قصص علي السباعي

    


                          قصص علي السباعي

        


              ضوء على بنات الخائبات

الزمان/رسمية محيبس:في مجموعته القصصية بنات الخائبات للكاتب علي السباعي. نقرأ قصيتين قصيرتين يوحي العنوان ان الكاتب يشتغل على مساحة المرأة وانه يهدف من خلال العنوان الى تقديم نماذج للمرأة. المسلوبة الأرادة التي جردتها الحياة من احلامها نتيجة ظلم المجتمع لها فاين نجد هذا في قصتي السباعي ان بنات علي السباعي قد أعلن عنهن من خلال العنوان ولكنه عمد الى اخفائهن في ثنايا النص ومنح القارئ مسوولية البحث عنهن هو الذي ورث  عن جده  حكايات الناصرية المغمسة بدموع الفرات لكن جده كان  حكاء رديئا  ورث عنه هذه المهنة لكن علي السباعي القاص في بنات الخايبات لم يكن حكاء رديئا كجده بل مثقفا فاق جده بسرد الحكايات المحزنة والأليمة عن بنات الخايبات اسلوب سردي ساحر حفيد الجد الذي كان ينتشل الغرقى من الفرات ولم يرث منه حفيده علي هذه المهنة لانه تفرغ لانتشال الخائبات من نهر التعاسة وتسليط الضوءعلى معاناتهن والآن سأعود لقراءة علي وبناته الخائبات بنات الخائبات عنوان كبير يصلح ان يكون عنوان رواية من عدة فصول اذ يتبادر  الى الذهن فور سماعه بان الكتاب يحتوي  على نماذج للمرأة المحبطة التي تعيش على هامش الحياة المرأة في صراعها الازلي ضد المجتمع الذي يصادر حريتها وارادتها في اختيار حياة. تليق بها وضد القبيلة. العاشقات الحقيقيات المكافحات المقهورات هن من يندفعن الى الذهن فور سماعنا بعنوانه المثير  ولسن كفتيات اللوحة الشاحبات المسلوبات الارادة اللاتي يحطن بالملك فتنتصر لهن ناصرية التي تعض عضو الملك الذي يصوره كفرعون في عرشه يغتصب النساء العذراوات فيتبادر الى الذهن شهرزاد التي تحقن دماء بنات جنسها بالحكايات وليس على طريقة عتورة ولعل اهم الخائبات في القصة امه التي تشكو من صداع دائم في راسها فيشفيها الابن بلمسة من يديه لانه يمتلك قدرات خارقة في شفاء المرضى مقارنا نفسه بميداس الذي يحول كل شيء تمسه يداه الى ذهب هنا يجنح الكاتب نحو الغرائبية والسحر ويلجأ الى الاسطورة بشكل كبير. مشهد يده ومشهد راس الحسين الذي يمطر حبات رمان يتوضأ منه زملاؤه التلاميذ فيضيئون ويكونون اطفال العالم كله ولعل اجمل ما في القصتين المواقف التي يرويها البطل وهو الكاتب نفسه عن علاقة جده الثالث  علي السباعي بناصر باشا الاشقر مؤسس الناصرية الذي سمى مدينته باسم انثوي اسم أسمر له نكهة جنوبية وهو الناصرية في قصته (فرائس بثياب الفرح ) ولكن اين التجديد في قصص علي السباعي وهل توصل الى ابتكار نوع جديد في السرد واسلوب في الكتابة يتوصل من خلاله الى مناطق اشتغال فني خاص به وهل توصل الى قول ما لا يقال من خلال استعماله الرمز.

اسلوب مختلف

اي انتهاج اسلوب مختلف في الكتابة خاصة وانه لجأ الى استلهام الماضي والاشتغال عليه من خلال الاسطورة كونه كاتبا حديثا وله شخصية فردية وتجربة خاصة به يهدف الى خلق عالم جديد ينطلق منه الى عوالم جديدة واكتشافات يعثر عليها من خلال اللغة فالكاتب يمنح نفسه فرصة الاكتشاف من خلال الكتابة اضافة الى ان الحياة والواقع وما نحن فيه من صراع يعد من اكبر مصادر الالهام فأين هذا الواقع في قصصه وهل استوعب الحاضر ليعود من خلاله الى الماضي !أجمل مشهد في القصتين مشهد الناصرية العروس وعتورة الذي يحاول فض بكارتها وولوجها فيواجه بمقاومة شديدة ورفض من العروس ويفقد رجولته. في اللحظة التي حاول فيها دخولها يوظف الكاتب علي السباعي علاقته الوثيقة بمدينته الجنوبية السمراء فيكون الراوي والبطل والشاهد الحي يقول ان الناصرية عصية على الطغاة وعلى الغزاةالذين يحاولون انتهاك عذرية المدن ودخولها عنوة والشواهد التاريخية كثيرة رغم ان قصتي علي السباعي قصتين قصيرتين الا انه استطاع كتابة نص كبير اعتمد فيه على المخيلة وعلى الرمز والاسطورة يقول كم تمنيت لو كنت تانتالوس فازيح الصخرة وارميها بعيدا عنا نحن أبناء الخائبات ولعله يشير هنا الى صخرة سيزيف كما تطرق الى اساطير اليونان والف ليلة وليلة فمشهد العروس يشبه مشهد شهرزاد التي حقنت دماء بنات جنسها كذلك العروس في قصة علي السباعي حطمت ذكورة عتورة وحررت فتيات اللوحة الشاحبات علي السباعي ناصري أصيل يتغنى بمدينته كما يتغنى العاشق بطيف حبيبة ويروي لنا ان الناصرية مدينة عصية على الطغاة وعجز ان يكون سمسارا بل شدته ضراوة ومقاومة ناصرية المرأة والمدينة انها ناصرية عنقاء بعثت من رمادها كما يقول على الكاتب أن يكون شاهد عصره هكذا يقول جون رومان فهل وفق الكاتب علي السباعي في تسجيل شهادته عن الناصرية وما تعرضت له من محو لهويتها وما شن عليها من هجمات وما تعرض له ابنائها وبناتها من قتل وسجن وعنف وغارات على مد التاريخ فالفن كما يقول البير كاموا ليس متعة انفرادية بل وسيلة لتحريك مشاعر الناس اذ يقدم لهم صورة عن الآلام والأفراح المشتركة هناك استرجاع في سرد علي السباعي في عودته الى زمن الاسطورة واغترافه منها عتورة. تانتالوس .

نموذج امرأة

ونماذج تاريخية كنموذج راس الحسين وظهوره وما ترافقه من ظواهر اي توظيف المقدس ونظل نبحث في تلافيف النص عن بنات الخائبات فلا نجد سوى الاساطير والرموز اما المرأة كذات معذبة او مسلوبة او مقاومة فلا نجدها سوى في نموذج الناصرية العروس وهي خارج التسمية لأنها لم تكن يوما من بنات الخائبات بل كانت المرأة الرمز والمدينة التي يتحطم على بواباتها الطغاة يقول احد الكتاب ان الفن لا يمكن ان يوجد دون قدر من الوقاحة وفي محاولة علي السباعي في وصف عضو عتورة باسهاب بعض الوقاحة المحببة التي كادت ان تقترب من الايروسية وتلامسها ثم تبتعد حين يسم بطله الطاغية الذي  حاول ان ينتهك جسد ناصرية وسمه بفشله في تحقيق رغبته  وفقدان رجولته  كنوع من الانتصار للمدينة المقاومــــــة.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

750 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع