ايلاف:عن دار العرب للنشر والتوزيع والدار العربية للعلوم صدرت مؤخراً للكاتب إبراهيم أحمد مجموعة قصصية بعنوان "66 قصة قصيرة جداً" تضم قصصه القديمة والجديدة في هذا النمط من القصة.
ويعد أبراهيم أحمد رائدا في هذا الفن القصصي في العراق حيث صدرت له في بغداد عام 1977 مجموعته القصصية الأولى عشرون قصة قصيرة جدا، وهي أول مجموعة قصصية تحمل على غلافها اسم القصة القصيرة جدا، لم يلبث هذا النمط القصصي أن أضحى في العقود الأخيرة تيارا كبيرا واضحا ومتميزا في القصة القصيرة في العراق.
وصدرت للكاتب بعد ذلك العديد من المجاميع القصصية وثلاث روايات، كان اخرها "ليلة الهدهد" التي صدرت العام الماضي.
66 قصة قصيرة جدا من القطع الكبير في 188 صفحة وصفحة للفنان جواد سليم.
من أجواء الكتاب قصة "قلوب الأمهات":
كانت الأم العجوز الأرملة منذ شبابها المؤود تعيش لوحدها في البيت بعد أن تركها ابنها الوحيد وهاجر. ولأنها لا تعرف القراءة والكتابة ،وبعينين أجهدهما السهاد المتواصل فلم تر وجوه الكثير من العجائز الوحيدات مثلها المطلات عليها من رفوف الكتب،وكيف هن يتحرقن شوقاً للحديث معها عن أبنائهن وأزواجهن العاقين منهم والأوفياء ولياليهن الدافئة والباردة معهم، وعن هجرهم وبعادهم المفروض عليهم أو الذي هفت إليه قلوبهم الجامحة والمنجذبة للمجهول، وما يرينه من بعيد على هذه الكرة التي تدور أمامهن مثل بلورة ساحر تضج بالألوان والدخان والوعود والأوهام. كانت الأم العجوز تحس بالنفور والشك وربما بالحقد على هذه الكتب التي جعلت ابنها يضل طريقه ويسافر بعيداً . خطر لها أن تتخلص منها .في قلوب الأمهات أن الأبناء يعودون عادة بعد أن تغدوا الكتب قديمة حائلة وصفراء وتالفة ولا تصلح لشيء. وفي الكتب يعود الأبناء عادة بعد موت الأمهات! تحاملت العجوز على نفسها ودعت جارتها لحمل ما تريد من الكتب ، وتشعل بها تنورها .
فكرت العجوز أنها بهذا حققت شيئين عظيمين. فهي ربما عجلت بمجيء أبنها الغائب الذي لا بد أن قلبه قد تعب من التطواف وراء البراري والبحار وأسقطت دليلاً على أن ابنها ما يزال بعد عودته يقرأ أو يفكر،ومن المفيد أن يرى ذلك رجال الأمن الذين مازالوا يترصدون بيتها رغم أن ابنها غادرها منذ أكثر من عشرين سنة.الجارة فكرت أن المرأة المهجورة رغم صمتها فهي تريد بهذه الكتب ثلاثة أرغفة من الخبز ،لكنها قررت أن تعطيها رغيفاً واحداً!
999 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع