البيان/دبلن ـ غسان خروب:حكايات كثيرة تخبئها شوارع وأزقة العاصمة الإيرلندية دبلن، جلها يحكي عن تاريخ المدينة وأصول شعبها، بين كلمات تلك الحكايات، تسكن فرحة ما، وشغف كبير بالحياة، وأغنيات لا تزال ألسنة الإيرلنديين ترددها يومياً في المقاهي والشوارع والمطاعم، فجلهم لا يزال مسكوناً بحب «مولي مالون»، ويردد أغنياتها خفيفة الظل التي تعيد إلى الذاكرة طبيعة الحياة التي عاشتها في القرن الثامن عشر، وجولاتها في شوارع دبلن وأحيائها، عندما كانت تبيع الأسماك الطازجة، وبعض الخضراوات.
«مولي مالون» لا تزال حاضرة ليس فقط في أذهان أهالي دبلن، وإنما على الأرض أيضاً، فعندما تتجول في شوارع المدينة، لا سيما بالقرب من الأماكن التاريخية، لا بد أن يصادفك تمثالها النحاسي، وهي تقف خلف عربتها الملأى بأنواع الأسماك المختلفة. ذلك التمثال يبدو ساحراً، يشبه إلى حد كبير ما تحمله كلمات أغنيات مولي التي لا تزال حتى اللحظة تجذب إليها كل من يمر بالقرب من تمثالها.
سرعة
ورغم ما تحظى به أغنية «مولي مالون» من انتشار واسع، لا سيما بعد أن غنتها فرقة «ذا دبلينرز» التي أطلت برأسها على الدنيا في 1962، فلا يزال في ذاكرة الإيرلنديين متسع لأغنيات أخرى، وإيقاعات تمتاز بسرعتها وخفتها وبقدرتها على بث الفرح في آذان المستمع، معظم موسيقاهم تقوم على الفولك، ولعل ذلك ما يجعلها سريعة الإيقاع، ومحفزة إلى الرقص الجماعي.
ما تمتاز به الموسيقى الإيرلندية من ألق، يُبيّن مدى عشق الشعب الإيرلندي للموسيقى الشعبية التي عادة ما يُستخدم فيها الطبل والناي الإيرلنديان، والأكورديون، والكمان، والقيثارة، ومزمار القرية الإيرلندي، إلى جانب الكمان والغيتار اللذين دخلا حديثاً إلى الموسيقى الشعبية الإيرلندية التي يمكن تلمس جمالها في معظم العروض التي تقدمها بعض المقاهي والمطاعم المنتشرة في جوانب دبلن.
ولعل من أبرزها عرض «سيليتيك» الذي يعد الأفضل في العاصمة الإيرلندية، حيث يقدم في أجواء حميمية، ويقوم على مزيج خاص بين الموسيقى والأغاني إلى جانب وصلات من الرقص التقليدي، والذي يبقي فيه الراقصون الجزء العلوي من أجسادهم جامداً، فيما يحركون أقدامهم بدقة عالية ورشاقة لافتة، حيث يطلق على هذا الرقص اسم «الرقص النقري الإيرلندي» والذي اكتسب شهرة عالمية.
والمدقق في طبيعة الرقصات التي تقدمها فرق الرقص النقري الإيرلندي، يكتشف أنها مستوحاة من طبيعة التاريخ الإيرلندي، وحياة المجتمع خاصة الريف، حيث تكثر المناطق الخضراء، والزراعة.
عائلة «كورس»
شغف الشعب الإيرلندي بالموسيقى، كان كفيلاً بولادة العديد من الفرق الغنائية التي استطاعت أن تفرض سطوتها على الساحة الفنية، فإلى جانب فرقة «ذا دوبلينرز» التي تتكون من خمسة أعضاء، لقيت فرقة «عائلة كورس» شهرة واسعة على مستوى العالم، واستطاعت ألبومات الفرقة المكونة من 4 إخوة، تحقيق مبيعات عالية جداً، وتصدر لوائح أفضل الألبومات، بسبب طبيعة الإيقاع الذي قدمته الفرقة، والذي دمجت فيه الموسيقى الإيرلندية التقليدية مع البوب، الأمر الذي شد اهتمام الجمهور، وساهم في خلق نوع جديد من الموسيقى، وهو ما ساعد الفرقة على أن تحل ثانية بعد المغني دونيل.
«روك»
وبعيداً عن الموسيقى التقليدية، يوجد لدى الشعب الإيرلندي متسع لأنواع موسيقية أخرى، على رأسها «روك آند رول» الذي خُصّص له متحف متكامل في وسط العاصمة دبلن، وتحديداً في منطقة «التمبيل بار»، حيث يحتفظ المتحف بالعديد من الحكايات المرتبطة بموسيقى الروك، إلى جانب الجاز أيضاً.
963 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع