النظام الملكي العراقي البدايه والنهايه /الجزء الرابع
بقلم / صديق المجلة / بغداد
أراء في احداث تموز 1958
كثرت المقالات والكتابات حول ما جرى في صبيحة 14 تموز 1958 ومنها ما يتطابق ومنها ما يتناقض ومنها ما يكتب بالعاطفه ومنها ما يكتب تحت تأثير نزعات سياسيه او غير ذلك .
وهنا لااريد ان افند اخر ما نشر في الگاردينيا الحبيبه وهي مواضيع فيها الكثير من التحيز للانقلابيين او الثوريين او المتامرين سمهم ماشئت ولكن الكثير من الضباط الاحرار كانوا شبه متفقين على ان الثوره قد انحرفت عما مقرر لها وفق الاتفاقات والميثاق الوطني وانفراد قاسم بالحكم وعدم تنفيذ ما كان مخططا اصلا لاهداف الثوره..
هنا اريد ان اثير موضوع علمي عسكري وسياسي وقد استوقفني كثيرا كلما عدت الى هذا الموضوع وارجو من الاخوه العسكرين والسياسيين الادلاء بدلوهم لان الموضوع يحتاج الى الخبره العسكريه والخبره السياسيه والخبره التاريخيه المحايده ولكن هذا لايمنع من مشاركة بقية الاخوه عامة
كانت الخطه العسكريه التي اعدها الانقلابيون تتالف من لوائين من الوية المشاة هما ل مش /19 وامره الزعيم الركن عبد الكريم قاسم ول مش/20 وامره الزعيم الركن احمد حقي محمد علي وقد كلف العقيد الركن عبد السلام محمد عارف امر الفوج الثالث لمش/ 20 بترتيب ازاحة امر اللواء واستلام قيادة اللواء وهذا ما تم فعلا وكذلك ازاحة العقيد الركن ياسين محمد رؤوف الخشالي امر الفوج الثاني الذي امتنع عن المشاركه في العمليه وبذلك اصبح اللواء بيد عبد السلام عارف وتقضي الخطه العامه ان ينفذ لواء المشاة /20 الانقلاب ويبقى لواء المشاة/19 بالاحتياط لحين تتطلب الموقف .. وزع عبد السلام عارف الوحدات على اهدافها لغرض التنفيذ وبالتحديد في منطقة خان بني سعد والاهداف المهمه هي ( الاذاعه العراقيه – القصر الملكي – دار نوري السعيد – معسكر الرشيد – معسكر الوشاش– معسكرابو غريب– مقر وزارة الدفاع ).
وهنا يبرز لدي سؤال مهم جدا ..من المعروف في العلم العسكري ان اي خطه مهما كانت لعمليه عسكريه بسيطه اومتوسطه او كبيره ان تتم بعض الاجراءات الازمه لضمان نجاح الخطه ومنها ان يكون هناك بديل للخطه وان يكون هناك احتياط وهذا كان موجود(بعيد نسبيا) ولكن المحير عند تقدير الواجبات اي بمعنى تخصيص القطعات للهدف ينبغي ان تراعى عوامل ومبادىء ومنها تامين التفوق على الهدف ومنها تامين مستلزمات المعركه من المواد الرئيسيه الاربعه (العتاد الوقود الماء الارزاق)...
وايضا ان تكون القوه اكبر حجما واكثر قوه ناريه واسناد ناري ولديها حرية مناوره لضمان النجاح .. ولكن ماذا حصل على ارض الواقع ؟؟؟الاهداف كانت كما ذكرنا اعلاه هذه الاهداف في حالة السيطره عليها فأنه ضمان لنجاح العمليه . ولكن الذي حصل على الصعيد العسكري ان القوه التي كلفت بالواجب الرئيسي وهو اعتقال او اغتيال العائله المالكه هي سرية مشاة راجل زائد سريه ناقصه 2 فصيل مقابل لواء الحرس الملكي المجهز والمسلح باحدث الاسلحه والتجهيزات ويمتلك خزينا من الاعتده تكفيه لقتال ايام ولديه قوه مدرعه وتتم مهاجمته بقوه لاتشكل 15% من قوة الحرس الملكي ولاتمتلك سوى 3 اطلاقات لكل جندي وليس لها اسناد جوي او مدفعي ...
اضافة الى ان لواء الحرس المالكي محصن في مواضعه والقوه المهاجمه مكشوفه علما ان مفتاح نجاح العمليه هي اعتقال العائله المالكه وفي حالة الفشل يعني فشل كل العمليه ..
هذا في مجال التخطيط العسكري يعتبر ليس خطأ وانما ضرب من الغباء . هذا الاجراء وهذه الخطه تجعلنا اما احتمالين .. الاول . ان يكون وكيل امر لواء الحرس الملكي (العقيد طه البامرني) متفق مع الانقلابيين وهذا لم يثبت من خلال ما نشر للضباط الاحرار او غيرهم حول ما حصل . والثاني . ان هناك جهة دوليه متنفذه في العراق تساند الانقلابيين قد اوعزت له بعدم التدخل ولذلك كانت الخطه على هذا الشكل الهزيل والمتسرع .
والامر الاخر والذي يعزز ما ذكرته اعلاه فان مفتاح نجاح العمليه كان يكمن باعتقال العائله المالكه ونوري سعيد وتامين السيطره على الحرس الملكي وهذا يتطلب قوه كبيره جدا فهل من المناسب ان تكلف سرية مشاة معززه بسريه اخرى ناقصه من فوج اخر ولاتحمل من العتاد شيء وبدون اسناد يذكر والاحتياط المتواجد في خان بني سعد يحتاج على الاقل اكثر من ساعتين لكي يصل الى بغداد والتنقل سيكون تحت ظروف قتاليه ويحتاج الى استطلاع وتوزيع الواجبات والاهداف وكل ذلك يستغرق وقت والمعركه قد تحسم من قبل الحرس الملكي باقل من نصف ساعه علما ان الذي وضع الخطه هو عبد السلام عارف معلم اقدم في كلية الاركان . وهناك جانب اخر للموضوع هل من المعقول والمنطق والاعتبارات ان يرسل ضابط برتبة نقيب ليتفاوض مع الملك ومع امر الحرس الملكي اليس المفروض ان يكون مع القوه ضابط برتبه كبيره تتمكن من فرض كلامها وهيبتها في مثل هذا الموقف الذي يصوره البعض اشبه بالفزعه والفوضى .. اضافة الى غياب كامل للقوه الجويه العراقيه هذه اسئله اعتقد انها تستحق المناقشه لانها سوف توصلنا الى الحقيقه التاليه ـ اما ان يكون قادة الانقلاب مجانين - او ان يكون هناك تأمر داخل الحرس الملكي - او ان تكون هناك جهه خارجيه (بريطانيا) مثلا قد اعطت الضوء الاخضر للعمليه او ان العمليه كانت ضربا من الحظ وهذا يستدعي ان اسطر بعض الاسئله وهي مثار بحث وبحاجه الى اجوبه قدر المستطاع وان لم تجد الاجوبه فان علينا الوصول اليها بالمنطق والتقدير وهذا اقل مايمكن فعله :
1 . من المعروف ان بريطانيا كانت متغلغله في جميع مفاصل الدوله العراقيه ولها منظومه استخبارات كبيره وتملك ارشيف كامل ومفصل عن الشخصيات العراقيه السياسيه والعسكريه والاقتصاديه والدينيه ولذلك لايمكن استبعاد ان يكون لها دور في احداث تموز 1958 .
اضافة الى معرفة الاردن بالعمليه قبل اسبوع من التنفيذ وايضا من المستغرب عدم تدخله بالرغم من انه شريك العراق بالاتحاد العربي الهاشمي علما ان القواعد الجويه البريطانيه في الاردن وقبرص والكويت كانت قادره على افشال الانقلاب ....
2 . اصرار قاسم على فرض عارف في الاشهر الاخيره قبل الثوره يضع سؤال كبير وهو ان عارف لم يكن سياسيا ولكنه كان معروفا بتهوره ومجازفته وهو صالح لان ينفذ بدون مشاكل . (هل كان عارف الاداة التنفيذيه التي يجب التخلص منها بعد اكمال المهمه ) .
3 .علاقة قاسم بالمخابرات البريطانيه حيث هناك فتره غامضه في حياة قاسم في عام 1955 عندما غاب عن الوظيفه لمدة 4 أشهر ثم وجد في بريطانيا بحجة التطبب وهذا خارج السياقات المعمول بها بالدوله والجيش ,وبدون علم المراجع العسكريه وتوسط السفاره البريطانيه لالغاء غيابه وتسوية الموضوع ( هذا مامذكور في اضبارته العسكريه في ادارة الضباط ) . ويجب الاشاره الى ان قاسم عمل مرافقا لنوري السعيد عندما كان برتبة مقدم ركن وترشيح المرافقين للملك ونوري سعيد كان يتم بموافقة وتأييد الجانب البريطاني ..
4 .سر نجاح الانقلاب بهذه الصوره السريعه وعدم تدخل بريطانيا التي تعتبر العراق مهما لها من جميع النواحي في حين تدخلت عسكريا في مصر على اثر تأميم قنال السويس وخاضت حرب كلفتها موقف دولي . وكذلك الحال مع الاردن الذي كان يعلم بالعمليه قبل اكثر من اسبوع اضافة الى وقوفه موقف المتفرج وهو شريك في الاتحاد العربي الهاشمي .
5 . مغادرة السفير الامريكي لداره مع زوجته الى فندق بغداد وحجز جناحا خاصا على نهر دجله ليلة الانقلاب وكانت مدة الحجز مفتوحه لغرض تأمين الحمايه خوفا من تعرض السفاره ودار السفير لعمليات عنف .وهذا يعني ان الدوائر الغربيه على علم بالعمليه .
6 .كيف يجازف ضباط ركن لهم باع طويل في المهنه العسكريه بعمليه عسكريه بدون اسناد( مدفعي – جوي – دروع ) وبدون عتاد وبدون حتى ماء امام قوه من الحرس الملكي التي تعادل اكثر من قوه المنفذين باكثر من80 % وتعد هي النخبه في الجيش العراقي. هل هو غباء ام هو ضمان من جهه نافذه ام هو ضرب من الجنون ؟؟
والغموض في موقف الحرس الملكي وعدم قيامه بواجبه في اجهاض الانقلاب ؟؟ وهنا لابد من قول , ان امر اللواء وكالة ( طه البامرني ) اذا كان متواطئا او متخاذلا او مأمورا من جهة ما فالسؤال اين امري الافواج؟؟ وهؤلاء في مثل هذه الحالات لديهم توجيهات ثابته وعليهم العمل بها ..لماذا لم تتحرك ولاقطعه حتى وان كانت صغيره على سبيل الحميه والغيره ..
7 . لماذا اخل قاسم باهداف اللجنه العليا والميثاق الوطني للضباط الاحرار ولم ينفذ الا بضعة اهداف وترك المهمه منها ولم يشكل مجلس قيادة ثوره ولم ينفذ باقي الاهداف المتفق عليها ؟
8 . لماذا اصرقاسم على ابعاد عارف و على اعدام رفاق الامس بحجج غير مقنعه ولصالح من كان اعدام الضباط الاحرار ؟
9 . لماذا لم يتابع قاسم الاتفاق الذي توصل اليه المرحوم احمد مختار بابان رئيس وزراء العراق مع الشركات البريطانيه حول مناصفة الارباح لعائدات النفط ؟ وترك الموضوع بدون تنفيذ علما كان هناك موعد لبدء التنفيذ هو 1 /1 /1959.
10.هل كان قاسم عميلا لبريطانيا وهل ضحت به بريطانيا في شباط 1963 لصالح امريكا في عملية تبادل الادوار؟ .
11 .هل الدعم الذي قدمه قاسم للشيوعيين كان ضمن خطه لا سقاط الشيوعيين سياسيا بعد ان زجهم بالمقاومه الشعبيه وتشجيعهم على ارتكاب الاخطاء الكثيره والكبيره ومنها جرائم قتل وهو يتفرج ويغض النظر حتى سقط الحزب الشيوعي سياسيا وحتى يومنا هذا وكان تاثير ذلك مسحوبا على الاحزاب الشيوعيه في المنطقه .
12 . لم يكن هناك اي دور للقوه الجويه العراقيه في احداث تموز 1958 لامع الثوار ولا ضدهم علما انها كانت من ضمن القوات المواليه للملك .
13.لماذا اصر قاسم على الحكم باعدام ومحاكمة رشيد عالي الگيلاني الذي كان لايزال مطلوبا لبريطانيا كمجرم لقيادته انقلاب مايس 1941 ضد الانكليز وكانت امنيتهم الايقاع به... لمصلحة من كل هذا ..
14.والسؤال الاخير هو هل كان النظام الملكي فاسدا ولم يقدم انجازات للشعب ؟ وهل الانظمه الجمهوريه التي تلت الملكيه قدمت افضل منه ؟ وهل كان العراق خاسرا ام رابحا في هذا التغيير في تموز 1958 وما تبعه من انقلابات وسفك دم وتخلف وخسائر ؟ هل كان هناك مبرر للانقلاب في تموز 1958 وهل حقق الانقلاب ما كان يصبوا اليه الشعب ؟؟
لقد قال لي احد الضباط الذين اشتركوا في احد الانقلابات ان اي انقلاب في العراق لاينجح اذا لم يكن هناك دعم دوله متنفذه في العراق والمنطقه وبموجب شروط واتفاقات ويقصد هنا امريكا وبريطانيا .. والعهده على قائل هذا الكلام ..
اسئله كثيره وكبيره ومحيره وتحتاج الى اجوبه قد تطول ولكن لامفر من الوصول الى الحقيقه لكي يطلع ابنائنا واحفادنا على حقبه تاريخيه شابها الغموض وكثر عنها الحديث وتزوير التاريخ .. وهنا لابد من الاشاره الى ان الموضوع لايقصد شخصا معينا ولكن الموضوع يقوم على اساس العراق وما حصل ؟وقد تكررت شخصية عبد الكريم قاسم اكثر من مره في المقال ليس لسبب مقصود وانما لكونه هو اول من قاد التغيير ويتحمل تبعات كل ماجرى بعده ,, الموضوع لايتعدى الوصول الى الحقيقه وبيان مدى فوائد وضرر ذلك ؟ في تلك الحقبة التاريخيه المهمه في تاريخ العراق ..
والى لقاءات اخرى نودعكم على امل اللقاء ... مع اجمل التحيات
صديق المجله / بغداد
للراغبين الأطلاع على الجزء الثالث النقر على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/ayamwathekreat/6006-2013-08-22-12-29-42.html
752 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع