لمناسبة انطلاق كأس الخليج العربي في البصرة قصة ملعب الشعب الدولي صرح بغدادي يتيم لم يتكرر!
قصة ملعب الشعب الدولي.. صرح عراقي رياضي! انتصارات وهزائم وكوارث شهدها الملعب الوحيد!
لمناسبة انطلاق بطولة كأس الخليج العربي (خليجي/25) في البصرة الفيحاء، وتألق كل من ملعب "جذع النخلة"، وملعب "الميناء" المبهرين اللذين احتضنا مباريات كأس الخليج العربي والعرض الافتتاحي المبهر للبطولة، نستذكر (ملعب الشعب الدولي) في بغداد والذي هو أحد أشهر وأهم ملاعب كرة القدم في العراق والذي كان شاهداً لفترة تزيد عن النصف قرن على العديد من الأحداث الرياضية التاريخية الخالدة في أذهان جميع العراقيين، مثل تتويج المنتخب العراقي بالنسخة الخامسة من بطولة الخليج العربي لكرة القدم التي أقيمت بالعراق عام 1979.
لم يعرف العراق ملعبا متكاملا للعبة كرة القدم سوى ملعب الكشافة، الذي لا يتناسب والمزايا الدولية للملاعب الكبيرة، على الرغم من ان هذه اللعبة دخلت العراق منذ أوائل القرن العشرين وأصبحت اللعبة الرياضية الأولى لدى العراقيين حتى افتتاح ملعب الشعب الدولي في السادس من تشرين الثاني من عام 1966
ففي السادس من شهر تشرين الثاني 1966 أفتتح المرحوم الرئيس عبد الرحمن محمد عارف رئيس جمهورية العراق ملعب الشعب الدولي، والذي انشأته مؤسسة (كالوست كولبنكيان) للأعمال الخيرية والتعليمية والفنية والعلمية التي يمتلكها رجل الأعمال الأرمني الراحل (كالوست سركيس كولبنكيان) المتوفى عام 1955، وكان يطلق عليه تسمية (مستر فايف بيرسينت) لامتلاكه نسبة (5%) من أسهم شركة نفط العراق. والذي تم تأميم حصته مع قرار التأميم العراقي الشهير في 1 آذار 1971 وكانت المؤسسة قبل ذلك تقدم سنويا مساعدات فنية وتعليمية للعراق ومنها ايفاد العشرات من الطلبة لإكمال تعليمهم العالي في الجامعات الغربية والأمريكية.
العراق لم يعرف ملعباً متكاملا للعبة كرة القدم قبل ملعب الشعب الدولي سوى ملعب الكشافة، الذي لا يتناسب والمزايا الدولية للملاعب الكبيرة، على الرغم من ان هذه اللعبة دخلت العراق منذ أوائل القرن العشرين وأصبحت اللعبة الرياضية الأولى لدى العراقيين. حتى افتتاح ملعب الشعب الدولي في عام 1966.
بدايات فكرة ملعب الشعب الدولي:
مجلس الاعمار الملكي خطط له وعبدالكريم قاسم وضع الحجر الاساس وعبدالسلام عارف بناه، وعبدالرحمن عارف افتتحه:
تشير أوليات الملعب أنه من أفكار ومخططات (مجلس الإعمار العراقي الملكي) وقد وضع حجر الأساس له عندما كان المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيساً للوزراء سنة 1961 يومها (والذي يُحسب له اهتمامه باستكمال تنفيذ خطط مجلس الإعمار المهمة لتطور العراق ومها العديد من الجسور، والطرق، والمستشفيات ومنها مدينة الطب) وتم اختيار قطعة ارض في جانب الرصافة وكانت تلك الأرض شاسعة وخالية، ورغم ان عبدالكريم قاسم وضع حجر الأساس لملعب الشعب الدولي، الا أن العمل الحقيقي لبناء هذا الملعب بوشر به في زمن المرحوم الرئيس عبد السلام محمد عارف ليكون أكبر ملعب في العراق ويتسع إلى 45 إلى 50 ألف متفرج. وقد بلغت كلفة تشييد ملعب الشعب الدولي حينها (1 مليون دينار عراقي) وبُنيَ على مساحة 200 ألف متر، ويحتوي على مضمار لألعاب القوى كما يضم أيضا ملعبين للتدريب وملاعب لكرة السلة والطائرة واليد وملعبا للتنس، وكذلك المسبح الأولمبي الشتوي، ويحتوي ملعب الشعب على أربعة ابراج للإنارة الليلية.
بداية فكرة بناء الملعب:
رغم ان الملعب كان من ضمن مخططات مجلس الاعمار الملكي، فهو يشكل حاجة اساسية للحركة الرياضية في العراق لعدم امتلاك العراق ملعبا بمواصفات دولية يسع لأعداد غفيرة من المتفرجين. الا ان انشاء الملعب تعود قصته الى حضور الزعيم عبدالكريم قاسم رئيس الوزراء المباراة النهائية لدوري الجيش بين فريقي القوة الجوية والفرقة الثالثة. وبعد انتهاء المباراة اجتمع الزعيم باللاعبين، وطلب منهم أن يعرضوا عليه احتياجاتهم، وكل مشاكلهم، فطلب بعض اللاعبين دوُراً سكنية، والبعض الآخر طالب بتحسين ظروفه المعيشية، وحين وصل الدور للاعب إلبرت خوشابا قال للزعيم: نحن بحاجة ماسة إلى ملعب دولي يا سيادة الزعيم فملعب الكشافة ملعب صغير، وبائس (وكله طسَّات وعٍكَّر..) فضحك الزعيم، وقال: (تدللوا، راح نبنيلكم ملعب كبير).
اللواء الركن عبدالكريم قاسم يتفاوض مع ممثل مؤسسة كولبنكيان حول انشاء الملعب
لقطات مختلفة من مراحل تشييد ملعب الشعب الدولي في جانب الرصافة
فكان ملعب الشعب بعد ان أتفق الزعيم مع شركة كولبينكان! وكان من المؤمل انشاء ملعب آخر مماثل في جانب الكرخ وتحديدا عند موقع ملعب الادارة المحلية بالمنصور. ففي أواخر عام 1959 أستقبل الزعيم عبد الكريم قاسم (رئيس وزراء الجمهورية العراقية) بمكتبه في وزارة الدفاع وفداً رفيعاً من مؤسسة (كالوست كولبنكيان) للأعمال الخيرية والتعليمية والفنية والعلمية التابعة لرجل الأعمال الأرمني الراحل في عام 1955 كالوست سركيس كولبنكيان
فحوى اللقاء كان يخص عرض الشركة الذي قدمته لحكومة العراق، والقاضي بمنح نسبة من المُنحة الثابتة من النفط العراقي المخصصة لها لتنفيذ مشاريع تنموية وإعماريه في بغداد، على أن يكون اختيار تلك المشاريع ونوعيتها للحكومة العراقية، والريع "من حصة العراق النفطية" مقدما من الشركة التي تحتكر خمسة بالمائة منه.
وأخيرا تمخضت عن تلك الاتفاقية صروحا مقترحة من قبل حكومة العراق وممولة من قبل مؤسسة (كالوست كولبنكيان) وهذه المشاريع هي: (المتحف العراقي – المسرح الوطني – مدينة الطب - ملعب الشعب الدولي لكرة القدم) اضافة الى ما يقارب من الـ100 زمالة دراسية عراقية لأرقى الجامعات في الولايات المتحدة وبريطانيا لتخريج الكفاءات التي تخدم الوطن. كما ان الاعلان التاريخي عن انشاء ملعب الشعب الدولي كان قد جاء من خلال خطاب الزعيم عبد الكريم قاسم الذي ألقاه في ملعب الكشافة بتاريخ 21نيسان/أبريل من عام 1960 وأمام أكثر من 15 ألف مواطن والذي أعلن فيه انشاء ملعب جديد بالعراق اسمه ملعب الشعب.
مشكلة ملكية ارض الملعب:
تبين ان الارض التي تم تشييد الملعب عليها تعود ملكيتها الى وزارة المالية، وحيث ان المنشئات نقلت ملكيتها الى وزارة الشباب والرياضة، ولنشوء نزاع بين وزارتي المالية والشباب بهذا الشأن فقد حسم الأمر مجلس الوزراء حيث صدر بيان عن المجلس اعلن فيه أن "المجلس وافق على قيام وزارة المالية/ المصرف العقاري (تمويل ذاتي) ببيع قطعتي الارض والبالغ مساحتهما (73) دونماً و(10) اولكاً و(40) متراً مربعاً والمشيد عليهما ملعب الشعب الدولي وملحقاته الى وزارة الشباب والرياضة ونقل ملكيتها اليها استناداً الى احكام قانون بيع وايجار اموال الدولة رقم (21) لسنة 2013 على ان يحدد بدل البيع وآلية التسديد باتفاق الطرفين".
كما أعلن في 29 آب 2015 أن الشركة التركية المنفذة لتبديل ارضية ملعب الشعب بالثيل دائم الخضرة، باشرت العمل برفع التراب القديم وتعديل الارضية وصيانة مبازل الامطار ومرَشّات الماء وفرش الملعب بخلطة زراعية خاصة بزراعة الثيل الطبيعي دائم الخضرة.
حفل الافتتاح:
في ٦ تشرين الثاني سنة ١٩٦٦ افتتح عبدالرحمن عارف رئيس الجمهورية ملعب الشعب الدولي الذي كان اكبر ملعب في الشرق الاوسط انذاك وقد بلغت كلفته مليون دينار واستغرق انشاؤه مايقارب الخمس سنوات من قبل مؤسسة كولبنكيان الذي يمتلك صاحبها حصة في نفط العراق كهدية لمدينة بغداد واقيمت مباراة بهذه المناسبة بين منتخب بغداد ونادي بنفيكا البرتغالي بطل دوري اوربا لسنة ١٩٦٠ و١٩٦١ ووصيف البطولة لسنوات عديدة منها ٦٤-١٩٦٥ وبطل الدوري والكأس البرتغالي وقد ضم بين صفوفه اللاعب الشهير اوزيبيو هداف كأس العالم سنة ١٩٦٦ وانتهت بفوز بنفيكا ٢-١
كانت شركة كالوست كولبنكيان قد فاتحت نادي بنفيكا البرتغالي والذي كان قد أحرز آنذاك لقب الوصيف لنادي مانشستر يونايتد في دوري ابطال اوروبا (كأس الاندية الاوروبية) آنذاك في اعقاب خسارته (2-4) في الوقت الاضافي للحضور الى بغداد وافتتاح ملعبها الرئيس مقابل مبلغ خيالي طلبه من الشركة لقاء مشاركة جميع لاعبي منتخب البرتغال والذين يلعبون مع بنفيكا وفي مقدمتهم هداف كأس العالم 1966 وجوهرة موزمبيق اوزيبيو. فقد وافق نادي بنفكيا على العرض لزيارة العراق بجميع لاعبيه باستثناء الكابتن كولونا والذي اصابه بيليه في ركبته في العام ذاته عندما خسرت البرازيل امام البرتغال في مونديال انكلترا (1-3).
وقد جرت عليه بتاريخ 6/11/1966 مباراة الافتتاح الودية التي جرت بين (منتخب بغداد) ونادي (بنفيكا البرتغالي الشهير) الذي حصل في نفس العام على المرتبة الثالثة في بطولة كأس العالم التي أقيمت في إنكلترا وقد خسر منتخب بغداد بهدفين مقابل هدف واحد حيث تقدم النادي البرتغالي بهدف ثم ادرك منتخبنا التعادل عن طريق لاعبنا الدولي قاسم محمود المعروف بــ ( قاسم زويه). وقبل نهاية المباراة بدقائق سجل اللاعب اوزبيو هدف الفوز لبنفيكا في مرمى حارس منتخبنا الوطني حينها المرحوم حامد فوزي.. لتنتهي المباراة بفوز النادي البرتغالي 2-1 في أول مباراة تقام على ملعبنا الدولي. وقد تم نقل طلاب الكلية العسكرية وكلية الشرطة والقوة الجوية الى الملعب للمشاركة في حفل الافتتاح.
وكانت تشكيلة منتخب بغداد الاهلي تضم كلا من حامد فوزي لحراسة المرمى – حسن بله ، جبار رشك ، حسين هاشم ، صاحب خزعل لخط الدفاع – شذراك يوسف، باسل مهدي لخط الوسط وكوركيس إسماعيل، قيس حميد، ألبرت خوشابا، قاسم محمود لخط الهجوم .
أما تشكيلة بنفيكا البرتغالي: فكانت تتألف من كل من كوستا براير لحراسة المرمى وكوفن والبيرتو وجانيو وانجيلو وكروش وسانتانا وولسن واوغستو واوزيبيو وسيماش. وكانت النتيجة فوز نادي بنفيكا البرتغالي بنتيجة 2 – 1 وقد قاد المباراة الحكم الدولي فهي القيماقجي بمساعدة كل من صبحي اديب وسعدي عبد الكريم. وسجل هدف منتخب بغداد الاهلي اللاعب قاسم محمود الشهير بـ "قاسم زوية"
أرقام عن ملعب الشعب:
- كلفة البناء (1 مليون دينار عراقي)
المساحة الاجمالية 200 ألف متر مربع
السعة الاجمالية للملعب 45 ألف متفرج ويضم مضمار لألعاب القوى مغطى بمادة التارتان.
يحتوي الملعب على 18 بوابة دخول موزعة على الجهتين وأبراج إنارة ترتفع عن الأرض بمسافة 55 مترا على وفق المواصفات العالمية.
ومساحة خارجية لوقوف السيارات تبلغ 40 الف متر مربع تتسع لوقوف 4 الاف سيارة
بطولات أحرزها العراق على ملعب الشعب الدولي:
كان العراق قد أحرز بطولة كأس العرب نيسان 1966 على ملعب الكشافة، اما ملعب الشعب فقد ابتدأ بخسارة للعراق امام بنفيكا (1/2)، والى آخر مباراة دولية شهدها الملعب في تصفيات مونديال 2002 مباراة العراق والبحرين بتاريخ 28/9/2001 لم يشهد ملعب الشعب الدولي تتويجا عراقيا عليه الا مرتين، كانت أولها في بطولة كأس العالم العسكرية عام 1972 والثانية في بطولة كأس الخليج العربي الخامسة عام 1979على أرضه ايضا.
وقد شهدت الكرة العراقية معظم انجازاتها التاريخية خارج العراق، ومنها (بطولات اسيا للشباب وبطولة أمم آسيا 2007 على ملعب جاكارتا والتأهل الى كأس العالم عام 1986 من ملعب الطائف بالسعودية، والفوز بكأس العرب على ملاعب الكويت والكشافة والطائف وعَمّان والفوز بذهبية الدورة الرياضية العربية في المغرب وكأس غرب آسيا في دمشق وكأس فلسطين في المغرب والتأهل الى الدورات الاولمبية من ملاعب سنغافورة ومسقط وعمّان والظفر بدورة الالعاب الاسيوية في دلهي، بينما ملعب الشعب الدولي لم يشهد أياً من تلك الانجازات باستثناء الانجازين المذكورين في أعلاه. فعلى أرض هذا الملعب فقد العراق بطولة كأس فلسطين مرتين 1972 و1989 وعلى أديمه خرج العراق من تصفيات موسكو عام 1980 في مباراته الشهيرة مع الكويت، وعلى أرضه خرج من تصفيات كأس العالم 90 بمباراته مع قطر عام 1989.. ناهيك عن ضياع حلم التأهل الى مونديال كوريا واليابان 2002 يوم خسر الفريق العراقي أمام منتخب إيران على أرضه بنتيجة 1/2.
ومن الانجازات التي شهدها هذا الملعب كانت عبارة عن بطولات ودية احرزتها الفرق العراقية التي لعبت عليه منها: بطولة الاندية العربية عام 85 أحرزها نادي الرشيد وبطولة الشرطة العربية عام 85 أحرزها نادي الشرطة وبطولة مجلس التعاون العربي 89 أحرزها نادي الزوراء علما أن بطولتي الخليج الخامسة والعالم العسكرية التي أحرزها العراق تعد غير مدرجة ضمن لائحة الفيفا لتكون الحصيلة أن العراق رسميا لم يحقق أي إنجاز كبير على هذا الملعب.. الا انجازا تصفياتيا واحدا يكمن بتأهله الى نهائيات كأس الامم الاسيوية 1976في إيران عبر صدارة منتخب العراق الوطني للتصفيات التي جرت على أديمه في أواخر عام 1975.
ومن الطبيعي ان عدم تحقيق منتخباتنا لنتائج ايجابية على اديمه هو ان العراق لعب اغلب مبارياته منذ بداية الثمانينات خارج ارضه بسبب الحظر الدولي المفروض على ملاعبه بسبب الحرب الإيرانية العراقية، ولم يكد يرفع لوقت قصير حتى تم اعادة الحظر مرة اخرى لحد فترة قريبة.
كما شهد الملعب كارثة سقوط جزء من سقف الملعب على المتفرجين نتيجة عاصفة شديدة وتعرض عدد من المواطنين لجروح.
يوم استوعب الملعب 85 الف متفرج في نزالات عدنان القيسي:
من غرائب ملعب الشعب ايضا فعلى الرغم من كونه ملعباً مخصصا شبه كليا لكرة القدم وقضى جل عمره بمبارياتها مع بعض الفعاليات المعدودة التي ذكرناها الا أن ما يـُشهد له أن أكبر نسبة حضور جماهيري في تاريخه شهدها ليس لمباراة كرة قدم ولكن لنزال مصارعة بين المصارع العراقي المحترف عدنان القيسي ومصارع كندي حيث بلغ الحضور فيه الى 85 الف متفرج !! والسبب ان الملعب سعته القصوى 50 ألف لكن نزال المصارعة كان وسط حلبة صغيرة في منتصف ساحة اللعب أي أن للجمهور مساحات متاحة بالنزول الى أرضية الملعب بالكامل.
ومن المباريات المتميزة في تاريخ الملعب حضور 68 ألف متفرج الى مباراة الشرطة والزوراء أوائل التسعينيات غص بهم الملعب بالداخل على مدرجاته، و40 ألف متفرج خارجه.
وتبقى لملعب الشعب مكانة في قلوب المشجعين وخاصة نادي الزوراء الذي احرز 14 لقبا للكاس فيها و12 لقبا للدوري والبطولات الاخرى.
نزالات عدنان القيسي بالمصارعة في ملعب الشعب الدولي أحداث شهدتها مدرجات ملعب الشعب
شهد ملعب الشعب الكثير من الأحداث بعد افتتاحه وعلى مر أكثر من أربعين عام... ومن الأحداث الأليمة التي حدثت في ملعب الشعب هو سقوط السقف الوحيد الذي يغطي المقصورة الرئيسية في عاصفة ترابية عام 1969. حيث كانت مباراة بين نادي القوة الجوية ومصلحة نقل الركاب والتي انتهت بالتأجيل.
وشهد الملعب بعدها بطولات عديدة، حيث احتضن بطولة كأس الخليج العربي الخامسة عام 1979، والتي أقيمت من 23 مارس 1979 إلى 9 أبريل 1979 وقد شاركت في هذه البطولة جميع الفرق الخليجية وأستطاع منتخب العراق لكرة القدم أن يفوز بلقبها بعد أن فاز في جميع مبارياته، وقد حصل لاعب العراق حسين سعيد على لقب هداف الدورة برصيد عشرة أهداف، وحصل يومها حارس مرمى المنتخب العراقي رعد حمودي على جائزة أفضل حارس مرمى في الدورة وحصل منتخب الكويت لكرة القدم على المركز الثاني وجاء في المركز الثالث منتخب المملكة العربية السعودية.
وكذلك استضاف ملعب الشعب بطولة العالم العسكرية بكرة القدم عام 1968 التي فازت بها اليونان وكذلك في عام 1972 حيث قاد عادل بشير وعمو بابا منتخب العراق العسكري للفوز بالبطولة حيث تعادل مع تركيا (2-2)، وسجل للعراق دوكلص عزيز وعبد الرزاق أحمد وفاز على اليونان بهدف سجله عمو يوسف وتعادل مع إيطاليا بعد هدف صاروخي سجله عبد الرزاق أحمد، وفي المباراة الحاسمة فاز العراق يومها على ساحل العاج بثلاثية لعلي كاظم وعمو يوسف الذي سجل هدفين. كذلك احتضن الملعب مباريات ودية عالمية منها مع منتخب مصر عام 1983 وفلامنغو البرازيلي الذي كان يلعب معه اللاعب سقراط وزيكو وخسر العراق حينها بهدفين، ومع رومانيا عام 1986.
حين غص ملعب الشعب بالجماهير اكثر من طاقته
كما شهد ملعب الشعب أكثر مباراتين حزناً للجمهور الرياضي العراقي، وهي مباراة منتخبنا امام الكويتي الأولمبي ضمن تصفيات أولمبياد موسكو في بغداد يوم 31 آذار عام 1980 يوم خسر العراق بنتيجة 3-2 بعد احتساب الحكم الماليزي ضربة جزاء ضد لاعب المنتخب حسن فرحان انهت آمال المنتخب العراقي بالصعود إلى الأولمبياد. ومن المباريات المهمة على ملعب الشعب هي المباراة مع قطر ضمن المنافسات المؤهلة للدور الثاني من تصفيات كأس العالم 1990 يوم اخطأ الحارس أحمد جاسم وسجل هدف قطري في مرماه في الدقيقة الأخيرة من المباراة المصيرية بعد أن كان المنتخب العراقي متقدماً بنتيجة 2-1 كما احتضن ملعب الشعب أَقوى مباريات الدوري العراقي التي جمعت نادي الزوراء والقوة الجوية والشرطة والطلبة، ونادي الطلبة ونادي الرشيد، إضافة إِلى أقوى البطولات العراقية.
ملعب الشعب بعد الغزو الأمريكي للعراق:
في التاسع من أبريل سنة 2003 بعد الغزو الأمريكي للعراق تعرض ملعب الشعب الدولي إلى قصف أميركي مكثف عمل ضراراً كبيراً بمدرجاته وحدثت حفرة كبيرة في وسطه وتم اغلاقه بعدها، واستخدم كمهبط للطائرات المروحية الأمريكية على ارضه كما استخدمته القوات الامريكية كمعتقل لفترة محدودة.
بعد ذلك تم إعادة اعمار ملعب الشعب ليعود للحياة بعد اتفاق جرى بين أحمد الحجية رئيس اللجنة الأولمبية وحسين سعيد رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم ووزير الشباب والرياضة كما خصصت سلطة الاحتلال الأمريكي مبلغ ثلاثة ملايين دولار في 8 أبريل 2004، وشملت عملية الإعمار زرع أرضية الملعب بالثيل الاجنبي ووضع مبازل لتصريف المياه وذلك بعد أن ازيلت التربة وبدلت وفرشت بالرمل الناعم وتم تصليح ساعة الملعب وتبديل السياج وتصليح المدرجات وتغيير مكان بيع التذاكر ببناء بناية خاصة لذلك وتوفير إنارة جيدة للملعب ومرشاة الثيل وغيرها من الأدوات.
أعيد افتتاح ملعب الشعب وعاد ليحتضن مباريات الدوري العراقي واقيمت فيه احتفالية جماهيرية بمناسبة عودة الروح إليه. يومها فاز فريق الزوراء على فريق الشرطة في افتتاح مباريات دوري النخبة.
ويحوي اليوم ملعب الشعب رفات اللاعب الدولي والمدرب المرموق عمو بابا الذي دفن فيه بحسب وصيته. إضافة إلى جدارية تمثل المنتخب العراقي الفائز بكاس آسيا 2007.
ذكريات قاسم محمود (قاسم زوية) عن مباراة الافتتاح:
يقول اللاعب قاسم زوية: مازلت استذكر بمحبة كبيرة افتتاح ملعب الشعب ومباراتنا مع نادي بنفيكا واذكر ايضَا ما كان قبل هذا اللقاء اذ اننا كنا نتدرب في مدرسة التدريب الرياضي في معسكر الرشيد التابع لالعاب الجيش وكان التدريب صباحًا وعصرًا، ثم قل عندما دخلنا في اسبوع المباراة وقبل يوم من المباراة دخلنا معسكرًا في فندق (تايكرس بالاس) في شارع الرشيد.. وهذه المباراة لها طعم لان الفريق البرتغالي كان عالميا وظهر صيته وكان اللاعبون فيه مشهورين ولهم وزن وعندما جاءوا، رأيناهم... هم صحيح لاعبون مميزون ولكنهم لم يختلفوا عنا كأجسام ولن ينقصنا سوى التدريب الصحيح الذي تواكبه المنتخبات العالمية، وما اريد ان اذكره هنا اننا كنا قد سافرنا قبل وقت من هذه المباراة الى تركيا للمشاركة في بطولة المجلس العسكري جلبنا احذية ذات نتوءات (استدات) بارزة على غير ما كان موجودا في العراق من احذية (الاديداس والبوما) ذات (الاستدات)غير البارزة، وقد استخدمنا الاحذية التركية لان الثيل كان (ثخينا)، وكانت تحدث صوتًا قويًا مزعجًا يضرب في الرأس وعندما قال لنا ابراهيم الشيخ مدير العاب الجيش تفضلوا رئيس الجمهورية يريدكم على المنصة ان تسلموا عليه اخذونا من وراء الملعب فنزعت الحذاء وانتعلت مداسا بدلا عنه.
ويضيف قاسم مستذكرًا هدفه الذي كان علامة فارقة في حياة ملعب الشعب حيث انه الهدف العراقي الاول في شباك مرماه: المدرب المرحوم عادل بشير كان يستأنس برأي اللاعبين فحين قال لي انا الذي العب في مركز خارج اليسار مع من تنسجم قلت له: اريد البير خوشابا لأننا نلعب معًا في فريق المصلحة، والهدف الذي سجلته جاء من هات وخذ بيني وبين البير على مدافعي بنفيكا ومن ثم سددت الكرة قوية لتذهب الى المثلث وتهز الشباك، لا اقول انني لم افرح ولم اشعر بسعادة.. بل فرحت وشعرت بسعادة لاسيما ان الهدف سجل في مرمى حارس مرمى عالمي ومن بين مدافعين لعبوا في كأس العالم، لم اشعر بعد المباراة بالفرح بقدر ما انزعجنا كفريق كامل من الهدف الثاني الذي سجله (بنفيكا) والذي كان بسبب سهو من المرحوم حامد فوزي حارس مرمانا حيث كان يتكلم مع المدافعين قبل تنفيذ الضربة التي كانت من وسط الساحة وقد اثر علينا كثيرا هذا الهدف وكنا نتمنى ان نخرج متعادلين لان التعادل له قيمته، شعرت بطعم الهدف الذي سجلته ولكن الهدف الثاني اذهبه، وما يجب قوله ان الفريق كان عائلة واحدة وعلى الرغم ان فيه لاعبين اميين ولكنهم كانوا يجيدون اللعب في مراكزهم ويلتزمون جدا بتعليمات المدرب.واكد قاسم : هذا الهدف والافتتاح الجميل لملعب الشعب يجعلني كل عام استعيد ذكريات الماضي، وافرح عندما اسمع ان الناس تذكرني بخير كأنجاز عمل جيد وافتخر ان الناس تمتدحني.
وبعد:
فإن ملعب الشعب الدولي رغم انه انجاز رائع في وقته، وخطوة ممتازة متقدمة على خطوة انشاء ملعب الكشافة في بغداد، فان بغداد ما زالت بحاجة لتواكب الركب العالمي وتمتلك ملعبا يليق بها وباسمها وبفرقها الرياضية..
ملعب الشعب الدولي خطط له مجلس الاعمار الملكي، ووضع حجر الاساس له عبدالكريم قاسم، وانجز بناءه الرئيس عبدالسلام محمد عارف، وافتتحه الرئيس عبدالرحمن عارف.. وهكذا هي مسيرة الدولة العراقية كل مسؤول ياتي ليكمل ما بدا به من قبله والهدف هو خدمة العراق.
بغداد ما زالت تتطلع الى تشييد ملعب دولي بمواصفات معمارية يليق باسم بغداد والفرق الرياضية التي تمتلكها بغداد واننا لمنتظرون..
1009 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع