أحكام قضائية مشدّدة لتفكيك جماعة "القربان" المحظورة في العراق

العربي الجديد:أصدرت محكمة جنايات ذي قار جنوبي العراق حكماً بالسجن المؤبد بحقّ عضو بارز في جماعة "القربان" الدينية المحظورة في العراق بعد إدانته بتحريض أطفال على الانتحار. يأتي الحكم في إطار توجّه قضائي لتفكيك الجماعة التي نشطت في الأشهر الأخيرة، وأثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الدينية والاجتماعية، وبالتالي محاسبة أعضائها قانونيّاً. وسبق أن اعتقلت قوات الأمن في العراق عشرات المنتمين إلى هذه الجماعة، غير أن الحملات الأمنية لم تقضِ عليها حتى الآن.

ووفقاً لمصدر قضائي، نقلت عنه محطات إخبارية محلية، فإنّ "المتّهم ثبتت عليه أدلة قاطعة تؤكد تورّطه في استدراج عدد من القاصرين، ودفعهم نحو إيذاء النفس والانتحار تحت عناوين مضلّلة". وأضاف أنّ "الحكم يأتي في إطار الحزم الذي تتّبعه السلطة القضائية ضدّ كل من تسول له نفسه تهديد السلم المجتمعي أو التلاعب بعقول الفئات الضعيفة"، مشدداً على أن "الأحكام الصارمة ستطاول كل من ينخرط في مثل هذه الأنشطة المنحرفة، حمايةً للنسيج الاجتماعي وسلامة الأفراد".

ونشطت جماعة القربان أو "العلّاهية" في عدد من المحافظات، خصوصاً محافظة ذي قار الجنوبية، وتنفّذ طقوساً قاسية ومتطرّفة تتضمّن تقديم أشخاص قرابين إلى الإمام علي بن أبي طالب من خلال الانتحار بطرق بشعة، الأمر الذي تسبّب في اضطرابات اجتماعية وأمنية بمحافظات جنوبي العراق، وقد سجّلت محافظات ذي قار وميسان والبصرة والقادسية (الديوانية)، عشرات حالات الانتحار داخل المنازل وبعض الجوامع التي يتّخذونها مقارّ لهم.

ومعظم من أقدموا على الانتحار من المنتمين للجماعة كانوا قد تركوا رسائل مكتوبة أفادوا فيها بأنّهم "قرابين للإمام علي بن أبي طالب". ويبدو أنّ جماعة "القربان" تملك تنظيماً واضحاً وقنوات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، ويحظى بعض رموزها باهتمامٍ كبير، كما أنّهم يعمدون إلى تنفيذ طقوس إيذاءٍ جسدي، تشمل الضرب على الرؤوس، وطعن الجسم، ولديهم أناشيد تحثّ على هذه الطقوس.


سبق أن أصدرت محاكم الجنايات في محافظتَي ذي قار وواسط أحكاماً عديدة على أشخاص مُدانين بالانتماء إلى هذه الجماعة. وتراوحت الأحكام بين السجن المؤبد، والسجن لسنوات متفاوتة، استناداً إلى قانون العقوبات العراقي، فيما لا يزال العشرات في السجون.

وقال مسؤول قضائي عراقي، فضّل عدم الكشف عن هويته، إنّ "العشرات من الجماعة ما زالوا ينتظرون الأحكام القضائية التي ستصدر بحقّهم لاحقاً"، مبيّناً لـ"العربي الجديد"، أنّ "غالبية ملفات هؤلاء أُنجزت وعُرضت على القضاة المختصّين، بانتظار صدور الأحكام"، مشيراً إلى أهمية العقوبة القانونية كجزء من عملية ردع هؤلاء.

ويؤكد ناشطون عراقيّون، أنّ القوات الأمنية تواصل ملاحقة هذه "الجماعة المنحرفة"، حيث تمّ اعتقال عدد منهم خلال الشهر الماضي. وقال الناشط عن محافظة ذي قار، حسن الخفاجي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "عمليات الملاحقة الأمنية والأحكام القضائية، حجّمت من نشاط الجماعة في محافظات ذي قار والديوانية وواسط".

وأشار إلى أنه "لم يتم القضاء على الجماعة، لكن استمرار عمليات ملاحقتهم والتعامل القضائي الصارم معهم سيطوّق الجماعة ويقضي عليها"، داعياً إلى "محاربة هذا الفكر بتنشيط حملات التوعية في المجتمع، من خلال التعاون بين أجهزة الدولة والجهات الأكاديمية المتخصّصة والمنظمات المدنية، إذ إن الفكر المنحرف يجب أن يحارب بفكر معتدل".
وكان أول ظهور لهذه الجماعة قبل نحو أربع سنوات في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، حيث أقدم عدد من عناصرها على الانتحار في منازلهم وفي هياكل لمنازل قيد الإنشاء، بالإضافة إلى دور عبادة. واتّضح لاحقاً أنّ عناصر الجماعة يجتمعون للحديث عن الذنوب التي يرتكبها البشر، وأهمية التضحية للإمام علي بن أبي طالب، ثم إشعال الشموع في نهاية الحديث، ومن تنطفئ شمعته أولاً يُقدم على الانتحار، مع العلم أنّ أغلبهم من الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 20 عاماً، وعادة ما ينتشرون في أطراف المدن الكبيرة وفي القرى والأرياف والمناطق النائية حيث الفقر والبطالة.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

820 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع