الفنان الفوتوغرافي الرائد مراد الداغستاني 1917-1984
مراد الداغستاني هو مصور فوتوغرافي معروف على صعيد العالم .. ولد في العراق في مدينة المبدعين الكبار ، مدينة الموصل الحدباء في العام 1917بدأ رحلته مع التصوير الفوتوغرافية في العام 1935 وفي زمن لم تكن فيه وسائل الاتصال بين الشعوب كما هي عليه اليوم ، حيث استطاع الفنان الفوتوغرافي العالمي الموصلي مراد الداغستاني بجهوده الشخصية ان يشارك في اكثر من تسعين معرض للتصوير الفوتوغرافي داخل العراق وخارجه
وفاز الداغستاني بعدة مداليات من دول عالمية مختلفة وحصل على شهادات تفوق من المانيا والبرازيل وفرنسا والصين ويوغسلافيا ، كما حصل على شهادة الابداع من البرازيل وكان طليعة ثمانية فنانين فوتوغرافيين في العالم منحوا هذه الجائزة وذلك عن تصويره صور لحالات وحركات الناس التي قد لا تتكرر مرة اخرى ، مثل صورة صياد الاسماك وهو يرمي بشبكته في نهر دجلة العظيم وصورة أرجل الخيول وهي تجر عربة الخيل وصورة احد صيادوا الاسماك وهو يدفع بزورقه عكس اتجاه مجرى النهر وسواها الكثير من الصور الفوتوغرافية التي اثارت دهشة واعجاب المتلقي لها
وعن الصورة الفوتوغرافية التي يقتنصها الفنان الداغستاني يقول الدكتور نجمان ياسين في كتابه ( مراد الداغستاني جدل الانسان والطبيعة ) :
ان صور الفنان مراد الداغستاني التي يسجلها بعدسته ذات سمه إبداعية اكثر مما هي تسجيلية ، حيث تقترب من اللوحة بما تضم من هاجس سحري داخلي وتوهج مرهف ..
شغل رئيس الجمعية العراقية للتصوير فرع نينوى لسنوات كان مراد من المولعين بالتدخين ما جعله يرقد في المستشفى لاستئصال احدى رئتيه عام 1973 وخرج من المستشفى برئه واحدة عاش بعدها عشر سنوات
وتوفي في يوم 27 من شهر تموز لعام 1982 رحل الفنان العالمي الموصلي الفوتوغرافي الكبير مراد الداغستاني الى دنيا الآخرة ، بعد صراع مرير مع المرض تاركاً الاف الصور الفوتوغرافية التي قام باقتناصها
لتبقى حية في ذاكرة محبي وعشاق فن التصوير الفوتوغرافي ومحبي الراحل الفنان مراد الداغستاني رائد فن الفوتوغراف في العراق رحمه الله
يقول عنه ضرار القدو:
يختلف الفنان مراد عن بقية زملائه بأنه يمتلك خلفية علمية متفتحة عن ماهية علم البصريات المغلق بعدسة التصوير ومميزاتها وتأثيراتها وشدة الضوء عليها واستعمال العدسات المختلفة في الحالات المتباينة ولديه الخبرة في التقديرات العلمية المتعلقة بتكوين محاليل الفوتغراف ومدى حساسيتها في التأثير على حاسية الرقوق الفوتغرافية المتنوعة، ولدية قدرة التلاعب في الأمور الفنية والعلمية التي تقوده للوصول إلى صيغة فنية خطط لها في عقله.وجاء ذلك خلال تجربة موروثة عن والده ومتابعة شخصية لقراءة ما استجد في علم التصوير وقد جمع كثيراً من المتناقضات في موضوع واحد وفي صورة واحدة وسجل بعدسته صيادي الأسماك في نهر دجلة واتخذ منهم مضموناً لإعماله.
واهتم بالتقاط الملامح الشخصية القريبة وأبدع في توزيع الأضواء وتسليطها على الوجوه وقطعها الفني واستخدم لها محاليل كيماوية خاصة وأظهرها بشكل يثير الإعجاب وافرد جانباً من جهوده لتصوير وجوه الناس المتعبين من مجانين وشيوخ ومتسولين..
وسجل بعدسته السرعة المستقبلية من خلال العربات التي تجرها الخيول والطنابر تجري على الرمال وركض ولعب الأطفال وصور صناع الفخار في المدينة والسابلة وحياة الأسواق والطرقات والأبواب والشبابيك والمهرجانات وكاتب العرائض والجمال والخيول.
وهو وافر النتاج ولو صنعت صوره بشكل منظم لكونت مكتبة فوتغرافية
كما انجز عنه تلفزيون الجمهورية العراقية فيلما طويلا استغرق اكثر من ساعة اعده الفنان عبدالاله حسن " ، وفي هذا الاطار اعد اتحاد السينمائيين التسجيليين العرب برنامجا خاصا عن الداغستاني كما تم تكريمه من قبل العديد في الاوساط الثقافية المحلية والدولية ومن ضمنها نحت تمثال نصفي للداغستاني عام 1975من اعمال النحات هشام سيدان
النحات العراقي هشام سيدان
مسابقة الامارات للتصوير الفوتوغرافي 2012
كرمت هيئة ابوظبي للسياحة والثقافة الفنان العراقي المرحوم مراد الداغستاني من اوائل المصورين العرب له باع طويل وابداع متميز في عالم الصورة والعدسة، واعتبرته الشخصية الفنية للمسابقة في دورتها السابعة. حيث تسلمت التكريم ابنته وسط تصفيق كبير احتفاء بفنه ودوره في خدمة التصوير الفوتوغرافي
تأمّلات في إبداع مراد الداغستاني
ذات مرة علق مراد على صورة الاعرابي الذي كان يشكو امره لكاتب العرائض على أحد ابواب المحاكم في الموصل اذ قال كنت وفي ذلك الصباح من صباحات الشتاء المتثائبة أتلصص عليهما بكاميرتي التي استطعت من خلالها ان التقط لهما صورة واحدة فقط وهما في الوضع الطبيعي وفجأة وجدت كاتب العرائض الرث بمعطفه الصوفي المحمل بالاتربة والمليء بالبقع والاوساخ بياقته التي اسودت من دهون الرقبة وبسدارته السوداء التي اكتست باللون المغبر المحايد ذاته يكيل لي الشتائم وينعتني بشتى الالفاظ البذيئة ثم يهجم علي مثل ثور هائج اما أنا فلم أجد غير الهرب للخلاص من غضبه وهاجه ومن ساعتها ركضت كثيراً وعندما اعياني التعب اضطررت الجلوس على دكة من دكات ذلك الطريق غير المعبد بعيدا عنه ،ولما استرحت قليلا احسست بانني أولد من جديد ومن هذه المتاعب لاقيت الكثير
الجمجمة والنقود: صورة جمجمة إلى جانبها عملات ورقية ومعدنية من فئات مختلفة، صورة تقرع الجرس تذكّر وتنبّه إلى النهاية البائسة الرهيبة للإنسان الموت، رغم كلّ مغريات الحياة ومطامعها المادية والدنيوية
زيارة حب للحمام العاشق: حمام عاشق يزور – وبلهفة – حمامته في عشّها ... وحمامة وحيدة حزينة رحل عنها عاشقها
لم تكن حياة مراد الا حياة معتلة بعد البدايات التي اندفع فيها اندفاعا جنونيا في التاكيد على كل لمحة شاردة من لمحات الحياة اما الباقي منها فقد عاش بنصف رئة لاصابته بداء السرطان لكنه مع ذلك تمسك بالعناد والمكابرة وسبل مقارعة المرض وكان غالبا ما يعالج نفسه على حسابه الخاص في مستشفيات لندن وسرعان ما يعود الى مدينته الموصل التي احبها حبا لا يوصف واعطاها من روحه وقلبه وعقله ورؤاه ولم يدخر وسعا في التعبير عن انحيازه للفقراء والمعوزين الذين صور حياتهم لحظة بلحظة برؤية المراقب المسرحي الحاذق والنبه ولم يستثن شيئا من مجمل مفردات المحيطين البيئي والمعيشي بل أنه غطاهما بما كيفي ويزيد،
رحمك ألله يا مراد ...يا من أوصلت أسم العراق للعالمية بكاميرا ورئة معطوبة يقودك للابداع عشق ملتف بأحساس فريد , يا من عرفت جيداً أن بهاء اللقطة.. في اللحظة
مراد الداغستاني المصور العالمي الموصلي
ألمصادر - ألموسوعة ألحرة
مقالات الاستاذ انور عبدالعزيز / تأمّلات في إبداع مراد الداغستاني
365 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع