وسائل التبريد في الاربعينات العاكول والبادكير والسرداب
كانت ايام الصيف في بغداد تشتعل من شدة الحرارة. لذلك كان اصحاب البيوت يتشبثون بأية وسيلة تحميهم من حرارة الصيف المحرقة فكانت وسائل التبريد عندهم تتطلب اتخاذ طرق خاصة في بناء دورهم بحيث تجعلها مجهزة لحمايتهم من حرارة الصيف. والطرق التي يستعملونها على ثلاثة انواع هي:
السرداب:
وهو عبارة عن غرفة واسعة تشيد في بداية بناء الدار على مستوى تحت سطح ارضية الدار مع سلم للنزول اليها ثم تشيد فوقها بناية الدار بطابق او طابقين فيكون السرداب والحالة هذه بعيدا عن حرارة الشمس. ويتصل السرداب مجرى هوائي من الاعلى الى سطح الدار العلوي ليلتصق بالبادكير.
البادكير:
(البادكير) لفظة فارسية الاصل عربها الاقدمون وهو بناء على شكل مثلث مجوف لا تزيد قاعدته عن المتر ولا يزيد ارتفاعه عن المتر يشيد فوق ستارة السطح العلوي للدار يفتح من جهة الشرق ويرتبط من الاسفل بمجرى داخل البناء يصل الى السرداب ويشبه الفم المفتوح ليدخل منه الهواء الشرقي الى السرداب هواء باردا ويستعمل السرداب مقرا لاستراحة العائلة والنوم احيانا وقت الظهيرة شديدة الحرارة.
العاكول:
(العاكول) وسيلة اخرى للتبريد وهو عبارة عن حاجز يوضع امام باب الدار المفتوح ويتكون من شبكة من (جريد) سعف النخل بطبقتين يحشى بينهما العاكول وهو الاشواك البرية ويربط بخيوط او اسلاك ويرش هذا الحاجز بالماء وعندما تأتي الرياح الحارة (السموم) من الشارع وتمر من هذا الحاجز تتحول الى هواء بارد منعش يدخل الى الدار من بابها.
النوم في السطوح تحت (الكلل):
في اشهر الحر الشديد من الصيف كان المواطنون يلتجؤون في (الاربعينات) الى وسائل التبريد القديمة خلال النهار فيدخل بعضهم الى السراديب ويقضي البعض الاخر اوقاته خلف حواجز (العاكول) للتخلص من حرارة الظهيرة المحرقة. اما في الليل فان النوم على السطوح هو الوسيلة المثلى للتخلص من حرارة الجو. والنوم على السطوح يكون على اسرة حديدية خفيفة تسمى (القريولات - جمع قريولة) ويكون النائم على السطح تحت السماء يداعبه القمر او النجوم. وتخلصا من الحشرات يستعمل غطاء من القماش الابيض الخفيف على شكل (هودج) فوق القريولة وينام الشخص داخل هذا الهودج ويسمى (الكلة) بتشديد اللام. اما الفقراء من الناس فيضعون فراشهم على ارضية سطح الدار تلتحفهم السماء الصافية وتتغازل معهم (بنات نعش).
ويضعون على ستارة السطح جرار الماء الفخارية (التنك - جمع تنكه) لتضرب بها الريح ويصبح ماؤها باردا منعشا للشرب.
كانت تلك الاشهر القاسية على الناس قبل وصول الكهرباء والمراوح والمبردات وكانوا يطلقون على شهر تموز الحار تسمية (تموز يفور الماء بالكوز) ويطلقون على شهر اب (اب اللهاب يحرق المسمار بالباب).
728 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع