علي السوداني
أنا المواطن الإنسان العربي العراقي المسلم ، كاتب القصص والحكايات والمكاتيب ، يسعدني ويوجعني في آن واحد الليلة ، أن أقدّم استقالتي من تلفزيون العبّاسية ، من دون استشارة أحد أو ماحود ، حتى أصدقائي هناك وأولهم الكاتب هارون محمد .
بعد سنة كاملة على ولادة أولى حلقات برنامجي " كرسي فوق ... كرسي تحت " اتخذتُ هذا القرار ، ولكي أسنده وأعمّده وأجعله غير خاضع للاستدارة أو الإستدراك ، سأقوم بنشرة وشرّهِ على صفحتي الصائحة في غابة الفيسبوك الشاسعة والجميلة حتى الآن .
بودّي - أحبتي وحبيباتي - أن أقول لكم بأنني من نوادر الكائنات المحظوظة ، في ممارسة حريتي المطلقة في الكتابة سواء كانت بباب القصص طوالها وقصارها ، أم بباب المكاتيب والحكايات ، إذ يتم نشر مكتوبي الأسبوعي على أخيرة جريدة الزمان ، ومتأخراً عمودي فوق أخيرة جريدة العرب اللندنية ، من دون أن تحذف منه كلمة واحدة .
أمّا بشأن برنامجي على قناة العباسية ، فلقد حالفني حسن الحظّ بنفس الكمية والطريقة التي أنا عليها بالجريدتين الفائتتين ، فلم يسبق لهذا التلفزيون الجديد ولا لمديره هارون ولا لولده الحميم محمد الذي نحت عنّي مفردة الأشكس ، أن طلبوا مني أو حتى لمّحوا ، بعرض هذه الفكرة ، وحذف تلك . كنت أذهب الى استوديو التسجيل مباشرة وأنهي الحلقة فتعرض في اليوم التالي كاملة غير مثلومة حتى من بعض ما قد أتضادد به معهم . لم أرَ منهم غير الحب والضحكة المشجعة والدلال والحرية المطلقة التي أعشق .
ألآن أجد نفسي غير قادر على المواصلة ، حيث الناس - ليس بتلفزيون العباسية فقط - قد تمترسوا خلف طوائفهم ومللهم ومناطقهم وقبائلهم ، وارتفعت حدّ السماء يافطات التجزئة والكانتونات واندقتْ طوابيق الأساس لحرب صاروا يسمونها ، الحرب السنية الشيعية ،
أما أنا علّوكي كما يشتهون تدليعي وأشتهي ، فليس بي حيل ولا حيلة على مغادرة بيتي وقبيلتي وأمي وأبي العراق الذي أكتبه الآن - ويا لها من حسرة مميتة - على صورة بلاد ما بين القهرين ، التي جارتْ عليَّ وعليكم ، لكنها ظلّت مشتولة عذبة رحيمة بديعة ، واهلها كلهم بين الأضلع راسخين .
سأغلق هاتفي والباب ، وسألقي نظرات أخيرات على فحوى ومحوى كتابي العاشر ، وقد أشيل جسدي إن تيسر وتسهّل الأمر ، صوب خليج العقبة لأقعد سبعة أيام متخففة بمواجهة البحر والسفائن والصفنات اللذيذات .
سأفتش ثانية عن شغل ريعهُ يجعلني والعيال كما كنت وكنا أبداً ، آمنين مطمئنين نمارس عيشنا بحدود الله وخلقه البسيطة والممكنة ، فلم ننزل على أرض الربّ وبحلقنا ملعقة من ذهب او من فضة ، وربما عدتُ إلى عملي القديم كصانع ماهر وبائع لأكلة الفلافل النائمة ببطن صمونة حارة ممدود فوقها خطّ عظيم من العمبة الأصيلة ، حيث الزبائن ليسوا بشيعة ولا بسنة ، والتضاد حول سعر اللفة وعدد حبات الفلافل في بطنها ، وصنف العمبة وبهارات الطرشي المخلل ، بالمقدور حلّها بالتراضي وربما بجملة " ألف عافية عيوني " .
في ختمتها وختامها ، سأطلب من الأحبة والأصدقاء خاصة على صفحتي الفيسبوكية ، وبالحاح شديد وبتوسّل قد يصل حدّ النحيب ، أن تكون تعليقاتهم وتساؤلاتهم وزعلهم ربما ، بحدود جملة :
أنت غلطان يا علي ، أو جملة ، قرارك صائب يا علي .
حفظ الله العظيم الرحيم الكريم الجميل ، بلادي الحبيبة وأهلها الطيبين ، وأعانها على الغزاة كلهم وأيضاً على " بعض " ناسها وما حولها .
كُتبتْ في الثامن عشر من شهر نيسان القائم على السنة 2014
996 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع