مهد كارتوني ماتت فيه رضيعة بردا
يتعرض أطفال الأسر العراقية النازحة إلى الموت بسبب البرد أكثر من سواهم من الأعمار الأخرى، وهو ما دعا العديد من الناشطين المدنيين الى استصراخ الضمائر خاصة مع إعلان مفوضية حقوق الإنسان عن وفاة 1500 طفل نازح.
عبدالجبار العتابي/بغداد: كثيرة هي الاستغاثات التي تأتي من الأسر النازحة في العديد من المخيمات لانقاذ الاطفال خاصة مع البرد القارس الذي يتعرضون له، وغالبا ما يتحدث الناشطون المدنيون والاعلاميون عن هؤلاء الاطفال الذين تزداد اعداد المتوفين منه بسبب النقص في الغذاء والدواء والدفء أيضا، وهو يعيشون وسط ظروف صعبة، فيما أثارت صورة طفلة رضيعة ماتت من شدة البرد وضتها امها في مهد (كارتوني) في محافظة بابل الخميس الماضي ردود أفعال ساخطة وموجعة.
ما سبق، جعل بعض الشباب من الناشطين المدنيين يجدون في احدى زوايا شارع المتنبي يوم الجمعة الماضي مكانا مناسبا لاطلاق احتجاجات ضد ما يتعرض له اطفال الاسر النازحة في هذا الشتاء البارد وقد حمل البعض صورة الرضيعة المتوفية، وكانوا في هتافاتهم ونداءاتهم يحاولون لفت انتباه الدولة (النفطية) الغنية ومطالبين الرئاسات الثلاث والبرلمانيين الى التبرع برواتبهم لشهر واحد فقط لهؤلاء النازحين وبالاخص منهم الاطفال .
مهد كارتوني في بلد البترول
فقد أعربت علياء الانصاري،عاملة مجتمعية في مجال حقوق المرأة في محافظة بابل، عن اسفها لهذا الموت للأطفال النازحين، وقالت: "تلقينا اتصالا هاتفيا من مدير دائرة الهجرة في بابل، يقول: (هناك طفلة عمرها 4 ايام، ماتت من البرد، هل لكم ان تذهبوا الى اسرتها؟!)، ذهبنا..، امّ، وضعت صبيتها في زمن اللامبالاة،في زمن الخوف، وفي زمن غياب الحقوق والضمائر، ولم تجد لها سريرا دافئا او مهدا قديما تضعه فيه، فوضعتها في (كارتون) صغير، في زاوية لبيت رطب متعفن، ترتعش جدرانه من البرد أم لعلها من الحزن".
وأضافت: "لم يسعها المهد الكارتوني، سوى أربعة أيام، هي كل رحلتها في هذه الحياة، ليصبح بعد ذلك لحدها!!، مهد كارتوني.. في بلد البترول!، مهد كارتوني.. في بلد رواتب مسؤولية تعادل ميزانية دول!!،لحد كارتوني.. في زمن المنظمات الدولية المنادية بحقوق الانسان ومؤتمراتها، وقممها وأموالها وكل بياناتها الاستنكارية وشعاراتها الثورية".
وتابعت : ايها المسؤولون والحكام في بلدي، هنيئا لكم رواتبكم ومناصبكم وفضائياتكم التي تصرخون بها كل يوما مستعرضين عضلات حناجركم، لتقولوا لنا بانكم مدافعين عن حقوقنا، وانكم صوتنا الصارخ، اذهبوا فما عدنا بحاجة لكم، سنتكفل نحن بمظاهر موتنا كما تكفلنا بمظاهر حياتنا.
أمر يبعث على الحزن
من جهته، أبدى الإعلامي والناشط المدني حمزة كامل، عن تضامنه مع الأسر النازحة والأطفال بالتحديد، وقال: "نسمع كل يوم ان هناك اطفالا من ابناء النازحين يموتون لاسباب مختلفة والان جاء دور البرد ليقتلهم، وهذا يبعث الحزن في نفوسنا، ويجعلنا نتألم لان هؤلاء الاطفال يعانون منذ ستة اشهر من اشياء كثيرة، ويؤسفنا أننا لا نستطيع أن نجد لهم حلولا ناجعة، فلازالت ديارهم مغتصبة واحوال مدنهم سيئة ولكن لا يجب لا نتركهم وحدهم".
وأضاف: "لا بد من نتضامن من النازحين والاطفال الذين لا حول ولا قوة لهم ولا يفهمون في المشاكل وعلينا ان نحميهم من كل الاذى والمشاكل ونوفر لهم الدفء والغذاء، ونريد تكثيف الحملات الإعلامية على الرئاسات الثلاث من اجل التبرع بنصف رواتبهم للأطفال النازحين وتوفير ماوى لهم وتوفير ابسط مقومات العيش للأطفال في بلد تسيطر عليه مافيا الفساد".
البرد والجوع
ومن جهتها، تساءلت الصحافية والكاتبة والناشطة نرمين المفتي عن وجود لجنة النازحين، وقالت: "أكدت مفوضية حقوق الإنسان وفاة 1500 طفل نازح، وبعد يوم من بيان المفوضية، نشرت مواقع فايسبوك صورة رضيعة ذات أربعة أيام قضت بسبب البرد في احدة مخيمات بابل، ربما قضت من الجوع، لا مال لشراء حليب ولا اطعمة مغذية ليصبح الحليب في صدر الام التي أتعبها طريق النزوح".
واضافت: "لا اله الا الله.. حسب النازحين الله و نعم الوكيل، لن نرسل نسخة الى لجنة صالح المطلك لكون رئيسه متمتع باجازة، و لن نرسل نسخة الى مسؤول يدعي انشغاله بقضية النازحين".
وتابعت: "احكي لك قصة حقيقية، طفل في الثامنة من عمره، يسجب بتردد يد شقيقته الأصغر منه، بالكاد يتمكن من دق جرس الباب، بخجل وصوت هادئ يقول انهما من الموصل، يسكنون مع والديهما في هيكل بيت لا يقيهم البرد والمطر، والدهما يبحث منذ اسبوع عن عمل ما ووالدتهما انهكها البرد والتعب.. وشقيقته جوعانة، لا يوجد في هيكلهم حتى رغيف خبز يابس، لا اريد اي طعام، انا كبير و اتحمل، لكن رضيعتي جوعانة جدا و لا تتحمل يوما اخر".
صوته الواهن يكشف مدة تعبه وجوعه ايضا، تم تجهيز الطعام، وخرج اولاد من الجيران ليأكلوا معهما..اكلوا، وتبين انه كان قد نحج في الصف الثالث الابتدائي،ولم يتسجل في اية مدرسة، " المدرسةتحتاج لبس و حقيبة و أقلام و دفاتر".
واضافت ايضا: "قالوا له ان يأخذ ما تبقى من الطعام والفاكهة، ورفض قائلاً: "هناك نازخون صغار غيرهما يحتاجون الى الطعام قد يدقون الباب بعدهما"..، اين لجنة صالح المطلك من هذين الصغيرين اللذين ابيا ان يأخذا طعاما اكثر من حاجتهما لوجبة واحدة؟سؤال و به الا وباصرار".
اتقوا الله بهذا الشعب
اما الشاعرة فرح دوسكي، فقالت : أغمِدْ قلمك ، لا وقتَ للشِّعرِ.. وحدها الدّماء مَن تتحدث اليوم!، الطفلة الرضيعة التي ماتت من البرد وهي في العراء مع عائلتها النازحة من المنطقة الغربية في مدخل سيطرة كربلاء للتوجه الى بغداد مع عشرات العوائل المحتجزة منذ ايام ..نعم ماتت من البرد والله على مااقول شهيد وتم حفر قبرها هناك بتلك الأرض وحيدة (عفية يا وطن).
وأضافت: "فقط اسأل المراة الطفل الشيخ (لاحول لهم ولاقوة) في أي بقعة من العراق لماذا الحكومة تميزهم مناطقيا اليس الكل عراقيين؟ اليس الكل تعرضوا لنفس الارهاب والجريمة ؟متى نتقي الله بهذا الشعب؟ متى؟".
قساوة اهل الارض
اما مهدي سعدون البياتي ،رئيس هيئة الشباب للتحكيم الدولي لحقوق الانسان، فقد ابدى حزنه، وقال: "مهد كارتوني .. في بلد البترول!، الحكومة العراقية خصصت ملايين الدولارات لإغاثة النازحين برئاسة لجنة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك !، والنتيجة هي : امّ، وضعت صبيتها في زمن اللامبالاة، وفي زمن غياب الحقوق والضمائر.. لم تجد لها سريرا دافئا او مهدا قديما تضعه فيه، فوضعتها في (كارتون) صغير، في زاوية لبيت رطب متعفن، ترتعش جدرانه من البرد!".
وأضاف: "لم يسع المهد الكارتوني الطفلة سوى اربعة أيام وبعدها فارقت الحياة لانها لم تستطع مقاومة برودة الجو وقساوة أهل الارض ! حتى اصبح هذا الكارتون بعد ذلك لحدها في بلد يفوق ميزانيتها سنويا مليارات الدولارات".
1001 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع