ماجد عزيزة
يبدو أن ما اصاب العراق خلال الفترة منذ انهيار النظام السابق عام 2003 وحتى اللحظة ، من دمار وفوضى وغياب لسيطرة السلطة الحكومية وتغييب للقانون ..آت من عدم قدرة جميع من مسكوا ويمسكون بزمام أمور البلد على أن يفرضوا سيطرتهم عليه ، بحيث انقلب ذلك البلد السيادي المتحضر إلى غابة لاقانون فيها ، تحكم بمزاجية هذا وذاك من سياسيي الغفلة الذين طفوا على سطح السفينة ليديروا الدفة .. ولم يستطيعوا ذلك ، لأنهم ليسوا أهل حكم وسياسة !
من يقول ان العراق يمكن أن يحكم ( ديمقراطيا ) هو غافل ولا يعرف العراقيين جيدا ، نعم نحن مع سيادة الديمقراطية كنظام حكم متطور كالذي نعيشه هنا في كندا ، لكن مثل هذا النظام لا يمكن أن يرى النور في بلد ما زالت العشائرية والطائفية والتحزب وتصفية الخصم والمجتمعية الذكورية ووو هي الغالبة على حياة مجتمعه ، نعم يمكن ان يعيش العراق في ظل نظام ديمقراطي تعددي اذا ما انتهت تلك النعرات المتخلفة وغابت عن المشهد السياسي العراقي .
في بلد يحمل إرثا حضاريا كبيرا مثل العراق ، وفي تجربة ( فاشلة ) زادت سنواتها عن الـ ( 11 سنة) في ظل حكم احزاب تضع في أجندتها الغاء الآخر ، وتجبر ابناء شعب مختلف الأعراق والانتماءات الدينية والعراقية والقومية على اتباع نظام شرعي يخص فئة واحدة من فئات الشعب ( وأقصد القانون الجعفري) الذي أقر مؤخرا ! لا يمكن لبلد مثل هذا أن يعيش أبناؤه موحدين في كل مناشط الحياة العامة ، خاصة في ظل فساد مستشري في جميع مفاصل الحياة والمؤسسات التي يحتك بها المواطن .. ومهما توالى السياسيون على كراسي الحكم في العراق بمختلف مستوياتها فانهم لن يستطيعوا رتق أية رقعة مهما كانت صغيرة في ثوب المؤسسة التي يديرونها ، والسبب ضعف الحس السياسي وقلة الخبرة في علم الادارة وتفضيل الذات على العمل العام ..
لقد غاب عن العراق غالبية النخبة ، من سياسيين وعلماء ومثقفين وغيرهم كلٌ لسببه ، لكن السبب الرئيسي هو انعدام الأمان والتصفيات التي تطال من يسميهم البعض ( اعوان او اتباع النظام السابق) هؤلاء الذين لا يمكن أن نجيرهم لحساب ذلك النظام القمعي ( ما عدا بعض المقربين منه ) نقول ، هؤلاء هم ثروة عراقية صرف عليها البلد ( دم قلبه – كما يقول المثل) حتى يؤهلهم للوصول إلى مراتب عليا في اختصاصاتهم ، والأرقام التي بحوزتنا مخيفة لأمثال هؤلاء الذين يعيشون ( عاطلين عن العمل) خارج العراق !
ان العراق اليوم بحاجة لحاكم قوي ، ذو عقلية متفتحة يلبس ثوب الوطنية العراقية ( وليس ديكتاتورا) يستطيع أن يقود السفينة بهدوء ويسر .. ولا أدري إن كانت المؤسسة العسكرية العراقية حاليا تضم شخصا من أمثال ( الزعيم عبد الكريم قاسم أو زعيم مصر القادم عبد الفتاح السيسي ) له القدرة ان يلم العراقيين حوله ويحكمهم بقانون واحد موحد ، ولا يفرق بينهم على أساس العشيرة او الدين أو القومية أو المنطقة ؟ ولا أدري إن كان هناك مثل هذا القائد يعيش خارج العراق حاليا ينتظر الوثوب نحو ( المنطقة الخضراء) لينظفها من عشوائيتها !
العراق بحاجة لرئيس يحكم بالدستور ، له اليد الطولى في القرارات الاستراتيجية ( وليس ديكتاتورا) ، رئيس قوي تماما كما هو الرئيس أوباما ( على سبيل المثال لا الحصر) فهذا الرئيس لديه سلطات واسعة ويمكنه ان يتخذ قرارات خطيرة تطال العالم أجمع وليس الولايات المتحدة فقط ، لكننا لا يمكن أن نطلق عليه لقب ( ديكتاتور) لأنه ليس كذلك ، وان كل ما يقرره محكوم بدستور واضح وقوانين نافذة .. ينعكس ذلك ايضا على كندا وبريطانيا .
كم أمني النفس ان يخرج العراق من الوضع الذي هو عليه الآن ، ويجد له ( سيسي ) أو ( عبد الكريم قاسم ) أو أي زعيم على شاكلتهما .. يستطيع أن ( يكنس ) جميع المتسببين بفساد العراق وتراجعه للوراء ..وكم امني النفس أيضا أن تكون الانتخابات النيابية القادمة نزيهة شفافة .. ليخرج لنا نواب عراقيون اصلاء يضعون صورة الوطن في عملهم أولا وأخيرا ، وأن لا ندخل الإنتخابات ونخرج منها بـ ( نفس الطاس ونفس الحمام )!
1142 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع