نصف مليون طفل عراقي يتركون مدارسهم للالتحاق بسوق العمل

       

قدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” أن أكثر من نصف مليون طفل عراقي انخرطوا في سوق العمل عوضا عن الذهاب إلى المدارس مع تراجع في دخول العائلات بسبب العنف والنزوح.

العرب/بغداد- تضاعف عدد الأطفال العاملين في العراق ليصل إلى أكثر من 575 ألفا بدءا من العام 1990 الذي شهد هجوم العراق على الكويت، وصولا إلى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 ثم الصراع الطائفي الذي لا يزال مستمرا حتى اليوم. وقال علي حسين خضير (12 عاما) الذي يعمل في ورشة حدادة ببغداد “كنت أداوم بالمدرسة وكنت اشتغل هنا نصف يوم.. فانقطعت عن المدرسة لأن راتبي قليل”.

وتقول منظمة اليونيسيف إن نحو 10 بالمئة من أطفال العراق (أي نحو مليون ونصف مليون طفل) أجبروا على النزوح منذ بداية العام 2014 بسبب العنف الدائر. وفي 2014 سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات كبيرة من شمال العراق وغربه. وأضافت المنظمة التابعة للأمم المتحدة، أن 20 بالمئة من مدارس العراق أغلقت بسبب الصراع ولم يعد بوسع نحو 3.5 مليون طفل الالتحاق بمقاعد الدراسة. ووفق تقديرات لليونيسيف، فإن 3.6 مليون طفل على الأقل في العراق يواجهون خطر الموت أو التعرض لإصابة خطيرة أو لعنف جنسي أو للخطف أو للتجنيد في فصائل مسلحة، أي بزيادة قدرها 1.3 مليون طفل مقارنة مع 18 شهرا مضت.

وقال خضير “أتمنى الرجوع إلى المدرسة واللعب مع أصدقائي.. سوف أشعر بالسعادة حين أعود إلى المدرسة الآن وأتعلم وأكتب وأقرأ”. وتقول اليونيسيف إن نحو 4.7 مليون طفل عراقي بحاجة إلى مساعدة إنسانية بينما تواجه الكثير من العائلات الآن أوضاعا متردية بعد العمليات العسكرية التي يقودها الجيش العراقي ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وقال كرار جعفر، البالغ من العمر 14 عاما الذي يعمل في ورشة لإصلاح السيارات، “جئت لاشتغل وأتعلم حرفة أفضل من المدرسة.. المتخرجون ما هي حقوقهم؟”، وأضاف “تعلم حرفة أفضل بكثير بالنسبة إليّ”.

وأكدَّ متخصصون وناشطون عراقيون خلال ندوة توعية عقدت من أجل التحسيس بمخاطر عمالة الأطفال في العراق، نظمتها كلية التمريض بالتعاون مع مؤسسة “عمار الخيرية” بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، أن تفاقم ظاهرة عمالة الأطفال في العراق، هو بمثابة “سلاح دمار شامل” يهدد البنية الاجتماعية، ودعوا الحكومة ومنظمات المجتمع المدني إلى التعاون للحد منها وتطبيق القوانين الخاصة بمنعها.

وأوضح عميد كلية التمريض أمين الياسري، أن “البحوث المشاركة في الندوة كرست لمكافحة ظاهرة عمالة الأطفال التي أنتلي بها المجتمع العراقي خاصة أن نطاقها يتسع باستمرار بسبب عدم تطبيق قوانين الضمان الاقتصادي والاجتماعي والصحي، وعدم مساعدة الأسر الفقيرة اقتصاديا”، مشيرا إلى أنه على الرغم من النداءات المستمرة من المنظمات الدولية وتحذيرها من اتساع نطاق هذه الظاهرة السلبية الخطيرة وما نص عليه الدستور العراقي بشأن حظر عمالة الأطفال، إلا أنها في اتساع مستمر ما يتطلب وضع خارطة طريق للحد منها بمشاركة المنظمات الإنسانية.

ومن جانبه قال رئيس فرع الأسرة والمجتمع والخبير في منظمة الصحة الدولية، حسن علوان بيعي في حديث أدلى به إلى “المدى برس”، إنّ “عمالة الأطفال ظاهرة سرطانية خبيثة تنهش جسد المجتمع العراقي وسلاح الدمار الشامل يهدد بنيته الاجتماعية”، مبينا أن “دراسة أجريت على مئة طفل دون سن الـ15 في مدينة الحلة يعملون في مهن مختلفة بالمقارنة مع مئة آخرين لا يعملون، كشفت عن وجود فرق كبير بين المجموعتين، كون الأولى غادرت مرحلة الطفولة وفقدت الأشياء الجميلة، بما فيها التعليم والصحة، كي تساعد عوائلها”.

وحذر بيعي من “المخاطر المترتبة عن عمالة الأطفال ومنها التسول وتعاطي المخدرات والجريمة والشذوذ وتفشي الأمراض من جراء ممارسة مهن خطيرة”، مطالبا الحكومة ومنظمات المجتمع المدني بضرورة “التعاون للحد من هذه الظاهرة الخطيرة”. كما دعت مديرة مؤسسة عمار الخيرية خلود الخفاجي إلى “مكافحة عمالة الأطفال بمختلف السبل من خلال تطبيق القوانين بما يمنع هذه الفئة من ممارسة الأعمال الشاقة”.

وتؤكد التقارير العالمية أن الأطفال في العراق يعانون من مشاكل كبرى، ويقعون تحت طائلة العمالة القاهرة، وتهضم حقوقهم في أكبر المستويات، حيث هضمت كل حقوق هذه البراءة (الأطفال) لتجدها في شوارع العراق تتسول في النفايات.

وبمناسبة اليوم العالمي لمحاربة عمالة الأطفال أطلقت هيئة رعاية الطفولة بالتعاون مع منظمة اليونيسيف، تقييما لأسوأ أشكال عمالة الأطفال في العراق، الذي نفذته اليونيسيف مع مؤسسات تعنى بالأطفال، كمؤسسة الأمل العراقية، وشمل خمس محافظات (بغداد، كركوك، البصرة، ذي قار، والنجف)، وذلك من أجل الوصول إلى فهم أفضل لوضع الأطفال المنخرطين في العمل، وقياس حجم المخاطر التي يتعرضون لها.

وقدمت الباحثة إلهام مكي عرضا لمخرجات التقييم ولأسوأ الأشكال المترتبة عن عمالة الأطفال، وتصورا عاما حول المنهجية والتحديات والنتائج والتوصيات، وأشارت إلى أن هذا النوع من التقارير السريعة الذي يتبنى المنهج الكيفي، وأن العينة قد تناولت خمسة أشكال لعمالة الأطفال، وهي (الأطفال العاملون في معامل الطابوق في بغداد، والباعة المتجولون في البصرة، والأطفال العاملون في المقابر بالنجف، واستغلال الأطفال في الدعارة، والأطفال المتسولون في شوارع العراق).

وكشفت منظمة العمل الدولية أن عدد الأطفال المنخرطين في سوق العمل بأنحاء العالم يقدر بـ168 مليون طفل، يعمل 85 مليونا منهم في أعمال خطيرة. وذكرت منظمة اليونيسيف أن 3 ملايين و600 ألف طفل في العراق معرضون بشكل جدي لمخاطر الموت، والإصابة، والعنف الجنسي، والاختطاف، والتجنيد في الجماعات المسلحة. وذكر التقرير، الذي يحمل عنوان “الثمن الباهظ الذي يتكبده الأطفال”، أن عدد الأطفال المعرضين لتلك الانتهاكات قد زاد بمقدار مليون وثلاثمئة ألف خلال الأشهر الـ18 الماضية. وقال بيتر هوكينز، ممثل اليونيسيف في العراق: “الأطفال يتم خطفهم وتجنيدهم كما يتعرضون للاعتداءات. إن حقوق الأطفال وحمايتهم تتقلصان كل يوم مع تزايد الصراع وتطوره”.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

708 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع