قاسم المعتصم
بعد احتلال العراق نتيجة لأكاذيب أشاعها الرئيس بوش الابن وأركان نظامه التي وصلت الى 935 أكذوبة خلال الأعوام 2001 / 2003 كما ورد في تقرير مركز ‘من اجل السلامة العامة ومن اجل صحافة مستقلة’ أمعنت سلطات الغزو وعملاؤها في تدمير العراق تدميرا شاملا بكل معنى التدمير الشامل، ولاحقت علماء وأساتذة الجامعات العراقية لتصفيتهم. جنرال فرنسي متقاعد يروي للتلفزيون الفرنسي القناة الخامسة في 8 نيسان (ابريل) / 2004 إن أكثر من 150 جنديا إسرائيليا من وحدة الكوماندوز دخلوا العراق بمعرفة لجان التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق لاغتيال علماء العراق الذين يعملون في برنامج التسلح العراقي وكان عدد العلماء العراقيين المستهدفين 3500 عالم.
كان التدمير يشمل استهداف العقول العراقية والأراضي الزراعية وتدمير وحدة الدولة، وفي المجال الزراعي أصدرت سلطات الاحتلال قانون رقم 81 لتمكين شركة مونسانتو الأمريكية من بيع بذورها القاتلة للفلاح العراقي كما إن الأراضي الزراعية والمراعي قد تلوثت نتيجة لاستخدام اليورانيوم المنضب الذي لوث الأراضي الزراعية لتنتج مواد غذائية للإنسان والحيوان مسرطنة الأمر الذي أدى الى انتشار إمراض السرطان بين السكان العراقيين، وشتان بين القانونين( قانون80) القاضي بتأميم امتيازات النفط الذي أصدرته الحكومة الوطنية العراقية في ستينات القرن الماضي و( قانون 81 ) القاضي بتدمير الأراضي الزراعية بطرق متعددة في ظل حكومة الاحتلال.
خسر العرب العراق من اجل استعادة مديونية تقدر بعشرة مليارات دولار مستحقة على العراق كان بإمكان القادة العرب إقناع الإطراف المختلفة (العراق والكويت) بتدبير ذلك المبلغ، إلا إن الأمور سارت في غير اتجاه وخسر العرب العراق وخسروا أكثر من 400 مليار دولار نتيجة لتلك الحرب على العراق التي استمرت (13 سنة حصار واستنزاف + 10 احتلال)، وانهارت معاهدة الدفاع العربي المشترك لان معظم الدول العربية بما في ذلك مصر شاركت في حصار العراق وتسهيل غزوه واحتلاله ..
وفي غياب العراق اشتد الدور الإيراني وأصبحت إيران تسيطر على العراق كقوة احتلال جديدة بعد انسحاب بعض وحدات القوات الأمريكية من العراق وكذلك سورية . إلى جانب إيران نشطت تركيا الباحثة عن دور في المنطقة وهي لا شك قادمة لأداء ذلك الدور إما التداعيات الاقتصادية فحدث ولا حرج، في الشأن العراقي دخلت دول مجلس التعاون استجابة لطلب أمريكي بالمشاركة في إعادة أعمار العراق ودفعت أموالا طائلة ولم يعمر العراق بل نهبت كل أموال التعمير، هذه هي الحقيقة التي لا تريد الحكومة إن يعرفها احد وهي ليست على استعداد لان تفضح نفسها وتعترف بأنها لا تزال ( حكومة أزمات ) ولا تقوى على فتح الملفات الإستراتيجية الكبرى، رغم مضي أكثر من عقد من الزمان على وجودها، بل لا تستطيع الإجابة حتى على سؤال بسيط يتعلق بالغد القريب وما هو مسار خططها لإنقاذ الوطن؟ فهل تريد بناء دولة دينية أو مدنية، وهل تبغي نزع فتيل الطائفية حقا وحقيقة، أم تسير في اتجاه تعميقها، وهل هي صادقة في تشييد عراق واحد موحد؟ لا الدستور يعطينا الجواب الشافي ولا تعاطي الحكومة مع الإحداث يطمئن المواطن بقرب الفرج ...مرة أخرى أي عراق نريد بناء أسسه وأركانه كي يكون الشعب على بينة من أمره؟ هل نريد عراقا ديمقراطيا مدنيا يخدم مواطنيه من دون تمييز، أم عراقا ثيوقراطيا دينيا طائفيا، وأي هوية نختار لعراقنا؟ لان دستورنا الحالي ألغى هويته وتحتمل بنوده تفسيرات كثيرة. ليس من المعقول والمنطقي إن تغيب الهوية العربية للعراق إذا ما علمنا بأن أكثر من 80 بالمائة من سكانه عرب. من المفترض إن يكون للمشرعين ومفسري الدستور والبرلمانيين والحكومة الشجاعة للتصريح بهدفهم، وان يقولوا لنا أي هوية يختارون لبلدنا.!!
1967 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع