العربية.نت – طه عبد الناصر رمضان:عام 1970، فاز الكاتب والفيلسوف والمؤرخ الروسي ألكسندر سولجنيتسين (Aleksandr Solzhenitsyn) بجائزة نوبل في الأدب كتكريم له على مؤلفاته التي وصف من خلالها أهوال مراكز العمل القسري السوفيتية، المعروفة بالغولاغ، أثناء فترة حكم جوزيف ستالين (Joseph stalin).
وبسبب ما جاء في روايتيه "أرخبيل غولاغ" و"يوم في حياة إيفان دينيسوفيتش"، أثار سولجنيتسين غضب السلطات السوفيتية التي لم تتردد خلال منتصف السبعينيات في تصنيفه كخائن ومذنب ليطرد بذلك هذا الأديب من بلده ويجبر على المكوث لعقود طويلة بالمنفى.
طفولة صعبة
ولد سولجنيتسين يوم 11 كانون الأول/ديسمبر 1918 بمنطقة كيسلوفودسك (Kislovodsk) بروسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية. ومنذ بدايته، ترعرع سولجنيتسين يتيما على يد والدته وعمّته حيث فارق والده الحياة مبكرا أثناء فترة صعبة من تاريخ روسيا تزامنت مع نهاية الحرب العالمية الأولى واندلاع الحرب الأهلية الروسية التي خلفت ملايين الضحايا وأسفرت عن تفشي المجاعة والأمراض.
إلى ذلك، درس سولجنيتسين الرياضات بإحدى جامعات روستوف (Rostov) ولقي تشجيعا من والدته المتعلمة التي أيّدت طموحاته العلمية والأدبية. وبكتاباته، أثنى سولجنيتسين على دور والدته، التي توفيت عام 1944، مؤكدا على تضحياتها من أجله ووقوفها لجانبه في جميع محنه.
سنوات في مراكز العمل القسري
أثناء الحرب العالمية الثانية، التحق سولجنيتسين بالجيش الأحمر السوفيتي ليدافع عن وطنه عقب بداية الغزو الألماني يوم 22 حزيران/يونيو 1941. وعلى الرغم من وقوفه بالصفوف الأمامية أثناء المعارك، اعتقل هذا الأديب الروسي سنة 1945 من قبل الشرطة السرية السوفيتية (NKVD)، بسبب محتويات رسائله الخاصة التي تضمنت نقدا لستالين واتهاما بسوء إدارة البلاد زمن الحرب.
وبناء على القوانين السوفيتية، اتهم سولجنيتسين بنشر دعاية معادية للوطن والتحريض ضد السلطة ليقتاد على إثر ذلك نحو مقر اللوبيانكا (Lubyanka) بموسكو حيث تعرض للتعذيب والاستجواب قبل أن ينال فيما بعد حكما بثماني سنوات سجن بأحد مراكز العمل القسري بكازاخستان.
مع رحيل ستالين وحصول نيكيتا خروتشوف (Nikita Khrushchev) على مقاليد السلطة، فضّل الاتحاد السوفيتي القطع مع السياسات الستالينية القديمة. وبفضل ذلك، غادر سولجنيتسين الغولاغ حاملا معه ذكريات سيئة.
طرد من البلاد وسحب للجنسية
سنة 1962، نشر سولجنيتسين كتاب "يوم في حياة إيفان دينيسوفيتش" الذي نقل من خلاله للعالم أهوال الغولاغ أثناء فترة حكم ستالين. وقد أثار هذا الكتاب الأول ذهول كل من قرأه بسبب ظروف الاعتقال القاسية والأعمال الشاقة التي عانى منها السجناء داخل هذه المعسكرات. وبفضل مجهوداته الأدبية التي نقدت الغولاغ بالاتحاد السوفيتي، نال سولجنيتسين جائزة نوبل في الأدب وكسب شهرة عالمية.
خلال السنوات القليلة التالية، نشر سولجنيتسين كتابا آخر حمل عنوان "أرخبيل غولاغ" نقد من خلاله نظام معسكرات العمل القسري السوفيتية ومعاناة المعتقلين داخلها. إلى ذلك، أثار هذا الكتاب غضب المسؤولين السوفيت الذين لم يترددوا عام 1974 في سحب الجنسية من سولجنيتسين وطرده من البلاد ليجبر بذلك الأخير على الرحيل نحو ألمانيا الغربية قبل أن يهاجر فيما بعد للولايات المتحدة الأميركية.
وقد ظل سولجنيتسين منفيا خارج بلاده لنحو 20 عاما حيث لم يتمكن هذا الأديب الروسي من العودة لوطنه سوى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينيات القرن الماضي.
620 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع