يوسف علي خان
تحدث يوم الجمعة احد خطباء المساجد حيث دعى جموع المصلَّين وكافة ابناء الشعب العراقي لانتخاب الاشخاص المخلصين الاكفاء النزهاء وهو امر جيد ونصيحة وجيهة مشكور عليها ولكن لم يقل لنا كيف يمكن اختيار الجيدين من المرشحين وفرزنتهم عن بقية المرشحين السيئين الذين بالتاكيد سيتهافت الالاف منهم على ترشيح انفسهم خاصة من يمتلك المليارات من الدنانير التي نهبها خلال فترات الاحتلال الماضية أو مدعم من قبل الكتل والاحزاب المتنفذة في هذا الزمان...
وبنفس الوقت فسوف لن نجد على الاغلب مرشح من الفقراء والمعدمين الذين لا يمتلكون مصاريف الدعاية الانتخابية و الاعلانات الباهضة الثمن وتاجير الاعوان إلا النصاب المحتال الذي قد يستدين مبالغ الدعاية متاملا ايفائها بما يتوقع أن يسرقه لو فاز بالانتخاب ... فهل من لم يكن مدعم من احد هذه التيارات الفاعلة في الساحة السياسية مع كل ما يمتلكه من نزاهه وعفه وكفاءة يمكنه الاشتراك بهذه المعمعة التي تتطلب كما قلنا مليارات الدنانير... ونحن امام لصوص كبار تمكنوا ان يسرقوا الدولة وما فيها من ابار نفط خلال العشر سنوات الماضية التي تلت الاحتلال اضافة الى العشرات من اعوان صدام الذين استطاعوا ان يغيروا جلودهم ويظهرون كاصحاب مظلومية وجاؤا مع الامريكان بمختلف الصور وقدموا انفسهم كمناضلين لاجئين مهجرين من شدة وطنيتهم ((بدون حسد))... وتغلغلوا داخل المجاميع المختلفة من اليمين واليسار ...أما بالنسبة للقدامى من المتواجدين حاليا في البرلمان فهم لم يدخلوا البرلمان اعتباطا بل انهم كانوا ولا زالوا مرشحين من قبل المرجعيات الدينية والتي قد تجده فيهم مالا يراه المواطن العادي... فقد يكونوا كلهم أو بعضهم ذوي ثقة لدى مرجعياتهم فيرشحونهم مجددا.... وبذلك فإن المواطنين البسطاء التابعين لتلك المرجعيات لا يستطيعون مخالفة مرجعياتهم وإنهم مضطرون للانصياع لها وانتخاب من زكّته لهم... وبذلك سوف يعود هذا النائب المزَكّى ((حفظه الله ورعاه)) الذي لربما يجد المواطن العادي أو مما تختلف مرجعيته عن مرجعية المزَكّى انسان فاسد لا يصلح أن يكون نائبا ولكن القول الفصل في هذه الامور هي للمرجعية الاقوى بد ون شك أو بتوحدها جميعا ... ثم ان هناك ناحية ثانية هي من الاهمية الكبرى ايضا وهي ان هناك العديد من المسؤولين في الدولة او مما تكون لهم سلطة الاشراف على الانتخابات من يتمكن بطريقة واخرى من تزييف الانتخابات والتلاعب بصناديق الاقتراع مع كل ما يعلن من اشراف فهو مجرد ذر الرماد على العيون فقد تدخل الصناديق الغرف المغلقة ليخرج غيرها مليئة ببطاقات تدعم غير ما صوتت له الجماهير وهو امر محتمل ... وهو ما يجري عادة في جميع الدول العربية وماجرى في مصر اخيرا خير دليل على ذلك .. فإمكانية ترشح الوطني النزيه المخلص الامين فرص ضئيلة إن لم تكن منعدمة تماما .. فقد يكون ذلك ممكنا في الدول المتقدمة التي يكون بامكان التجمعات الكبيرة ترشيح واحد من اعضائها كأن ترشح نقابة العمال او الفلاحين بعض اعضائها فيفوز بالانتخاب بدعم هذه المنظمات وهو ما لا يمكن حدوثه في بلداننا لعدم تواجد مثل هذه المنظمات في الوقت الحاضر .. وعليه فدعوات الخطباء في المساجد أو تشجيع بعض الفضائيات الناس على انتخاب المخلصين هي مجرد نفخات في الهواء.... وهم انفسهم الدعاة يعلمون بان دعواتهم هذه للدعاية والاعلان .. وكذلك ما يفعله بعض النواب الحاليين من اتهام بعضهم لبعض وهم كلهم شركاء اصلاء في الجريمة يحاولون تلميع صورهم التي لطختها الاف الشواهد التي لا تغسلها بحار الكرة الارضية برمتها غير انهم مطمأنون معتمدون على جهل وغباء وتخلف اكثرية الشعب العراقي الذي يساق من قبل بعض الواجهات عن طيب قلب للاسف الشديد الى ما فيه حتفه .. ولن تصلح اوضاعنا لا هذه الانتخابات ولا عشرات غيرها حتى يتخلص الشعب من المحتل الجاثم على ارض الوطن عمليا وواقعيا... كما علينا ان نتخلص من ادران الخرافات والتبعية العرقية والطائفية وهو امر مستبعد على المدى القصير على الاقل ولن ينقذنا من اوحال ما نحن فيه سوى قيادة وطنية غير مزدوجة الجنسية....وهو امر مستبعد ايضا في العراق فضروفنا لاتساعد على ظهور مثل هذه القيادات فنحن لازلنا في معمعة الصراعات ... وليس لنا سوى التوجه الى الله فهو خير المنقذين ....!!!
1218 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع