د.رعد العنبكي
القيلولة في الاسلام
قال الفيومي في المصباح المنير : ( قال يقيل قيلا وقيلولة ) نام نصف النهار
والقائلة وقت القيلولة
وقال الصنعائي في سبل الاسلام : المقيل والقيلولة : الاستراحة نصف النهار
وان لم يكن معها نوم ونومة القيلولة مستحبة شرعا لما فيها من الاثر الايجابي في حياة الانسان المادي والمعنوي على حسد سواء
وقد جاء ذكر القيلولة في القران الكريم في موضعين هما :
قوله تعالى : ( اصحابُ الجَنةِ يَومَئذ ٍخَيرٌ مُستَقراً واحسَنُ مَقِيلا ) سورة الفرقان : 24
احسن مقيلا : اي موضع قائلة
قال الازهيري : القيلولة عند العرب الاستراحة نصف النهار اذا اشتد الحر وان
لم يكن مع ذلك نوم والدليل على ذلك ان الجنة لانوم فيها
وقال ابن عباس وابن مسعود : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل اهل
الجنة في الجنة واهل النار في النار
وقوله تعالى : ( وَكَم مِن قَريةٍ اهلَكناها فَجاءَها بَاسُنا بَياتاً او هُم قائِلُون )
سورة الاعراف :4
قال المفسرون : وهي ساعة غرة واسترخاء وامن وقد اختلفت عبارات الفقهاء في تحديد وقت نصف النهار المقصود بالقيلولة فذهب بعضهم الى انها قبل الزوال وذهب اخرون الى انها بعده
قال الشربيني الخطيب : هي النوم قبل الزوال وما قاربه من قبل او بعد
وقال البدر العيني : القيلولة معناها النوم في الظهيرة والذي يُرجح ان القيلولة هي الراحة بعد الزوال - يعني بعد الظهر -
مارواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد ( رضي الله عنه ) قال :
( ماكنا نقيل ولا نتغذى الا بعد الجمعة في عهد النبي صل الله عليه
وسلم ونومة القيلولة مستحبة عند جمهور العلماء لقول النبي صل الله
وسلم : ( قيلوا فاءن الشياطين لا تقيل ) حديث حَسِن لان القيلولة تعطي النفس حظها من الراحة في النهار فاءذا جاء الليل استقبلت السهر بقوة ونشاط وانبساط فيقوي ذلك على الطاعة في الليل بالتهجد والمذاكرة ونحو ذلك
قال الامام الغزالي : وانما تطلب القيلولة لمن يقوم الليل ويسهر في الخير فاءن فيها معونة على التهجد كما ان في السحور معونة على صيام النهار
فالقيلولة من غير قيام الليل كالسحور من غير صيام النهار
وقالوا في الفتاوى الهندية : ويستحب التنعم بنوم القيلولة
وقال في كشاف القناع : ويستحب النوم نصف النهار
قال عبد الله : كان ابي ينام نصف النهار شتاء كان او صيفا
لا يدعها وياخذني بها
وروي الخلال عن انس ( رضي الله عنه ) قال : ثلاث من ضبطهن
ضبط الصوم من( قال وتسحر واكل قبل ان يشرب )
وروي ايضا عن جعفر بن محمد عن ابيه قال : نومة نصف النهار
تزيد العقل وقال عبد الله بن شبرمة : ( نوم نصف النهار يعدل شربة
دواء )
وعمل السلف والخلف على ان القيلولة مطلوبة حتى ان احدهم ان لم يستطيع القيلولة بالبيت قال في المسجد وهذا ما يظهر من حكاية خصام ( علي مع فاطمة ) رضي الله عنهما والحديث اخرجه البخاري
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال :
جاء رسول الله صل الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد عليا في البيت فقال : اين ابن عمك ؟
قالت : كان بيني وبينه شئ فغاضبني فخرج فلم يقل( ينام القيلولة ) عندي فقال رسول الله صل الله عليه وسلم لانسان : انظر اين هو ؟
فجاء فقال : يارسول الله هو في المسجد راقد فجاء رسول الله وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه واصابه تراب فجعل رسول الله صل الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول : ( قم ابا تراب --- قم ابا تراب )
بل الثابت عن النبي محمد صل الله عليه وسلم انه كان يحافظ على نومة القيلولة فقد اخرج البخاري عن ام صرام بنت ملحان اخت سليم : ان رسول الله صل الله عليه وسلم قال عندهم فاستيقظ وهو يضحك قالت : فقلت يارسول الله : ما اضحكك ؟
قال رايت قوما ممن يركب ظهر هذا البحر كالملوك على الاسرة
قالت : قلت يارسول الله ادع الله ان يجعلني منهم قال : فاءنك منهم
قالت : ثم نام فاستيقظ وهو يضحك قالت : فقلت يارسول الله ما اضحكك ؟ فقال مثل مقالته قالت يارسول الله ادع الله ان يجعلني
منهم قال : انت من الاولين قال فتزوجها عبادة بن الصامت فغزا في البحر فحملها معه فلما رجع قربت لها بغلة لتركبها فصرعتها فاندقت عنقها فماتت
وقد كان السلف رضوان الله عليهم يحرصون عليها ( القيلولة )اشد الحرص
لما لها من اثر كبير في حياة الانسان حتى ان الواحد ليتابع عماله واهل بيته في المحافظة عليها
ففي حديث مجاهد قال : بلغ عمران عاملا له لا يقيل فكتب اليه:
( اما بعد : فَقِل فاءن الشيطان لا يَقيل )
وعن ابي فروة انه قال : القائلة من عمل اهل الخير وهي مَجَمَة للفؤاد
مِقواةُ على قيام الليل
وبهذا اكتفي سادتي الافاضل والى حلقة قادمة باذن الله تعالى ولكم اطيب المنى
اخوكم المخلص
الدكتور
رعد العنبكي
1207 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع