جندي عراقي يقف حارساً أمام سجناء ينتظرون إطلاق سراحهم من مركز الاحتجاز في الرصافة ببغداد في 29 أبريل 2010.
الحرة:ماذا سيحدث للجهاديين الـ11 الذين حُكم عليهم بالإعدام في العام 2019 ثمّ بالسجن المؤبد في العراق؟ يطلب جميع هؤلاء قضاء عقوبتهم في فرنسا، بينما توجّه قاضي تحقيق فرنسي إلى العراق للتحقيق مع اثنين منهم على الأقل بشأن تعرّضهما للتعذيب، وفقا لوكالة فرانس برس.
وحسبما أفادت النيابة العامة الوطنية لمكافحة الإرهاب وكالة فرانس برس، فإنّ قاضي وحدة الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس يحقّق منذ ديسمبر 2023 في اتهامات بشأن تعرّض الجهاديين المذكورين للتعذيب ولعقوبات ومعاملة غير إنسانية ومهينة ولاعتقال تعسّفي.
وقال ريتشارد سيديو محامي المدّعيَين إبراهيم نجارة وفياني أوراغي "لا يمكننا أن نسمح بأن يضيع فرنسيون في السجون، بغض النظر عن خطورة الأفعال المتهمين بارتكابها".
وأضاف "لا أطلب تبرئتهم بشكل مسبق، ولكن من الضروري أن يتم الحكم عليهم في ظروف عادلة، وليس في خمس دقائق، من دون محامٍ. نحن بحاجة إلى إجراء تحقيق وإصدار حكم في فرنسا".
واستغرقت الشكوى التي تمّ تقديمها عبر تشكيل طرف مدني في سبتمبر 2020، وقتا طويلا قبل تثبيتها. وقررت المحاكم في البداية عدم التحقيق، لكن المحامي استأنف وحصل على بدء التحقيقات.
ويمنح هذا القرار أملا لأربعة جهاديين آخرين قدّموا شكوى أيضا.
حكم مخفّف
بعد سقوط تنظيم الدولة الإسلامية، حُكم على 11 جهاديا بالإعدام شنقا في يونيو 2019. وفي مايو 2023، خفّفت المحاكم العراقية هذا الحكم إلى السجن المؤبّد.
وقال مصدر قضائي إنّ تخفيف الحكم جاء نتيجة تبادلات بين قضاة البلدين، إذ أنّ العراقيين أبدوا "حرصا شديدا على التعاون" مع النظام القضائي الفرنسي، الذي يحقّق بشأن هؤلاء الأشخاص. وقالت النيابة العامة الوطنية لمكافحة الإرهاب أنّ الجهاديين الـ11 صدرت بحقّهم مذكرات اعتقال بتهمة الارتباط بجماعة إرهابية إجرامية.
وفي هذا الإطار، أشار المصدر القضائي إلى أنّ "جميعهم كانوا يشغلون مناصب عليا في تنظيم الدولة الإسلامية، وبعضهم شارك في التخطيط لهجمات في فرنسا قبل مغادرته ثم أثناء وجوده في المنطقة العراقية السورية".
ووفق وزارة العدل، فإنّ ثلاثة فرنسيين معتقلين في العراق، بينهم امرأتان، تطاولهم تحقيقات في إطار مكافحة الإرهاب.
وأوضح المصدر القضائي أنّه لمتابعة هذه التحقيقات، فإنّ القضاة يبحثون عن وسيلة "للاستماع للمشتبه بهم من دون المساس بحقوقهم"، مضيفا أنّهم "توسّطوا لدى العراقيين ليقبلوا بإرسال محامين".
واقترح القضاة إجراء جلسات استجواب بموجب وضع الشاهد المساعد، وهو ما رفضه عدد من المعتقلين عبر محاميهم.
وقالت ماري دوزي وهي محامية أحد الجهاديين، إنّ "الاستماع إليهم وهم يعرفون جيدا ظروف احتجازهم هو بمثابة تغاض عن ظروف الاحتجاز هذه"، متسائلة "كيف يمكننا استجواب متقاضٍ مع العلم أنّه يتعرّض لمعاملة غير إنسانية ومهينة ثمّ نعود إلى باريس كأن شيئا لم يكن؟".
استجواب في العراق
من جهة أخرى، قبِل بعض المشتبه بهم بإجراء استجواب في ديسمبر 2023.
وتمّ استجواب فضيل طاهر عويدات الملقّب "أبو مريم" ليومين من قبل قاضٍ فرنسي بحضور قاضٍ عراقي ومحقّق ومحامٍ. وكان عويدات قد غادر إلى سوريا في العام 2014 مع 22 فردا من عائلته.
وندد ماتيو باغار الذي يدافع عن ثلاثة متهمين آخرين بـ"تشويه الإجراءات".
وأشار إلى أنّ القضاء الفرنسي يجري "جلسات استجواب لا تستوفي حقوق الدفاع، ممّا يضعف الإجراءات" بدلا من انتظار تنفيذ مذكرة الاعتقال ونقل المتهمين إلى فرنسا.
بدورها، قالت شيرين حيدري مالاييري التي تدافع عن أحد المتهمين، إنّ "الترحيل هو القاعدة، والمشكلة أنّ السلطات الفرنسية تحيد عنها من دون مبرّر".
وقال ممثلان لجمعيات ضحايا الهجمات، هما جورج سالينس وآرثر دينوفو، لوكالة فرانس برس، إنّهما يريدان إعادتهم إلى بلادهم من أجل "مزيد من الشفافية" في التحقيقات.
وفي العراق، قال مصدر قضائي طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس إن بلاده "لم تتلقَّ أي طلب رسمي من السلطات الفرنسية لإعادة المحكومين الفرنسيين إلى بلادهم".
زار أربعة محامين سجن الرصافة في خريف العام 2023 وفي فبراير 2024.
واستخلصوا من تواصلهم غير السري مع موكليهم مذكّرتين مثيرتين للقلق، تمّت إحالتهما على القضاء الفرنسي وتمكّنت وكالة فرانس برس من الاطلاع عليهما.
وبحسب هاتين المذكرتين، فإنّ السجناء يعيشون في "زنزانات" مكتظة بأكثر من 120 رجلا، وليس فيها سوى دش واحد ومرحاضين.
كما أنّهم لا يستخدمون سوى "زجاجة تحوي ليترا ونصف ليتر من الماء في اليوم، وذلك للشرب والاهتمام بنظافتهم وغسل أطباقهم".
ولا يتلقى النزلاء العلاج، حتى من يعاني منهم أمراضا خطيرة.
1010 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع