د. مؤيد عبد الستار
ستبدأ الانتخابات لاختيار مجلس النواب العراقي اواخر شهر نيسان الحالي 2014 .
ولا غرو ان البعض متردد ومشكك في جدواها ، لدرجة ان صديقا له باع في السياسة طويل، أسـرّ في اذني يوم امس انه لا يرى جدوى في المشاركة فيها ، فالحال لن يتغير لا بها ولا بغيرها لان شروط التغيير غير متوفرة ...
اضافة الى تبريرات اخرى لا مجال للخوض فيها لانها معروفة وليست بحاجة الى ذكاء كبير كي يتوصل المرء اليها .
هذه الحالة جعلتني اقلب الامر على وجوهه ، فرأيت ان الانتخابات العراقية لها تأثيرات ايجابية كثيرة ، بدأت تتفاعل في المجتمع العراقي ، وجعلت المواطن يعيد التفكير في ما اتخذه من قرارات في السابق حين باع صوته بسعر بخس ، فدخل البرلمان نتيجة ذلك نواب لا يحملون برنامجا معروفا ، ولم يقدموا مثقال ذرة خيرا للمواطن الذي انتخبهم مقابل بطانية او صوبة علاء الدين او قسم امام شيخ العشيرة او بضعة دولارات استلمها على شكل كارت تلفون او غير ذلك مما لايغني عن فقر ولا يسمن عن جوع .
فطن المواطن اليوم الى أهمية صوته واثره على حياته ومستقبله ومستقبل ابنائه ، فحين يرى المدارس ما زالت كما تركها النظام السابق ، خرائب لا ينفع معها صبغ ولا ترميم، ايقن انه بحاجة الى من يحمل معولا ليهدم تلك الخرائب ويشيد بدلا منها ناطحات سحاب تظاهي ما موجود في مدن الرمال التي لا تمتاز على بلدنا بشيء يذكر من ماء وخضراء او وجه حسن.
فلو قارنا مقارنة بسيطة بيننا وبين الامارات لوجدنا مدنها متميزة بشواهق بناياتها ، وهي لم تتجاوز الاربعة عقود من عمرها يوم كانت قبل ذلك صحراء لامدنية فيها ، بينما اصبحت اليوم قبلة السياح والمتسوقين من دول الشرق الاوسط ، لادركنا اهمية التخطيط والتعاون مع دول العالم المتقدم ، من اجل بناء الاوطان الخراب ، اوطان ينعق فيها غراب التخلف والجهل ، احيانا يلتحف برداء الدين واخرى برداء التقاليد وثالثة برداء السلطة المستبدة التي تحاول انتاج ما مات وما فات من انظمة دكتاتورية كانت سببا في تخلف بلداننا وغيرها من بلدان العالم الثالث .
المسألة الاخرى التي نرى فيها ايجابية كبيرة هي تفهم المواطن للتقنية السياسية التي تنتجها العملية الانتخابية ، فالسلطة التي كانت لا تتغير الا بالقوة ، باستخدام الدبابة والرشاش ، باتت اليوم تـتغـير من خلال عملية الاقتراع ، وهذه النتيجة معادلة صعبة بحاجة الى وقت لرؤية نتائجها ، فليس سهلا التخلي عن ممارسة العسكر تغيير الحكومات على مر العقود والسنين بواسطة الهجوم على مقر الحكومة وقصور الرئاسة ومحطات الاذاعة والتلفزيون ليستولوا على الحكم بالقوة و ينشروا القتل والدمار ، بينما يتمكن المواطن تغيير ذلك بواسطة قلم واصبع ملون وورقة يرميها في صندوق صغير .
المسألة الاخرى هي الاثر الذي ستتركه الانتخابات في تغير الانظمة المقاومة للمدنية ، فالانتخابات العراقية التي تجري في الخارج ، في دول مختلفة ، منها عدة دول في اوربا مثل بريطانيا والمانيا والسويد والدنمرك والنرويج وفرنسا واسبانيا والنمسا وغيرها وكذلك في الولايات المتحدة الامريكية ، وفي بعض الدول العربية مثل الاردن ، ستقدم للمواطن العربي ولسكان الشرق الاوسط عموما نموذجا حضاريا متقدما يثير تساؤل المواطنين والمهاجرين العرب في تلك البلدان الاوربية عن هذه التجربة التي ستفتح الباب واسعا امام نقاشات وتساؤلات حول جدوى الانتخابات واثرها في تغيير البنية الفوقية للسلطة الحاكمة ، وتجديد طاقم الحكم الذي لن يستطيع مستقبلا التربع على عرش السلطة لسنوات طويلة .
كما سيكون للانتخابات اثر في زيادة تمسك المواطن العراقي بحقوقه ومطالبته لمجلس النواب والنواب الذين اختارهم بتنفيذ برامج وطنية تنفع الجماهير والبلد .
والاهم من ذلك هو تطور الوعي المجتمعي والفردي بسبب ممارسة الانسان لحقه في الاختيار الذي يجعله يشعر باهمية وجوده كفرد داخل المجتمع وفهم دوره في التغيير نحو الافضل .
1228 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع