كتاب " مُقْتَلَعٌ مِن جُذُورِه - تأليف لِن جوليوس / الحلقة الثانية

               

 كتاب " مُقْتَلَعٌ مِن جُذُورِه - Uprooted " - تأليف لِن جوليوس – الحلقة الثانية.

                         

                     تقديم – د. ديفيد (خضر) بصون

            

تستمر الگاردينيا في نشر الترجمة العربية لكتاب "مقتلع من جذوره" للصحفية والكاتبة البريطانية من جذور عراقية لن جوليوس والذي يبحث عن كيف اندثرَت ثلاثة آلاف سنة من الوجود اليهودي في بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا بين ليلة وضحاها؟
هذه الحلقة تتعلق بمقالة نشرت في الكتاب كتمهيد من قبل توم چروسّ وهو كاتب ومعلّق صحفي بريطاني سابق في صحيفة المِدِل إيست والصنداي تِلِغراف وصحفي مُشارك في صحيفتي ذا غارديان و وول سترين جورنال.

              

تمهيد

شَعبٌ مُهَمَّش

ليس من المفاجىء ولا الغريب أن تطغى أحداثُ المحرقة اليهوديّة - الهولوكوست - على الخطابِ اليهوديّ المُعاصرِ في ظلّ ما رافقها من وحشيّة وقسوة غير مسبوقتين، ليس على الخطاب اليهوديّ وحده فحسب بل على الخطاب غير اليهوديّ أيضاً. كذلك فقد احتلّت هذه الإبادة الجماعية التي تعرّضَ لها يهود أوروبا زخماً كبيراً في الأبحاث والدراسات، وهو زخمٌ لا يختلفُ مختلفان على مشروعيته. من جهة أخرى فإن التطهيرَ العرقيّ الذي تعرّض له يهود الدول العربيّة والإسلاميّة لم يحتلّ زخماً مماثلاُ، فظلّ في سراديب الإنكار والتجاهل والتهميش لفترة لا بأس بها من الزمن.
وقد بلغَ هذا التهميش والإنكار لدرجة كبيرة وصلت إلى كبار الساسةِ وصُنّاع القرار، وأذكرُ جيداً حالة الصدمة المُعتادة التي كانت تنتاب كبار الصحفيين والإعلاميين خلال نقاشاتنا والتي كنتُ أذكر لهم فيها المجتمعات اليهودية التي تواجدت في منطقة الشرق الأوسط بأعداد لا يُستهان بها قبل قيام دولة إسرائيل. لقد عاشَ اليهودُ في المنطقة المتعارف عليها اليوم بالعالم العربي لقرابة 2600عام، كما سبقَ وجودهُم في هذه المنطقة ظهورَ الإسلام بألف سنة تقريباً، فسكنوا هذه البلاد لعدّة قُرون قبل أن يبدأ الغزوُ العربيّ لأجزاء كبيرة منها.
وقد تجاوز عدد اليهود الذين عاشوا في الدول العربيّة والإسلامية عددَ يهود أوروبا حتى مطلع القرن السابع عشر للميلاد، فعلى سبيل المثال لا الحصر عاش اليهود في بغداد منذ الخراب الأول للهيكل في القدس سنة 586 قبل الميلاد وكانوا يشكلون ما نسبته ثلاثة وثلاثون بالمئة من نسبة سكانها عام 1939م، فكانت نسبتهم أكبر من نسبة اليهود الذين عاشوا في مدينة وارسو حينها والتي كانت تبلغُ 29%، بل وأكبر حتى من نسبة اليهود الذين عاشوا في مدينة نيويورك في نفس الفترة والتي كانت تبلغ سبعة وعشرين بالمئة. لكن المفارقة المحزنة هُنا تكمنُ في أنه لا يوجدُ في بغداد اليوم سوى خمسة يهود فقط - تبعاً لآخر الإحصائيات - بالرغم من ضخامة المُجتمع اليهوديّ في العراق.
وقد كان لليهود حُضورٌ لافتٌ في المجتمعات التي عاشوا فيها، كما برزت شخصيات يهوديّة عديدة ومعروفة في دول العالم العربي وأوروبا قبل نزوح اليهود من هذه الدول، فأول عراقيّ قام بتأليف رواية عراقية كان يهودياً، فيما كان أوّل وزير ماليّة عراقيّ يهودياً أيضاً وهو السيّد ساسون حسقيل. أما في مصر فقد كان اليهوديّ المصريّ يعقوب صَنوع مؤسس المسرح الوطنيّ عام 1870م، أضف إلى ذلك أن أوّل مسرحيّة أوبِرا مصريّة قد تم تأليفها على يدّ يهوديّ مصريّ أيضاً سنة 1919م، إضافة إلى عدد كبير من الأفلام المصريّة القديمة التي كان أبطالها ومخرجوها من الشخصيات اليهودية المصرية المشهورة.
وبالانتقال إلى دول شمال أفريقيا فقد كان رائدُ السينما التونسية يهودياً أيضاً، حيث كان بطلاً لواحد من أوائل الأفلام في العالم التي تضمنت مشاهدَ تصويرية تحت الماء، أضف إلى ذلكَ أن واحدة من أشهر المغنيّات التونسيّات كانت يهوديّة أيضاً،هذا عدا عن بطل العالم في ملاكمة وزن الديك والذي كان يهودياً تونسياً، وغيرهم من اليهود الحائزين على ألقاب البطولة في السباحة والملاكمة مثل ألفرِيد نقّاش اليهوديّ الجزائريّ الذي حاز على لقب بطلَ الجزائر في السباحة والذي كان أحدَ الناجين من معسكر أوشڤيتز لاحقاً. وللعلم فقد أُقيمت بعضُ معسكرات الموت النازية في بعض البلدان العربية، فعلى سبيل المثال لا الحصر لقي مئات اليهود حتفهُم في معسكرات الموت النازيّة التي أقيمت في ليبيا، كما تمّ ترحيل عدد آخر من اليهود الليبيين إلى معسكر بِرغِن بِلسِن.
وحتى عامّةُ اليهود من غير المشاهير قد كان لهُم حضورٌ وتأثيرٌ بارز في الدول العربيّة التي عاشوا فيها، لهذا يقولُ أحد الأمثال المغربيّة: "السوق بدون يهود كالخبز بدون ملح". كذلك فإن للعديد من الشخصيات اليهوديّة المعروفة في الغرب أصولٌ عربيّة، فالكوميديّ الأمريكي المعروف جيري ساينفيلد هو ابنٌ ليهوديّة سورية، وبرنارد هِنري ليـڤي هو ابنٌ ليهوديّ ويهوديّة جزائريين.
لقد تواجد قرابة مئة وستين ألف عربيّ في إسرائيل عند قيامها سنة 1948م وحصلوا على الجنسية الإسرائيلية، فيما تضاعف عددهُم لاحقاً ليبلغ الآن قرابة مليون وسبعمائة ألف عربيّ إسرائيليّ يشكّلون ما نسبتهُ عشرون بالمئة من نسبة سكان إسرائيل، وهم يحتّلون مناصبَ مرموقة في المجتمع الإسرائيلي مثل رئاسة المحكمة العليا الإسرائيلية وغيرها من المناصب الدبلوماسية الهامة. في الوقت نفسه ترك عدد كبيرٌ من العرب الفلسطينيين أراضيهم دون إكراه أو إجبار عندما أُعلن عن قيام دولةِ إسرائيل، هذا الإعلان الذي جاء عقِب قرار التقسيم الصادر عن هيئة الأمم المتحدة، فغادر الفلسطينيون أراضيهم استجابة لأوامر القيادات العربيّة التي احتشدت جيوشها لمحاربة إسرائيل طالِبةَ من الفلسطينيين الخروجَ من أراضيهم إلى حين القضاء على اليهود ومسح إسرائيل من الوجود. بالتالي فإن التباين واضحٌ وضوح الشمس في تعاملِ إسرائيل مع العرب الفلسطينيين من جهة، وتعامل الدول العربيّة مع مئات الآلاف من اليهود الذين تعرّضوا لعمليات تطهير عرقيّ ممنهجة منتصف القرن الماضي، فكان ذلك لا لذنب اقترفوهُ سوى أنّهُم يهود.
لقد عاش قرابة ثمانية وثلاثون ألف يهوديّ في منطقة غرب ليبيا قبل سنة 1945م، أما الآن فلا يوجدُ أي يهوديّ في تلك المنطقة، ومثلما اندثر الوجودُ اليهوديّ من ليبيا فقد اندثر معهُ وجود سبعة وأربعين كنيساً يهودياً واختفت معهُ أحدى أهم المقابر اليهوديّة في ليبيا والتي تم استبدالها بشارع رئيسيّ سريع. أما في الجزائر فقد عاش قرابة مئة وأربعين ألف يهوديّ، ومثلما هو الحال في ليبيا لا يوجدُ حالياً أي يهوديّ هُناك، والواقعُ يكرّرُ نفسهُ في العراق الذي عاش على أرضه قرابة مائة وخمسون ألف يهوديّ عراقي، فيما لم يتبقّ منهُم حالياً سوى خمسة يهود فقط. وكذلك هو الواقعُ في مصر التي عاش بها قرابة ثمانين ألف يهوديّ وبالكاد يوجدُ فيها أي يهوديّ في الوقت الحاضر.
إن الصدمةَ النفسيّة التي خلّفتها الوحشية التي عومل بها اللاجئونَ اليهودُ من دول العالم العربيّ لا زالت ترافقهم حتى يومنا هذا، فكيف بإمكانهم نسيانُ ما شاهدوه من وحشيّة العساكر المدجّجين بالسلاحِ أثناء اقتحامهم لبيوت اليهودِ وإجبارهِم على مغادرتها دون أي تفسير مقنع ودون السماح لهم حتى باصطحاب أي شيء من حوائجهم وممتلكاتهم، خلافاً لما حدثَ مع اللاجئين الفلسطينيين الذين غادروا على شكل مجموعات صغيرة والذين كان عددهم أقلّ من عدد اللاجئين اليهود إجمالاً (تبعاً لاحصائيات الأمم المتحدة فقد بلغ عدد اللاجِئين الفلسطينيين بين سنتي 1948م و 1951م قرابة 711,000 لاجئ فلسطيني، بينما يرى مؤرخون وباحثون آخرون بأن عدد اللاجئين الفلسطينيين في نفس الفترة كان أقل من هذا العدد)، فيما بلغَ عدد اللاجئين اليهود من الدول العربية 856,000 يهودياً، حيثُ تكمنُ المفارقة هُنا في أن قضيّة اللاجئين اليهود من العالم العربيّ لم تلقَ أي اعتراف رسميّ من الدول العربية، أضف إلى ذلك أن هؤلاء اللاجئين لم يتلقوا أي نوع من المساعدة والدعم الماليّ كالذي تلقّاه اللاجئون الفلسطينيون، وعِوضاً عن الاعتراف بقضيّتهم هنالك إنكارٌ وتهميشٌ مقصودٌ لقضيتهم.
كذلك تتواجدُ كلٌ من السفارات السويسريّة والألمانية والكندية والهولندية والكورية الجنوبية والباكستانية في بيوت تعودُ بالأصل ليهود من أثرياء مصر ، هذه البيوت التي تمّت سرقتُها لاحقاً بعد أن تم طردُ أصحابها منها، وهو الواقع نفسهُ الموجودُ في العديد من عواصم الدول العربيّة.
وفي ظلّ هذا الظلم والإجحاف الذي وقع على يهود الدول العربيّة يواصلُ العديد من الصحفيّين والمحلّلين والكُتّاب في الشرق الأوسط نشرَ الأكاذيب والخرافات التي تدّعي بأن يهودَ العالم العربيّ لم يتعرّضوا لأي شكل من أشكال التمييز العُنصريّ، وبأنّهم لم يتعرضوا لأي اضطهاد أو ظلم أو اعتداء. لكن الواقع يُشير بما لا يدعُ مجالاً للشكّ إلى أن اليهود عاشوا في الدولِ العربيّة كمواطني درجة ثانية، بل وخضعوا لقوانين عُنصريّة تمييزيّة تفرضُ عليهم ضرائب وأعباء ماليّة لا لسبب سوى أنهم مواطنون يهود في هذه الدول.
وعدا عن هذا كله فقد سُفكت دماء اليهود في العديد من المذابح والمجازر المُدبّرة التي ارتكبت بحقهم في الدول العربية، فعلى سبيل المثال لا الحصر قُتِل خمسة وأربعون يهودياً في مدينة فاس المغربيّة سنة 1912م، كما ارتُكِبَت مذابحُ مماثلة في مدينة قسنطينة الجزائريّة سنة 1934م ومدينة الرباط المغربية في نفس السنة، كما ارتُكِبَت مذبحة أخرى بحق اليهود في مدينة قابس التونسية سنة 1941م، ومثلها في عدن اليمنيّة سنة 1974م والتي قُتل خلالها سبعة وثمانون يهودياً يمنياً، فيما تمّ تدمير مئات المحلات والمصالح التجاريّة التي تعود ملكيّتها لليهود.
أضِف إلى ذلك المذابح الدمويّة التي تعرّض لها اليهود في العراق سنة 1941م والتي قتل فيها مئة وثمانون يهودياً عراقياً فيما أصيب واغتُصِبَ المئاتُ منهم، وفي الوقت الذي كان يُذبحُ فيه اليهود كانت بيوتُهُم تتعرّضُ للنهب والسرقة. وكذلك الحال في ليبيا عندما ارتُكِبَت مجزرة بحق اليهود سنة 1945م قُتِل خلالها مئة وثلاثون يهوديّاً، وفي مدينة حلب السوريّة التي قُتِلَ فيها خمسة وسبعون يهودياً سنة 1947م، أما في مصر فقد تم تفخيخ عدد من الكُنُس يهوديّة وتفجيرها سنة 1939م.
بالتالي لا يوجدُ ما يُبرّرُ هذه الهجمات والمذابح المُدبّرة التي ارتكبت بِحقّ اليهود عَبر القول بأنّها مُجرد ردّات فعل على تأسيس الحركة الصهيونيّة، خاصة وأن العديد من هذه المذابح قد ارتُكِبَت قبل تأسيس الحركة الصهيونية بكثير، فعلى سبيل المثال ارتُكِبَت مجزرة بحقّ اليهود في الدار البيضاء في المغرب سنة 1807م، وسنة 1840م تعرّضَ عشرات من الأطفال اليهود للقتلِ والخطفِ والتعذيب خلال ما عُرف بأحداث أزمة دمشق، حينها تمّ الافتراءُ على يهود دمشق واتّهامهُم بقتل راهب من الفرنسيسكان وخادمه المسلم واستخدام دمائهِما في تأدية شعائرهم الدينية وصنع الخبز أثناء عيد الفصح اليهوديّ.
وفي نهاية سنة 1986م نشرَ وزير الدفاع السوريّ السابق مصطفى طلّاس كتاباً أطلقَ عليه "فطير صهيون" ذكرَ فيه بأن اليهودَ قد قاموا بالفعلِ باستخدام دم الرّاهب وخادمه لعملِ خبز المَتساه - الخبزُ غير المُختمر تبعاً للديانة اليهوديّة -، مُبرّراً بذلك ارتكاب المذبحة بحقّ اليهود سنة 1840م. وفي السياق نفسهِ تم قطعُ رأس اليهوديّ التونسيّ البريء باتو سفِس سنة 1857م ، حيث تدحرجَ رأسهُ بين أقدام الحشد الذي قتلهُ مثلما تتدحرجُ كرةُ القدم بين أرجل اللاعبين، مما استدعى قوات الأمن الفرنسيّة للتدخّل لاحقاً.
وقد ارتُكِبَت مذابحُ أخرى بحقّ اليهود في مدينة حلب السوريّة سنة 1850م وسنة 1875م ، إضافة إلى عدد آخر من المذابح المدبّرةِ في دمشق سنة 1848م و 1890م ومذابح أخرى ارتُكِبَت في بيروت سنة 1862م وسنة 1874م، أما في القاهرة فقد تكرّرت عدة هجمات من قبل حشود من المصريين على يهود مصر سنة 1844م و1890م و1901م و1902م، وفي الإسكندرية تكررت عدةُ مجازر مماثلة سنة 1870م و1882م و1901م و1907م.
وبالعودة إلى القرنِ الثامن للميلاد فقد قضى الملك المغربيّ إدريس الأوّل على وجود تجمّعاتٍ يهوديّة بأكملها في المغرب، أما سنة 1033م ميلادية فقد قُتل ستة آلاف يهوديّ مغربيّ في مدينة فاس على يدِ حشد من المغاربة المسلمين، إضافة إلى مجزرة أخرى ارتُكبَت بحق اليهود سنة 1465م والتي بدأت من مدينة فاس ومن ثم اتّسع نطاقها ليصل عدداً من المدن المغربيّة.
كما ارتُكِبَت عدة مجازرُ أُخرى بحقّ اليهود في مدينة تَطوان في سنتي 1790م و 1792م ، حيث راح ضحيّتها عدد كبيرٌ من الأطفال اليهود. أما في مراكش فقد كانت هناك سلسلةٌ أُخرى من الاعتداءات التي استهدفت اليهود بين سنتي 1864م و 1880م والتي راح ضحيّتها المئاتُ من اليهود، وشهدت مدينة تازة ومدينة سطات هجمات ضد اليهود سنة 1903م راح ضحيّتها أربعون يهودياً. أما سنة 1907م فقد قُتل ثلاثون يهودياً، فيما تم اغتصاب عدد من النساء اليهوديّات في مدينة الدار البيضاء.
وفي الجزائر لم يكن الأمر مختلفا عن المغرب، حيث شهدت الجزائر سلسلة من المجازر الدمويّة التي ارتُكِبَت بحق اليهود سنة 1805م و1815م و1830م، وهو الواقعُ نفسه الذي كان في ليبيا التي ارتُكِبَت فيها مجزرة بحق اليهود سنة 1785م، والقائمة تطول.
وفي اليمن فقد بدأت أوضاع اليهود تزداد سوءاً نهاية ثمانينيّات القرن التاسع عشر، مما دفع يهود اليمن للتّوجه إلى فلسطين مشياً على الأقدام لينضمّوا إلى يهود أوروبا في تلك الرحلة، حينها بلغ عددُ اليهود اليمنيّين الذين وصلوا إلى فلسطين نهاية ثلاثينيات القرن العشرين خمسة عشرَ ألف يهوديّ يمنيّ.
أما اليوم فإن الدولةَ الشرق أوسطيّة الوحيدة التي يتعايشُ فيها اليهودُ والعربُ بغضّ النظر عن عدد أو نسبة أي منهما في المجتمع هي دولةُ إسرائيل، ولو نظرنا للواقع لوجدنا أن أعداد السكان العرب في دولة إسرائيل قد تضاعفت لدرجة كبيرة، ليصبح عددهُم أكثر بكثير من عدد السكان العرب إبان حكم الانتداب البريطاني لهذه الأرض.
في الوقتِ نفسِه فقد عبّر العديدُ من الإصلاحيّين والمُجدّدين العرب عن أسفهِم وحُزنهِم العميق على خسارة المُجتمعات العربية لمواطنيها ليهود، حيث يعتقدُ الكثير منهُم أن ما قام به العرب تجاه اليهود يعتبرُ واحداً من الأسباب الرئيسية التي تقف خلف الواقع المُزري الذي يشهدهُ العالم العربيّ حالياً، فيقول الصحفيّ مصريّ الأصل مجدي علّام في هذا السياق: "إن خسارة العالم العربي لليهود تعني خسارة العربِ لجذورهم، بل وانتهى بهم المطاف بخسارتهِم لأنفسهِم أيضاً".

ختاماً، فإن هذه المواضيع وأكثر موجودة في هذا الكتاب القيّم الذي أصدرتهُ الكاتبة لِن جوليوس مؤخراً )، حيث لا تكمنُ أهميّة الفهمُ المعمّقُ لما حلّ بيهودِ الدول العربيّة في التعرّف على الظلم الكبير الذي وقع عليهم فقط، بل تكمنُ أهمية ذلك أيضاً في أن تهميشَ قضيتهم وإنكارَ تاريخهم قد أدّى إلى تسليط الضوء على قضيّة اللجوء الفلسطينيّ فقط باعتبار أنه لا يوجدُ لاجئون في هذا الصراع سوى اللاجئين الفلسطينيين وحدهم، الأمر الذي أدّى إلى خلق نظرة مُتحيّزة وغير مُتزنة للصراع العربيّ الإسرائيلي من قبل الساسة وصُناع القرار في الإدارة الأمريكية.

وباعتقادي فإن الوصول إلى حلّ للصراع العربيّ الإسرائيلي سيضعُ حدّاً لحالة التذمّر المحيطة بالقضيّة الفلسطينيّة، وأن السلام سيتحقق في اللحظةِ التي يُدركُ فيها الجميع وجودَ جانبين للمعاناة والظلم، أحدهما موجودٌ على الجانب العربيّ والآخر موجودٌ على الجانب اليهوديّ.

للراغبين الأطلاع على الحلقة الأولى:

https://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/thaqafawaadab/51453-2021-11-07-18-03-49.html

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

889 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع