المدى/باسم عبدالحميد حمودي:لا يمكن لنا – ونحن في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين – أن نتأخر بنحو أكثر من أربعين عاماً عمّا بدأ به السادة الروّاد من عمل .
كان ذلك عام 1964 عندما انعقدت اول تجربة بحث نظمتها مجلة التراث الشعبي العراقي وحضرها في مكتب المجلة عدد من كبار باحثي الفولكلور والتراث الشعبي العراقي برعاية الشيخ العلامة محمد رضا الشبيبي وحضور د. مصطفى جواد وعزيز جاسم الحجية ولطفي الخوري وعبدالحميد العلوجي وغيرهم.
لم تكن الجلسة مؤتمرا موسعا، بل كانت تدارس أفكارٌ في عملية النهوض بالفولكلور العراقي وتوثيق مصادره عبر المجلة المنشودة التي استمرت تصدر متقطعة ممولة ذاتيا وباللغات العربية والكردية والتركمانية مع ملخصات بالانكليزية والايطالية والفرنسية. وحين تولت وزارة الإعلام اصدار المجلة رسميا عام 1969 ,كان الاستاذ لطفي الخوري قد أشرف على تأسيس المركز الفولكلوري العراقي يعاونه الشاعر سعدي يوسف وعدد من الباحثين حيث وضع اقساما لحفظ مرويات الحكاية الشعبية والعادات والتقاليد واخبار الأمثال الشعبية...الخ من اقسام التراث الشعبي .
عام 1977 نُظّم اول مؤتمر علمي لدراسات الثقافة الشعبية والفولكلور العراقي حضره مختصون من أمريكا والاتحاد السوفييتي (سيرافين فانخول ) وممن لا تحضرني اسماؤهم من فنلندا واسبانيا والباحثون العراقيون المؤسسون امثال الخوري والعلوجي وداود سلوم وكاظم سعد الدين وسواهم .
نشرت بحوث المؤتمر في ثنايا المجلة ولم يجمعها كتاب ,وظل الامر ساكنا حتى عام 1985 إذ بدأ مشروع (ندوة بغداد للتراث الشعبي) الذي تشرفتُ بإدارته ودعوتُ الباحثين العراقيين والعرب للاسهام فيه ,حيث كان موضوع المؤتمر الاول عن (انواع التراث الشعبي العراقي ومصادره ) وكان موضوع المؤتمر التالي (كيفية الحفاظ على حامل الموروث الشعبي العراقي ) وحضر هاتين الندوتين المؤتمرون السادة : محمد رجب النجار واحمد مرسي وصفوت كمال (مصر) وعلي عبد الله خليفة(البحرين) ومصطفى سليمان (السودان ) وحصّة الرفاعي ( الكويت) والاساتذة :الخوري والعلوجي وسلوم وياسين النصير ومصطفى جمال الدين وصبري مسلم حمادي وكاظم سعد الدين وقاسم خضيرعباس وسواهم (مع حفظ الألقاب ).
استمرت هذه المؤتمرات متوالية ناجحة حتى غزو الكويت المفجع فضاعت الجهود وتشتت العمل.
الواجب اليوم بعد كل هذه السنوات أن ندعو الى عمل جاد يستكمل ما بدأنا به وأن تكون اجيال الباحثين الشباب من الدارسين العراقيين للثقافة الشعبيىة العراقية والأجيال السابقة مستعدة لعمل جاد مثمر في حقل دراسات الثقافة الشعبية العراقية شرط قيام المؤسسة الرسمية بالتمويل البسيط للمؤتمرات القادمة التي تريد دراسة ما استجد من ظواهر شعبية وتتنافس مراكز البحوث في العالم على دراستها وتحليلها ,ولا يحق لنا بعد اليوم أن نتخلّف عن الركب العالمي في هذا المجال الحيوي.
644 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع