فيصل الثاني آخر ملوك العراق
بقلم: عبدالكريم الحسيني
كلما يطرق موضوع العائله المالكه التي حكمت العراق من عام 1921 - 1958 يثار الشجن والحزن وتحدث في الفم غصه وألم للمأساة التي انتهت بها هذه الحقبه المهمه من تاريخ العراق والتي اسست لاول دوله مدنيه حديثه على اسس ديمقراطيه وحداثه في جميع المجالات ,,
ويضطر العراقي ممن عاش تلك الفتره او جزء منها او قرأ واستوعب تاريخها الى ان يقوم بعملية مقارنه بسيطه ليجد اننا كعراقيين قد خسرنا كثيرا بفقدان هذا النظام بالرغم مما يشوبه في بعض الاحيان من سلبيات وهذا لعمري ديدن الحكومات على مدى الدهر بين السلب والايجاب ولكننا لم نلمس ممن جاؤا بعدها من ان يقدموا ولو جزءا يسيرا مما قدموا رحمهم الله فقد خدموا العراق بكل ضمير وذمه ومسؤوليه ولم يدر بخاطرهم يوما انهم من بلاد نجد او انهم غرباء بل كانوا حريصين على العراق اكثر بكثير من العراقيين انفسهم في كثير من الحالات .
توالى على حكم العراق ثلاثة ملوك كان اولهم فيصل العربي الثائر الذي كان لولبا في الثوره العربيه ومر في مخاضات عسيره كثيره تمكن بفراسته وحنكته من تجاوزها بحكمته وهو من اسس العراق الحديث ووضع اللبنه الاولى للعراق الجديد ...
وتولى بعده ابنه الوحيد الامير غازي ثم ابن غازي الوحيد فيصل الثاني وهو موضوع مقالتنا ..
الملك فيصل الثاني أخّرْ ملّوكْ العِراقْ والّذيْ إنتَهتْ حياتّهُ معَ الأسّفْ نهايّه مأساويه :
هّوَ المّلكْ فيّصْل إبنْ غازيْ إبن فيّصلْ الأولْ بنْ حسّينْ مّلك الحِجازْ بن الشّريفْ محمدْ بِن عبدْ المُعيّنْ بِنْ عونْ بن مُحسِن بن عبدالله بن الحسّينْ بن عبدالله شريف مكه,يعود نسّبْ فيصْل الى الحسّنْ المُثنى بن الأمّام الحسّنْ ( رَضِيَ اللهُ عَنهُ ) بنْ الأمّامْ عليْ بنْ أبيّ طالِبْ ( كْرَمَ اللهُ وجّهه).
فيّصْل الثانيّ هوَ أخِرْ ملكْ مِنَ الأسّره الهاشمّيه التيْ حكمّتْ العراقْ من الفترة ( 1921- 1958) وُلِدَ فيْ بغدادْ عام 1935 .
أصبَحَ مَلكّا بعدَ وفاة والِدهِ الملك غازيْ في حادثْ سيارهْ غامِضْ , على الطريق العامْ بين قصريّ الرِحّابْ والزهوُرْ , يُقالْ أنَ الأنگليزْ كانوا وراءْ مقتَلهِ,لانهمْ كانوا يكّرهونههُ , إذْ كان ميّال للنزعّه القوميّه -
وكان الملك فيْصَلْ الثاني عمُرُهُ ثلاثْ سنواتْ عِندَما توفيَ والِدهُ و رغمْ كونهُ اصبحَ الملكْ يومْ 6 فبراير عامْ 1939 إلا أن الوصيْ عليهِ هوَ الأميّرْ عبد الأله خالهُ , أخْ الملكه عاليّه زوجة غازيْ . ورئيسْ الوُزراءْ في ذلكَ الوقتْ هوَ نوريّ سَعِيدْ , الذيْ كانَ بيده مقاليد الحُكمْ .
أكمَلَ الملكْ فيصّلْ الثانيْ الدِراسّه الأبتِدائِيه في مدْرسَة المأمونيّه , التيْ كانّتْ واقِعه فيّ منطقة الميّدانْ , عِندَ بابْ المُعَظمْ . بعدها , سّافرَ فيّ عامْ 1947 إلى إنگلتــرا وألتَحَقَ بمدرسّة ساندويّسْ وبعدَ التخَرُجْ منهّا دخلَ كُليّة هارو فيْ سبعه مايّسْ عامْ 1949 هوَ والمّلكْ حسيّن بِنْ طلالْ ملك الأردُنْ وتوطّدتْ علاقَتُهُمْ منذُ ذَلِكَ الوَقتْ,وتخرَجَ مِنّها فيْ تأريخْ 23 تشرين الثاني 1952 .
بعّدها توُجَ مّلِكا فيْ عامْ 1953 وهوَ في الثامِنْ عشّرْ من عُمُرهِ , وبقيَ مّلِكاً لغاية صباحْ الرابع عشّرْ من تمُوزْ عامْ 1958 , بعدَ أن تمكنَ الجيش بقيادة عدد من الضباطْ من إحداثْ إنقلابْ عسّكريْ , وإسقاطْ الملكيه , وقيّامْ الجمهوريه ,
وذلكْ بقتلْ كُلْ افرادْ العائِله المالِكه رمياً بالرصاصْ رغمْ طلبْ الملكْ المفاوضه لخروجهِ منَ البلادْ , إذ كانَ غيرْ مُسلحاً عندَ تطويق القصرْ , ورغمْ تفاعُلْ العراقيينْ أنذاك معَ الثورة لاسباب عديده لامجال للبحث فيها وكان في مقدمتها الامير عبد الاله وكره العراقيين له والتخلف السياسي والجهل الذي كان يعيشه العراقيين الاانهم اظهروا الندم والحزن لاحقا لان الملك لم يقدم على اي عمل من شأنه ايذاء احد من العراقيين ..
في صباح عراقي جميل يختلط فيه الربيع مع الصيف من ايام مايس عام 1953 نهض العراقيين صغيرهم قبل كبيرهم ومن كل فج عميق وعبرت افواج من الكرخ على جسور دجله الثلاثه باتجاه البلاط الملكي حيث مراسم تتويج فيصل الثاني ملكا على العراق والكل يحمل اشتياق وامل لانهاء مرحلة حكم الوصايه الذي كرهها العراقيين وكرهوا عبد الاله والانكليز وكان املهم ان يكون فيصل كما كان ابوه المرحوم غازي بعنفوانه القومي العربي وسياستة الوطنيه وسعيه لرفاهية الشعب بعد ان مر العراق بظروف صعبه منها الحرب العالميه الثانيه وشحة الغذاء والخدمات وانعدام فرص العمل والتخوف من المصير القادم وربط العراق بمصير بريطانيا ومشاكل العراق الابديه كل ذلك كان ماثل امام العراقيين وهم يأملون فرجا وحلا لكل ذلك في شخص فيصل ,, ذلك الشاب الوديع الذي لم تخبره الحياة والسياسه ودهاليزها والهيمنه البريطانيه والاستعمار وظروف الوطن العربي والمد القومي العربي ..
عاد الملك فيصل الثاني الى عاصمة ملكه بغداد في 30 تشرين الاول 1952 وقد سر بما شاهده من الشعب العراقي الذي اظهر محبة ووفاء في استقبال رائع,, فوجه الكلمة التالية من دار الاذاعة مساء يوم 2 تشرين الثاني 1952:. (شعبي العزيز.. في الوقت الذي اعود فيه الى بلادي العزيزة لا يسعني الاان اقدم اليكم وافر الشكر على ما ابديتموه نحوي من ترحيب وولاء مما ترك اعمق الاثر في نفسي وانه ليسرني ان اعود الى الوطن بعد استكمال دراستي وسيكون في وسعي ان اتلمس حاجات شعبي وامانيه عن كثب دارساً ومستقصياً ما يعود نفعه على البلاد بالخير واني لآمل بفضل تآزركم وتعاونكم الوثيق ان تتحقق للبلاد امانيها، وختاما اكرر شكري ودعائي لكم سائلاً المولى العلي القدير ان يأخذ بيد الجميع لما فيه خير الشعب وعز البلاد والله ولي التوفيق.)
في ذلك الصباح الجميل كان طلاب المدارس يصطفون على جانبي الشارع المؤدي من البلاط الملكي في منطقة الكسره ( الاعظميه ) والى ساحة الباب المعظم وهم يرتدون اجمل ما لديهم من ملابس وزينه ويحملون بايديهم الورود وهم بانتظار مليكهم المفدى الذي خرج بالعربه الملكيه وخيولها البيضاء وبجواره الامير عبد الاله وامامهم كوكبه من الفرسان بملابس الاستعراض الحمراء الجميله وهم يحملون الحراب وتوالت الهتافات والتهليل وكانت العربه تتوجه الى مجلس الامه ( البرلمان ) ليلقي فيه خطاب العرش..
و كان الملك فيصل الثاني والامير عبد الاله يرتديان بدلات بيضاء وقبعتين مفرطحتين( قبعات فلينيه ) ويركبان عربة ترافقهما حاشية من الحرس الخاص يمتطي افرادها الخيول ويرتدون البدلات الحمر الجميلة والخوذ البيضاء وفي حين كانت الحشود تهتف فرحة في الشوارع:
(يعيش ملكنا) وعند وصول الملك فيصل الثاني الى البرلمان جرى تحليفه القسم التالي (اقسم بالله انني احافظ على احكام القانون الاساسي واستقلال البلاد واخلص للامة والوطن) ثم بدات المهرجانات الشعبية والرسمية في اللحظة التي غادر فيها الملك فيصل الثاني قاعة البرلمان وجرى استعراض عسكري كبير اشتركت فيه مختلف الصنوف واخذت المركبات التي اعدتها الوزارة تستعرض فعالياتها ونشاطاتها في شوارع بغداد وكانت هناك مشاهد لم يخطط لها بعناية وقسم آخر كانت عشوائيه ومع ذلك كانت تستقبل بحرارة وفي الجانب الاخر كانت الشوارع تموج بالفتيات اشارة الى ان حرية المراة قد غدت حالة قائمة وفي الليل كانت الموسيقى المنبعثة من الاجواق ومكبرات الصوت ودور السينما والملاهي تملأ المدينة وحتى في الاحياء الفقيرة من المدينة ظل قرع الطبول والرقص متواصلين حتى الفجر وتفاعل الناس بتتويج الملك فيصل الثاني وتبعته فعاليات تشبيهيه من الحيوانات والعزف الموسيقي واستمر ذلك حتى ساعات متأخره . واعلن ذلك اليوم عيداً رسمياً لتولي الملك سلطاته الدستورية وكانت قد وجهت الدعوات لبعض الشخصيات العربية والاجنبية لحضور المناسبة كذلك قصدت العراق وفود رسمية من مختلف الاقطار العالمية للمشاركة في احتفالية التتويج ..
ومن بين الذين وجهت اليهم الدعوة للمشاركة بهذه المناسبة التي تزامنت مع تتويج الملك حسين بن طلال في عمان (دوق غلوستر) الشخصية الانجليزية التي كانت لها علاقات مع الاسرة المالكة العراقية والفريق (رنتن) رئيس البعثة العسكرية البريطانية في العراق ..
والملك (سعود بن عبد العزيز ال السعود) ولي عهد ملك المملكة العربية السعودية وعدد من الرجال الذين خدموا في العراق ومن المعروفين معرفة جيدة لدى الاسرة المالكة والحكومة كذلك اربعة من الشباب الذين كانوا مع الملك فيصل الثاني في كلية (هارو) ..
اليوم اصبح فيصل الثاني ثالث ملك على العراق وقد قطع وعدا على نفسه ان يجعل من العراق جنائن بابل المعلقه خلال فترة حكمه وبدأت مسيره البناء وكانت باكورتها تأسيس مجلس الاعمار الذي خصص له 70% من واردات النفط لاغراض اعمار العراق والذي لاتزال خططه لحد الان تتداول في وزارة التخطيط والبلديات والاسكان والموارد الماليه وامانة بغداد والمحافظات ..
ان فترة دراسة الملك فيصل الثاني في لندن تحمل نتيجيتين..
الاولى:انها اتاحت للملك الشاب فرصه التعرف على عالم متحضر يمتلك من مظاهر التقدم والرقي ما جعل الملك يقارن بينه وبين اوضاع بلده وشعبه ويتطلع الى تحسين الاوضاع في العراق فيذكر (جيرالدي غوري) ان الملك فيصل الثاني في انجلترا اخذ يفكر برخاء شعبه وبمرور الوقت استطاع ان يدرك ان آماله قد تركزت على ان يغدو قادراً على رفع المستوى المعاشي لافراد الشعب وان يوفر الخدمات النافعة والصناعات الحديثة لمساعدة بلده بحكمة لم تتوفر لشاب مثله بعد ان تاكد لديه بانه لن يمتلك السلطة لتحقيق هذه الخطط الا بعد ان يكبر ويغدو رجلاً مجرباً ,,
الثانيه: وقد تمثل فيها الجانب السلبي حيث ابعد الملك فيصل الثاني عن ميدان التفاعل والاحتكاك بشباب بلده فلم يتعرف على مشاكلهم وهواجسهم وتطلعاتهم ويتلمس مواقفهم من النفوذ البريطاني والقضايا الوطنية والقومية وهي التجربة التي عاشها والده المغفور له الملك غازي الاول والتي كان لها الدور الاساس في نشاطه الوطني وحماسه القومي. ولهذا يمكن ان نستخلص بان المنهاج الذي رسم لتنشئته واعداده كان يتضمن محاولة ابعاده عن تأثير الافكار والاهداف الوطنية والقومية التي كان يحملها جيل الشباب في العراق انذاك والتي تتقاطع مع غايات واهداف الفئة الحاكمة والسلطات الانجليزية. ولهذا يمكن القول ان الفترة التي بقيت لحين تتويج الملك فيصل الثاني عام 1953 كانت قصيرة جداً اقل من ستة اشهر لم تتح للملك فيصل الثاني الوقوف على اوضاع بلده وشعبه عن كثب و عن قرب وتلمس حاجاته الاساسية فقد اصطحبته الاسرة المالكة الى لبنان عام 1939 وغادر الى عمان والقاهرة ثم لندن 1946 وبعدها للدراسة في مدرسة (ساندروير) .
اهتم الملك فيصل الثاني بكتب التاريخ وقرأ كتب المؤرخ توماس مكاولي وكان معجباً بكتاب (محمد) لمحمد حسين هيكل اذ كانت له عناية فائقة بدراسة التاريخ العربي الاسلامي وقد سئل مرة عن الشخصية التاريخية التي كان لها اثر خاص في نفسه فقال:. (ان احب شخصية الى قلبي هي شخصية النبي الكريم (صلى الله عليه واله وسلم) فقد قرات كتاب (السيرة) لأبن هشام ثم اعدت قراءته مرة ومرة وتأثرت بما انطوت عليه من حروب وحكم واحاديث وفتوحات حتى ترك في نفسي اثراً لن يمحى) كذلك اهتم الملك فيصل الثاني بدراسة تاريخ العراق والعالم العربي قال الدكتور (خالد الهاشمي): (ان جلالة الملك فيصل الثاني ملك عصري بكل معنى الكلمة فهو ملك مثقف عالم يفهم القوى والعوامل التي تسير وتوجه عالم اليوم وخاصة في ميادين العلم والمخترعات والصناعة) بدا على شخصية الملك فيصل الثاني قبيل التتويج قوة الذاكرة فيذكر العقيد (علاء الدين محمود) رئيس المرافقين في مطلع عام 1952 عن قوة ذاكرة الملك فيصل الثاني قائلاً:
(كان نوري السعيد قد القى محاضرة عن حروب نابليون في قاعة الملك فيصل الثاني تطرق فيها الى تاريخ استخدام البارود وذكر كيفية استخدامه في البنادق فأشار الى انه كان يستخدم بادئ الامر من فوهة البندقية حتى اذا حل تاريخ كذا بدئ باستخدام طلقاته من اسفل السبطانة ولما سمع الملك التاريخ الذي ذكره نوري السعيد فكر لحظة ثم قال: (اعتقد ان هذا التاريخ ليس هو التاريخ الذي ذكره نوري السعيد والذي بدئ فيه باستخدام البارود على هذه الطريقة بل الاصح هو تاريخ كذا ثم لاثبات صحة قوله بعث في طلب دائرة المعارف البريطانية فجاءت مؤكدة لما قاله) اما من الناحية الوجدانية والوطنية فقد اكثر الملك فيصل الثاني من قراءة القران الكريم الذي اعتبره ذخيرته في الحياة وناشد فيه البركة والسلامة ونشأ مستقيماً فبالرغم من كونه لم يعمر الاعقدين من السنين حيث يقول (جمال مصطفى مردان) عن الملك: (انه لم يذق الخمر ولم يدخن ابداً بل كان همه منصباً على فهم التاريخ الانساني وخاصة دراسة حياة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) بالاضافة الى مواظبته على الفرائض الدينية. لقد كان فرعاً اصيلاً لشجرة وارفة اصيلة نشأ نظيفاً وبريئاً كان يحتفظ بعدد من الايات القرآنية المعلقة على جدران قصره والمخطوطة من قبل خطاطين بارزين وعلى الصعيد الوطني كان الملك فيصل الثاني يطمح ويتطلع الى بناء جيش قوي قادر على تحمل المسؤولية وقد اكد ذلك في تصريحاته الصحفية قبل تتويجه واكد ايمانه بوحدة الامة العربية وبأنه سيواصل طريق جده ووالده في هذا المضمار,, لقد كان الملك فيصل الثاني يمثل لدى قسم كبير من ابناء الشعب العراقي الامل بالمستقبل وانتظروا منه وضع الامور في نصابها الصحيح عندما يبلغ سن الرشد وكانت حياته تثير الاسى لدى الكثيرين فوالده مات وهو رضيع وتوفيت والدته وتلقى العلم في بلد غريب ولم يكن امامه مناص من اتباع مشورة خاله الوصي عبد الاله الذي حرص على ان يبقى المسيطر الحقيقي على الامور بعد ان نجح الوصي في خلق مشاعر الود المتبادلة بينه وبين ابن اخته الملك بما ابداه من عاطفة ورعاية تجاهه ولكنه استغل تلك المشاعر ليمارس دور الملك في سياسة الدولة العراقية. لقد غرس الوصي عبد الاله لدى الملك فيصل الثاني احساساً بانه قادر على مسؤوليات الدولة والحكم وتصريف شؤون البلاد لما له من خبرة في معرفة رجال الدولة وقضاياها وبأنه يستطيع ايجاد الحلول المناسبة لكل موقف وظرف فنشأ الملك فيصل الثاني وهو يؤمن في قرارة نفسه ان خاله يستطيع ان يتحمل عنه تبعات الملك بما خلق لديه مسبقاً احساس الاتكال وترك الامور ليتصرف بها على هواه لانه درج على ذلك منذ طفولته حتى وجدها بعد ذلك امراً واقعاً هذا اذا اضفنا ان تقاليد الاسرة الهاشمية كانت شديدة التمسك فيما يتعلق باحترام رأي من هو اكبر سناً وهذا ما جبل عليه افراد هذه الاسرة منذ القدم. وعليه كان على الملك فيصل الثاني ان يمتثل لتوجيهات خاله الاكبر منه سناً والاكثر منه تجربة والتي لا شك ستخفف عنه الكثير وتجعله ينصرف لهواياته وهذا ما هيأه له وبكل دهاء خاله واتباع خاله وفق مخطط لايمكن عزله عن السياسة الانجليزية بعيدة المدى. وتتويج الملك فيصل الثاني في مايس 1953بعد ان اكمل الملك فيصل الثاني السنة الثامنة عشرة من عمره فانتهت مدة الوصاية حسب القانون ..
إن مصرع الملك فيصل الثاني وعائلته فجر يوم 14 تموز / يوليو 1958 ، سيبقى حدثا تراجيديا يثير الاهتمام والتعاطف معا ، ليس لأنه يمثل نهاية إنسان في ريعان الشباب ، بل لأنه يعّبر عن نهاية تاريخ ومجتمع وثقافة وأسلوب حياة .. وبدأ تاريخ عراقي يختلف تماما عما كان سابقا .. وبالرغم من كل المبررات والمسوغات التي يسوقها كل الذين أيدّوا وما زالوا يؤيدون ما حدث ، فان كل المقربيّن إلى زعيمي الانقلاب عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف ـ رحمهما الله ـ ينفون نفيا قاطعا دورهما في اقتراف ذلك القتل ..
وان المسؤول الأول والأخير كان النقيب عبد الستار السبع .. في حين تشير الدلائل إلى أن قرار قتل الملك قد اتخذ من قبل قاسم وعارف معا بعد استشارة بعض رؤساء الاحزاب
اليوم نستذكر ذلك الشاب الاسمر الذي لم يأخذ من الدنيا شيئا ولم يؤذي فيها احدا وتركنا كما هم حال من سبقوه ولسنا اليوم ونحن نذكر يوم تتويجه ملكا على العراق الا ان نستذكر ماحصل بعده من تموز 58 و1959 و1963وصولا الى 2003 ولحد الان ونحن نأن تحت مطارق الدم والقتل والتهجير والاختطاف والذل والعوز وعدم احترام الانسان العراقي والتخلف وتسلط الرعاع والجهله..
اهي لعنة فيصل الثاني علينا استمرارا للعنة اجداده وفي مقدمتهم الحسين (عليه السلام)..
عبد الكريم الحسيني
1934 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع