حكاية بغداديه...شركات ومكاتب السفر ايام زمان
يعتبر العراق موقعا سياحيا متميزا لانه يحمل حضاره وارث تاريخي كبير يعود الى 6000 سنه قبل الميلاد وحضاره بابل وسومر واكد اضافة الى تبوء بغداد مكانه تاريخيه عندما كانت اعظم عاصمه لاعظم امبراطوريه اسلاميه في العهد العباسي والقصص التي حكيت عنها مثل الف ليله وليله وبساط الريح وشعرائها وعلمائها مع وجود هذا العدد الكبير من مراقد ومقامات الانبياء والاولياء الصالحين والائمه الاطهار الامر الذي جعلها قبله سياحيه للكثير من الاجانب اقليميا وعالميا مع وجود التنوع المناخي والجغرافي.
لم يكن العراق من البلدان التي وفرت مستلزمات السياحه وخاصة في النصف الاول من القرن العشرين حيث الاحتلال البريطاني وقلة الموارد والجهل وعدم تيسر وسائل الراحه وانعدام المواصلات ومن ثم جائت الحرب العالميه الثانيه لتأخر بعض النشاطات السياحيه لصالح نشاطات اخرى ولكن النشاط السياحي بدأ فعلا بشكل ملموس في النصف الثاني من القرن العشرين ...
وخاصة بعد التطور الذي شهدته وسائل النقل ومنها الخطوط الجويه العراقيه التي بدأت كمصلحه في 29 \ 1 \ 1937 بطائرات انكليزيه قديمه من نوع دراكون ولكنها تطورت لتصبح احدى شركات الطيران العالميه المعتمده بسبب خبره طياريها وكادرها وخاصة بعد افتتاح مطار بغداد الدولي الذي بدأ باستقبال الطيارات الكبيره .
لايمكن فصل السياحه عن السفر لانهما صنوان متلازمان ويدعم احدهما الاخر وعدم نشاط احدهما فأنه يتسبب في تلكؤ الاخروكذلك العوامل المساعده الاخرى وهي الخدمات بشكل عام ..
شهد العراق تطورا سياحيا ملحوظا في الستينات والسبعينات من القرن الماضي واعتبر شارع السعدون هو المركز التجاري الاول في بغداد الذي يحتوي على اكبر عددا من الشركات والمكاتب التي تعني بالسفر ولغرض تعريف اهداف السفر لابد من تحديدها :
1 . السفر بدافع السياحه وتنقسم السياحه الى :
اولا . السياحه الاثريه .. وهي زيارة للاطلاع على الاثار العراقيه الغنيه مثل زقورة بابل والمآذنه الملويه واسد بابل وعشتار وغيرها من الكنوز الاثريه التي كان يمتلكها العراق وضاع اكثر من نصفها ..
ثانيا . السياحه الدينيه .. المقصود هو زيارة المراقد للانبياء والاولياء والائمه في مناسبات معينه او خارج هذه المناسبات .
ثالثا . السياحه الطبيه .. والمقصود بها السفر الى العراق بقصد العلاج وقدنشطت هذه السياحه خلال الخرب العراقيه الايرانيه بسبب الخبره الكبيره التي اكتسبها الاطباء اضافة الى رخص الاسعار .
رابعا . السياحه الموسميه والمقصود بها السياحه من الدول البارده الى العراق خلال الشتاء لكونه من المناطق الدافئه والسياحه من الدول الحاره الى العراق صيفا للاصطياف في ربوع شمال العراق .
2 . السفر بدافع الاعمال التجاريه والاقتصاديه .
3 . السفر بدافع السياسه ومنها الوفود .
تحتاج السياحه الى عوامل ومستلزمات عديده لغرض انجاحها ومنها :
1 . توفر وسائل النقل الامين والرخيص .
2 . توفر وسائل الايواء من فنادق سياحيه نظيفه .
3 . توفر المكاتب السياحيه والادلاء .
4 . توفر الاسواق والمطاعم والبنوك وتسهيلات التبضع والتجول وتوفير الخرائط السياحيه والمتاحف وتنظيم السفرات السياحيه والادلاء السياحيين وتوفير العروض المغريه وغيرها .
لقد بدأ الاهتمام بالسياحه بشكل نوعي في منتصف الستينات والسبعينات حيث تم تطوير الخطوط الجويه العراقيه وتعزيزها باسطول صغير من طائرات ترايدنت النفاثه لاول مره وبناء الفنادق السياحيه وفتح دور الاستراحه على الطرق وفي المناطق السياحيه ومنها الحبانيه والرزازه والثرثاروغيرها من الاماكن حيث غطت معظم العراق واحتوت هذه الدور على كافتريات للطعام والشراب وغرف ايواء ودلاله سياحيه وباسعار معتدله اضافة الى اقامة المهرجانات مثل مهرجان بابل والمربد والمؤتمرات بانواعها السياسيه والعلميه والادبيه وتخصيص يوم لبغداد ..كل ذلك يشجع السياحه والتي بدورها تدفع باهتمام وتطور مكاتب السفر وشركاتها ..
اعتبر شارع السعدون الموقع التجاري الرئيسي لشركات السفر ومكاتب السياحه والسفر وكان يحوي على اكبر واهم شركه سفريات وتحويل العمله وهي توماس كوك وكذلك على اهم شركات الطيران العالميه ومصرف ومراكز ومطاعم راقيه وشعبيه وملاهي وسينمات وبارات وكل ذلك يصب في تشجيع السفر الامر الذي بدوره يشجع القطاع الخاص على استثمار هذا الجانب ولذلك نجد العديد من شركات الطيران فتحت مكاتبها في هذا الشارع ومنها :
شركات الطيران
الخطوط الجويه العراقيه – مجاوره لتوماس كوك تقريبا في شارع السعدون وكان لها فروع في بغداد والمحافظات والعواصم العالميه ..
توماس كوك -- مجاور لفندق بغداد
طيران الشرق الاوسط اللبناني – مدخل فندق بغداد
طيران السويسري SAS --- الجهه المقابله لفندق بغداد
طيران KLM الهولندي --- مقابل فندق بغداد
الطيران الايراني ---- كذا
الطيران البريطاني BOAC كذا
الطيران الفرنسي --- مجاور فندق مريديان
الطيران التركي ---- كذا
الطيران المصري --- ساحة النصر
الطيران الهندي والباكستاني والروسيه (ايرو فلوت ) والالمانيه (لوفت هنزا) والطيران السوري والطيران الكويتي والسعودي والاردنيه الملكيه (عاليه ) واليابانيه (JAPAN AIR ),,, لم يسجل حضور للشركات الامريكيه وكان حضورها محدودا جدا ومنها بان امريكان(PAN AM , TWA ) ..
مكاتب وشركات السفر
من الشركات الاوائل التي فتحت ابوابها في بغداد هي شركة توماس كوك ومن ثم افتتح مكتب سفريات ( حامد تورس ) في الباب الشرقي مدخل شارع الرشيد مقابل ( جقمقاجي ) ومن وكذلك الشركات التي كانت تعني بالسفر عن طريق البر ومنها :
شركة نيرن عبر الصحراء
شركة الاقتصاد عبر الصحراء
شركة العزاوي
شركة سامراء
شركة الشام
شركة الجزيره
وكانت هذه الشركات تعتمد على نقل المسافرين عن طريق البر وخاصة بين بغداد ودمشق ومن هناك الى لبنان ومن بغداد الى تركيا ولكنها كانت محدوده اضافة الى السفر داخليا ضمن العراق وقد استحدثت وزارة النقل شركه حكوميه لغرض السفر البري وهي شركة الظلال ..
في بداية السبعينات شهدت عمليات السفر تطورا كبيرا وافتتحت العديد من مكاتب السفر التي كانت تعتمد بالاساس على وكالات بيع التذاكر من الشركات العالميه وفي مقدمتها الخطوط الجويه العراقيه والتي كانت تمنح تخفيضا للطلاب بمعدل 50 % وكذلك للموظفين والاطفال والتي امتازت بانها لم يسجل في سجلها اي حادثه طيران تذكر ,, ونشطت هذه المكاتب بشكل كبير خلال تنفيذ خطة الاعمار الطموحه جدا في عام 1975 والتي سميت بالخطه الانفجاريه حيث استقدم العراق الالاف من العمال والشركات والبضائع وكل ذلك نشط عمل هذه المكاتب والتي كانت تنتشر في شارع السعدون وقريبا من شركات الطيران .
شركة علوش – شركة الملا – شركة بغداد – شركة الباديه – شركة سومر – شركة الشرق – شركة الاجنحه وغيرها من الشركات واكثرها تمركزت في شارع السعدون وقسم منها تمركز في ساحة الوثبه وحافظ القاضي ومنها من كان يعني بالسفر برا وحجز التذاكر عبر مكاتب اكبر ..
بالرغم من الحرب العراقيه الايرانيه وتأثيرها على السفر وخطورة الاوضاع الا ان السياحه والسفر كان قائما خلالها مع بعض التعثرات وبعد احداث الكويت اغلقت اكثر الشركات والمكاتب بسبب الحصار ومنها من تحول الى النقل البري بين بغداد وعمان ودمشق التي اصبحتا محطتين لسفر العراقيين وغيرهم عبر الجو ..
اليوم وبعد الاحتلال الامريكي للعراق وبعد مضي اكثر من عشرة سنوات بدأت ملامح نهوض للخطوط الجويه العراقيه وظهور طائرات حديثه ولكنها لاتزال يشكو من رداءة الكادر وسوء الخدمات وعدم توفر المهنيه وفي الجانب الاخر فقد بدأت بعض شركات الطيران العالميه من فتح مكاتبها في بغداد وبشكل محدود ولكنها فتحت مكاتبها بشكل كبير في اقليم كردستان وظلت اسعار النقل عاليه للرحلات الى العراق بسبب الوضع الامني اما الجانب السياحي فانه معدوم عدى السياحه الدينيه من ايران وباكستان والهند وبعض دول العالم الثالث اضافة الى تبؤ هيئة السياحه من قبل اناس غير اختاص سياحي وبدون اي خلفيه علميه او سياحيه ..
يقتصر العمل السياحي اليوم على الحج والعمره وزيارات المراقد اما السياحه لاغراض موسميه او اثاريه او للعلاج الطبي الي شهدت اقبالا واسعا خلال الثمانينات والتسعينات فانها معدومه وتقتصر اليوم على السياحه المقابله التي يقوم بها العراقيين الى بلدان العالم .
يجب ان لاننسى ان السياحه نهر من ذهب كما هي الزراعه وكما هو النفط ...
عبد الكريم الحسيني
2119 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع