أي بيت الأكراد، وأسقفية شهر كرد أي مدينة الأكراد التي كانت تابعة لمطرانية باجرمي (كرخ سلوخ، كركوك) وكان مطرانها بولس، وأبرشية الميديين التي يسميها العرب جبل العراق وفيها كرسيان حلوان والري، وأبرشية مشكنا دقردو أي خيم أو مسكن الأكراد (أدي شير، تاريخ كلدو وأثور ج2 المقدمة ص13–18 و103، ويوسف حبي، مجامع كنيسة المشرق، ص78–83).
4: مجمع يهبالاها سنة 420: في ديباجة المجمع كان أساقفة عديدين من بينهم حدياب والميديين ودر كرد (مجامع ص91).
5: مجمع داد ايشوع سنة 424م: إن من بين المناطق التي يمكن تشخيصها مادي بيث ماداي، وأن الجاثليق داد ايشوع بعد أن سجنه الفرس وأطلقوا سراحه أقام في قرب قردو، ومن بين الأساقفة كان ازدابوزود أسقف بكرد (بيت الأكراد) وميليس أسقف قردو أو باقردي (بيت الأكراد)، وكان من الأساقفة الموقعين على أعمال المجمع قيرس أسقف داسن في منطقة العمادية وكانت تابعة لحدياب،  وآرادق أسقف مشكنا دقردو أي مسكن أو مخيم الأكراد، ودانيال اسقف أربيل(مجامع ص 109–121، وادي شير ج2 ص119).
6: مجمع آقاق سنة 486م: كان من بين الحاضرين والموقعين إبراهيم أسقف مادي (مجامع ص 149– 174).
7: مجمع بابي سنة 497م: كان من الأساقفة بولس أسقف شهرقرد، وبابي أسقف مادي، وإبراهيم أسقف مهقرد، وماره رحميه أسقف داسن، ويوسف واكاي أسقفا حدياب، وسيدورا مطران حدياب (أدي شير ج2 ص159، ومجامع ص191–203).
8: مجمع آبا سنة 544م: حنانيا أسقف أربيل وكل حدياب، وإبراهيم أسقف شهرقرد (مجامع ص 209–275) وفي هذا الزمان آقاق أسقفاً لمادي، وفي زمن المجمع كان برصوم هو أسقف قردو (أدي شير ج2 ص174).
9: مجمع يوسف 554م: آقاق أسقف مادي وبرصوما أسقف قردو ومشبحا (مجامع ص 312–314، وادي ج2 ص194).
10: مجمع حزقيال 576م: حنانا مطران أربيل، قاميشوع أسقف بيث داسن، برشبثا أسقف شهرقرد (مجامع ص320–322، أدي ج2 ص200)، برشابا أسقف شهر قرد هو تلميذ مار آبا (فهرس المؤلفين لعبديشوع الصوباوي، ترجمة يوسف حبي ص 68، وأدي ج2 ص 176).
11: مجمع ايشوعياب الأول سنة 585م: كليليشوع أسقف بطبياثي والكرد (أدي شير ج2ص 203).
12: مجمع سبريشوع 598م: سورين أسقف شهر قرد (مجامع ص451)، والجاثليق سبريشوع سكن جبال قردو (أدي شير ج2 ص213).
13: مجمع غريغور سنة 605م: مارثا أسقف قردو، وبورزمهر أسقف داسن، سورين أسقف شهر قرد، ويوناداب أسقف أربيل ومطران حدياب ويزداكوست أسقف مادي (أدي شير ج2 ص220، ومجامع ص 470–472).
14: يقول إيليا برشانيا من القرن العاشر الميلادي في تاريخه بعد أن يعدد ملوك الآشوريين القدماء:إن مملكة الآشوريين انتقلت إلى الميديين، ثم يعدد ملوك ميديا ص45، ولم يذكر الآشوريين في العهود المسيحية إطلاقاً، لكنه ذكر قردى ص133 والأكراد ص171، إلى جانب أقوام أخرى كالعرب والفرس واليونان، وغيرهم.
15: أمَّا سليمان مطران البصرة (قرن13) فلم يذكر حتى الآشوريين القدماء بل اعتبرهم كلهم ميديين (النحلة ص158).
16: يقول التاريخ السعردي: إن الربن سابور في نهاية القرن السادس بنى ديراً في جبل تستر وتلمذ الأكراد المجاورين،  والربن يشوع في القرن الخامس تتلمذ في مدرسة ثمانين في قردو وبنى ديراً في موضع كان للأكراد، والربن يوزادق بنى ديراً في قردو (ج2 ص140، 196).
17: يقول أدي شير في تاريخ كلدو وأثور ج2: إن مار نرسا أسقف شهر قرد استشهد سنة 344م ت ص78، وشرق كركوك بنيت كنيسة على اسم القائد الكردي طهمازكرد الذي قتل مسيحيين كثيرين منهم مطران شهر كرد، ثم نَدم واعتنق المسيحية 126، ويذكر أدي: بوسي بن قورطي (ابن الكردي)، وبرحذبشابا من قردو، وإبراهيم المادي ص135، وأن القديس بابوي نَصَّر خلقاً من الأكراد ص146، ويوحانون دآذرمه شيَّد ديراً في داسن ص260، ونونا شيَّد ديراً في منطقة قردو ص261، وبسيما ولد في قردو ووسع دير كفرتوثا ص263، واوكاما أسس ديراً في قردو ص264، ودير بيث كشوح قرب أربيل ص267، ومن المدارس المسيحية المعروفة هي مدرسة أربيل ص269.
18: يقول الأب يوسف حبي في كنيسة المشرق الكلدانية–الأثورية: وانتشرت المسيحية في بلاد الميديين ص196، وهناك سبايا في ارض الميديين، وكان هناك أبرشية باسم مقاطعة مادي ومقاطعة باسم قردو ص32–33، وان اسم قرية باطنيا هو بيث ماداي أي مكان الماديين ص.166، ويضيف الأب حبي في كتاب فهرس المؤلفين: إن برصوم ولد في بيث قردو ص 61، وأن مشيحا زخا أسس ديرا في داسن ص104، وأن داود بن ربن هو أسقف الأكراد أيام الجاثلقين طيمثاوس وايشوع برنون ص 112، وأنه كان هناك دير برسيما في قردو ص72.
19: يقول ألبير أبونا في تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية: لم يقتصر تبشير ماري على المدائن بل شمل مناطق نصيبين وارزن وحدياب وداسن وزوزان وكورا، وجاء إلى شهرقرد وبيث كرماي وبيث اردان وكشكر وواسط وميسان وقني وبيث هوزاي ومنها بيث فرساي (منطقة الفرس) ج1 ص15، ويوحنا الدلياثي ترهب في دير يوزداق في منطقة قردو نحو سنة 700 م، ج2 ص111، والربان هرمز الفارسي انطلق إلى جبال قردو وأقام ديره في الجبل المطل على ألقوش، ج3 ص255، ويضيف الأب ألبير في كتابه ديارات العراق: إن دير ما أورها في باطنايا مؤسسه إبراهيم المادي من القرن السابع ص106، ويشوع دناح في كتاب العفة يقول: إن بعض الرهبان المصريين جاءوا إلى منطقة قردو وبازبدي ص16، ودير أبون مار آوا يقع في منطقة قردو ص55 التي كان فيها مدرسة اسمها ثمانون، تعلم فيها ايشوعياب المولود سنة 577 الذي أسس ديراً هناك ص 72، ومار حبيب الذي أسس ديراً على جبل زامر  كان من دير قردو ص272. دير بيث نسطورس قرب حدياب، ومؤسسه رجل من نواحي داسن حوالي سنة 600م ص247، دير مار اوراها من بيث ماداي (باطنايا) الذي أسسه إبراهيم المادي مؤسس سنة 630م تقريباً ص 106، بيث قردغيا أي بيت الأكراد في مقاطعة مركا وكان فيها مدرسة اسسها باواي.
20: يقول الأب فييه الدومنيكي: منذ القرن السادس والسابع الميلادي كان النساطرة أنفسهم يُسمُّون الجهات الواقعة شمال أربيل والتي هي جزء من حدياب "بيث قرطوي أو بيث قردايا" أي بلاد الأكراد (البحوث المسيحية الآشورية، معهد دراسات الشرق الأوسط، المطبعة الكاثوليكية، بيروت 1965–1968م، مج3 بحث 22 و23 و42)، ويضيف فييه: كانت هناك أبرشية غرب الزاب الصغير اسمها بيث قورطوايي أي بلاد أو بيت الأكراد ومنها الأسقف عوديشو القورطواينيي، وعند البحث عن أول مطران لبلاد الأكراد سنجد أن أبرشية الأكراد كانت متحدة مع أبرشية بلاد التيوس التي تعرف بيث طبياثا، وكان للاثنان راعي واحد، وهناك دير في منطقة حدياب اسمه دير بيث قروطي التي تعني بلاد الأكراد (علماً أنه لا يوجد دير واحد في التاريخ بالاسم الآشوري)، كما يوجد عدد من الآباء النساطرة لقبهم القورطوايني أي الكردي، مثل الأنبا عود يشوع القورطوايني، المطران كليل يشوع القورطوايني الذي حضر المجمع الكنسي سنة 585م، وداود القورطوايني مؤلف كتاب الفردوس الصغير الذي عاش في عهد البطريرك النسطوري طيمثاوس الأول (780–823م)، (آشور المسيحية ج1 ص167)، علماً أنه في كل تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية لا يوجد قديس، بطريرك، أو أب بلقب الآثوري، بينما هناك آباء لُقِّبوا بالسرياني مثل افرام، الفارسي مثل أفرهاط، الداسني مثل فثيون، العربي مثل يوحنا، وغيرهم، وهذه ليست ألقاب جغرافية محدودة بمنطقة أو مدينة معينة فقط، بل ألقاب مرتبطة بقوم لهم هوية ولغة خاصة بهم. (ألقاب قومية بالمفهوم المعاصر).
ملاحظة 1: إن مدينة الموصل هي آخر مدينة عراقية دخلتها المسيحية، لأنها كانت صغيرة (قرية) فيها محلتان، وكانت تابعة لمطرانية حدياب (أربيل)، وأول ذكر لأسقف باسم نينوى هو احوادمة في مجمع يوسف سنة 554م، وعندما بُنيت الموصل في عهد عمر بن الخطاب بالقرب من نينوى القديمة (التاريخ السعردي ج2 ص308)، أصبحت كبيرة فيما بعد، وأصبح فيها مطران سنة 828م ولكنها بقيت تابعة لأربيل، ولم تستقل كأبرشية عن حدياب إلى سنة 1188م، ومنذ القرن السادس عشر بدأت تظهر كنسياً أكثر من أربيل خاصة عندما انفصل الكلدان عن النساطرة واتخذوها مقراً لكرسيهم، أمَّا الفرع الذي بقى نسطوري والذي تسمى فيما بعد بالآشوري فوجوده كان ضعيفاً جداً إلى الأيام الأخيرة مقارنة مع وجودهم في الشمال بين الأكراد، ويقول أدي شير: لما اكتسبت الموصل أهمية كبيرة قُسمت أبرشية حدياب إلى قسمين، أبرشية أربيل وأبرشية الموصل، واتحدا أيضاً فقيل أبرشية حدياب وأثور، ج2 المقدمة ص15، ومن غريب الأمور  أنه حتى اسم أثور الجغرافي المحصور استعماله تاريخياً بمدينة الموصل فقط، فإن كُتَّاب الكنيسة السريانية الشرقية كانوا أقل الناس استعمالاً له مقارنة بالسريان الأرثوذكس، فاغلب كُتاب الكنيسة السريانية الشرقية استعملوا اسم نينوى والموصل ومرات قليلة جداً أثور، ومدينة الموصل لها عدة أسماء جغرافية، نينوى، سومري (طه باقر، معجم الألفاظ الدخيلة172)، حصنا عبريا، سرياني/ أثور، لأنها كانت عاصمة الدولة الآشورية القديمة، نواردشير أو هرمزد كوذا، فارسي/الموصل، عربي وقيل يوناني، أقُور، رواند، خولان ..الخ، واستعمال الاسم  الجغرافي يعتمد على ما يفضله أو تعوَّد عليه الكاتب أسوةً ببخديدا، فارسي/ قرقوش، تركي/ الحمدانية، عربي/ أو الكوفة، الحيرة، عاقولا/ أو أربيل، حدياب، أديابين، حزة. (للمزيد عن الموصل راجع تاريخ الموصل للمطران سليمان الصائغ ج1).
ملاحظة 2: من الغريب أن تُسمي الكنيسة نفسها رسمياً كنيسة ساليق وقطسييفون ثم تدعي أنها آشورية، فساليق وقطسيفون لم يكن لها وجود أيام الدولة الآشورية القديمة، وساليق بُنيت على اسم القائد اليوناني سلقوس وقطسيفون فارسية، ومن الثابت وفق كل المؤرخين أن المسيحية دخلت العراق عن طريق الرها إلى أربيل، وأول الأساقفة هم أساقفة أربيل ابتدأً من  فقيدا سنة 104م، وهناك أخبار لكنائس عديدة في أربيل تسبق ساليق وقطسيفون مثل كنيسة اسحق ونوح، وأن أول من تفقد مسيحيي ساليق إضافة إلى مسيحيي شهر كرد هو شحلوفا الآرامي أسقف أربيل التاسع، ثم قام آحدابواي الأسقف العاشر لأربيل برسم فافا بن عجا السرياني أو الآرامي كأول أسقف لساليق وقطسيفون.(مشيحا زخا، كرنولوجيا أو تاريخ أربيل ص72– 81، وأدي شير ج2 ص12–14).
ملاحظة 3: كان هذا البحث مختصراً جداً، واقتصرنا على مصادر كنيسة المشرق السريانية عموماً، علماً أن هناك كتاب كثيرون ورحَّالة (عدا الأكراد) اعتبروا السريان الشرقيين النساطرة أكراداً، وأغلب الرحالة كتبوا أسماء كتبهم أثناء زيارتهم، أنهم زاروا كردستان، كما قام قسم منهم بكتابة كُتب سمَّوها كردستان مثل شفالييه والمُروَّج للاسم الآشوري الحديث ويكرام وغيرهما.
إننا نؤكد أن كنيسة المشرق هي سريانية، ولكن إذا أرادت التخلي عن اسمها السرياني فبإمكاننا تقديم المزيد من البحوث التي تُثبت أن تسميتها بالميدية أو الكردستانية أصح من الآشورية، وهذا سيعزز مركزها من قِبَلْ إقليم كردستان حيث له مكانة سياسية قوية،
خاصةً أن كنيسة المشرق هي أكثر كنيسة في العالم بطريركاً واكليروساً وعلمانيين تتبع نهجاً سياسياً وقومياً أكثر منه دينياً.
وشكراً

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

714 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع