د.رعد العنبكي
أُم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضوان الله عليهاهي شريفة قريش وام المؤمنين وزوج النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهي اول امراءة تزوجها
1.اسمها ونسبها رضي الله تعالى عنها وارضاها:
هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصّي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر الاسدية القرشية، ووالدتها «فاطمة» بنت زائدة بن أصمّ بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر، كانت سيّدة جليلة مشهود لها بالفضل والبر.
فهي اذن تنتسب إلى قبيلة قريش، ويلتقي نسبها بنسب الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم عند جدّها الثالث من أبيها، وعند جدّها الثامن من أمّها. ولدت بمكة(68ق هـ -3ق هـ)وكانت من اعرق بيوت قريش نسبا وحسبا وشرفا وكان من صفاتها الحزم والعقل والعفة وكانت تدعى قبل البعثة بـ(الطاهرة). ولها ألقاب كثيرة تعكس عظيم نبلها وشديد قدسها، من هذه الألقاب: الصدّيقة، المباركة، أمّ المؤمنين، الراضية، المرضية ...إلخ. وهي أشرف نساء قريش نسباً ، فهي سيدة نساء قريش .
2.زواجها المبارك من سيد الخلق( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
كانت خديجة ذات شرف ومال كثير ، فكانت قوافلها لا تنقطع بين مكّة والمدينة ، لتضيف إلى شرف مكانتها وعلوّ منزلتها الثروة والجاه ، حتى غدت من تجّار مكّة المعدودين فضلا عن التجارةبينها وبين أهل الشام فلما شاع في مكة لقب الرسول ( صلى الله عليه وآله ) بـ ( الصادق الأمين ) أرسلت إليه خديجة ، فسألته الخروج إلى الشام في تجارتها ، فقبل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
فخرج إلى الشام فباع بضاعتها واشترى غيرها وعاد بها إلى مكة ، فربحت تلك البضاعة ربحاً وفيراً .
حينما عاد النبي من رحلة الشام حدثها ميسرة عن كرم اخلاقه صل الله عليه وسلم وصفاته المميزة التي وجدها فيه اثناء الرحلة.
وقد شاء الله أن يتجه قلب خديجة نحو النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فعرضت عليه الزواج ، فقبل وتم زواجهما ، وعندها كان سن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خمس وعشرون سنة . ولها من العمر
اربعون سنة وَلَمْ يَتَزَوّجْ عَلَيْهَا حَتّى مَاتَتْ وَأَوْلَادُهُ كُلّهُمْ مِنْهَا إلّا إبْرَاهِيمَ
لغة الكلام كما رأيت على فمخجلى ولولا حب محمد لم أتكلم
ماحيلة الشعراء زاد غناؤهم رهبا لدى هذا الجمال الأعظم
إن الذي سواك في قرآنه وفاك وصفا بالثناء الأكرم
3.إسلامها رضي الله عنها :
كانت خديجة رضي الله عنها أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من النساء والرجال وهذا بإجماع المسلمين .
قال ابن إسحق كانت خديجة أول من آمنت بالله ورسوله وصدقت ما جاء من عند الله عز وجل وآزرته على أمره فخفف الله بذلك عن رسوله ، فكان لا يسمع شيئاً يكرهه من رد عليه ، وتكذيب له ، فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها ، إذا رجع إليها تثبته وتخفف عليه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس حتى ماتت رضي الله عنها .
4. موقف رائع من مواقفهاعليها رضوان الله :
وعند البعثة كان لها دورٌ مهم في تثبيت النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – والوقوف معه ، بما آتاها الله من رجحان عقل وقوّة الشخصيّة ، فقد أُصيب عليه الصلاة والسلام بالرعب حين رأى جبريل أوّل مرّة ، فلما دخل على خديجة قال : ( زمّلوني زمّلوني ) ، ولمّا ذهب عنه الفزع قال : ( لقد خشيت على نفسي ) ، فطمأنته قائلةً : " كلا والله لا يخزيك الله أبداً ، فوالله إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكلّ ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق " رواه البخاري ، ثم انطلقت به إلى ورقة بن نوفل ليبشّره باصطفاء الله له خاتماً للأنبياء عليهم السلام .
إنه موقف الزوجة الوفية ، الحصيفة الذكية ، التي تعرف فضل زوجها , وتستدل بمكارم أخلاقه وفضله على عظيم عناية الله به , وعلى المستقبل العظيم الذي ينتظره .
وعلى هدى الأقدار قام محمدٌ لله فيه سرائر لم تُعلم
متجردا من جاه ظاهر وبغير جاه الله لم يستعصم
حتى اصطفته خديجة وهي التي عزت على كم من ثري مغرم
هات الدثار خديجة دثري إني أكاد من ذهولي ارتمي
فتضمه وهي الثبات مكرما وتقول له لا تعجز بربك واسلم
من كان مثلك لا يخاف وهذه بشرى ابن نوفل يا نبي على فمى
وقفت الزوجة الحنون, والرفيقة العطوف بجانب زوجها المختار صلى الله عليه وآله وسلم تساعده وتشد عضده , وتعينه على احتمال الشدائد والمصائب , تدفع من مالها لنصرته , ومن حنانها وعطفها لمواساته وتسليته .
ومن أبرز مواقفها رضي الله عنها : موقفها حينما أعلنت قريش حرباً مدنية على بني هاشم وبني عبد المطلب , وحاصروهم في شِعْب أبي طالب .لم تتردد خديجة رضي الله عنها في الخروج مع زوجها إلى الشعب المحاصر , وتحملت المشاق والمصاعب في سبيل إرضاء الله ثم إرضاء زوجها , ومساندة زوجها وبنيه , وفَضلت ضيق الحياة وخشونتها بجانب زوجها على رغد العيش , وطيب النعمة .
فنعم الزوج كانت , ونعم النصير لدين الله عز وجل ولرسول الله صلى
الله عليه وسلم , فجزاها الله عن المسلمين خير الجزاء .
.5 منزلتها وفضلها رضي الله عنها:
اولا- من فوق سبع سموات يقرؤها ربها السلام :
ويقرؤها المولى عز وجل السلام من فوق سبع سموات ويبشرها ببيت من ثصب في الجنة:
قال ابن هشام : وحدثني من أثق به ، أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ فقال : أقرىء خديجة السلام من ربها ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا خديجة ، هذا جبريل يقرئك السلام من ربك ، فقالت خديجة : الله السلام ، ومنه السلام ، وعلى جبريل السلام
قال ابن إسحاق : حدثني هشام بن عروة ، عن أبيه عروة بن الزبير ،عن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أمرت أن أُبشِّر خديجة ببيت من قصب ، لا صخب فيه ولانصب .
قال ابن هشام : القصب ههنا : اللؤلؤ المجوف .
ثانيا- قد بيَّن النبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فضلها حين قال: (
أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، ومريم ابنة عمران رضي الله عنهن أجمعين
) رواه أحمد ، وبيّن أنها خير نساء الأرض في عصرها في قوله : (
خير نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة بنت خويلد) متفق عليه .
6.وفاتها رضوان الله عليها:
توفيت رضي الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنين ، وقبل معراج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ولها من العمر خمس وستون سنة ، ودفنت بالحجُون ، لترحل من الدنيا بعدما تركت سيرةً عطرة ، وحياة حافلةً ، لا يُنسيها مرور الأيام والشهور ، والأعوام والدهور ، فرضي الله عنها وأرضاها .
تلك هي خديجة نصير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
امنت حين كفر الناس
وصدقت حين كذب الناس
وواست بالانس والمال حين نفر عنه الناس
تلك هي امراءة الشدائد فكانت تمثل اعلى القيم الاخلاقية والإيمانية تجاه زوجها صلى الله عليه وآله وسلم فقدمت كل ماتملك
لقد عاشت السيدة خديجة بنت خويلد معه صلى الله عليه وآله وسلم حلو الحياة ومرها وكانت فيهما نعم الانيس ونعم النصير،كانت تؤازره و تشاركه الهم وتهون عليه تواسيه وتمسح عنه بكف من حنان كل الالام والاحزان
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنها:
امنت بي اذ كفر الناس
وصدقتني اذ كذبني الناس
وواستني في مالها اذ حرمني الناس
ورزقني الله منها اولادا اذ حرمني اولاد النساء
اللهم اسكنها الجنات العلى من فردوس الجنة والحقنا بها وبجوار نبينامحمد صلوا ت الله عليه وسلم
1162 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع