مؤتمر عدم الانحياز خسرته بغداد وربحته طهران

                                         

ينعقد في طهران حاليا مؤتمر عدم الانحياز بعد  نصف قرن على تأسيس حركة عدم الانحياز


 Non-Aligned Movement (NAM)
التي انبثقت عن مؤتمر باندونغ عام 1955م  الذي ساهم في اعماله  بشكل فعال رئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو ، والرئيس المصري جمال عبد الناصر ، والرئيس اليوغسلافي جوزيف بروس  تيتو ، والرئيس الغاني  كوامي نكروما ، والرئيس الاندونيسي  احمد سوكارنو،  فعقدت  الحركة مؤتمرها الاول في بلغراد عاصمة يوغسلافيا عام 1961م.
وعبارة عدم الانحياز اقتبسها نهرو من زميله الدبلوماسي كريشنا مينون التي ذكرها في خطاب له في الامم المتحدة عام 1953 فاصبحت عنوانا للحركة اضافة الى المبادئ الخمسة التي وضعها نهرو لمعالجة العلاقات الهندية الصينية .
اتسعت حركة عدم الانحياز واستهوت العديد من الدول لما لاهدافها من حيوية وشعبية  فاصبح عدد الدول المنتمية للحركة 120  دولة ،  تعداد شعوبها يزيد على نصف سكان المعمورة ، ولكنها مع ذلك لم تنجُ  من مشاكل كبيرة وقعت فيها ، فنشبت الحرب بين بعض اعضائها مثل الحرب بين الهند والباكستان والحرب العراقية الايرانية ، مما اضعف الحركة وقلل من حضورها في المحافل الدولية .
وكان لرحيل قادتها الكبار وعدم مجئ من يحل محلهم أثره في اضمحلال الدور الفعلي للحركة ، مع عدم تجاهل غياب الاتحاد السوفيتي  القطب المنافس للولايات المتحدة الامريكية  الذي كان الداينمو المحرك للكثير من دول العالم الثالث     ( الدول النامية ) التي كانت تجد نفسها فعالة في حركة عدم الانحياز اكثر من وجودها في الامم المتحدة التي تهيمن عليها الدول الخمس الكبرى ومجلس الامن و حق النقض  (الفيتو)  الذي تحتكره الدول الكبرى .
 كان  انعقاد المؤتمر السابع لقمة عدم الانحياز  مقررا ببغداد  عام 1982 ولكن الحرب العراقية الايرانية  كانت سببا في ترحيله الى  نيودلهي عام 1983  رغم الاستعدادات  الضخمة التي قامت بها بغداد من أجل عقد المؤتمر ، وصادف ان كنت في تلك السنوات في عاصمة الهند ، هاربا من النظام الصدامي ، فعملت في اللجنة الاعلامية للمؤتمر ، ومن المفارقات ان رئيس المؤتمر كان فيديل كاسترو ، وعليه ان يسلم الرئاسة الى انديرا غاندي ، فالقى كاسترو كلمة بليغة في افتتاح المؤتمر وسلم الرئاسة الى انديرا غاندي وسط حماس كبير  ، كان كاسترو كث اللحية طويلا ضخما وكانت انديرا غاندي رقيقة قصيرة القامة بالنسبة له فظهر الى جانبها كعملاق ، وحين عانقها مهنئا على تسلمها  الرئاسة كان ذلك  العناق خروجا على العادات والتقاليد الهندية مما سبب احراجا لانديرا غاندي ، ولكن الشعب الهندي بما عرف عنه من تسامح وديمقراطية لم يتوقف عند معانقة رئيسته مع شخص غريب عنها .
ومن المفارقات ايضا ان طلب الدبلوماسي العراقي في جلسة وزراء الخارجية مني بعض المعلومات وبرنامج الجلسة وحين كلمته بالعربية استغرب وسألني من اي بلد ، فاجبته من بغداد ، فابدى فرحه وقال اعتقدت انك لبناني ، فقدم لي بطاقته وطلب مني زيارته عند قدومي الى بغداد ، ولم اشأ اخباره باني هارب من  نظامه .
واثناء حديث عابر  مع أحد حراس الوفد المرافق العراقي في كافتيريا المؤتمر سألني ايضا من اين انا ، ولما رأيت فيه ملامح الحراس الامنيين اخبرته باني هندي اتكلم العربية لاني لم ارد اخباره بحقيقة هويتي ، فصمت على شك .
ومن الطريف ان أحد أعضاء الوفد الايراني المشارك في المؤتمر  - كان يرتدي زي رجال الدين - طلب مني بعض المعلومات ايضا ، فحدثته بالفارسية التي ألم ّ بها ، فسألني ايضا من اين انا ،فاجبته باني عراقي ، فما كان منه الا ان يذهب مسرعا بحرج كبير .
كان ذلك هو المؤتمر الذي خسرته بغداد بسبب طيش الطاغية الذي افقد العراق مقوماته كدولة وتركه مثخنا بالجراح جراء حروب عبثية لم تترك سوى الدمار والخراب.
اليوم تربح طهران استلام رئاسة المؤتمر، وتستفيد من البنود التي وضعها قادة كبار حاولوا صياغة وثيقة تسند الشعوب في انعتاقها من الظلم والفقر والاستغلال والجهل .
ان طموحات القادة الكبار ما زالت بحاجة الى جهود كبيرة  لتحقيقها  وهي بحاجة لتكاتف  الشعوب و توفير القاسم المشترك لنضالها معا لتنطلق  نحو التقدم والازدهار
ادناه نذكر المبادئ العشرة لمؤتمر باندونغ  التي استندت اليها حركة عدم  الانحياز :
1-احترام حقوق الإنسان الأساسية، وأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.                      
2 - احترام سيادة جميع الدول وسلامة أراضيها.
3- إقرار مبدأ المساواة بين جميع الأجناس، والمساواة بين جميع الدول، كبيرها وصغيرها.
4-  عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى أو التعرض لها.
5  - احترام حق كل دولة في الدفاع عن نفسها، بطريقة فردية أو جماعية، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.
6-  
أ  - عدم استخدام أحلاف الدفاع الجماعية لتحقيق مصالح خاصة لأيّ من الدول الكبرى.
 ب- عدم قيام أي دولة بممارسة ضغوط على دول أخرى.
7 - الامتناع عن القيام، أو التهديد بالقيام، بأي عدوان، والامتناع عن استخدام القوة
 ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة.
8- الحل السلمي لجميع الصراعات الدولية، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.
9  - تعزيز المصالح المشتركة والتعاون المتبادل.
10 - احترام العدالة والالتزامات الدولية

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

915 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع