محي الدين محمد يونس
كانت علاقتي بزميلي المقدم (خالد عبد الباقي) علاقة صداقة متأصلة من بداية السبعينيات من القرن الماضي بحكم كوننا في مسلك واحد ونعمل ضمن دائرة عمل واحدة واستمرت هذه العلاقة بيننا حتى بعد نقلي وظيفياً الى مديرية شرطة محافظة أربيل في عام 1973 ونقل هو إلى مديرية المرور العامة ,
كنا قد اعتدنا الخروج في ليالي الخميس من كل اسبوع ومعنا مجموعة من الاصدقاء على ضفاف نهر دجلة بالقرب من جسر الصرافية في جانب الرصافة بعد أن نكون قد هيئنا كافة المستلزمات المطلوبة لتمضية الوقت في هذا المكان الجميل بجوه ومناظره الخلابة , استمرت ملازمتي لهؤلاء الاصدقاء والجلوس معهم حتى بعد نقلي من محافظة بغداد الى محافظة أربيل واقتصر ذلك على الأيام التي أكون فيها مجازاً من دائرتي ومتواجداً في بغداد.
بعد نشوب الحرب بين دول التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والجيش العراقي في عام 1991 لغرض اخراجه من الكويت وتداعيات ذلك على مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية في العراق وخروج منطقة كردستان عن سيطرة الدولة العراقية بقرار أممي من مجلس الأمن , وبعد تحديد خط العرض ( 32) واشتراط عدم تجاوزه من قوات السلطة في بغداد وانقطاعي عن الحضور الى بغداد وبالتالي انقطعت عن لقاء الجماعة والذين استمروا في لقاءاتهم في نفس المكان والأوقات وفي أحد الجلسات وقد وصلوا الى حالة الانتشاء والنشوة اقترح أحدهم القيام بانقلاب على نظام حكم الرئيس العراقي السابق ( صدام حسين) واستهوت الفكرة الجالسين وبدؤوا بتوزيع الأدوار والمهمات والمسؤوليات كل حسب اختصاصه وإمكانياته , ثم أردف أحد الجالسين من المشاركين في الانقلاب المزعوم قائلاً لنفرض بأننا قد نجحنا في هذا الانقلاب على نظام حكم ( صدام حسين) والآن جاء دور توزيع المناصب وتشكيل حكومة جديدة , وبعد التشاور والاتفاق تم توزيع الحقائب الوزارية وكان نصيب زميلي المقدم ( خالد عبد الباقي ) ترشيحه لاستلام حقيبة وزارة الداخلية ولا أدري إن كان توزيع هذه الحقائب الوزارية قد راعت مسألة المحاصصة العرقية والطائفية كما هو حالنا اليوم بانتهاء الجلسة نهض المجتمعون وهم في قمة الارتياح النفسي ومنشغلون في مباركة احدهم للأخر على المناصب الجديدة ثم انصرفوا وهم يتضاحكون دون أن يفكروا بما يضمره الغد القريب لهم من مفاجئات لا تسرهم حيث قام أحد أفراد الشلة برفع تقرير إلى إحدى دوائر الأمن في بغداد متضمناً تفاصيل المحاولة الانقلابية للجماعة المخمورين وعلى أثره تم إلقاء القبض عليهم جميعاً وإحالتهم للتحقيق ومن ثم احالتهم إلى محكمة الثورة سيئة الصيت بتهمة محاولة الانقلاب والتآمر على نظام الحكم في العراق .
أصدرت المحكمة المذكورة حكمها على المذكورين المشاركين في التخطيط لقلب نظام الحكم في العراق بالإعدام وعند رفع الأوراق الحكمية في القضية إلى دائرة شؤون السلامة الوطنية من قبل محكمة الثورة لغرض مصادقة رئيس الجمهورية ( صدام حسين) على الأحكام التمس رئيس المحكمة منه تخفيض هذه الأحكام من الإعدام إلى السجن المؤبد وقد برر طلبه هذا لكون المذكورين كانوا في حالة سكر, كما وأنهم من الأشخاص المشهود لهم بحسن السيرة والسلوك, لدى اطلاع الرئيس العراقي السابق ( صدام حسين) على الأوراق وقرار الحكم وتوصية رئيس محكمة الثورة كتب بخط يده ما يلي (( نعم موافق ولكن مدى الحياة )).
925 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع