ولاية الموصل والحقوق الكوردية بعد الحرب العالمية الأولى / الحلقة الثانية عاشر

                                             

ولاية الموصل والحقوق الكردية بعد الحرب العالمية الأولى/الحلقة 12



     

        

* مشكلة ولاية الموصل وتقرير مصير كردستان الجنوبية
أثناء الحرب العالمية الأولى بدأت بريطانيا وفرنسا باشتراك مع روسيا القيصرية مباحثات حول "الترتيبات المقبلة" في (الشرق الأوسط). بعد أن تنبأت هذه الدول بهزيمة ألمانيا والدولة العثمانية في الحرب وقد أشترك في المباحثات (السير مارك سايكس)( ) وزير خارجية بريطانيا. و(تشازلز فرنسيس جورج بيكو) وزير خارجية فرنسا وقد توجها إلى روسيا حيث تباحثا مع (سيرجى سازانوف) وزير خارجية روسيا 1916 وقد تمخضت المراسلات والمباحثات بين الدول المذكورة على تقسيم ما تبقى من الإمبراطورية العثمانية بينهم فيما عرف (باتفاقية سايكس – بيكو) مايو سنة 1916. وعلى الوجه التالي:
خص فرنسا ضمن المنطقة الزرقاء. منطقة ولاية الموصل في كردستان العراق أي كردستان  الجنوبي وهي المنطقة الغنية بآبار النفط وكأن المفروض أن تكون من الدول العربية تحت الحامية الفرنسية( ) كما خصها إقليم كيليكيا وتشمل ولاية اضنة.
وهاتين المنطقتين ولاية الموصل وكيليكيا أغلبية سكانها من الأكراد( ).
وقد اشتملت المنطقة الروسية على المنطقة الشمالية الشرقية من تركيا والتي تشمل بشكل رئيسي على أقاليم (أرضروم، طرابيزون وأن بتليس) وتكون في غالبيتها كردستان المركزية التركية. وهذه المنطقة تبلغ مساحتها حوالي 60.000 ميل مربع من البحر الأسود ومنطقته الموصل وأروميه( ).
أما المنطقة البريطانية فلا مجال لذكرها وهي على العموم بالنسبة للعراق كانت تشمل  بصورة رئيسية على وادي الرافدين من جنوب حدود ولاية الموصل إلى الخليج العربي( ).
لم ينفذ أتفاق سايكس - بيكو بالنسبة إلى المنطقة الروسية في كردستان بسبب الثورة البلشيفية الروسية في أكتوبر سنة 1917 وعقد الحكومة السوفيتية هدنة مع تركيا في الخامس من ديسمبر سنة 1917 ثم (معاهدة برت ليتوفسك) في الثالث من مارس سنة 1918 والتي نصت على أن تسحب روسيا قواتها من تركيا إلى الجهة الروسية من خط الحدود القائم بين الدولتين قبل اندلاع الحرب( ).
وأما منطقة ولاية الموصل التي كانت من نصيب فرنسا  فقد انتقلت إلى البريطانيين بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى باتفاق بين الدولتين. وأما منطقة كيليكيا فقد تركها الفرنسيون للأتراك الكماليين بموجب تسوية بين الدولتين وقعت أنقرة في 20 أكتوبر سنة 1921 ( ).
بدأ الأكراد يركزون جهودهم لمطالبة الهيئات الدولية التي احتلت الأستانة بتوحيد المناطق الكردية ومنحها حكماً ذاتياً. فراجعوا اللجان الأوربية والأمريكية التي تكونت لاستفتاء الشعوب التي انفصلت عن الإمبراطورية العثمانية لهذا الغرض. كما رأى مفكرو الأكراد وجوب الاتجاه بمساعيهم الوطنية إلى خارج الدولة العثمانية بعد أن رفضت وزارة (فريد باشا) منح الاستقلال الذاتي للأكراد( ) وقد ركز الأكراد اهتمامهم نحو (مؤتمر الصلح) الذي أنعقد في باريس  في مارس 1919 خاصة وأن عام 1919 قد حفل بالآمال بالنسبة (للأكراد والعرب والأرمن) فقد أقبلت هذه السنة ومعها وعود (ولسون) بتقرير حق مصير الشعوب( ).
لذالك قام (الحزب الوطني الكردي) في الأستانة والذي يرأسه (عبد القادر شمزيناني) ومعه أبناء بدرخان بهذه المهمة فانتخبت كل من جمعية (تعال الكرد) وجمعية التشكيلات الاجتماعية وجمعية (استقلال كردستان) الجنرال شريف باشا السليماني ابن سعيد باشا( ) ممثلا لها رئيسا للوفد الكردي الذي أرسله الأكراد إلى باريس( ).
كما قام الشيخ محمود الحفيد بإعداد مضبطة وقعها أبناء السليمانية وأفراد العشائر الكردية كانوا في هذه المنطقة تتضمن توكيل "شريف باشا" ممثلاً الأكراد في مؤتمر الصلح بغية المطالبة بحقوق الشعب الكردي. وقد دونت هذه اللائحة ونظمت في بادئ الأمر في دار الحكمدارية. فضلاً عن أن الشيخ محمود الحفيد وعد من رؤساء العشائر كانوا حاضرين عملية التوقيع كما حضرتها نخبة المثقفين من (ميجر نوئيل NOEL) وقد كتب (رفيق حلمي) تلك المضبطة مع الرسالة الخاصة الموجهة إلى (شريف باشا). وقد أرسلت هذه المواد مع كل (رشيد زكي كابان) من السليمانية( ) والسيد (أحمد البرزنجي) الذي كان سكرتيرا خاصاً للشيخ محمود الحفيد إلى باريس بيد أن هذه الرسالة وهذا التوكيل لم تعط الثمرة المنشودة لأن هذا الوفد لم يتمكن من الوصول إلى باريس، ولم تصل المضبطة والرسالة إلى (شريف باشا)( ).
استطاع (الجنرال شريف باشا) عقد معاهدة ائتلافية الجنرال شريف باشا الكردي وبين نوبار باشا الأرمني رئيس الوفد الأرمني في ديسمبر سنة 1918 بباريس لحل المسائل المتنازع عليها بين الأكراد والأرمن حلاً سلمياً بدون ترك فرصة للتدخل فيها من القوى الأخرى وعلى أساس أن تكون كردستان دولة مستقلة عن الدولة الأرمنية المنوي تأليفها( ).
ونتيجة لهذا الاتفاق تقدما إلى (مؤتمر الصلح) بمذكرتين وخريطتين لكردستان وأرمينيا ضمناهما مطالب وحقوق الأمتين الكردية والأرمنية في 22 مارس سنة 1919، وفي أول آذار/مارس سنة 1920 رفع الممثلان (شريف باشا ونوبار باشا) مذكرة باسم كل منهما إلى (مجلس الحلفاء الأعلى) في باريس ضمناهما الاتفاق الذي وصلا إليه وقد أقر المجلس رغبتهما مبدئياً( ) كما صادق عليها الحلفاء فيما بعد حيث تضمنتها (اتفاقية سيفر) 10 أغسطس سنة 1920( ).
* الأكراد في مشكلة ولاية الموصل عام 1925
تشمل منطقة ولاية الموصل في أغلبها كردستان الجنوبي حيث كانت تتكون في سنة 1918 من أربعة ألوية هي (الموصل وكركوك والسليمانية وأربيل).
وقد نشأت المشكلة بعد الحرب العالمية كنتيجة لاندحار وانحلال الإمبراطورية العثمانية ونشوء العراق تحت وصاية بريطانيا( ).
وكانت ولاية الموصل في غاية الأهمية من الناحية الإستراتيجية إذ أنها مفترق الطرق بين العراق وسوريا وتركيا وإيران. وجنوب الاتحاد السوفيتي، وقد زاد من أهميتها اكتشاف النفط فيها.
دخلت ولاية الموصل في حوزة السيطرة البريطانية في العراق رغم أنها كانت عند توقيع (هدنة مدروس) أكتوبر سنة 1918 تبعد ثلاثين ميلا إلى شمال خط وقف إطلاق النار مع تركيا حيث احتلتها القوات البريطانية عسكريا بعد توقيع الهدنة.
وكانت (ولاية الموصل) تدخل ضمن منطقة النفوذ الفرنسي طبقا (لاتفاقية سايكس بيكو)( ). وقد رأى الانجليز بعد أن احتلوها ضرورة إدخال تعديل على (اتفاق سايكس – بيكو) عن طريق تسوية مع فرنسا تعترف لهم بموجبها بهذا التعديل. لأن الآثار الناجمة عن ثورة أكتوبر البلشيفية الاشتراكية في روسيا سنة 1917 قد جعلت روسيا السوفيتية مصدر خطر يهدد نفوذ بريطانيا وإمبراطوريتها وأملاكها. بالإضافة إلى أطماع بريطانيا في الاستحواذ على النفط عصب الصناعة والحرب وميدان استغلال واستثمار رؤوس الأموال( ).
لذلك فقد انتهز البريطانيون فرصة زيارة (كليمانصو) رئيس وزراء فرنسا إلى لندن في ديسمبر سنة 1918 حيث دارت محادثات بينهم وبينه في هذا الشأن انتهت باتفاق وافقت فيه فرنسا على إدخال منطقة ولاية الموصل في دائرة النفوذ البريطاني في مقابل أن تأخذ فرنسا 26% من ثروات النفط الموجودة في هذه الولاية (ولاية الموصل)( ).
بعد استقرار العلاقات البريطانية العراقية بتوقيع (معاهدة أكتوبر) سنة 1922 وعقد (معاهدة لوزان) في 24 يوليو سنة 1923 استقرت سياسة بريطانيا على العمل على إلحاق كردستان الجنوبي المعروف باسم ولاية الموصل إلى العراق، وكان قد اتفقت مع تركيا في (معاهدة لوزان) على ضرورة التوصل إلى حل لهذه المشكلة بالطرق الودية في خلال تسعة أشهر اعتباراً من أكتوبر سنة 1923( ).
لقد اعتبر الأتراك أن بقاء الأكراد الموجودين في ولاية الموصل خارج نطاق سيطرتهم يمهد السبيل أمامهم لإثارة الأكراد الموجودين في تركيا، لذلك طالبوا بضم ولاية الموصل إلى أراضي الجمهورية التركية( ).
وفي المفاوضات الخاصة بولاية الموصل مع البريطانيين 1924 في استانبول أكد الأتراك وجهة نظرهم نحو الأكراد. وتتلخص في أن الأتراك والأكراد أبناء وطن واحد وأنه من المستحيل اقتطاعهم من وطنهم ثم أن الأكراد في ولاية الموصل قد انتخبوا عنهم نوابا في المجلس الوطني التركي الكبير وأن الطائفتين التركية والكردية قد عاشتا بود جنبا إلى جنب طيلة قرون عديدة( ).
‏أقر(مجلس عصبة الأمم) في 30 سبتمبر سنة 1924 تشكيل لجنة لتقصي الحقائق لدراسة مشكلة الموصل على الطبيعة بعد أن تعذر حلها بالمفاوضات بين بريطانيا وتركيا وقد وصلت لجنة تقصي الحقائق إلى ولاية الموصل في 27 يناير سنة 1925 وقد باشرت استجواب السكان عن رغبتهم وآرائهم في المستقبل فعمد رئيس الوزراء (ياسين الهاشمي) ذلك تدخلا غير مشروع وأرسل برقيه احتجاج إلى رئيس اللجنة بواسطة المندوب السامي في السادس من فبراير سنة 1925 احتج فيها احتجاجا شديدا على إلقاء أسئلة من هذا النوع التي ليس لها مساس بقضية الحدود( ).
‏من الطبيعي أن يحدث انقسام بين أهالي ولاية الموصل عند قدوم اللجنة (لجنة تقصي الحقائق) بسبب اختلاف السكان وأوضاعهم الاجتماعية. فمنهم من كان يريد الرجوع إلى الحكم التركي بدافع الدين الإسلامي ورفض حكم الانجليز غير المسلمين وأما الأقليات (المسيحية واليهودية) فكانت تصد على عدم العودة للحكم التركي( ).
وقد كان الأكراد الذين يؤلفون ثلاثة أخماس ولاية الموصل ضد الحكم العربي والتركي. وكان كبار الملاك منهم هم الطبقة الوحيدة المؤيدة للحكومة العربية وتروى تبعية ولاية الموصل لحكومة بغداد( ).
‏بمجرد أن علم أكراد السليمانية بتشكيل لجنة للتحقيق أرسلت الجمعية الكردية في السليمانية في الأول من اكتوبر سنة 1924 ‏. إلى عصبة الأمم مذكرة. تعارض فيها المطالب التركية في ولاية الموصل وأنكرت وجود أي علاقة بين الأكراد والأتراك سوى الدين وعندما قوضّ مصطفى كمال أتاتورك الخلافة الإسلامية، صارت تركيا علمانية دون رابطة تجمعهم مع الكرد. وقد وصفت المذكرة محاولة ضم أكراد ولاية الموصل إلى تركيا بأنها جريمة ضد الحقوق الإنسانية عامة وضد حقوق الأكراد خاصة. وختمت المذكرة بالالتماس من مجلس عصبة الأمم أن يساعد الكرد على تحسين حالة شعب منسي ومهجور ليخدم السلم والرقي في الشرق الأدنى( ).
كما أرسلت الجمعية الكردية في السليمانية مذكرة ثانية إلى مجلس عصبة الأمم تذكر فيه أن واجبها هو أن ترفع للعصبة صوت كردستان وأن هذا الصوت ضعيفا لا يسمع في العالم المتمدن "وأوضحت أن الجمعية قامت في وجه الأتراك بعد أن تحررت كردستان أخيرا من ظلمهم. وقد تأسست للدفاع عن منافع الشعب الكردي وهي تعارض بشدة مطالب حكومة أنقرة بامتلاك ولاية الموصل لأن أكثرية سكان هذه الولاية من الأكراد"( ).
وحينما توجهت اللجنة إلى السليمانية كان الانجليز يعتقدون أنهم يوشكون على خوض المعركة الفاصلة بالنسبة لقضية الموصل( ).
‏لأن السليمانية إقليم ليس فيه أقلية تركية أو عربية كان في ثورة دائمة ضد السلطات العراقية والبريطانية طوال السنوات الماضية على قدوم اللجنة وكان زعيم الثورة الذي يحظى باحترام الأكراد محمود الحفيد على صلة بتركيا مستنجداً وطالباً العون من السلطات التركية وبوجه عام كان أعضاء اللجنة يتطلعون إلى إجراء التحقيق في منطقة كانوا آملين أن يستمعوا فيها إلى رأي شعب قدم أعظم برهان على استقلاله الفكري( ).
في الوقت الذي كانت لجنة التحقيق تباشر أعمالها في كردستان العراقية اندلعت ثورة كرديه بزعامة الشيخ سعيد بيران في مارس/آذار سنة 1925 ضد السلطات التركية وقد اتهمت تركيا الحكومة البريطانية بأنها هي التي حرضت الأكراد على الثورة بسبب الخلاف حول الموصل. ومع انه ليس ثابتا حتى الآن ما إذا كان البريطانيون هم المحرضون فعلاً على هذه الثورة إلا أن الثابت أن بريطانيا قد قابلت هذه الثورة بالارتياح( ). إذ أن أي اضطرابات بين أكراد تركيا والسلطات التركية في الوقت الذي تباشر لجنة التحقيق أعمالها من شأنه أن يعزز موقف بريطانيا من هذه المسألة وهذا هو ما حدث( ). فقد أعطت زيارة اللجنة في هذا الوقت زخماً شديداً للشعور الوطني الكردي الذي حررّ في طريقه عددا كبيرا من المستائين من سياسة الانجليز دون الوقوف إلى جانب تركيا( ). فإذا بهذا الشعور يدفعهم إلى المعسكر المعادي للأتراك. إن الاستجوابات الطويلة كادت كلها تكوّن ذات اتجاه قومي كردي غلاب( ).
‏لقد قابلت اللجنة المواطنين البارزين الذين اتسع لها الوقت لمقابلتهم وهم: أحمد بك، شيخ قادر أخو شيخ محمود، آغا عبد الرحمن وكانوا ممتلئين بروح النضال، فالأمر بالنسبة لهم ليس قبولا ذليلا لاستجواب مفروض ولا أجوبة سريه عن السؤال الصغير "بل هو أخطر من هذا". حيث عقدوا العزم بجهدهم بسوء الحكم العثماني ورفضهم له في جلسة عامة للجنة بل تمادوا يوجهون بدورهم أسئلة الاتهام إلى (فلان). بصدد طلبه إعادة ضم الموصل إلى تركيا وأعلنوا عزمهم على ألا يخضعوا مرة ثانية إلى الأسياد الذين سبق وقاسوا منهم الأمرّين( ).
وقد استمرت التحقيقات في السليمانية ثلاثة أيام وكان كل الشهود البارزين عند كلمتهم وعهدهم. ولم يخفوا شيئاً من مشاعرهم في الجلسات العلنية مثلما تعهدوا فشجبوا فساد الحكم التركي وذكروا الأتراك بشعور المختال بمناسبات عديدة منها انسحاب عام 1918، عندما هزم الأكراد كل الحملات التي أرسلت لقمع انتفاضاتهم فعروا جنودهم من ثيابهم وأطلقوا بهذه الحالة مرارة حادث مقتل الشيخ سعيد والد الشيخ محمود( ). في الموصل سنة 1908. لقد اقتنعت اللجنة بأن الأهالي قد عبروا عن رغباتهم تعبيرا كاملاً وحراً وقد وجدت أن الشعور القومي الكردي ‏هو الغلاب للوصول إلى الاستقلال في دولة، وهو لم ينفِ أن بعض من كبار الملاك وغير المسلمين أبدوا استعدادهم للانضمام إلى العراق على شرط أن يتمتعوا بإدارتهم الذاتية. أي لهم لغتهم ومدارسهم وموظفيهم( ).
وبعد انتهاء التحقيق رفعت اللجنة (لجنة تقصي الحقائق) تقريرها إلى مجلس العصبة في 16 يوليو سنة 1925 وقد خص الأكراد في تقرير اللجنة ما يلي:
1.أن خمسة أثمان سكان ولاية الموصل من الأكراد فهم لذلك أهم عنصر في النزاع وهم ليسوا تركا ولا عربا فهم يختلفون عن الأتراك في عاداتهم وتقاليدهم ولاسيما مركز المرأة عندهم. ويختلفون عنهم في مظهرهم الجسدي وهم أقرب إلى أكراد إيران منهم إلى أكراد تركيا ولكنهم ليسوا إيرانيين. وقد استطاعوا أن يعيشوا عيشة راضية مع الأقوام التي سكنت في بلادهم.
2.أن العراق العربي لا يمتد شمالا إلى أبعد من (هيت – تكريت). أو منطقة (جبل حمرين)( ).
3. في جميع المصادر الجغرافية منذ الفتح العربي حتى تاريخ تحقيق اللجنة سنة 1925 لم تعتبر ولم توصف ولم تظهر الأراضي المتنازع عليها يوما كجزء من العراق، وفي الماضي لم يكن الاسم (العراق) مألوفاً عند سكان ولاية الموصل كاسم لبلادهم. كما أن (مدينة كركوك) بناها الأكراد. وكانت المنطقة موطن (الكوتيين الأكراد) أجداد الأكراد الذين سكنوا قبل نزوح العرب إلى جنوب العراق.
اقترحت اللجنة (لجنة تقصي الحقائق) في حالة الأخذ بالنواحي العنصرية وجوب إنشاء دولة كردية مستقلة.
أما إذا أخذ بالنواحي الاقتصادية فقد أوصت اللجنة بضم ولاية الموصل جنوب (خط بروكسل)( ) إلى العراق على أن تراعي التحفظات الآتية:
1.أن يبقى العراق تحت الانتداب لمدة 25 سنة.
2.لابد أن تراعي رغبات الأكراد فيما يخص تعيين موظفين أكراد لإدارة بلادهم وترتيب الأمور العدلية في المدارس. وأن تكون اللغة الكردية هي اللغة الرسمية في هذه الأمور، وترى اللجنة انه إذا ما انتهت مراقبة عصبة الأمم بعد أربع سنوات من إبرام المعاهدة العراقية البريطانية ولم يعط الأكراد تعهداً يجعل لهم إدارتهم المحلية فإن معظم الأهالي يفضلون الأتراك على حكم العرب( ).
لم تعترف تركيا بقرار ضم ولاية الموصل إلى العراق، إلى أن توصلت مع بريطانيا والعراق إلى توقيع اتفاق ثلاثي معهما في الخامس من يونيو سنة 1926 صودق عليه في أنقرة في الثامن من يوليو سنة 1926, وقد أعطى هذا الاتفاق لتركيا نظير اعترافهما بتبعية ولاية الموصل للعراق 10% من أسهم شركة النفط التركية تدفع لمدة 25 سنة( ). وعلى ألا يسمح للآثوريين الذين غادروا تركيا خلال الحرب بالعودة إليها( ).
وقد نصت هذه الاتفاقية على عدة مبادئ وبنود التزم بها الموقعون عليها، ومن ضمنها:
1-تعيين (خط بروكسل) بصفة نهائية كخط حدود بين تركيا والعراق مادة /1.
2-التعاون المشترك للقضاء على الحركات المعادية لكل من تركيا والعراق وكان القصد منها بالطبع حركات الأكراد الاستقلالية( ) فقد تضمن الفصل شرح ذلك تحت عنوان "حسن الجوار" عدة مواد والتزامات من أهمها:
أ‌-تعهد الدولتين التركية والعراقية بأن يقاوما استعدادات شخص مسلح أو أشخاص مسلحين يقصد بها ارتكاب أعمال النهب والشقاوة "قطع الطرق في المنطقة المجاورة للحدود" مادة /6.
ب‌- تتعاون السلطتان العراقية والتركية في تنبيه بعضهما البعض عن أي استعدادات يقوم بها شخص مسلح أو أشخاص مسلحون في المنطقة الحدودية والمذكورة في مادة /7.
ج- التزام كل من الدولتين بالسعي بما لديها من وسائل لمنع مرتكبي "أعمال النهب والشقاوة" في أراضيها بأسرع ما يمكن وإخبار الطرف الآخر بما يتم في هذا الصدد مادة /8.
د- تعهد كل من الدولتين برد كل من يلجأ إلى أي منهما مرتكبا جناية و جنحة في منطقة الحدود إلى الدولة الأخرى، هم وغنائمهم وأسلحتهم والذين هم من رعاياها مادة /9.
هـ- تعهد الدولتين التركية والعراقية بالامتناع ( ) عن كل مخابرة ذات صيغة رسمية أو سياسية مع رؤساء العشائر أو شيوخها أو غيرها من أفرادها من رعايا الدولة الأخرى الموجودين فعلا في أراضيها، كما تعهدتا بالانحياز أي منهما تشكيلات للدعاية ولا اجتماعات موجهة ضد أي من الدولتين، مادة/12( ).

الفريق الركن الدكتور
عبد العزيز عبد الرحمن المفتي

للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة ..

http://www.algardenia.com/maqalat/14837-2015-02-05-12-08-47.html

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1400 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع