كتاب " مُقْتَلَعٌ مِن جُذُورِه - Uprooted " - تأليف لِن جوليوس -ح١
تقديم للكتاب وخلفيته ونبذة عن المؤلفة لِن جوليوس د. ديفيد (خضر) بصون
في عام 2018 نشرت الصحفية والكاتبة البريطانية من جذور عراقية لن جوليوس كتابا باللغة الإنكليزية بعنوان "Uprooted - مُقتَلَعٌ مِن جُذُورِه". يتناول الكتاب احدى المواضيع الحساسة والمثيرة للجدل - كيف اندثرَت ثلاثة آلاف سنة من الوجود اليهودي في بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا بين ليلة وضحاها؟
في القرن العشرين وخلال قرابة العقدين نزح/هاجر/طرد حوالي 850,000 يهوديّ من بلدانهم التي عاشوا فيها قبل الإسلام بألف سنة - غالبيتهم استوعبوا في إسرائيل الفتية. كانت الأسباب عدة لكن أبرزها الاضطهاد الذي تعرضوا له قبل وبعد قيام دولة إسرائيل التي فتحت أبوابها للاجئين والمهاجرين اليهود.
ولدت لِن جوليوس (بيخور) في مقاطعة سري جنوب غرب لندن عن والدين لاجئين من يهود العراق - موريس وبيرثا بيخور- واللذان نزحا من العراق في 1950. لِن خريجة جامعة سَسِكس في بريطانيا تحمل شهادة بكالوريوس في العلاقات الدولية. في 2005 أسست لن مع زميل لها حريف (www.harif.org)وهي رابطة بريطانية لليهود من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تضم مجموعة صغيرة من المتطوعين ينظمون محادثات وعروض أفلام ويدافعون عن حقوق اللاجئين السابقين من الدول العربية وإيران.
كتاب "مقتلع من جذوره " هو حصيلة أكثر من 10 سنوات من البحث التراكمي والذي نشرته لن في مدونة "نقطة اللا عودة" (www.jewishrefugees.org.uk) المرتبطة بحريف. منذ ان نشر الكتاب دعيت لن لإلقاء العشرات من المحاضرات في بلدان عدة.
تبدأ الكاردينيا اليوم بنشر فصول من هذا الكتاب الذي تم ترجمته الى اللغتين النرويجية والبرتغالية. والان يتم ترجمته الى اللغة العربية علي يد طاقم من المُترجمين المُحترفين من عدة دول عربية باشراف ميخال رزنيك. نتأمل أن تُساهم ترجمة الكتاب الى اللغة العربية ونشره في مجلة الكاردينيا في خلق قدر أكبر من التفهّم لما حدث ليهود الشرق الأوسط وشمال افريقيا وان يكون لهذه الخطوة دور إيجابي – وإن كان محدوداً – في تحقيق السلام والمصالحة.
الحلقة 1- خلفية كتاب "مقتلع من جذوره" لن جوليوس
لطالما سلّط الكثير من الكُتاب والمؤلفين الضوء على الصراع العربيّ الإسرائيلي، لكن تلك الكتابات كانت تستثني قضيّة اللاجئينَ اليهودِ الذين تم طردُهم من العالم العربي، والتي لازالت حتى يومنا هذا موضِع تجاهل وتهميش غريب، خاصّة وأن عددَ اللاجئين اليهود من العالم العربيّ يفوق عدد اللاجئين الفلسطينيّين. لقد استقرّ غالبية اللاجئينَ اليهود من الدولِ العربيّة في دولة إسرائيل. وبالرغم من أنهم لم يشكّلوا سوى عشرة بالمائة من سكان العالم حينها، فإنهم اليومَ – هم والأجيال اللاحقةِ التي انحدرت من نسلهم – قرابة خمسين بالمئة من عدد السكانِ اليهود في إسرائيل حالياً والبالغ عددهُم قرابة ثمانية ملايين ونصف.
وبشكل عام فإن الأسباب التي تقفُ خلفَ هذا التجاهل لقضيّة اللاجئين اليهود من الدول العربية كثيرة ومُعقّدة، حيث لم يكُن اللاجئون اليهود أنفُسُهم بصدد الحديث عن تجربتهم المريرة وقضيّة لجوئِهم نظراً لانشغالهم وانغماسهم في التكيّف مع حياتهم الجديدة في دولة إسرائيل، فيما لم تقُم دولة إسرائيل بدورها في تسليط الضوء على مأساة وقضيّة اللاجئين اليهود. أضِفْ إلى ذلكَ تجنّب المؤرخين العرب لأيّ حديث عن قضية اللاجئين اليهود من الدول العربيّة، وهو الأمر ذاته الذي قام به يهود أوروبا أيضاً نظراً لما حلّ بهم في الهولوكوست التي رمت بكلّ ثقلِها على قضيّة اللاجئين اليهود من الدول العربية وحَدّت من الحديث عن معاناتهم. ظاهرياً يبدو أن هذه المشكلة قد تم حلّها بالفعل: ففي الوقت الذي ينزحُ اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات اللجوء لن تجدَ يهودياً واحداً يدّعي بأنه لاجئ.
بنهاية المطاف فقد بدأت الأمور تظهر وكأن قضيّة اليهود اللاجئين من الدول العربية قد تم حلّها ولم يعد لها أي وجود، ففي الوقت الذي كان يُعاني فيه اللاجئون الفلسطينيون في مخيّمات اللجوء لم نجد أي يهوديّ يُعرّف عن نفسه على أنّه لاجئ بأي شكلٍ من الأشكال، أضِف إلى ذلكَ أن التمادي في إنكار وتهميش قضيّة اللاجئين اليهود من الدول العربية أخذ في التزايد لتحقيقِ مآرب معينة، فيما بدأت الخرافات والأكاذيب تنتشر شيئاً فشيئاً حول هذا الموضوع، مثل خرافة "عدم وجود يهود في العالمين العربيّ والإسلامي"، و"عدم ارتكاب أي تطهير عرقيّ بحقّ اليهود في الدول العربيّة "، فيما يقول البعض بأنه "على فَرَض قيام العرب بارتكاب تطهير عرقيّ بحقّ يهود الدول العربيّة فإن الحركة الصهيونية الاستعماريّة هي وحدَها من تتحمّل مسؤولية ذلك". بمعنى آخر، فإن اليهود أنفسهُم يتحملونَ مسؤولية التطهيرِ العِرقيّ الذي ارتُكِبَ بحقّهم بحسب منطقِ مُروّجي تلك الخُرافات والأكاذيب.
وقد بدأت قضيّة اللاجئينَ اليهود من الدول العربية تكتسبٌ زخماً كبيراً في ظلّ نزوح عدد كبير من مسيحيّي الشرق الأوسط عقب اندلاع ثورات الربيع العربي سنة 2011. وعلى الرغم من أن أقباط مصر المسيحيين الآشوريين قد بدأوا بالنزوح فعلياً من هذه المنطقة خلال ثلاثينيات القرن المُنصرم، إلا أن عددهم بدأ بالانحسار بشكل مهول عقب سقوط نظام صدام حسين في العراق سنة 2003، حيث لم يتبقّ سوى مئتا ألف من أصل مليون مسيحيّ. لكن ما يجدر الإشارة إليه هو أن نزوح ما يُقارب المليون لاجئ يهوديّ من الدول العربية – فيما يُعرف باسم النكبة اليهوديّة – قد سبقَ هذا النزوحَ المسيحيّ والذي بدأ يزداد بشكل مطّرد عقِب ثورات الربيع العربي.
في الحقيقية، فإن فُقدان العالمِ العربيّ لسكانه اليهود إضافة إلى الأقلّيات الأخرى يشبهُ فقدان شخص ما لأحدِ أطرافه، على الرغم من شعوره الوهميّ بأن هذا الطرفَ لا زال موجوداً. يوضّح الصحفيّ الإيطاليّ المصريّ الأصل وعضو البرلمان الأوروبي مجدي كريستيانو علّام في هذا السياق بعد مشاهدته فيلم "الخروجُ الصامِت" مُعقّباً على الهويةِ المُجتزأةِ والمشوّهة للعالم العربي قائلاً: "بناءاً على ما حَلّ بيهود العالمِ العربيّ من كوارث، أستطيعُ أن أرى بكل وضوح وجهين لعملةٍ واحدة: الوجهُ الأول يكمنُ في تشويه العرب لهويّتهم وسلبهم لِتاريخ غيرهِم من خلال طردهِم لليهود الذين استقرّوا وسكنوا المناطقَ الجنوبيّة والشرقيّة من حوض البحر الأبيض المتوسط لقرون مضَت قبلَ أن يبدأ العربُ تعريبهِم وأسلَمَتهم بطريقة مُمنهجة. أما الوجهُ الثاني فيكمنُ في خسارة العرب لأنفسهم بنهاية المطافِ عبر خسارتهم واجتثاثهم للجذور اليهوديّة من التاريخِ والهويّة العربيّة".
ومنذ اندلاع ثورات الربيع العربيّ سنة 2011 بدأت تظهرُ أصوات عربيّة توضح مدى شعورهم بالأسى والحسرة على خسارة البلدان العربيّة لمواطنيها اليهود، والعواقب الكارثيّة التي جلبها ذلك على بلدانهم، حيثُ نُشِرَت منذ ذلك الحين قرابة اثنين وعشرين روايةَ تُسلّطُ الضوء على شخصيات يهوديّة بارزة من يهود دول العالم العربي ، فيما بدأ العديدُ من المثقفين والمفكرين خاصة في العراق ومصر بإدراك ما اقترفتهُ دولهم من أخطاء بحقّ الأقليات اليهوديّة في الماضي، أضف إلى ذلك قيامَ عدد من الدول العربية مثل البحرين والإمارات العربية المتحدة بتحسين علاقاتهم مع اليهود عبر توقيعهم اتفاقيات السلام مع إسرائيل مؤخراً .
من ناحية أخرى فإن النقاش الذي يدور حول قضيّة اللاجئين اليهود من الدول العربيّة يبدو وكأنه لا زال عالِقاً في زاوية ضيقة لا تبحثُ في حيثيات هذه القضيّة إلا من خلال منظور الخلاف الإسرائيلي مع الفلسطينيّين، كذلك فإن قضيتهم لم تحتلّ الصدى المناسبَ في الرأي العام العالميّ على الرغم أن معرفة وفهم التجربة التي مرّ بها اللاجئون اليهود في البلدان العربية هو أمرٌ في غاية في الأهمية.
لقد ظلّت قضيّة اللاجئينَ اليهود من العالم العربيّ عالِقة في مخيّلتي منذ نعومة أظافري، خاصّة وأنّني انتسِبُ لعائلة يهوديّة لاجئة تمّ تهجيرُها قَصراً من دولة العراق، بالتالي فإنه من الضروريّ جداً أن يتمّ تسليط الضوء مُجدداً على قضيّة اللاجئين اليهود وإعادتها إلى الخارطة، وهذا الكتاب هو مُحصّلة لهذه الضرورة المُلحّة. كذلك تنبع أهميّة هذه الضرورة في دحضها للعديد من الخرافات والأكاذيب التي أحاطت بقضيّة اللاجئين اليهود من الدول العربية، وهذا ما تمحورَ عليه عملي عبر المواد والأبحاث والدراسات التي قمتُ بجمعِها ونشرها في مدوّنتي " نقطة اللاعودة "(Point of no return)، تلكَ المدوّنة التي بلغَ عمرُها عشر سنوات عام 2015 والتي كرّستُها للإجابة عن جميع هذه الأسئلة الهامّة: مَن هُم يهود الدولِ العربيّة؟ وكيف كانت طبيعة العلاقة بينهم وبين المسلمين آنذاك؟ وما الذي دفعَ اليهودَ للنزوح من دول عاشوا فيها وبنوا فيها حضارة تمتّد لآلاف السنين؟ وماذا حدثَ لغالبية اللاجئين اليهود من الدولِ العربية الذين استقرّوا في دولة إسرائيل؟ وكيف بإمكان قضيّة لجوئهم أن تساهم في الوصول إلى حل عادل وشامل يُنهي الصراع؟ وأخيراً: ما هي الدروس المُستفادة ممّا يحدث من عمليات تهجير قسريّ للأقليّات وإرغامها على مغادرة الشرق الأوسط؟
شَهادات قُرّاء "مُقتلع من جذوره"
أليستر هيث – صحيفة الصنداي تلغراف: "تَروي لِن جوليوس عبر كتابها "مُقتلعٌ منذ جذوره – كيف اندثرَت ثلاثة آلاف سنة من الحضارة اليهودية في الدول العربية بين ليلة وضحاها" قصّة التطهير العِرقيّ الذي تعرَضَ له جميعُ يهود منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا تقريباً، والذي يُعزى أحد أسبابه إلى انتقام العرب منهُم عقِب قيام دولة إسرائيل، على الرغم من تواجد اليهود في دول هاتين المنطقتين لم ينقطع منذ آلاف السنين، حيثُ أُجبِرَ حوالي 850,000 يهوديّ على النزوح من أوطانهم، فيما توجّه غالبيتهم إلى إسرائيل. هناك الكثيرون الذي يدعمون الفكرة القائلة بأن إسرائيل هي دولة عُنصريّة وبأن جميع اليهود الإسرائيليين هُم "مُجرّد جماعة تنتمي للمُستعمر الأوروبي الأبيض"، وهي فكرة مقيتة وخاطئة بكل المقاييس".
ماتي فريدمان، مؤلف كتاب " شيفرة حلب": "أرى أن هذا الكتاب يشكّل مرجعاً هامّاً جداً لكل شخص مهتم بقصة معقدة لطالما تم تجاهلها بالرغم من أهميتها في فهم إسرائيل والشرق الأوسط، أُوصي بقراءة كتاب "مُقتلعٌ مِن جُذوره " لأسباب عديدة، فهو يَحوي قصصاً شخصية وتحليلات وإحصائيات ليس من السهل الحصول عليها."
جيني فريزِر – صحيفة جويش كرونيكَل: "لقد قامت لِن جوليوس عبر كتابها الإستثنائي "مُقتلعٌ من جذوره" وبمنتهى الدقة والعناية بجمع قدر هائل من المعلومات ووضعِها في كتاب هامِ يُعرّفنا بفئة من فئات الشعب اليهوديّ التي لطالما تعرَضت للتجاهلِ والتهميش."
روبرت لو – صحيفة ستاند بوينت: " تاريخٌ طويل من الاستبداد تسبّب في انحسار عدد اليهود وَأدّى إلى نهاية متوقّعة لوجودهم في العالم العربي."
بِن كوهين – مُحلّل ومُعلق بارز في مجلة الكومنتَري: " إن كتاب "مُقتلعٌ من جذوره" لن يكون آخر كتاب تاريخي يتطرّقُ لقضيّة اللاجئين اليهود من دول العالم العربي ويضعها تحت المجهر، لكن من وجهة نظري فإنه يُعتبر من أوائل الكتب التي تتصَدّى وتدحضُ الخرافات والأكاذيب التي يتم تلفيقها لتكذيب معاناة اليهود والتشكيك في التجربة المؤلمة التي مرّوا بها، ولهذا السبب فإني أعتبرهُ أحد أكثر الكُتُب القيّمة من وجهة نظري."
براندون مارلون – صحيفة جيروزاليم بوست / جيروزاليم ريبورت: "كتاب مُقتلعٌ من جذوره مبني على بحث عِلميّ دقيق، وهو يُمثّل محاولة حديثة لتصحيح النقاش المُتحيّز والمُتعلّق بالصراع العربي اليهودي."
كِزيا دُغدال – عضو في البرلمان السكوتلندي: "يتطرّقُ كتاب لِن جوليوس “مُقتلعً من جذوره” لقضيّة أكثر من 850,000 لاجئ يهوديّ ممن تم تهجيرهُم من أوطانهم في منطقتي شمال أفريقيا والشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الثانية، وهو خلاصة لسنوات من البحث الذي أجرته حول هذه القضية. كما تجمعُ لِنّ في كتابها بين أسلوبها الممتاز والواضح في البحثّ التاريخيّ في هذه القضية من جهة، وبين ما رافق هذا البحث من جوانب وقضايا شخصية من جهة أُخرى. إن هذا العمل هو تُحفة تستحقّ القراءة والنشر في كل مكان."
461 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع