العربي الجديد:لا يختلف واقع الثقافة العراقية، بمؤسّساتها الرسمية والخاصة، عما حدث لهذا القطاع في العالم أجمع، فقد وصلت الفعاليات إلى درجة الصفر بعد أن أعلن الحظر والحجر المنزلي وارتفع عدد الوفيات بسبب انتشار فيروس كورونا. ومثلما حدث في كل مكان اعتمد الفنانون والكتّاب والشعراء في العراق على الفعاليات والاجتماعات الافتراضية وإن كان بدرجة أقل من المتوقع.
وقد يكون أبرز حدث ثقافي شهده العام الحالي، هو "معرض العراق الدولي للكتاب" الذي أقيم بمشاركة أكثر من 300 دار للنشر ما بين 9 و19 من كانون الأول/ديسمبر، ورغم التخوفات من كورونا إلا أنه شهد قرابة الستين فعالية ولقي بحسب القائمين عليه إقبالاً معقولاً بالنظر إلى الظرف الذي أقيم فيه، واستحدث القائمون عليه فكرة تخصيص قاعة لكل دولة مشاركة لتقليل الاكتظاظ وتسهيل العثور على الدار التي يريدها الزائر.
أقيم هذا المعرض بعد أن نجحت تجربة "معرض السليمانية الدولي للكتاب" في كردستان العراق، والذي يعد من أوائل المعارض العربية التي أقيمت منذ اندلاع أزمة كوفيد-19، فقد عُقدت التظاهرة في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بتسهيلات في الوصول والعرض وتشديد في الإجراءات الصحية.
كذلك أقيمت مؤخراً فعاليات "لقاء الأشقاء للهوايات والحرف المتنوعة" على أرض "المحطة العالمية لسكك حديد العراق" بتنظيم من دار ثقافة الأطفال، وكانت من أوائل التظاهرات التي خصّصت للطفل بعد أشهر من الحجر.
كان عام 2020 أيضاً، مليئاً بالوعود الثقافية والمقترحات التي جاءت مع تسلّم الناقد حسن ناظم حقيبة وزارة الثقافة والسياحة في حزيران/ يونيو الماضي، وكان أبرز وعوده التحقيق في ملف الفساد في هذا القطاع وعلى رأسه مشروع "بغداد عاصمة للثقافة العربية" الذي أحيل إلى "هيئة النزاهة"، ووعد بإقامة نصب تذكاري في بغداد يخلّد من قتلوا خلال ما يعرف بـ"ثورة تشرين"، واقترح عقد مؤتمر للثقافة العراقية بمشاركة دولية وإقليمية وعربية.
الاقتراحات والوعود بمؤتمرات ودعم وتمويل لمشاريع الثقافة قاطعها الفيروس، مثلما كان من الممكن أن يقاطعها الظرف السياسي، فقد أقفلت بغداد والمدن العراقية الأخرى نتيجة كورونا بعد أن شهدت انتفاضة اشتعلت في ساحاتها، وكان من ضمنها الخيم الثقافية التي انتشرت في الساحات وخاصة "ساحة التحرير"، واشتهرت خيمة "جواد سليم" التي تبنت النشاط الثقافي والفني والفكري وأديرت فيها ندوات ونقاشات عن الدستور والنظام السياسي، وعروض لكتب مع حفلات موسيقية، تبعتها خيم معتصمين تنشط بتنظيم بعض القراءات الشعرية.
كذلك عاد شارع المتنبي إلى الحياة خريف هذا العام بعد أن أُغلق لأشهر طويلة، ومعه جرى افتتاح "مركز بغداد الثقافي" ومبنى القشلة التاريخي بعد إغلاقهما نتيجة الجائحة، وإذ كانت تقارير عديدة قد نشرت عن تراجع حركة شراء الكتب، إلا أن بعض باعة الكتب في بغداد أكدوا لـ"العربي الجديد" عكس ذلك، وكانت دور النشر العراقية توقفت في الأشهر الأولى من الجائحة عن النشر، قبل أن تعاود إصدار الكتب بأعداد أقل من السابق.
836 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع