علاء کامل شبيب
أغلب الظن أن النظام الايراني لم يکن يتوقع و لا قد وضع في حسبانه ان البرلمان الاوربي سيبادر الى إصدار قرار خاص تجاه النظام الايراني يعتبر الاول من نوعه خلال تأريخ العلاقات بينهما، ومثلما لم يکن بإنتظار طهران صدور هکذا قرار ضدها، فإن البرلمان الاوربي أيضا لم يکن يتوقع أبدا أن يصدر ردود فعل عنيفة و شديدة اللهجة ازاء القرار.
البرلمان الاوربي الذي أصدر قرار استراتيجية الاتحاد الاوربي تجاه النظام الايراني في بدايات هذا الشهر، وهو قرار إستند على الانتهاکات الفاضحة و واسعة النطاق لحقوق الانسان و التي وثقتها المنظمات المعنية بحقوق الانسان، بالاضافة الى إستناده على قراراته السابقة بشأن النظام الايراني وعلى القرارات الصادرة عن مجلس وزراء الاتحاد الاوربي ضد إنتهاکات حقوق الانسان في ايران وعلى التقارير الصادرة عن المقرر الخاص للأمم المتحدة والأمين العام للأمم المتحدة بشأن تزايد الاعدامات في ايران وكذلك على البيانات الصادرة عن الاتحاد الدولي للبرلمانات بشأن الانتخابات الحرة والعادلة. وان کل هذا يعني بأن الاتحاد الاوربي ليس فقط قام او يقوم برصد الانتهاکات التي يقوم بها النظام بشأن حقوق الانسان في إيران وانما بدأ أيضا بإتخاذ إجرائات عملية ضدها وهو مايعني بالضرورة للنظام الايراني الکثير من المعاني.
مراجعة القرار و التدقيق في مختلف جوانبه يؤکد و بکل وضوح أن موضوع حقوق الانسان في ايران يشكل جزءا من اطار السياسة المستقبلية والعلاقات الثنائية بين الاتحاد الاوربي والنظام الايراني ويشدد کذلك على أن أي وفد من البرلمان الاوربي يزور ايران يجب أن يصل الى المعارضين السياسيين والناشطين المدنيين والسجناء السياسيين. ردود الفعل العنيفة الصادرة من جانب النظام الايراني وصلت الى حد إتهام الاتحاد الاوربي بأنه يقوم بالتجسس على النظام و هددهم بمصير شبيه بمصير الدبلوماسيين الامريکيين الذين تم إحتجازهم في السفارة الامريکية عام 1979، إذ أن رجل الدين المقرب من النظام موحدي کرماني في معرض وصفه القرار الاوربي بمحض هراء فإنه قال أيضا:( الشعب الايراني لن يسمح بفتح وكر جديد للتجسس في ايران. اعتبروا من تجربة مصير وكر التجسس الأمريكي. ومثلما كان الجواسيس الأمريكيين مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين فعليهم أن يعتبروا مما حل بهم.)، أما رجل الدين مکارم شيرازي فقد قال بأن الاتحاد الاوربي قدم مشروعا من عشرين مادة معادية لإيران مما يتطلب توخي الحيطة و الحذر مضيفا بأنه(لم يتم اكتمال الملف النووي بعد حتى بدأوا بفتح هكذا بساط مما يتطلب أن نكون حذرين جدا.)، لکن رجل الدين هذا يتناسى بأن نظامه لم يقدم للمجتمع الدولي لحد الان طوال مسير المحادثات معه سوى الکلام و الوعود، ويبدو أن الکيل قد طفح بهم و بدأوا بالتحرك من حيث يفتح ثغرة في النظام من الصعب سدها إلا بالاستسلام للإرادة الدولية و هو يعني نهاية النظام.
التمعن في الرد المقزز للعميد محمد رضا نقدي قائد قوات التعبئة"ميليشيا البسيج"، يوضح بکل جلاء مقدار التأثير الذي ترکه هذا القرار على النظام عندما تهجم على الاتحاد الاوربي قائلا بأنهم"اسوأ من المواشي"، رافضا فتح مکتب لهم في طهران کي يتابعون الامور المتعلقة بحقوق الانسان، أما علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الامن الوطني في البرلمان فقد أکد بأنه" اذا كان الاتحاد الاوربي يعتقد أنه يستطيع بهكذا اجراءات أن ينظم علاقاته مع ايران فعليه أن يعلم أنه يسلك مسارا خاطئا لايصل الى نتيجة بلا لبس."، غير أن الذي يجب أن نوضحه هنا بشأن السبب الاهم الکامن خلف ردود الفعل الغاضبة و المتوترة هذا للنظام، يتعلق بأن المقاومة الايرانية تقف خلف إصدار هذا القرار وانها و طوال الاعوام الماضية دأبت على تنظيم حملات سياسية و إعلامية واسعة النطاق على الصعيد الدولي کانت ترکز من خلالها على ملف حقوق الانسان و الانتهاکات الواسعة التي يقوم النظام الايراني بإرتکابها و ضرورة إحالة هذا الملف الى مجلس الامن الدولي لأنه من المستحيل أن يبادر هذا النظام الى أي إصلاح او تغيير في مجال حقوق الانسان، وهم يرتعبون من الخطوة التالية بعد قرار البرلمان الاوربي و على الارجع فإن النظام قد يقوم بمبادرة او إجراءات ما بشأن مسألة حقوق الانسان من أجل الالتفاف على هذا القرار و الحيلولة دون صدور قرار آخر، لکن هل سيتمکن من ذلك، أغلب الظن أن حظوظه صارت أقل من قليلة!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
944 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع