الرئيس عبد السلام عارف والكويت
بقلم : الصقر
جرى نقاش بين الاخوة مظلوم العجيلي (الذي افتقدناه منذ مدة ) والاستاذ الشهاب الحسني في موضوع مقال ( ورطة صباح محمد عارف)المنشور في الكاردينيا بتاريخ 20 ايار 2014 حول الشيك الذي استلمه من حكومة الكويت حينها وما عثر عليه الاستاذ مظلوم العجيلي في (قصر السلام ) في الكويت لوثيقة هي مدار بحثي هذا عن حقيقة ما حدث ومن عدة مصادر مختلفة مع الرئيس عارف او مؤيدة له او محايدة عسى ان تنورنا للحقيقة وادون الآراء بنصها من المذكرات التي تناولت هذا الحدث..
1_ جاء في مذكرات المرحوم الاستاذ صبحي عبد الحميد وزير الخارجية ووزير الداخلية في زمن عبد السلام عارف بعد 18 تشرين ولحين اختلافه مع عبد السلام وخروجه من الوزارة واشتراكه مع عارف عبد الرزاق في محاولتي قلب الحكم المذكرات الموسومة ( العراق في سنوات الستينات 1960-1968 ) الصادرة عن دار بابل للدراسات والاعلام عام 2010 وفي الصفحة 112 ما يلي :
في يوم 10/10/1963 وصل الى الكويت وفد عراقي براسة احمد حسن البكر ووقعت الكويت خلال الزيارة على اتفاقية قرض للعراق بمبلغ (30 ) ثلاثون مليون دينار..وتبرعت (بمليونين دينار ) للجيش العراقي حولتها باسم رئيس الجمهورية الذي سلمها بدوره الى وزارة الدفاع.....(ويمكن للقاريء الكريم اكمال الفقرات اللاحقة لمعرفة رأي عبد السلام عارف في قضية ترسيم الحدود بعد 18 تشرين والعلاقات العراقية الكويتية ومسألة الحدود منذ تأسيس الدولة العراقية ولحد خروج المرحوم صبحي عبد الحميد من وزارة الخارجية وبالتفاصيل والتوثيق بالخرائط.
2_ مذكرات حازم جواد عضو القيادة القطرية لحزب البعث عام 1963 والوزير في فترة حكم البعث حينها وهو مؤيد للرئيس عبد السلام في احداث 11-18 تشرين 1963 حول نزاهة عبد السلام عارف في الصفحة 113....التي يقول فيها طرحنا مسألة الكويت على التصويت ( يقصد الاعتراف بالكويت )...بعد رفض الرئيس عيد السلام عارف عرض قرض الثلاثون مليون دينار..وعبر عن معارضته القاطعة وقال ( انا مستعد ان تعفوني من رئاسة الجمهورية وان تعينوني آمرا للواء الخامس عشر في اليصرة وانا اعرف (شلون ) احل المشكلة في ليلة سوداء (وكان يقصد الحل العسكري )....واتخذ المجلس قرار بحل الخلاف مع الكويت رغم معارضة عبد السلام عارف .
3_ مذكرات هاني الفكيكي عضو القيادة القطرية لحزب البعث عام 1963 (المعارض الشديد للرئيس عبد السلام عارف ) المذكرات الموسومة (اوكار الهزيمة ) الصادرة عن مؤسسة المنارة عام 1993 يقول في الصفحتين 203 و 204 ما يلي:
بعد اذاعة قرار اعتراف العراق بالكويت...وبعد ايام وصل الى بغداد وفد كويتي للشكر برئاسة وزير الاعلام وبعد تناول الغذاء تحدث معهم عارف عن الرغبة في بناء مجمع لوزارة الاعلام في الاراضي المقابلة للقصر الجمهوري ....ومع الثلاثين مليونا من الدنانير التي حولت الى البنك المركزي العراقي وصل مبلغ مليوني دينار باسم عارف الذي امر بايداعها في حساب الخزينة العامة لبناء المجمع الاعلامي.
4_ مذكرات طالب شبيب عضو القيادة القطرية لحزب البعث ووزير الخارجية عام 1963 والموسومة (عراق 8 شباط 1963 من حوار المفاهيم الى حوار الدم ) مراجعات في ذاكرة طالب الشبيب للدكتور علي كريم سعيد الصادر عن دار الكنوز الادبية في لبنان عام 1999 (وهو كان من مؤيدي عبد السلام خلال احداث 11-18 تشرين 1963 ) يذكر فيها وفي الصفحات 238 و239 و240 ما يلي :
سافرت في حزيران 1963 الى بيروت لمدة عشرة ايام في زيارة غير رسمية (شخصية ) ومن جانبه سافر الشيخ صباح السالم الصباح (رئيس وزراء الكويت ) ايضا ليقيم في قصره قرب (عاليه ) بين بحمدون وعاليه ..ولم ازره بقصره ولكننا اتفقنا ان نلتقي كل امسية في مطعم متواضع سيء الخدمات ومقفر من الزبائن وفضلناه لكي لا نلفت النظر الى لقاءاتنا الغير علنية ولكي نبدو كسائحين من الطبقة الوسطى.
وهناك اتفقنا على قرض تقدمه الكويت (بثلاثين مليون دينار كويتي ) وبنسبة ارباح رمزية 1% تبدأ بالاستحقاق بعد عشر سنوات مع مليوني دينار تقدم كتبرع من الحكومة الكويتية الى عوائل شهداء ثورة 14 رمضان 1963.
حررت الكويت شيكين بالمبلغين ووثقتها وزارة المالية الكويتية بأسم عبد السلام محمد عارف وليس بأسم طالب شبيب وسلما الى الى الحكومة العراقية واعطي الاول الى خير الدين حسيب لادخاله في الخزينة العراقية . اما شيك المليوني دينار فقد اخفاه عبد السلام في احد ادراج مكتبه في القصر الجمهوري ...وفورا وبعد زوال سلطة البعث اثر حركة 18 تشرين 1963 جرى تمرير اشاعة مقصودة ومدبرة تلمح الى ان البعثيين استولوا على الشيك وصرفوه لمصلحة حزبهم.
ولكن وزراء ناصريون بينهم عبد الكريم فرحان وصبحي عبد الحميد اضافة الى خير الدين حسيب محافظ البنك المركزي استطاعوا بعد جرد وتفتيش القصر الجمهوري العثور على الشيك الضائع مخفيا في احد ادراج مكتب الرئيس عبد السلام فاخذوه وادرجوه باعتياره جزء من الاتفاقية العراقية الكويتية ...ولو لم تتم تلك العملية لتمكن عبد السلام من التصرف بالشيك بصورة شخصية لعدم الاشارة له في الاتفاقية وملاحقها .
وفي الصفحة242 يقول في العام 1967 التقيت الشيخ صبا ح الاحمد الصباح بلندن وكنت سقير لجامعة الدول العربية فيها وكنا نستقل سيارة واحدة وكان معي مصحف صغير وقلت له نحن الان لوحدنا واريد لضميري ان يرتاح ارجوان تقسم على هذا المصحف وتجيب على سؤالي ...هل اخذ احد من قادة البعث رشوة بقضية اعترافنا بالكويت عام 1963 ؟....فاجاب اقسم لم ادفع لاحد منهم ولا مليم ...والاخ صباح هو اخ وصديق ورجل صادق وهو حي يرزق.
5_اتصلت بمدير الاستخبارات العسكرية بعد 18 تشرين 1963 الاستاذ هادي خماس للاستئناس بما يعرفه عن الموضوع كما طلب اخي العزيز الشهاب الحسني (وهو معارض لعبد السلام ) فأكد على نزاهة المرحوم عبد السلام وان المبلغ قد اودع الى الخزينة المركزية بامر الرئيس عبد السلام عارف.
اجمعت كافة المذكرات والاحاديث ورغم الاختلاف في التفاصيل والاختلاف مع الرئيس الراحل عبد السلام عارف على ان شيك المليوني دينار قد اودع الى الخزينة المركزية العراقية ولم يتصرف به بشكل شخصي سواءا في ايداعه في مصرف داخل او خارج العراق وبشكل نقدي .
الرجاء من القاريء الكريم ان يقدر بان ما نقلته في هذا التوضيح هو نصوص من مذكرات مسؤول عنه صاحب المذكرات ولا تعبر عن رأيي الشخصي والذي انا مؤمن بنزاهة وعفة الحكام في تلك المراحل من تاريخ العراق وقد رحلوا جميعا دون ان يثبت عليهم خصومهم اية تهمه تمس نزاهتهم وذريتهم خير شاهد على نزاهتهم من حيث عيشتهم الحالية .اما اخطائهم وخطاياهم فليس مجال بحثنا هنا .
خلاصة الكلام .. وبرغم ما عمله المرحوم عبد السلام محمد عارف وتنكره للبعث الذي اتى به لرئاسة الجمهورية وغدره للحزب في 18 تشرين لا بل واخذ يجبر من يتقدم الى اية وضيفة عسكرية بان يقدم ( براءة من حزب البعث ) كي يتم قبوله وما قام من تجاوزات بحق الحزب وادعائه بانه (بطل ومفجر الثورات الثلاث ) الا اننا هنا نثبت نزاهته وعفته كما هو حال بقية قادة العراق الذين كانت الدعايات تلاحقهم بعدم النزاهة عندما كانت هذه التهمة من اكبر التهم التي يتم رمي الحكام بها (وليس كما يحدث اليوم من كون عدم النزاهة شيء اعتيادي )
813 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع