الطيار الشهيد عبد الله لعيبي مثال للتضحية والفداء في سبييل العراق

  

الطيار الشهيد عبد الله لعيبي ،مثال للتضحية والفداء في سبييل العراق

   

                                      

                         د .علوان العبوسي

افرزت حرب القادسية الثانية مع ايران 1980 – 1988 الكثير من امثلة البطولة والشجاعة والمبادءة والتضحية والشهادة والايثار التي لايمكن وصفها بوصف تقليدي كما يوصف به اياً كان غير الطيار المقاتل العراقي الذي يتمنى ويفضل الشهادة في سبيل تادية الواجب لحماية ودرء الاخطار عن بلده العراق العظيم ..

وهناك الكثير من الامثلة في هذا الصدد هاكم بعضاً منها ، النقيب الطيار هاتف مدلول حمد اضطرت قياة القوة الجوية تكليفة بواجب في يوم زفافة والغاء اجازة زواجه بعد ان هيئ كافة مستلزماته لكنه فضّل تلبية الواجب وتاجيل الزواج بعد عودته من تنفيذه وامتثل لامر القيادة لكنه استشهد فوق مياه الخليج العربي وهو يؤدي واجبه الوطني ، وهذا النقيب الطيار صالح عياش عريم قَذف من الطائرة مرتين لاسباب فنية وتعبوية وفضل تلبية نداء الواجب للمهمة التي كلف بها وشاءت الصدف اصابة طائرته بوسائل الدفاع الجوي الايراني وقذف للمرة الثالثة واسر في ايران ، وهذا الرائد الطيار الشهيد علي حسين فاضل والنقيب الشهيد محمد سليم كلفوا بمهمة غاية في الخطورة بظروف صعبة جداً وكانوا على يقين باستشهادهم وكتبوا وصاياهم قبل تنفيذها وهنا لابد ان اذكر كلام الاخ هيثم عبد المجيد الذي اشرف على التخطيط للواجب المكلفين به يقول (كان الشهيدان يتمتعان بمعنويات عالية لايمكن وصفها باللسان وكل منهم كتب وصيته الى زوجته واهله ...كانا يودعان رفاقهم واذكر كلمة الشهيد علي حسين قائد التشكيل في الوداع لاتخافون علينا انشاء الله راجعين واذا ما رجعنا فنحن مع الشهداء والصديقين )، وهناك العديد من المواقف استشهد خلالها الكثير من ابطال الطيران ولا مجال لذكرها الان اما شهيدنا الملازم الاول الطيار عبد الله لعيبي فلهذا البطل قصة لم تحدث الا من قبل طياري الكاميكاز في الحرب العالمية الثانية بعد ان ارتطم بطائرته طائرة الطيار الايراني فوق جبال كردستان استشهد على اثرها في الحال ملبياً نداء الواجب واليكم هذه القصة الموجزة التي رواها آمر جناح الطيران لقاعدة الحرية الجوية .

في قاعدة الحرية (كركوك ) الجوية وفي الايام الاولى للحرب العراقية الايرانية كان زخم طيران المقاتلات القاذفة سوخوي/ 22 (السرب الاول) والمتصدية ميج/21 (السرب 47)على اشده كون القاعدة تغطي معظم الاهداف الايرانية المهمة التي تقع ضمن نصف قطر عمل طائراتها ، واصبح شبه المتعذر على طياري المتصديات تلبية اعمال قتالها لتامين الحماية الجوية التامة ضد التهديد الجوي الايراني للقاعدة وكافة المنشآت الحيوية ضمن منطقة كركوك مما تطلب تعزيزها بطيارين وطائرات من باقي الاسراب المتصدية وتم ذلك من الاسراب الموجودة في قاعدة الوليد الجوية والرشيد الجوية ومنهم الملازم الطيار عبد الله لعيبي وآخرين ساهموا بشكل فاعل في تعزيز مهام السرب 47 للدوريات المسلحة بداً منذ الضياء الاول وحتى حلول الظلام حيث تتوقف مهام الطيران الايراني على القطر.

في منتصف تشرين الثاني 1980 كلف كلا من النقيب الطيار( ؟ ) قائد تشكيل (حازم) والملازم الاول الطيار عبد الله لعيبي رقم 2 بالتشكيل بواجب الدورية المسلحة في المنطقة الجنوبية الشرقية من قاعدة الحرية الجوية (حوض دربند خان وحلبجة ) بواجب مطاردة الطائرات الايرانية المحتمل مطاردتها لطائراتنا المقاتلة القاذفة في طريق عودتها من مهامها داخل ايران .

   

الطائرة ميج /21 العراقية

في الساعة 1330 طلب طاقم غرفة حركات قاطع الدفاع الجوي الرابع في كركوك من تشكيل (حازم ) لاحتمال مواجهة تشكيل ايراني مؤلف من اربع طائرات يعتقد انها نورثروب (ف / 5) علماً لم تتوفر لدى القاطع سوى المعلومات المرسلة من نقاط الرصد المتواجدة في منطقة السليمانية وطلب من التشكيل البحث الحر باستخدام رادار الكشف والتحري البصري ، اجاب قائد التشكيل باستلام التوجيه (عُلم) ثم قام باتخاذ الاجراءات التالية :

  

الطائرة نورثروب /ف5 الايرانية

من حازم /1 الى حازم / 2 خذ وضع القتال(fighting position وافتح رادار الكشف وهيئ اسلحة الرمي للصواريخ الحرارية وأنظر جيداً للخارج ( good look out).

يجيب حازم / 2 حاضر سيدي .

في هذه الاثناء انحدر التشكيل الى ارتفاع واطي واخذ يبحث بالنظر والرادار بدون الاستعانة برادار الدفاع الجوي بسبب محدودية كشفه الراداري .

بعد دقائق محدودة ينادي قائد التشكيل اربع طائرات جهة اليمين باتجاه 200ْ ارتفاع واطي بوضع تشكيل مفتوح ، ثم يجيبه حازم /2 علم مشاهد (contact).

ياخذ التشكيل الوضع القتالي 2 ضد 4 ويهاجم قائد التشكيل احد اعضاء التشكيل المعادي بعد ان يسقط خزان الوقود الاحتياطي ويطلق عليه احد الصواريخ الحرارية ولكنه لايصيبه فيوجه طائرته الى العضو الاخر فيصيبه اصابة قاتلة يبارك له ذلك حازم/ 2 .

في هذه الاثناء ينحدر التشكيل المعادي الى اقل ارتفاع ممكن حتى لايعرض باقي اعضاء التشكيل للقتل ويستمر في طيرانه باتجاه الهدف المحدد له .

من حازم /1 الى حازم/ 2 انطلق باتجاه التشكيل المعادي وكن حذراً من الارتفاع الواطي.

حازم 2 حاضر سيدي

ويتوجه عبد الله لعيبي باتجاه احد اعضاء التشكيل المعادي بعد ان يسقط خزان الوقود الاحتياطي ولكن يلاقي صعوبة في التسديد بسبب الارتفاع الواطي جداً ويطلق صواريخه دون ان يصيب التشكيل المعادي ، وينادي قائد التشكيل :

حازم /1من حازم /2 سيدي الوقود قليل (هناك اصطلاح لدى الطيارين ينادي فيه bingo يعني وقودي قليل )،

يجيبه حازم/1 ليكن آخر هجوم لنا ثم نعود للقاعدة :

نعم سيدي يجيبه حازم/2

ويبدأ بتعمير المدفع 23 ملم ويهاجم التشكيل المعادي بحارق خلفي ليلحق به مع المدفع في هذه الاثناء ايقن قائد التشكيل المعادي ان لافائدة من الاستمرار بواجبه وهو بهذه الحالة الحرجة من الطيران فيلقي حمولة التشكيل الحربية من القنابر ويسحب باتجاه عبد الله لعيبي قاصداً العودة للقاعدة لاغياً واجبه في محاولة لاحباط هجوم عبد الله لعيبي ، في هذه الاثناء يطلب قائد التشكيل من عبد الله الغاء الواجب واطفاء الحارق الخلفي خاصة ان وقود التشكيل بدء بالنفاذ وما تبقى لايسمح لهم العودة للقاعدة ولكن عبد الله لم يجبه واستمر بملاحقة قائد التشكيل الايراني بالحارق والمدفع واخيراً نادى الله اكبر وهو باتجاه العدو حتى ارتطم بطائرته معه وانفجرت الطائرتان في الجو في المنطقة القريبة من منطقة قرداغ واستشهد عبد الله بعد ان اسقط الطيار المعادي .

بعد تحليل الواجب نستنتج ان عبد الله لعيبي اخذ به الحماس ماخذا جعله لم يفكر سوى باسقاط الطائرة المعادية ووقوده لايسمح له العودة الى القاعدة وعليه ان يقذف في هذه الحالة ويخسر طائرته دون نتيجة ، او اذا عاد ماذا سيقول لزملاؤه ففكر بالارتطام بالعدو ولو يؤدي ذلك الى استشهاده .

عاد قائد التشكيل الى القاعدة بآخر قطرة وقود لديه وهو حزين على عبد الله لعيبي لكنه ادى المطلوب منه تجاه وطنه وتجاه عبد الله فقد منعه من الاستمرار ولكنه قرر الشهادة على العودة للقاعدة بعد ان ادى واجبه باعلى درجات الاداء ومنع التشكيل من اتمام مهمته واسقط مع قائد التشكيل طائرتين ايرانيتين معادية .

في حينها قرر الرئيس صدام حسين بعد ان استمع لقصة الطيار عبد الله لعيبي تكريمه باعلى الاوسمة وامر بتشييد نصب تذكاري امام نادي القوة الجوية والدفاع الجوي وهو يفتخر باسقاط احدى طائرات العدو الفارسي لتبقى ذكراه عزيزة عصية على اعداء الله والوطن والاسلام .

اليوم بدل ان يفتخر ممن يسمون انفسهم بالسياسيون قادة العراق المحتل بهذا البطل وهو يقف شامخاً في احدى ساحات بغداد البطولة والفداء يُذّكر الاجيال ببطولته هذه من اجل وطنه وشعبه قاموا برفع هذا النصب البطولي والطائرة التي اسقطها ظناً منهم ان العراقيين سينسون عبد الله لعيبي البطل الاسطوري ورفاقه الاخرين ، ولكن هيهات ان ينسى ذلك وسيتناقلها الابناء جيلا بعد جيل كاحد امثلة الشجاعة والتضحية في سبيل الوطن.

رحم الله البطل عبد الله لعيبي وكل شهداء القوة الجوية والدفاع الجوي والقوات المسلحة الابطال

ملاحظة :ان ماذكر هو غيض من فيض للحادث البطولي لكي يُفهم من العامة حيث هناك تفاصيل وتحليل دقيق للحادث من خلال الصندوق الاسود للطائرة يطول شرحة فنياً .

اشكركم

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

751 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع