الشرق الأوسط/بغداد: فاضل النشمي:وسط «العتمة» السياسية التي تمر بها البلاد منذ أشهر، أقيم في حدائق شارع أبي نواس المطلة على نهر دجلة في بغداد، أمس، الموسم السادس لفعالية «أنا عراقي... أنا أقرأ»، وسط حضور لافت من فئات اجتماعية وعمرية مختلفة، وبدأت الفعاليات في المحافظات الثلاثة عند الساعة الخامسة عصراً، واستمرت إلى الساعة التاسعة مساءً.
المهرجان انطلق لأول مرة ببغداد في سبتمبر (أيلول) 2012 لإشاعة ثقافة القراءة بين مختلف الفئات الاجتماعية، خصوصاً الشباب منهم، وانضمت هذه السنة، لأول مرة، إليها مدينة الموصل التي ما زالت تعاني من آثار الحرب ضد «داعش»، كما التحقت بها للمرة الثانية محافظة ميسان الجنوبية.
وبحسب القائمين على المهرجان، فإنه نشاط ثقافي اجتماعي يهدف إلى نشر ثقافة القراءة في أوساط المجتمع بالوسائل كافة، بجانب أنه «محفل للوعي يركز على شرائح المجتمع الفقيرة التي لم تتلق تعليماً كافياً، والطبقات الفقيرة من القراء الذين لا يستطيعون شراء الإصدارات الحديثة من الكتب لغلاء أسعارها». ويعمد أصحاب المكتبات وشخصيات اجتماعية مختلفة إلى التبرع بالكتب المعروضة للقراءة والحيازة.
ويؤكد القائمون أيضاً أن «الكتب التي حصلوا عليها هذا العام بلغت نحو 40 ألف كتاب في مختلف الاختصاصات الأدبية والعملية»، وكذلك الحال بالنسبة لمحافظتي نينوى وميسان، كما يؤكدون أن «عملية اقتناء الكتب وحيازتها هذه المرة ستتم عبر وصل تسلم خاص، كي يتمكن عدد كبير من الشباب من الحصول على كتاب واحد مجاناً، وليس كما حدث في المرات السابقة من حصول البعض على عدد كبير من الكتب وحرمان الآخرين».
وإذا كانت فعالية بغداد أقيمت على حدائق شارع أبي نواس القريبة من تمثالي شهريار وشهرزاد، فإن الرصيف المعرفي في كورنيش العمارة احتضن فعالية القراءة في ميسان، وفي منطقة الغابات، عند المخيم الكشفي، أقيم مهرجان الموصل.
الناشط والمساهم في فعاليات القراءة ستار عواد أبلغ «الشرق الأوسط»، أن «فترة التحضيرات للمهرجان بدأت مطلع يوليو (تموز) الماضي واستمرت حتى يوم المهرجان، وشارك فيها أكثر من 70 متطوعاً من بغداد، و30 متطوعاً في ميسان، و50 في الموصل».
وعن أهم النشاطات المرتبطة بفترة التحضير، يقول عواد: «قيام فرق المتطوعات والمتطوعين بنشر إعلانات ترويجية عن المهرجان، في جميع المناطق وفي 3 محافظات، مع عقد لقاءات مع دور النشر والقراء وجمهور المهرجان والتنسيق مع الضيوف من الكتاب والمكتبات في شارع المتنبي وأصحاب المكتبات والمقاهي الثقافية والملتقيات في المناطق المختلفة». كما استقبلت اللجنة التحضيرية للمهرجان خلال الأسابيع الماضية وصولاً إلى موعد انطلاق الفعالية أمس، «التبرعات بالكتب القديمة والمستعملة ومن أصحاب الكتب الذين يريدون مبادلة كتبهم مع آخرين».
وشارك كتاب وفنانون في حملة الترويج لمهرجان القراءة، حيث تحدث الروائي أحمد السعداوي، عبر كلمة مسجلة في «فيسبوك»، عن ضرورة المشاركة في النشاط الثقافي المعبر عنه بالقراءة وبعض النشاطات الأخرى، كذلك حث الممثل مقداد عبد الرضا، في كلمة مماثلة، الشباب، للالتحاق بالمهرجان ودعمه.
المهرجان لا يقتصر على فعالية القراءة فقط، وهناك فعاليات للموسيقى والرسم والنحت، كذلك القيام بقراءات حية، وفقرات مخصصة للطفولة ومسابقة أفضل قارئ، وجميع تلك النشاطات تتم في الهواء الطلق رغم موجة الحر الشديد التي يمر بها العراق هذه الأيام.
كما يدعم المهرجان، الكتاب الشباب والجدد، ويستقبل حفلات لتوقيع الكتب الصادرة مؤخراً.
وفي ميسان، خصص القائمون على المهرجان سبع جوائز للمتميزين من الشباب القراء، والجوائز عبارة عن 6 مجلدات لكتب تاريخية صادرة عن دور نشر مشهورة.
الإعلامية والناشطة المدنية جمانة ممتاز البجاري، ترى أن الفعالية «تأكيد لإصرار الشباب على أن هناك حياة مختلفة في العراق بعيدة عن تلك التي يصنعها السياسيون، حياة مليئة بالنشاط وحب المعرفة والثقافة والفن وكل الجماليات التي يتمتع بها الإنسان».
وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المبادرات الثقافية هي واحدة من أساليب رفض كل ما يصدر عن المسؤولين السياسيين من فشل في عملية إدارة البلاد، وما يصدر عنهم من سلوكيات تعمق الصراعات في المجتمع وتزيد إحباطه».
وتعتقد البجاري، التي تنحدر من محافظة نينوى، أن «إقامة الفعالية هناك تكشف عن مسعى لإعادة الموصل إلى أحضان الوطن مجدداًـ ووضعها في دائرة الاهتمام وتحفيز شبابها على الاهتمام بالنشاطات المدنية والإنسانية».
850 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع