مهام المفرزة العسكرية الألمانية في العراق مايس / ١٩٤١ - الحلقة الثانية

     

مهام المفرزة العسكرية الألمانية في العراق مايس / ١٩٤١ - الحلقة الثانية

مفرزة العسكرية الألمانية في العراق

23/ أيار / 1941 ــ 29 / أيار / 1941
مهام المفرزة العسكرية الألمانية في العراق مايس / 1941

   

د. ضرغام الدباغ : اللواء الركن علاء الدين حسين مكي خماس
برلين / 2020

 

المفرزة العسكرية الألمانية في العراق
٢٣-آيار ١٩٤١ ……٢٩-آيار ١٩٤٢
صدر في برلين للكاتب الدكتور ضرغام الدباغ و اللواء الركن المتقاعد علاء الدين حسين مكي خماس كتاب بعنوان المفرزة العسكرية الالمانية في العراق عام ١٩٤١ (تأليف وترجمة ) وقدما أهدائه الى (أرواح القادة الذين ساهموا ببناء الجيش العراقي فضحوا بالغالي والنفيس من اجل إعلاء مجده ،الى شهداء العسكرية العراقية والعربية تحية إحترام وإجلال ).
ويحوي على مجموعة تقارير عسكرية وملفات وصور حول :
مهام المفرزة العسكرية الألمانية في العراق عام ١٩٤١ ،وصدر عن المركز العربي الالماني في برلين بالرقم٧
إحتوى الكتاب على معلومات مفيدة للقارىء والباحثين حول معطيات حركة مايس ١٩٤١ ،ومذكرات المرحوم امير اللواء الركن حسين مكي خماس ،وحادثة مقتل الرائد الالماني (أكسل فون )في بغداد .

وعرج كذلك على أحداث ومفارقات منها ( النازيون فوق بغداد،وموت في الرمال ،والانقلاب العسكري ،وحرب هتلر المنسية ) وأمور آخرى متعددة تفيد القراء عن تاريخ مضى والذي يتطلب الدراسة بأمعان..
وختم البحث في عنوان عرض وتحليل لكتاب (ألمانيا والمشرق العربي ) وعرض وتحليل (العالم العربي في وثائق ألمانيا سرية .
بعد دراسةالكتاب ومحتوياته وجدنا من المناسب الاطلاع على تفاصيله كونه مفيد للقراء والباحثين..
مع التقدير
جلال چرمگا
ر ئيس التحرير

   

الفصل الثالث :هيئة الركن الخاصة (F)
ترجمة : ضرغام الدباغ

هيئة الركن الخاصة (F)، هي مهمة عسكرية ألمانية في العراق خلال الحرب العالمية الثانية، بقيادة الجنرال الطيار (الفريق) هيلموت فيلمي (Helmuth Welmy).

     

             (الصورة : الفريق طيار هيلموت فيلمي)

كانت التعليمات الأساسية قد صدرت من القائد العام للقوات المسلحة (الزعيم هتلر)، بموجب الأوامر رقم 30 " الشرق الأوسط " بتاريخ 23 / أيار ــ مايو / 1041. وتنص على تقديم الرايخ الألماني الدعم للعراق بالسلاح والإِعلام وكان الهدف هو تعزيز روح المقاومة للقوات المسلحة العراقية، ورفع درجة ثقتها بنفسها تجاه القوات البريطانية المتمركزة على أرضيها. وكان هتلر يأمل بقيام " نهوض شعبي عراقي " ضد الأعمال البريطانية، من خلال تنفيذ خطة دقيقة وحيوية من قبل القوة الجوية الألمانية (القليلة العدد) (Luftwaffe) في هذه المنطقة. وقد انتهى نشر قوات هيئة الركن الخاصة في العراق بتاريخ 29/ أيار ــ مايو / 1041، وذلك قبل يوم واحد من وقف إطلاق والهدنة العراقية ــ البريطانية التي تمت يوم 30 / أيار ــ مايو / 1941.

التعليمات رقم 30 " الشرق الأوسط ".
كانت الظروف معقدة في الشرق الأوسط في الوقت الذي نفذت فيه عملية القوة الجوية التي أمر بها الزعيم هتلر بالأمر رقم 30 الشرق الأوسط الصادر في 23/ أيار-مايو 1941. وقد تضمنت تعليمات الزعيم هتلر النقاط الآتية :
1. تعتبر حركات التحرر العربية في الشرق الأوسط حلفاؤنا الطبيعيين ضد إنكلترا. وفي هذا السياق، تتسم النهضة العراقية بأهمية خاصة (1)، فهي تعزز القوى العراقية ضد العدو الإنكليزي، كما أنها تعطل المواصلات الإنكليزية، كما أنها ستثبت القوات البرية وكذلك السفن الإنكليزية وتشغلها عن مسارح الحرب الأخرى. لذلك قررت المضي قدماً في دعم التطورات في الشرق الأوسط، من خلال دعم العراق. وإذا ما سقطت المواقع البريطانية الكائنة بين البحر المتوسط والخليج الفارسي لاحقا مع الأخذ بالاعتبار كيفية سقوطها ( ضمن سياق مرتبط بالهجوم على قناة السويس) ، فان هذا سيكون عاملا مهما في القرار على ابتداء عملية بارباروسا (Barbarossa) (2)
2. وفيما يخص قراراتي الفردية أمر بما يلي :
• دعم العراق.
• إرسال قوة واجب عسكرية .
• تقديم المساعدة بواسطة القوة الجوية (اللوفتفافة).
• إرسال الأسلحة.
3. الفريق الطيار فيلمي: ستقوم بقيادة البعثة العسكرية، اسمها الكوديcode name (الاسم الجفري) (هيئة الركن الخاصة (F)) ومهامك هي:
أ‌. تقديم الاستشارة للقوات العراقية.
ب‌. إقامة الصلة العسكرية مع أي قوات معادية لإنكلترا خارج العراق حيثما أمكن ذلك.
جـ. تقدم القيادة العامة الألمانية ما تملكه من تجارب وملفات في هذا المجال. ويتم التخطيط والتنفيذ لهذه المهام من قبل رئيس القيادة العليا للجيش الألماني (Wehrmacht) (3) ولأغراض الضبط يكون :
- رئيس البعثة العسكرية (military missions) هو المسؤول الأول، وتتبع له كافة العناصر التي ترسل إلى العراق من منتسبي الفيرماخت (الجيش الألماني). وكذلك قيادة الاتصال في سوريا.
- يكون رئيس البعثة العسكرية بإمره القيادة العامة للفيرماخت، شريطة أن تصدر الأوامر والتوجيهات العامة للقوات الجوية حصراً من القيادة العامة للقوات الجوية.
- يتراسل رئيس البعثة العسكرية مع الدوائر العسكرية العراقية فقط، ويتم التعامل مع الحكومة العراقية بواسطة ممثلي وزارة الخارجية الألمانية فقط. وفي حالة الأوامر العسكرية التي قد تكون لها تداعيات على السياسية الخارجية، يجب على رئيس البعثة العسكرية إدامة الصلة مع ممثلي وزارة الخارجية الألمانية في العراق.
- يعتبر عناصر البعثة العسكرية في الوقت الراهن كمتطوعين (كما كان الحال في فيلق كوندور) (4) ويرتدون الزي الاستوائي، ويحملون الشارات العراقية وسوف يقودون طائرات ألمانية.
4. سلاح الجو : إن تأثير استخدامه القليل المحدود سيتجاوز بالفائدة أكثر من استخدامه السلاح الفعلي ، ويؤدي إلى تعزيز الثقة بالنفس وتقوية أرادة المقاومة عند الجيش والشعب العراقي. ويقرر القائد العام للقوة الجوية الألمانية (لوفتفافه) نوع وحجم التدخل الألماني ومداه.
5. إيصال الأسلحة :يكون التجهيز من سوريا بحسب الاتفاق مع السلطات الفرنسية، والتجهيز من ألمانيا بموجب أوامر من القائد العام للجيش (الفيرماخت).
6. تقع مسؤولية إدارة الدعاية في الشرق الأوسط على عاتق وزارة الخارجية بالتعاون مع القيادة العامة للقوات المسلحة. تكون الأفكار الرئيسية للدعاية هي :
- أن انتصار المحور (ألمانيا وحليفاتها) سيجلب التحرر لبلدان الشرق الأوسط من النير الإنكليزي والحصول على حق تقرير المصير.
- ومن يحب الحرية، عليه أن يدخل الجبهة ضد إنكلترا.
- وتوقف الدعاية المضادة للفرنسيين في سوريا.
7. إذا ما تم نشر قوات من الجيش الإيطالي في العراق، يجري التعاون معهم على أساس التعليمات أعلاه وسيبحث رئيس البعثة العسكرية الألمانية الموضوع ويقدم التوصيات.

مقدمة تاريخية
بحلول عام 1627 كان العراق قد سقط بيد الإمبراطورية العثمانية، وأصبح ولاية تركية.في الحرب العالمية الأولى دافعت القوات التركية بدعم ألماني عن العراق بين 1915 ــ 1917 ضد القوات البريطانية ــ الهندية. وبعد سقوط وتفكك الإمبراطورية العثمانية عام 1918،
تأسست الدولة العراقية في آذار / 1921 وأصبح العراق بقيادة الملك فيصل الأول في عداد مناطق الانتداب البريطاني. على الرغم من أن الملك فيصل كان مؤيداً للألمان، إلا أنه اقترب عام 1918 من المصالح البريطانية. وفي عام 1924 التحقت منطقة الموصل بالعراق ، وفي عام 1930 أنضم العراق إلى عصبة الأمم كدولة مستقلة.
ونظمت معاهدة عام 1930 بين بريطانيا والعراق مرور القوات البريطانية ونقل المواد حول آبار النفط المهمة بالقرب من الموصل، كما كان للإمبراطورية البريطانية مطاران عسكريان: احدهما بالقرب من بغداد (الحبانية)، والأخر بالقرب من البصرة (الشعيبة).
وبعد وفاة الملك فيصل الأول عام 1933، أصبح الملك غازي الأول ملكاً على العراق. إلا أنه توفي في حادث سيارة عام 1939، وخلفه الأمير عبد الإله.وعندما غزت ألمانيا بولونيا في أيلول / 1939، قطع العراق علاقاته الدبلوماسية مع ألمانيا، ولكنه لم يعلن الحرب. وبعد هزيمة فرنسا في صيف عام 1940، تنامى شعور مناهض لبريطانيا داخل القيادة العسكرية العراقية، مما ادى في 3 / نيسان / 1941 إلى حدوث ثورة في القصر. وفي أعقاب الثورة تولى القيادة الشخصية العراقية المناهضة للإنكليز رشيد عالي الكيلاني، يسانده القادة الضباط والقوات التابعة لهم ، وضباط آخرين من القادة آخرين المناهضين للسلطة.
وكان من بين أتباع رشيد عالي الكيلاني، مفتي القدس محمد أمين الحسيني والذي يعتبر من القيادات العربية الموثوقة المناهضة للنفوذ والوجود البريطاني في العالم العربي، ولم يبق بيد الأمير عبد الإله سوى الركون للهرب

    

                        الملك فيصل الأول

ردة الفعل البريطانية
لم تتأخر ردة الفعل البريطانية على التغير في السلطة طويلاً، ففي 17 / نيسان / 1941 احتل المظليون البريطانيون البصرة، الميناء / وهي المدينة الإستراتيجية الهامة بدون مقاومة، من أجل تأمين منطقة نفوذهم. وفي 18 / نيسان / 1941 تم تعزيز قوات المظلات بقوات بريطانية وهندية التي وصلت الميناء. وقام رئيس الوزراء الكيلاني بدفع 9000 من جنود الجيش العراقي ومدفعيته في تقدم نحو الحبانية، لحصارها، لكن دون أن يتبع ذلك هجوم على القاعدة. وفي ذلك الوقت كان هناك 2200 جندي بريطاني، و9000 مدني، و82 طائرة حربية من جميع الأنواع، موزعة على أربعة أسراب.

وكانت القوات العراقية تضم نحو 37000 ألف جندي، وكان لدى الكيلاني عدد قليل من الزوارق النهرية،، و57 طائرة حربية، منها :
12 طائرة من نوع غلوسترغلاديتيور.
12 طائرة فيات جي 5
12 طائرة من نوع دوغلاس دونتليس.
وفي 2 / أيار / 1941 أحتل القوات العراقية قلعة الرطبة، على الحدود السورية، التي لها أهمية استراتيجية كبرى من خلال خط أنابيب نقل النفط كركوك ــ حيفا المهم لتزيد الأسطول البريطاني في البحر المتوسط. وفي 2 / أيار / 1941 تقدم رئيس الوزراء الكيلاني بطلب رسمي إلى الرايخ الألماني الكبير للتزويد بالسلاح، من أجل تقوية قدراتها على مواجهة الهجمات البريطانية . وبعد يوم واحد، في 3 / أيار / 1941 فصفت طائرات من سلاح الجو الملكي البريطاني مطار الهنيدي (معسكر الرشيد) ودمرت 20 طائرة كانت رابضة على الأرض، وهي خسارة تعادل 35% من القوة الجوية العراقية. وفي نفس الوقت هاجمت الطائرات البريطاني القوات العراقية المتمركز حول الحبانية ودمرت مدفعيتها.
ردة الفعل الألمانية
المساعدة العراقية بالسلاح، أثارت وزارة الخارجية في برلين / وزارة الخارجية، العديد من ردود الأفعال. وفي 6 / أيار / 1941 تقرر في قيادة القوة الجوية إنشاء بعثة عسكرية أطلق عليها " Sonderstab F " الأركان الخاصة أف " بقيادة الفريق الطيار هيلموت فيلمي، والذي سيتولى الإدارة التكتيكية لعمليات القوة الجوية الألمانية "لوفتفافه" في العراق، من مقره في اليونان. وكان تحت إمرته مباشرة الوحدة التي أطلق عليها " قيادة يونك" (Sonderkommando Junck) بقيادة العقيد فيرنر يونك(Werner Junck)الذي كان قد تقرر أن يتخذ مقره " الإدارة العملياتية " في مدينة الموصل العراقية، ولاحقاً في بغداد. ولهذا الغرض، تم تخصيص السرب الرابع من لواء الأسراب القاصفة 76 المؤلف من 12 طائرة من طراز (Me 110) وكذلك السرب الثالث من لواء الأسراب المقاتلة 4 المؤلف من 12 طائرة من طراز (Heinkel He 111). ومن أجل ضمان نقل آمن لشحنات الأسلحة الضرورية، وأستلم فرانتز غروبا المبعوث الدبلوماسي الألماني الذي كان في ذلك الوقت في دمشق،(السفير الألماني السابق في بغداد قبل قطع العلاقات الدبلوماسية) الأوامر بإقامة الاتصال مع الجنرال الفرنسي القائد العام في بلدان الشرق الأوسط، الجنرال هنري دينتز (Henri Dentz) ، ثم حصلت الموافقة من حكومة فرنسا (فيشي) على التحليق الجوي فوق الأراضي السورية، وإيصال الأسلحة والمعدات بحراً إلى الموانئ السورية ونقلها براً إلى العراق. (6)

    

                     العقيد الطيار فيرنر يونك

    

    (الطائرة المقاتلة الألمانية ميسر شمت مي 110 )

كما شملت الموافقة الرسمية الفرنسية أيضاً استخدام المطارات السورية، كقواعد لمرور الطائرات الألمانية، وفي نفس الوقت دعا رئيس الوزراء العراقي رشيد عالي الكيلاني إلى الحرب المقدسة من أجل استقلال العراق، أما السفير غروبا وطاقمه وصلوا بغداد بعد الاتصالات الضرورية مع حكومة رشيد عالي الكيلاني التي أعادت العلاقات مع ألمانيا. فوصل السفير غروبا بغداد في 11 / أيار / 1941.

     

        ( الطائرة القاصفة الألمانية هينكل 111)

في 12 / أيار / 1941، حلقت مجموعة متقدمة من " قيادة يونك" (Sonderkommando Junck) من أثينا / اليونان إلى بغداد، وعلى متن واحدة من طائرات هينكيل111، كان بين طاقم الطائرة الرائد أكسل فون بلومبيرغ نجل المشير (فيلد ماريشال) (ًWerner von Blmberg). بيد أن القوات العراقية قامت بإطلاق النار على طائرته عن طريق الخطأ، حين كان يحاول التقرب من المطار للهبوط في بغداد، والطائرة التي هبطت بسلام على الأرض، إلا أن محاولات إسعاف الرائد بلومبيرغ لم تنجح فقد توفي بفعل رصاصة أصابته في الرأس.
وفي نفس اليوم، هبطت 6 طائرات قاذفة من طراز هينيكل 111، وكانت في رحلتها إلى الموصل قد توقفت في دمشق، أما الطائرات الأخرى فقد اتخذت طريقها إلى العراق مع هبوط في تدمر بسوريا، وقد فوجئوا بغارة جوية بريطانية وهم في تدمر، ولكن أي من الطائرات الألمانية لم تصب بأضرار تذكر وتدل هذه الغارة ، أن الإنكليز ربما كانوا قد وضعوا في حساباتهم، هذا الاحتمال وامكانية نشر قوات جوية في ألمانية العراق.
على كل حال وصل القسم الرئيسي من السربين إلى القاعدة الجوية بالقرب من الموصل، حيث صادفت الطائرات هينيكل 111 عاصفة رملية قوية، فأضطروا إلى الهبوط. وبذلك أصبحت 23 طائرة من البعثة الخاصة، جاهزة للعمل، ثم نقلت القوات فيما بعد إلى بغداد.

للراغبين الأطلاع على الحلقة الأولى:

https://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/thaqafawaadab/44838-2020-06-17-10-20-44.html

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

3245 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع