د. عمر الكبيسي
معظم الكتل والكيانات السياسية التي ستشارك في الانتخابات البرلمانية نهاية نيسان الحالي ، استغلت حرب الأنبار والمحافظات المنتفضة الأخرى سياسيا ودعائيا ، وعجزت وترددت بطرح البديل عن الخيار العسكري لحل الأزمة سواء من خلال مواقعها في سلطة الشراكة أو في مشاريعها الانتخابية المطروحة ،
بل أن العديد من قياداتها اسهم بشكل مكشوف بشنّها وهو من بين أهلها وحشد آخر وجد نفسه مستفيدا من استمرارها لأغراض التسقيط والصراع السياسي الذي يخوضه مع منافسيه وباستثناء استغلال ما يحدث من مواجهات واشتباكات عسكرية في حرب الانبار والمحافظات الأخرى ذات الطابع الطائفي من قبل الكتل الانتخابية لصالح صراعها التنافسي والانتخابي لأغراض دعائية ، لم تحض هذه الحرب الضارية باهتمام او اسبقية في مجمل المشاريع المطروحة من قبل الكتل والكيانات السياسية التي تخوض الانتخابات البرلمانية التي يقترب موعد إجرائها نهاية هذا الشهر بضمنها تلك التي تشكلت محليا في هذه المحافظات وتدعي تمثيلها .
الحرب التي تشهدها ساحات الانبار وحزام بغداد وديالى وصلاح الدين ونينوى هي حرب ضارية ، ضحاياها من الجانبين عراقيون سواء كانوا جيشا وقوات أمن وشرطة او ابناء عشائر ومدنيين وميليشيات وجماعات معارضة سياسية او متشددة ، وهي حرب مكلفة بشريا واقتصاديا بالمؤسسات والثروات والكلف وتهدد البنى البيئية والصحية والتعليمية والخدمية ، ولكونها تتغلف بطابع طائفي مقيت فإنها تستغل وتوظف لقضية خطيرة تهدف لتمزيق وحدة العراق وتقسيمه .
هذه الحرب وهذا الصراع الدموي الطائفي مهما كانت دوافعه ومهما كانت امتداداته الاقليمية كان ينبغي ان يكون موضع اهتمام إيجابي وفاعل لدى كل العراقيين الوطنيين والسياسيين والمترشحين لتقديم خدمة حقيقية لهذا الشعب المنكوب .
المشاركون في العملية السياسية يعرفون جيدا كيف تستغل ساحات الاعتصام والتظاهرات لصالح مواقفهم السياسية ولكنهم حين يتقدموا ويترشحوا للفوز بمقاعد مجلس النواب افرادا وكيانات وكتل لا ينبسوا ببنت كلام حول موضوعة الحرب ولا يعرفوا شيئا عن حجم خسائرها وضحاياها من العراقيين ومدى صحة وحجم المقاتلين الاجانب فيها ، ولم يشكلوا على سبيل الافتراض لحسن نية ، خيمة هدنة لفك التحامها ، ولم ينسحبوا لاستمرارها ولم يفعلوا فعلا ملموسا لتقليص خسائرها ودمارها ، ولم يقدموا خيارا بديلا عن الخيار العسكري لوقفها . وهم اليوم يشهرون انفسهم سيوفا مشرعة في السياسة وكأنهم المنقذين والنبلاء ؟ ، هل هناك هدف أهم من تحقيق السلم الاجتماعي في العراق اليوم ؟ هل هناك هدف أهم من وحدة العراق ؟ هل تعتقدون ان العراقيين سنة وشيعة يفضلون الخيار العسكري وما يترتب عليها من إبادة بشرية ودمار وأنهم سينتخبوكم لأن حرب المالكي هي الخيار لأزمة الأنبار وديالى وغيرها الذي انتم جميعا شركاء فيه بلا اعتراض ، ولا زلتم مؤتلفين معه و وزراء عنده وهو مستمر بشنها ؟ وعندما تروجون بإشهار الاقليم في ظل الظروف الحالية من أجل أن تحكموا انفسكم بأنفسكم وانتم تروجون لكتلكم الانتخابية !، هل تعتقدون أن رصيدكم الانتخابي سيتصاعد ؟ انتم واهمون وعودتكم وانتخابكم ثانية يا دعاة الحرب والإبادة والأقاليم جريمة لا تغتفر ، العراقيون شيعة وسنة ومسيحيين وعرقيات وإثنيات أخرى( باستثناء من له مصلحة شخصية أو أجندة أجنبية ) لن ينتخبوا من يروج للإبادة والحرب او التقسيم . العراقيون الوطنيون من غير الطائفيين المتشددين مصممون ان لا ولاية ثالثة للطغيان والدكتاتورية والفساد وأن وحدة العراق هي الحل لتحقيق السلم والأمان المجتمعي وليست الأقاليم والحروب والتصفيات الطائفية .
أيها العراقيون : قبل اكثر من قرن من الزمن قال الشاعر المرحوم اليازجي :
تنَبَهوا وَاستَفيقوا أَيُّها العَرَبَ فقَد طَمى الخَطبُ حَتّى غاصَتِ الرُّكَبُ.
فيمَ التَعلُّلُ بالآمالِ تَخدَعَكُم وَأَنتُم بَينَ راحاتِ الفَنا سلُبُ.
إذا صممتم على الانتخاب من أجل التغيير ، لا تنتخبوا الفاسدين والمنتفعين وانتم تعرفوهم ، ولا تنتخبوا الأحزاب الطائفية لأنكم صرتم حطام نيرانها ، انتخبوا العراق الواحد وانتخبوا النزاهة والكفاءة والإخلاص ، انتخبوا ادوات البناء والتنمية والنهضة ، ولا تنتخبوا أزلام الرواتب المليونية ولا رجال المقاولات الوهمية والقصور المغتصبة والعمارات الغربية والخليجية ، لا تنتخبوا دعاة الإقليم ولا تنصتوا لضجيج الدولة الدينية ودولة أل البيت أو داعش أوالنصره . لا تنتخبوا السراق والمنتفعين والمختلسين .
التغيير يعني بناء الدولة المدنية العادلة ، دولة الكفاءات والنزاهة لا دولة المكر والخداع والسفاهة ، دولة الأمن والعدل والسلام لا دولة الإبادة والحصار والإعدام
1250 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع