الأسد والشمس.. رموز ودلالات ثقافية في رسائل إسرائيل بالفارسية إلى الإيرانيين

الجيش الإسرائيلي يتوجه إلى الجمهور الإيراني عبر المتحدث الرائد كمال بنهاسي من مواليد إيران، الذي يقوم بتحميل مقاطع فيديو موجهة للشعب الإيراني باللغة الفارسية.

العرب/القدس - كثّفت إسرائيل رسائلها باللغة الفارسية عبر قنواتها الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد وقت قصير على شنّ هجماتها على إيران وبدأت بنشر صور درامية غنيّة بالرموز والدلالات التاريخية تستهدف بوضوح الجمهور الإيراني.

ويتوجه الجيش الإسرائيلي إلى الجمهور الإيراني عبر المتحدث الرائد كمال بنهاسي (62 عاما) من مواليد إيران، الذي يقوم بتحميل مقاطع فيديو موجهة للشعب الإيراني باللغة الفارسية الأصلية.

واعتمدت الرسائل التي تبثّها الحكومة الإسرائيلية باللغة الفارسية على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير على الرموز التاريخية مثل الأسد والشمس، وهي صور تحمل دلالات سياسية وثقافية عميقة في إيران.

وقد كانت هذه الرموز جزءا من الشعار الرسمي لإيران في عهد الشاه، قبل الثورة الإسلامية عام 1979، وتُعيد إسرائيل استخدامها اليوم في ما يبدو أنه محاولة لإبراز القوة والهيمنة، مع التوجّه نحو استمالة الجمهور الإيراني المعارض للنظام.

وترتبط رمزية الأسد والشمس أيضا بتأويلات توراتية. ففي اليوم السابق للهجوم الإسرائيلي على إيران، ترك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورقة في حائط البراق (الحائط الغربي) كتب فيها “شعب يقوم كلبوة، يرتفع مثل الأسد”، في إشارة إلى أقوال النبي بلعام.

وقامت الحسابات الرسمية الإسرائيلية مرات عدة بنشر علم إيران ما قبل الثورة، كما استخدمت رموزا مرتبطة به، مع محتوى يبدو موجّها إلى الإيرانيين المعارضين للنظام، لاسيما أنصار الملكية الذين يعيش معظمهم خارج إيران.

وفي مقاطع الفيديو يكشف الرائد كمال للإيرانيين كيف قام نظامهم بتمويل منظمات إرهابية بمليارات الدولارات من أموال ضرائب الشعب الإيراني. وفي الوقت نفسه قام بتحميل مقاطع فيديو يكشف فيها نتائج الهجمات الصاروخية التي أطلقت من إيران ودول أخرى باتجاه إسرائيل. ويكشف في مقاطع الفيديو معلومات حاول النظام الإيراني إخفاءها.

ويكتسب المشروع الدعائي نجاحا، ويكتسب اللواء كمال بنهاسي شعبية على وسائل التواصل الاجتماعي في إيران، خاصة بين الشباب، وأمر المرشد الإيراني علي خامنئي في وقت سابق مجموعة من المتسللين باقتحام حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للرائد كمال بنهاسي، لكن ذلك لم يمنعه من الاستمرار في العمل.

ونقلت صحيفة معاريف عن المتحدث بنهاسي قوله “نرى اهتماما أكبر بما أطرحه. الرسائل التي ننقلها تستهدف شيئين، رسائل من جيش الدفاع الإسرائيلي، والشيء الثاني رسالة أوجهها إلى الشعب أبين له فيها ما فعلته الحكومة بأموال الشعب الإيراني، وهذا يشجعني.”

وتنشط الحكومة الإسرائيلية منذ زمن طويل على وسائل التواصل الاجتماعي الناطقة بالفارسية. فحسابها الرسمي على منصة إكس التابع لوزارة الخارجية، أنشئ عام 2010، ويضم هذا الحساب الآن أكثر من 600 ألف متابع.

وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” أن المنشورات التي كثيرا ما تتخذ طابعا رمزيا، على الحسابات الرسمية الإسرائيلية، بما في ذلك تلك الناطقة بالفارسية (التي تديرها قوات الدفاع الإسرائيلية ووزارة الخارجية)، تعتمد بشكل كبير على الصور الرمزية، في تناقض صارخ مع الرسائل باللغة العبرية على الحسابات الموازية، والتي تركّز غالبا على التصريحات الرسمية والتحديثات التكتيكية.

وكان هذا الحساب نشطا للغاية أيضا خلال الاحتجاجات الواسعة في إيران عام 2022، حيث استهدف مستخدمي إكس المناهضين للنظام الإيراني.

ويمتلك حساب “إسرائيل بالفارسية” أيضا قناة نشطة على تطبيق تليغرام تضم نحو 600 ألف مشترك، وصفحة على إنستغرام يتابعها حوالي مليوني مستخدم، وهما من أكثر منصات التواصل الاجتماعي شعبية بين الإيرانيين.

أما حساب “قوات الدفاع الإسرائيلية بالفارسية” على منصة إكس الذي أُطلق عام 2019 ويضم نحو 100 ألف متابع، فقد كان نشطا أيضا، لاسيما منذ بداية الحرب الحالية.

وقد أبدى العديد من مستخدمي وسائل التواصل الإيرانيين من أنصار النظام الملكي، والذين يدعمون رضا بهلوي ابن الشاه الأخير المنفي، إلى جانب بعض المعارضين الآخرين، دعما ملحوظا لإسرائيل خلال السنوات الماضية، وخصوصا منذ بداية الحرب في غزة.

كما أن بعض الإيرانيين الملكيين ينتمون إلى الجالية اليهودية الإيرانية المقيمة في إسرائيل أو في الخارج، ويتشاركون في مشاعر العداء أو النقد الشديد للنظام الإيراني الحالي.

وفي أحد الأمثلة، نشر حساب “قوات الدفاع الإسرائيلية بالفارسية” صورة لأسد يقف فوق طائرة مقاتلة أميركية من طراز أف – 35، وتُضيئه شمس مشرقة من الخلف، للإعلان عن بدء عملية “الأسد الصاعد”، وهو الاسم الرمزي الذي أطلقته إسرائيل على حملتها العسكرية ضد إيران في الثالث عشر من يونيو. ومنذ ذلك الحين، تم تداول نسخ متعددة من هذه الصورة مرات عدة.

وبالإضافة إلى استخدام طائرات أف – 35، تضمنت منشورات أخرى صورة لنسر أصلع يحمل أعلاما إسرائيلية على جناحيه، في محاولة واضحة لإظهار الدعم القوي الذي تتلقاه إسرائيل من الولايات المتحدة.

وفي منشور آخر من حساب “إسرائيل بالفارسية”، ظهر أسد وهو يدمر شعار الجمهورية الإسلامية. وقد جاء في التعليق المرافق “انتفاضة الأسود من أجل انتصار النور على الظلام”.

ولقد اقترنت الرمزية برسائل حادة ومباشرة. ففي أحد مقاطع الفيديو التي نشرها حساب “إسرائيل بالفارسية”، ظهر مسؤول عسكري إيراني وهو يربّت على صاروخ، مرفقا بالتعليق “لن نسمح لأخطر نظام في العالم بالحصول على أخطر سلاح في العالم”.

وبرزت منشورات أخرى تؤكد استهداف إسرائيل لكبار قادة الجيش الإيراني، مع رسائل تقول “لا ملاذ للإرهابيين” و”إذا هددتم إسرائيل بالدمار، فستُحاسبون”.

وفي أحد المنشورات، سخر الحساب من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، من خلال نشر صورة مولّدة بالذكاء الاصطناعي تُظهره محاطا بجثث قادة في الحرس الثوري الإيراني.

وتبدو هذه الإستراتيجية الإعلامية مصمّمة خصيصا لتستهدف المعارضين الإيرانيين، وقد اقترنت بنداء مباشر من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للإيرانيين في مقطع فيديو نُشر في الثالث عشر من يونيو.

ففي رسالة مصوّرة تحدّث فيها بالإنجليزية مع ترجمة فارسية، استحضر نتنياهو الروابط القديمة بين الشعبين، قائلا “لقد كان شعب إيران وشعب إسرائيل صديقين حقيقيين منذ أيام قورش الكبير، وقد آن الأوان لأن تتوحّدوا تحت رايتكم وإرثكم التاريخي من خلال الوقوف دفاعا عن حريتكم في وجه نظام شرير وقمعي.” وتابع “هذه فرصتكم للنهوض وإسماع أصواتكم. نساء، حياة، حرية”، متبنّيا شعار احتجاجات 2022 المناهضة للنظام.

كما طُرحت إمكانية “تغيير النظام” من قبل عدد من المسؤولين ووسائل الإعلام الإسرائيلية، الذين عبّروا عن أملهم في أن تؤدي الحملة العسكرية الإسرائيلية إلى إشعال احتجاجات داخل إيران، تمهّد لإسقاط النظام.

وقد واصل حساب “قوات الدفاع الإسرائيلية بالفارسية” نشر التحديثات بشأن الضربات العسكرية الإسرائيلية التي تستهدف مواقع إيرانية، حيث تولّى بعض هذه التصريحات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة الفارسية كمال بنهاسي.

وتشكّل الحسابات الناطقة بالفارسية تناقضا واضحا مع حسابات الجيش الإسرائيلي باللغتين الإنجليزية والعبرية، إذ تخلو هذه الأخيرة من أي رسائل رمزية تتعلق بإيران، أو تحذيرات شديدة اللهجة ضد قيادتها، أو صور توضيحية تهدف إلى إظهار قوة العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

922 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع