بغداد ايام الزمن الجميل / 23 مقاهي بغداد ايام زمان
لم تكن بغداد منفتحه ومتصله مع بعضها كما هي حالها اليوم بسبب المواصلات والامن...
ولذلك لم يكن اهل بغداد قادرين على ان يزاولوا متعهم وترفيههم خارج مناطق السكن الا في مناسبات خاصة مثل زيارة سلمان باك ودورة السنه ( الربيع)..
ومرقد الكاظم (ع) والشيخ عبد القادر الكيلاني ( رحمه الله ) وكانت الحاجه ملحه لتلاقي الناس في مكان يتسامرون فيه ويتحادثون ويتبادلون الاخبار والاراء وان يكون قريبا من سكناهم ولذلك وجدت المقهى والتي ظلت تسمى الى عهد قريب ( الچاي خانه ) لان المقهى مأخوذه من القهوه وهي اجنبية اللفظ ليس وصفا وانما نقلا لان الاجانب يسمون هذه الاماكن مقاهي لانهم يميلون الى القهوه اكثر من الشاي على عكس العراقيين ..
ويذكر المؤرخون ا ن اول مقهى انشأ في بغداد كان عام 1590 وسمي بمقهى ( خان جغان ) وفي عهد الوالي ( جغاله زاده سنان باشا ) وقد ذكر ذلك الشاعر الرصافي في مذكراته ..
المتحف البغدادي
وعند الحديث عن المقاهي في بغداد لابد ان نذكر دور هذه المقاهي في الحياة السياسيه والثقافيه والاجتماعيه وقد كانت المقاهي على جميع العهود الحاكمه نبعا خصبا لتقصي الاخبار وترويج الاشاعات واخبار الحكومه بما يجري ولذلك فأن الكثير من هذه المقاهي ارتبطت باحداث عراقيه مهمه حتى باتت هذه المقاهي جزءا يوميا من حياة المواطن لايقدر على فراقها وقد ادت هذه المقاهي ادوار منها :
اولا – كانت تعتبر نوادي ثقافيه في فتره لم تكن تتوفر مثل هذه النوادي في العراق .
ثانيا – كانت تؤدي دور المكاتب التجاريه لعقد الصفقات والمباحثات .
ثالثا – كانت تعتبر مناطق لقاء لابناء المحافظات في حلهم وترحالهم وسميت العديد من المقاهي باسم المحافظات لغرض الدلاله .
رابعا – كانت توفر مكانا للهو ولعب القمار والالعاب البريئه الاخرى مثل الطاولي والدومينو والورق والصينيه والمحيبس ..
خامسا – كانت بمثابه مكان لاستقبال الضيوف الوافدين لعدم توفر امكانية استقبالهم في البيت للكثير من العوائل .
سادسا – كانت تعتير مكانا مناسبا لحفلات الاعراس او للتجمع قبل عمل معين مثل التظاهر او تشييع جنازه وحل المنازعات وجلوس المختار بعض الاحيان لقضاء حاجات الناس .
سابعا – مكان لتجمع العمال والاسطوات .
اشتهرت العديد من المقاهي في بغداد وهي كثيره حتى ان عددها تجاوز الخمسين بالرغم من محدودية بغداد انذاك ولكنها ليست كلها ذات شهره ومنها في الكرخ ( مقهى السوامره / مقهى حتروش في المشاهده / رشيد النجفي في التكارته / مقهى حمادي في رأس الجسر / مقهى العكامه في جسر الشهداء ومقهى البيروتي في الجعيفر / ومقهى القبطان في الجعيفرعلى دجله ) وغيرها الكثير..
اما في الرصافه فأن العدد يتضاعف عن الكرخ بكثير واشهرها ( مقهى عزاوي وهي التي كانت تستضيف المطربين وتقع بالقرب من وزارة الدفاع / والشابندر وهي في مدخل شارع الرشيد من جهة الميدان / ومقهى ابراهيم عرب في شارع الرشيد / مقهى البرازيليه في المربعه / ومقهى حسن عجمي /ومقهى المميز / ومقهى الزهاوي / ومقهى النعمان ....
ومقهى ام كلثوم في شارع الرشيد ) وغيرها الكثير في مناطق الفضل وباب المعظم وباب الشيخ والباب الشرقي وقهوة شكر التي سميت باسمها منطقه سكنيه ..
ومن المقاهي التي سميت باسماء المطربين واسماء متداوله اخرى مثل ( مقهى حضيري ابو عزيز مقهى ناصر حكيم / مقهى الكبنجي / مقهى البرلمان / مقهى البلديه / مقهى خليل القيسي / مقهى زناد / مقهى اكسبريس فلسطين / مقهى البلابل / مقهى الخفافين / مقهى الساعجيه ) وغيرها الكثير علما ان هذه الاسماء هي ليست ثابته في وقت وزمان واحد بل توزعت على عدد من الازمنه من الاربعينات الى السبعينات ..
ومن الحوادث التي ارتبطت بالمقاهي منها :
كانت المقاهي كما ذكرنا مكانا للهو وكانت تضم العديد من الناس وكان هناك شاب حلبي جميل الطلعه وخدوم اسمه نعيم يعمل نادلا في مقهى حسن عجمي ولكنه تعرض الى الرمي بالرصاص من قبل المدعو ابراهيم الباججي ونقل الى المستشفى ومات فيها غريبا مما اثار شاعرنا الرصافي والكرخي فقالوا فيه ابيات من الشعر منها يقول الكرخي :
يادگة الماتنحچي
سواها ابن الباججي
خلو عليه التوبجي
وتضحك عليه الصبيان
اللطم لنعيم وجب
والدمع على الخد انسجب
كظه ويانه بس رجب
وصارت كتلته بشعبان
ومن المقاهي التي اتخذت شهره كبيره هي مقهى عزاوي التي كانت تقع بالقرب من وزارة الدفاع قرب جامع الاحمدي وكانت مكانا لعرض المسرحيات والاغاني ومن الممثلين الفكاهي جعفر لقلق زاده كما مثلت فيه المطربه الراحله عفيفه اسكندر ومطرب المقام المعروف نجم الشيخلي واحمد زيدان كما اشتهرت المقهى باغنية ( فراكهم بجاني ) ويذكر فيها ( ياگهوتك عزواي بيها المدلل
زعلان ) كما ذكرت المقاهي كثيرا في الاغاني مثل ( خدري الشاي خدري ) و ( عبودي جاي من النجف شايل مكنزيه ) و كما قيل فيها الكثير من القول منها شاعرنا الشعبي الكرخي حيث يقول :
كون انكلب فنجان بيد الكهوچي
واوصل الحد هواي انتحب وابچي
كانت للمقاهي اصول للارتياد والجلوس والكلام محسوب ولايمكن ان يدخل المقهى الابن اذا كان ابوه في المقهى ويجب ان يترك كرسي كبير المنطقه خاليا له متى جاء ولايجوز الحديث الجارح والمخدج للحياء وكانت هناك عادات وتقاليد لابد من الالتزام بها مثل (عدم تقديم الشاي والملعقه فيه بل يجب ان توضع جنب الاستكان وليس داخله لان ذلك يعني ان الطالب مطعون في عرضه وكذلم اذا قام احد باشعال سيكارته من جمر النريكيله )...
ولم تكن المقاهي تقدم سوى الشيشه والشاي والحلقوم والماء...
وثم دخلت المشروبات الغازيه مثل النامليت والببسي والكوكاكولا وكان الكهوجي يمسك سجل الديون وهناك صبي المقهى الذي يقدم الماء والشيشه وتنظيف المقهى وللمقهى توقيتات فانها تفتح مبكرا بعد صلاة الفجر وتغلق بحدود منتصف الليل ويمنع المبيت فيها الا في حالات نادره.
كان الگهوجي يقدم بنفسه الشاي او الشيشه لكبار المحله وذلك دليل الاحترام ولايرسلها بيد صبي القهوه كما لايجوز اهمال علية القوم عند جلوسهم وخدمتهم سريعه والدفع كثيرا ما يكون (وير ) أي على حساب شخص ما عندما يصيح على الگهوجي ( الحساب يمي ) وفي بعض الاحيان يفوز احدهم في لعبه رهانها ان يشرب جميع من في القهوه الشاي على حسابه او بسبب فرحه بالفوز على غريمه وقد يوزع الحلقوم بواسطة علبه خشبيه مستديره .
كانت تجري في المقاهي مباريات متنوعه في اوقات معينه مثل المباريات الشعريه وخاصة في الشعر الشعبي ومباريات عراك الديكه...
ومباريات المحيبس في شهر رمضان وكذلك لعبة الصينيه وكانت البعض من المقاهي تضع قفص للطيور ويسمى صاحبها ( جمباز ) حيث يبيع ويشترى الطيور كما كانت البعض من المقاهي تقدم القهوه المره بدله على شاكلة الدواوين وبيوت الشعر او القهوه الحلوه مؤخرا ..
مع تحيات/عبد الكريم الحسيني
الگاردينيا: للراغبين الأطلاع على الحلقة/ 22 النقر على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/tarfiya/menouats/5191-22.html
2165 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع