إيلاف:صدر حديثا عن دار العرب في بيروت عام 2016 كتاب جديد بعنوان (أبو العلاء المعري ثائرا) للدكتور نبيل الحيدري بدراسة أكاديمية جديدة يتناول حياته وثورته الفكرية والفلسفية وجوانب مهمة ومقارنة وتجاوزه لزمنه وأمته
يقول الكاتب أن المعري معجزة كبيرة جمع فيها الأدب والفلسفة والتراث والجدل والعلوم حتى علم النجوم مما أبهر عظماء عصره فأقروا له بالنبوغ والتميز والإبداع، وكان الوحيد الذي حاز على لقب "أعجوبة الدهر" بعد امتحانه ببغداد، فلا غرو أن يكتب عنه العظماء على مرّ التاريخ فيحارون في عبقريته وثورته وذكائه وفكره، وحتى المستشرقين من مختلف بقاع الدنيا فباتت معرة النعمان مقرونة به ومشهورة بهذا العملاق الذي يمثل ثروة فكرية بمختلف الأبعاد.
يتحدث في فصول عن فلسفته ويظهر معالمها في اللزوميات ورسائل الغفران حتى لقّب بفيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة. ومن فلسفته تحريمه أكل اللحم وهو يقول: (إستضعفوك فأكلوك، هلا أكلوا شبل الأسد)، وتحريمه الزواج لدرجة أن يكتب على قبره: هذا جناه أبي علي ... وما جنيت على أحد
كان صادق القول والعمل مؤمنا بما يقول متحررا من القيود والتقاليد ليكون حرا ثائرا مجددا
كان العملاق المنتج المجدد. قيل عنه الأعمى بين المبصرين ولعله المبصر بين عميان تمايز عنهم فقادته معرفته إلى الحكمة والفلسفة والكلام والجدل، إنه البصير الذي حجبه العمى عن الدنيا فأبصرت بصيرته معالم آفاق تخرق حجب الظلمات فتصل إلى معدن الحكمة والمعرفة
كان أمة في رجل وكانت دراسته فاتحة للأبواب في معرفة حاجاتنا فقد كان ثورة في الفكر والإصلاح لما يحتاجه العلماء والفلاسفة والباحثون ترفعه على زمنه ومكانه وقومه ليخلد مع عمالقة الثائرين المصلحين فقد أنار إضاءات من فكر ونقد وعطاء لازال مبهرا وعصرنا أحوج ما يكون إليه لتفتح هذه الدراسة أبوابا وآفاقا جديدة في رحاب ثورته الفكرية
يدرس الكاتب الحيدري ثورة المعري الفكرية على صعيد الشعر بمختلف أنواعه وأغراضه وتميزه، أو الفكر والفلسفة أو النبوغ بأنواعه، فضلا عن آرائه في الدين والحياة والمجتمع، ومقاربته للشعراء والأدباء والمستشرقين وغيرهم كما يدرس رحلته إلى بغداد كرحلة فاصلة في حياته وأثرها عليه أيام كانت بغداد عاصمة الدنيا، كما يبحث في خفايا حياته حتى قصة وفاته التي لم يذكرها الكثيرون
يقول الكاتب: كان أبو العلاء المعرى (973-1057) شاعرا سوريا رائعا، عرف بشدة ذكائه وفرط ذاكرته وتوقّد خواطره. نظم الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة كما درس الأدب والتاريخ والفقه والأديان الإبراهيمية الثلاث والمجوسية والهندية والمذاهب المختلفة، صاغها فى أدبه وشعره ورسائله وأفكاره. عُدَّ فيلسوفا حكيما مفكرا ناقدا مجددا. كتب عن فلسفة المعرى مثل طه حسين وعبد الله العلايلى وأمين الخولى، ويوحنا قمير، كما كان اهتمام المستشرقين البالغ مثل نبكلسون ووليم واط وماركليوث وغولدزيهر وبوشه وأغناطيوس وكريمر وهيار وسلمون وأوخو وبروكلمان وماسنيون وبلاسيوس.. وسر اهتمامهم بالمعرى فقد ترجمت اللزوميات مثلا إلى الإنكليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والروسية وغيرها . دُعِىَ إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسية بعد محنته من أمير حلب بسبب آرائه حول الدين والتشكيك بما يظن من حقائق، فرحل إلى بغداد لأنها كانت مدينة العلم ودار الخلافة وحاضرة الإسلام ومركز الحضارة وتلاقح الفكر وملتقى الأشراف والتجار والأدباء والمثقفين... إزدحم الناس على بغداد من كل أطراف الدنيا وسميت (دار السلام) حيث يقصدها الشعراء والأدباء والعلماء فى شتى الفنون والمعارف والآداب... كانت بغداد كعبة العلم والادب فيها ماء عذب وظل ظليل وعلم جم وأدب ثرى وكل ما تشتهيه الأنفس... طه حسين فى رسالته الدكتوراه فقد اختار أبا العلاء وطبع لاحقا كتابا (تجديد ذكرى أبى العلاء) وفيها مائة صفحة عن فلسفته. كما يصف حسين بغداد عندما رحل إليها المعرى، قائلا (كانت بغداد كباريس اليوم فلاترى فى العالم الإسلامى شابا أتم الدرس فى بلده إلا وهو يتحرق شوقا إلى الرحلة إلى بغداد ودراسة العلم فيها من أصفى موارده وأعذب مناهله …). وكانت بغداد مقصد صيادي الثروات من المرتزقين بالشعر عند ابواب الخلفاء والامراء ولكن المعري كان عف النفس زاهدا لم يرتزق بشعره، ولقد رد شعرا على من غمزه بمظنة السؤال قائلا: أنبئكم أني على العهد سالم ... ووجهي لما يبتذل بسؤال وأني تيممت العراق لغير ما ... تيممه غيلان عند بلال أبو العلاء المعرى كان يحب بغداد كثيرا وقد دعاه البغداديون إليها، بعد أن ظلمه أمير حلب حتى كتب (والله يحسن جزاء البغداديين فقد وصفونى بما لا أستحق وعرضوا على أموالهم ودعونى إلى بلادهم) وجد البغداديون المعرى غير جذل بالصفات ولاهش إلى معروف الأقوام قصد المعرى بغداد سنة 398 هجرية منتصف الثلاثينات من عمره وأخذ سفينة للرحيل لكن ولاة السلطان أخذوا السفينة وصادروها مما اضطره إلى طريق آخر خطير وصعب حتى وصل بغداد قائلا وبالعراق رجال قربهم شرف هاجرت فى حبهم رهطى وأشياعى على سنين تقضت عند غيرهم أسفت، لا بل على الأيام والساع كما أرسل المعرى رسالة إلى خاله أبى القاسم جاء فيها (ورعاية الله شاملة لمن عرفته ببغداد فقد أفردونى بحسن المعاملة وأثنوا على فى الغيبة وأكرمونى دون النظراء) هو القائل: لنا ببغداد من نهوى تحيته فإن تحملتها عنا فتحييتا كذلك: متى سألت بغداد عنى وأهلها فإنى عن آل العواصم سآل إذا جن ليلى جن لبى وزائد خفوق فؤادى كلما خفق الآل ان وجود المعري ببغداد كان سببا في الكثير من الاحداث والمنازلات الادبية والدينية والمذهبية والفلسفية والفكرية في جو المدينة المشحون أصلا بشتى المدارس والنزعات الادبية والعقائد الدينية والتيارات الفكرية صادف يوم وصوله موت الشريف الطاهر والد الشريفين الرضى والمرتضى، وحصلت قصص ووقائع منها إنشاد الأشعار فى المتوفى شاعرا بعد آخر، حتى قام المعرى بقصيدته الرائعة ومطلعها أودى فليت الحادثات كفاف مال المسيف وعنبر المستاف وما أن سمع الشريفان ذلك، حتى هزت كيانيهما، فنزلا إليه إجلالا سائلين: (لعلك أبا العلاء المعرى)، قال (نعم)، فأكرماه وقدماه ورفعا مجلسه ثم استأثرا به مع ذلك كله كانت بغداد تمتحن الوافدين وهكذا كان الإمتحان صعبا مستصعبا فى المعرى لكنه نجح بتفوق وتميز نادرين، فينتزع منهم وهو الاعمى الاعتراف بقدراته التي تفوق قدرات المبصرين، فسمّوه منفردا (أعجوبة الدهر وفريد العصر) عشق المعرى بغداد وماءها، قائلا: شربنا ماء دجلة خير ماء وزرنا أشرف الشجر النخيلا عُرضتْ عليه كتب بغداد من (مدينة العلم) و(بيت الحكمة) وكثير من خزائنها فكان كما قال ابن الفضل (جعل المعرى لايقرأ عليه كتاب إلا حفظ جميع ما يقرأ عليه). حضر المعرى المجالس الكثيرة المتنوعة فى بغداد، فجالس الادباء وحاور الفلاسفة واصحاب الملل والمذاهب ولم يكتف بالقراءة عنهم بل كان يذهب اليهم ويحاورهم مباشرة بتحدٍّ جرئ وحوار صريح وجدل علمى، ومن أهمها حواراته الجدلية مع إخوان الصفا ببغداد. من أهم ما صنفه تلك الفترة هى اللزوميات وسقط الزند ورسالة الغفران وباتت حكمه الكثيرة مضربا للأمثال منها: فى سقط الزند ولما رأيت الجهل فى الناس فاشيا تجاهلت حتى ظن أنى جاهل فوا عجبا كم يدعى الفضل ناقص ووا أسفا كم يظهر النقص فاضل إذا وصف الطائى بالبخل مادر وعبر قسا بالفهاهة باقل وقال السهى للشمس أنت ضئيلة وقال الدجى للصبح لونك حائل وطاولت الأرض السماء سفاهة وفاخرت الشهب الحصى والجنادل فيا موت زر إن الحياة ذميمة ويا نفس جدى إن دهرك هازل ألّف فى بغداد (سقط الزند) لأكثر من ثلاثة آلاف بيت شعر، نالته شهرة كبيرة وفيها الغزل والوصف والزهد والفلسفة والحكمة والأديان. طه حسين (نعتقد أن العرب لم ينظموا فى جاهليتهم وإسلامهم ولا فى بداوتهم وحضارتهم قصيدة تبلغ مبلغ هذه القصيدة للمعرى فى حسن الرثاء): غير مجد فى ملتى واعتقادى.. نوح باك ولا ترنم شاد وشبيه صوت النعى إذا قيس.. بصوت البشير فى كل ناد أبكت تلكم الحمامة أم غنت.. على فرع غصنها المياد صاح هذى قبورنا تملأ الرحب فأين القبور من عهد عاد إن حزنا فى ساعة الموت أضعاف سرور فى ساعة الميلاد خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد رب لحد قد صار لحدا مرارا ضاحك من تزاحم الأضداد ودفين على بقايا دفين فى طويل الأزمان والآباد تعب كلها الحياة فما أعجب إلا من راغب فى ازدياد سر إن اسطعت فى الهواء رويدا لا اختيالا على رفات العباد قبيح بنا وإن قدم العهد هوان الآباء والأجداد وللمعرى رسائل كثيرة منها إلى داعى الدعاة نشتكين الدرزى الذى رفض عروضه زاهدا، وفيها رسالاته إلى اليونان، و(رسالة الملائكة). ومن أهمها أهمها (رسالة الغفران) وفيها يزور الجنة والنار ويسأل الشعراء الذين دخلوا الجنة وهم من الملحدين ثم يزور النار وشعراءها سائلا عن سبب عدم الغفران لهم ثم يناقش ابن القارح وآراءه لينقد بدع زمانه ومناقشتها ثم رفضها ثم يأتى ليذكر أدباء ونقاد ليناقشهم مع سخرية واستهزاء بأدب وفطنة. يذكر حواره مع محمد النبى وعلى ابن أبى طالب وفاطمة زوجته بنت النبى وحوار مع رضوان الملك خازن الجنة وفيها جميعا نقد وإبداع وفلسفة، وما أشبهه بدانتى أليغييرى الإيطالى فى (الكوميديا الإلهية) و(الجنة الضائعة) لجون ميلتون الإنكليزى فكل منهم قد زار الجنة وحاور الموتى كما لم يؤمنوا بأنَّ الجنةَ حكرٌ على فئة أو دين أو طائفة يأتى ديوانه اللزوميات وفيه مناقشة الأديان وفلسفتها ورفض الإحتكار للحقيقة قائلا: فى كل جيل أباطيل ملفقة فهل تفرّد يوما بالهدى جيل ومن نقده الدين جاعلا العقل هو المناط الحقيقى: إثنان أهل الأرض ذو عقل بلا دين، وآخر ديّن لاعقل له ومن تنكره للقيامة فى نظريته التشكيكية قوله: تحطمنا الأيام حتى كأننا زجاج ولكن لايعاد له سبك رفض الحج واعتبرة رحلة وثنية ورفض طقوسها: وقوم أتوا من أقاصى البلاد لرمى الحجار ولثم الحجر ورفضه الجن والملائكة: قد عشت عمرا ما علمت به حسّا يُحَسّ لِجِنّى ولا مَلَك فإنّما تلك أخبار ملفّقة لخدعة الغافل الحشوى حوشيتا ومناقشته نظريه الإمامة قائلا (لا إمام سوى العقل) ويبقى الجدل مستمرا عن مذهبه وعقيدته كما قال طه حسين فى متبه ومقالاته عن المعرى ثم كتب المعرى (فقرات وفترات) أو (فصول وغايات)، وهما من أكثر الكتب جدلا كمجموعة شعرية مماثلة لأسلوب القرآن السجعى ولايذكر عادة ابو العلاء في بغداد دون ان تذكر مصادمته الشهيرة مع الشريف المرتضى ، فهذا الاخير حين حاول الانتقاص من الشاعر المتنبي رد عليه ابو العلاء صاحب كتاب خاص فى المتنبى، منوها بمطلع لامية المتنبي الشهيرة لك يامنازل في القلوب منازل وفطن الشريف المرتضى لبيت القصيد لأن هذا البيت ليس من أروع قصائده: ان المعري يرد على انتقاصه للمتنبي بقول المتنبي فى القصيدة نفسها واذا اتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي باني كامل فكانت محنته فى بغداد مع الفقهاء ونظرته الفلسفية للدين جعلته مطرودا ألى المعرة أصله وبيته سجينا وحيدا فى بيته (رهين المحبسين). بقى المعرى عاشقا لبغداد متأسفا على تركها متمنيا الوفاة فيها، قائلا يا لهف نفسى على أنى رجعت إلى هذى البلاد ولم أهلك ببغدادا كذلك قال المعرى فبئس البديل الشام عنكم وأهله على أنهم قومى وبينهم ربعى وعند خروجه من بغداد خرج معه الكثير من البغداديين لتوديعه فقال قصيدته في وداعها نبي من الغربان ليس على شرع يخبرنا ان الشعوب الى صدع وبقي يذكر بغداد ويرى انها لاتقارن بغيرها من العواصم: متى سالت بغداد عني واهلها فاني عن اهل العواصم سآل ويحن الى ربوعها: ياعارضًا راح تحدوه بوارقه ... للكرخ سلمت من غيث ونجيتا لنا ببغداد من نهوى تحيته ... فإن تحملتها عنا فحييتا يا ابن المحسن ما أنسيت مكرمة ... فاذكر مودتنا إن كنت أنسيتا سقيًا لدجلة والدنيا مفرقة ... حتى يعود اجتماع النجم تشتيتًا خيلاء المعرى اوقدها ضجيج عاصمة الدنيا وتزاحم الخلق والاهواء والمهارات قال مفتخرا وهو فى بغداد اني وان كنت الاخير زمانه ات بما لم تستطعه الاوائل ولعل هذا التفاخر والنزعة لاستعراض النفس والبراعات اللغوية التي لاتجارى هي من دفعت ابا العلاء الى بغداد لينازع ادبائها شرف البلاغة وينتزع منهم وهو الاعمى الاعتراف بقدراته التي تفوق قدرات المبصرين ثم مالبثت ان اطفاها العمر والعزلة في المعرة ، اذ لم يعرف عن المعري افتخارا بعد رحلته عن بغداد رغم غزارة ماانتجه فى معرة النعمان. واصبح شيئا من الهجاء في (اللزوميات) ، فهو بعد عودته للمعرة ولزومة بيته، الزم نفسه وشعره بشئ من التشاؤم على نفسه واعماله وصار يطرق مواضيع فلسفية لم يالفها ادب العرب كمثل تبشيره بالنبتانية: فلاتاكلن ما اخرج الماء ظالما ولاتبغ قوتا من غريض الذبائح ولاتفجعن الطير وهي غوافل بما وضعت فالظلم شر القبائح ودع ضَرب النحل الذي بكرت له كواسب من ازهار نبت صحائح وهناك مقولته المشهورة عندما وصف له الطبيب فروجا في مرضه فتحسسه وصاح : استضعفوك فاكلوك ، هلا اكلوا شبل الاسد وفي ذلك تصريح استعراضي من ابي العلاء فمن ذا الذي يريد اكل شبل الاسد حتى لو اصطاده او اصطاد الاسد نفسه! ثم ان الثيران تؤكل وهي ليست بالضعيفة جسديا! ومضى ابو العلاء في شعره عللاني فان بيض الاماني فنيت والدهر ليس بفان وله رسائل عديدة وأجوبته الكثيرة لما وصله من الأمراء والزعماء والفقهاء والأدباء وأصحاب المذاهب والفرق والمقالات وقد طرق مواضيع فلسفية لم يألفها أدب العرب كمثل تبشيره بالنبتانية: فلاتاكلن ما اخرج الماء ظالما ولاتبغ قوتا من غريض الذبائح ولاتفجعن الطير وهي غوافل بما وضعت فالظلم شر القبائح ولعل في تباين نفسية ابي العلاء في مقاميه في عاصمة مثل بغداد حيث انفتاحه وزهوه وافتخاره وتفاؤله وبين عزلته في بلدة صغيرة مثل المعرة مادة خصبة لعلماء النفس ليتدارسوا تاثير البيئة على مزاج الانسان وعاداته اليومية بل وعلى معتقداته الدينية والفكرية خصوصا اذا كان ذا اعاقة جسدية كالعمى الذي ابتلي فيه ابو العلاء منذ صغره (مثل بشار بن برد وطه حسين) وشدة الإبتلاءات والمحن التى عاناها، وآخرها قصة وفاته الغريبة بسبب مناقشة الأديان عقليا، تاركا أثرا ما يزيد على سبعين مصنفا. حيث لم يتزوج طيلة حياته وقد رثاه أكثر من ثمانين شاعرا آنذاك منهم القائل العلم بعد أبى العلاء مضيع والأرض خالية الجوانب بلقع ما كنت أعلم وهو يودع فى الثرى أن الثرى فيها الكواكب تودع رفض الحياة ومات قبل مماته متطوعا بأبر ما يتطوع قصدتك طلاب العلوم ولا أرى للعلم بابا بعد بابك يقرع ومن أروع القصائد هى للشاعر الكبير محمد مهدى الجواهرى فى ذكرى أبى العلاء وفيها قف بالمعرة وامسح خدها التربا واستوح من طوق الدنيا بما وهبا إن المعرى بصير بين عميان تمايز عنهم بحكمة وفلسفة ونقد خرق الحجب وتجاوز المحرم وأباح الممنوع فوصل إلى معدن المعرفة وأساسها العقل وهو يقول (لا إمام سوى العقل)، موصيا أن يكتب على قبره (هذا جناه أبى على وما جنيت على أحد) لتكون وصيته خالدة للأجيال مثيرة جدلا مستمرا كما أثاره فى حياته
وقف أكثر من ثمانين شاعرا على قبره وقال أحدهم في رثائه
رحل عن الدنيا تاركا ما يزيد على سبعين مصنفا خالدا
العلم بعد أبي العلاء مضيع والأرض خالية الجوانب بلقع
وصدق الجواهري حيث يقول في ذكرى المعري
لثورة الفكر تاريخ يحدثنا بأن ألف مسيح دونها صلبا
إنها ثورة فكرية ما أحوجنا وأحوج عصرنا لها كما يلخصه الحيدري
733 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع