بغداد ايام الزمن الجميل \ 4 حمامات السوق البغداديه
لقد اشتهرت بغداد منذ بنائها من قبل الخليفه ابو جعفر المنصور بالكثير من المميزات التي جعلتها قبلة للادباء والشعراء والعلماء وطالب الراحه والجمال وللراغبين بالتعرف على التقدم والانجازات واستنساخها لبلدانهم ومن المعالم التي كتب عنها الكثير من الرحاله والكتاب هي الحمامات العامه والتي ذكرها اليعقوبي في كتابه (معجم البلدان )في عام 284 هجريه ، 897 م ان عدد الحمامات في الجانب الغربي ( الكرخ ) 10 الاف حمام وفي الجانب الشرقي (الرصافه) 5 الاف حمام وفي كل حمام يعمل خمسة افراد (حمامي ، قيم ، زبال ، وقاد ،سقا ) وتناقص عددها الى 150 حمام في عام 1258 م وكانت اهم الحمامات في تلك الفتره هي:
(حمام السراي في الميدان ،حمام الباشا ،حمام عيفان ، المالح ) في الرصافه وبقدرها في الكرخ ....
في مطلع القرن العشرين وحتى منتصفه لم تكن بغداد قد استوعبت الحداثه في موضوع السكن والاعمار وكانت اكثر البيوت تفتقر الى المرافق الصحيه بالمعنى المعروف وفيها حمامات تستخدم صيفا فقط لاسباب عديده منها الفقر ، سكن اكثر من عائله في دار واحده ، صعوبة تامين وسائل الطاقه ، عدم توفر شبكة مياه سائله الى الدور ، كلفه عاليه للمياه المنقوله يدويا .. وقليلا من العوئل كانت في دورها حمامات خاصه وحديثه...
كان البغداديون يتواجدون على ضفاف نهر دجله وكانوا بحكم تواجدهم هذا مولعين في موضوع النظافه ولذلك كان موضوع الاستحمام من الاولويات في كل عائله ولذلك كان للحمامات العموميه مكانه خاصه ولها طقوس خاصه لكلا الجنسين الرجال والنساء والاطفال .. وقبل الدخول في تفاصيل الحمامات لابد من وصف بسيط للحمام العمومي بشكل يشترك فيه كل الحمامات حيث تتكون من ثلاثة اجزاء رئيسيه وهي :
الصاله الخارجيه والصاله الداخليه واماكن الخلوه .. الصاله الخارجيه هي التي تستقبل وتودع الزبون وفيها اماكن وضع الملابس وفيها المناشف و(الوزره) التي يتوزر فيها الزبون قبل الدخول الى الصاله الداخليه..
التي تتكون من دائره كبيره فيها دائره اصغر مرتفعه عن الارض (تسمى الصبه ) وتكون حرارتها اعلى من حرارة الارض يضطجع عليها الزبون لاكتساب الحراره لجسمه ثم ينتقل الى الخلوه وهي مكان منفرد فيه حوض من الماء وحنفيتين احداها للماء الحار والاخرى للبارد مع دكه للجلوس دائما ما تكون من الحجر ..
الاستحمام نوعين الاول منفرد والثاني مع التدليك الذي يقوم به ( المدلكجي ) ومن التجهيزات التي يصطحبها الزبون هي:
(الليفه ، الصابون الرگي .. يسمى الرگي لكونه من الرقه في سوريا ، الحنه البيضه، والبعض يصطحب معه المناشف الخاصه به ، بعض الفواكه وخاصة الليمون والبرتقال )..
اما التجهيزات التي تتواجد في الحمام هي ( القبقاب ، الليفه ، الحنه البيضه ، المناشف ، الشاي ، الدارسين ، الماء البارد ،كيس الحمام ،الصابون، حجارة الحمام )..
قد يرى القارىء تكرار بعض المواد وهنا ابين ان الزبون قد يجلب معه كل او بعض هذه المواد وقد يحتاج كل او بعض من هذه المواد ) .. سوف اشرح بعض التسميات التي ذكرت وخاصة للاخوه الذين لم يسبق لهم ان ذهبوا الى حمام السوق:
1. الحنه البيضه او (دوه حمام ) وهي ماده تتكون من (النوره البيضه + الزرنيخ ) وتستخدم لازالة الشعر وهي عباره عن مسحوق ابيض مائل الى الرمادي يتم اضافة الماء وجعله كالمعجون ويوضع على الاماكن المطلوبه ,, لقد اختفت هذه الماده من الاسولق في منتصف السبعينات
2 حجارة الحمام : وهي حجاره قيريه فيها العديد من الثقوب تستخدم لازالة الجلد المتقرن .وتستخدم عادة من قبل النساء .
3. القبقاب .وهو اشبه بالنعال ولكنه من الخشب لكي يؤمن سلامة الزبون من التزحلق .
4. كيس الحمام .. وهو كيس من القماش الخشن تزيد خشونته الخيوط المخاطه به في جميع الاتجاهات و يستخدم لازالة الاوساخ الدهنيه الاصقه في الجلد .
5. الوزره . وهي قطعه قماش يستتر بها الزبون عند خلع ملابسه والدخول الى الاغتسال .باقي المواد معروفه.
تعتبر عمليه الاستحمام ايضا فرصه للحديث بين الرجال والتلاقي والجلوس بعد الاستحمام في الصاله الخارجيه لشرب الدارسين او الشاي والتكيف على تغيير درجة الحراره قبل الخروج الى الخارج .وقد تسمع الحلف بالايمان لدفع اجرة الحمام من قبل البعض عن اصحابه وتسمى بالبغدادي (الوير ) . اما العرسان فحضورهم الى الحمام فرض ومعه اصدقائه واقربائه ليستحم الجميع بهذه المناسبه مجانا على حساب العريس .
للنساء دور ايضا في الحمامات وفيهن يضرب المثل (حمام نسوان ) من كثرة الضجيج والكلام والصياح ولحمام النسوه طقس خاص فانها تتهيأ للحمام من قبل يوم وتهىء الفواكهه والبقجه:
مشط خشبی
(وهي قطعة قماش توضع فيها الملابس الخاصه بالحمام ) ومستلزمات المكياج ( سبداج ، ديرم ، احمر خدود ،شنان ، حنه بنوعيها ،صبغ شعر ،صبغ اظافر ) وكثيرا ما تصطحب معها اولادها او بناتها الصغار وكثيرا ما ينشب العراك حول اولاد احداهن (داده هذا چبير شنو جايبته للحمام؟ )..
وترد عليها وهكذا وكثيرا ما يفصل في هذا الموضوع صاحبة الحمام وتقرر بقائه او خروجه والنساء يعتبرن يوم الحمام كسله اي (نزهه او سفره ) واحداهن تقضي اكثر3 - 4 ساعات في الحمام وقد تنتهي من اولادها اولا وتخرجهم ثم تبقى للحديث ..
كانت الحمامات تخصص الى الرجال في ايام معدوده والنساء في ايام اخر في حالة عدم توفر حمام خاص لكل فئه . وكانت اسعار الاستحمام لاتزيد عن 20 فلسا ثم ارتفعت الى 50 فلسا واليوم اسعارها قد تصل الى 10000 دينار ومن الحمامات المشهوره في بغداد في تلك الفتره في الكرخ (حمام شامي حمام ايوب ، حمام الجسر ، حمام الجعيفر ) وفي الرصافه ( حمام حيدر ، حمام الشورجه ، كجو ، كنجه علي ،الباشا ،المالح ، يونس ، القاضي )... الى هنا نكتفي ونتمنى لكم حمام هنيئا ونعيما مقدما
والى لقاء اخر ...مع تحيات عبد الكريم الحسيني
الگاردينيا: للراغبين الأطلاع على الحلقة الثالثة.. النقر على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/tarfiya/menouats/1385-3.html
الگاردينيا: عهداً منا يا أبا عمر أن نستمر في اعادة ما كتبته دون أن ننساك والف رحمة على روحك يا بغدادي يا أصيل.
2141 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع